نتنياهو وضمّ الجولان إلى موسكو… وعباس يُلاقيه… وسورية تتمسَّك بالمقاومة هولاند في بيروت تي تي تي تي… وفضيحة الإنترنت تطال رؤوساً كبيرة
كتب المحرّر السياسي
فيما تتسم ملفات التفاوض والميدان في سورية بجمود نسبي ظاهر، من جنيف إلى حلب، تترسّخ الهدنة اليمنية بعمل اللجان المحلية بانتظار إقلاع التفاوض السياسي اليوم في الكويت، يبحث العراق عن مخارج وسطية من المأزق السياسي الذي بات واضحاً أن جرعة التغيير التي قابل بها قادة الأحزاب والكتل موجة الغضب الشعبي كانت دون مستوى القدرة على النجاح بإعادة تكوين المؤسسات في وضع يستدعي الإسراع، استعداداً لاستحقاقات الحرب مع داعش.
خطوة حكومة الاحتلال بعقد جلسة مخصصة في الجولان المحتل لإعلان تأكيد ضمّه للأراضي المحتلة شكلت حدثاً نوعياً خطف الأضواء، دون وجود مقدمات تبرر الخطوة، سوى شعور حكومة الاحتلال بالتهميش مع تبلور الخرائط والتسويات الإقليمية، بعد سقوط الرهان على جبهة النصرة ومشروع الحزام الأمني، والفشل في فرض خطوط حمراء على عمل المقاومة في جبهة الجولان، رغم العمليتين اللتين استهدفتا المقاومة مرة لاغتيال الشهيد جهاد مغنية ورفاقه ومرة لاغتيال الشهيد القيادي في المقاومة سمير القنطار.
اللافت في الخطوة عدم وجود مقدمات تتصل بملف الجولان من جهة، والعجز «الإسرائيلي» عن تحقيق إنجاز لتعديل توازن الردع الذي رفع سقف خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالإشارة إلى مكامن الضعف «الإسرائيلية» التي تجعل الدمار الذاتي مصيراً حتمياً لها في أي مواجهة مع المقاومة التي تمتلك بنك معلومات كاملاً عن مخزونات «إسرائيل» المتفجرة وأسلحتها الكيميائية والبيولوجية والنووية ومستودعات الوقود والغاز لديها. وفي ظل التداعيات التي ترتبت على العبث «الإسرائيلي» باتفاق فك الاشتباك المعمول به منذ العام 1974 سواء عبر غاراتها المتكررة على مواقع ومناطق سورية متعددة، أو لتمرير الدعم للجماعات المسلحة وصولاً لرهانها على مشروع الحزام الأمني عبر دعم وتبني جبهة النصرة، بحيث سقط الاتفاق ووصل الرئيس السوري لاعتبار الجبهة مفتوحة أمام المقاومة، لتجد «إسرائيل» أنها مهمّشة مع ربع الساعة الأخير الذي يقترب في الصراعات التي تعصف بالمنطقة منذ خمس سنوات، ما يجعل الخطوة «الإسرائيلية» أقرب للسعي لحجز مقعد تفاوضي يترجمه تزامن الإعلان مع زيارة مرتقبة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، مع تزامن آخر لافت هو وصول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى موسكو أمس، على خلفية تنسيق «إسرائيلي» – سعودي، يفسر زيارة عباس وصلتها بزيارة نتنياهو، في شهر العسل «الإسرائيلي» – السعودي الذي توّجته اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير بين مصر والسعودية وما يرتبط بها من مشروع جسر بري وأنابيب نفط تصل السعودية بحيفا لتجعلها أهم مرفأ للنفط والترانزيت على المتوسط.
الرد السوري جاء سريعاً، سواء عبر أهالي الجولان المحتل المتمسكين بهويتهم العربية السورية، أو عبر موقف الحكومة السورية بتأكيد التمسك بخيار المقاومة، فيما يتوقع أن تتالي تداعيات القرار «الإسرائيلي» بردود أفعال من المقاومة، والقوى الدولية والإقليمية.
لبنانياً، انتهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت فرانسوا هولاند دون أن يلخصها حدث أو قرار أو موقف، فكانت باهتة، تعكس السعي الفرنسي لتثبيت مكانة ودور في لبنان، من بوابة الأموال الأوربية المرصودة لدول الجوار السوري التي تستضيف اللاجئين والتي تسعى إدارة هولاند للتلاعب بالحصة اللبنانية منها وتوظيفها سياسياً.
مع سفر هولاند عاد ملف الإنترنت غير الشرعي ليتصدر المشهد الداخلي، في ظل كلام لرئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، ضمن برنامج الأسبوع في ساعة، على قناة الجديد، عن أن الفضائح تطال رؤوساً كبيرة. بينما تواصلت مداهمات الأجهزة الأمنية للشركات المتورطة وآخرها شركة توفيق حيسو الذي قرّرت النيابة العامة توقيفه، في ظل ما يقال عن علاقة خاصة تربطه بالمدير العام للاتصالات عبد المنعم يوسف ترتب عليها منحه امتيازات تسويق الـ «غوغل كاش»، وهو برنامج يدر أموالاً يفترض أن تكون حصراً بيد الوزارة، وفقاً لأحد الملفات التي يواجهها حيسو ويفترض أن المسؤولين في الوزارة سيسألون عن مبررات منحه هذه الامتيازات غير القانونية.
زيارة استعراضية في الوقت الضائع
لم يحمل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان أي تحوّل جديد، إذ خلت زيارته الاستعراضية على مدى يومين من أي مضمون سياسي، لا سيما أن كل الحراك الفرنسي في الآونة الأخيرة هدف إلى إظهار أن باريس حاضرة في الشرق الأوسط، فزيارة لبنان تأتي في إطار استعادة إرث ماضٍ، وزيارة القاهرة لحجز مكان في نظام يبحث عن نفسه، وزيارة عمان لكون الأردن الذي يقع على مقربة من الحدود السورية، يشكل غرفة عمليات عسكرية لتحريك المسلحين الإرهابيين.
وتشير مصادر مطلعة على أجواء الزيارة إلى ان «الطابع البروتوكولي الذي حظي به هولاند في ساحة النجمة والسراي وقصر الصنوبر كان بعيداً عن التأثير والفعالية وإن كانت لقاءات قصر الصنوبر نوع من إظهار التبعية واستثمار الذات»، لافتة إلى ان الزيارة محاولة فرنسية للحضور في لبنان في الوقت الضائع، خاصة أن لا دور لفرنسا في التسوية السورية البعيدة عن التأثير الأوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص. ورأت المصادر أن حراك هولاند هدف إلى إشعار المسيحيين في لبنان بالاهتمام الفرنسي وعدم الخوف من المستقبل من جهة، ومن جهة ثانية إظهار اهتمام فرنسا بالملفات الإنسانية من خلال زيارته مخيمات النازحين السوريين في البقاع الأوسط، والتغطية على الجرائم التي ارتكبتها سياسته والتي تسببت بنزوح الآلاف العائلات السورية هرباً من الإرهابيين.
وفيما حاول الرئيس الفرنسي طمأنة الرئيسين نبيه بري وتمام سلام بأن المساعدات الأوروبية للنازحين لا تهدف إلى توطين النازحين، لم يحمل هولاند أي فكرة رئاسية جديدة وإن كان الملف الرئاسي بحثه بشكل عمومي مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وعقيلته ونجله تيمور ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ووزير الخارجية جبران باسيل، رئيس حزب القوات سمير جعجع، والرئيس أمين الجميل ونجله سامي الجميل، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث تركّز النقاش على التعقيدات التي تقف عائقاً أمام انتخاب الرئيس.
بري يدعو هولاند لتحريك الهبة السعودية
وعملت» البناء» من مصادر عين التينة أن الرئيس بري طلب من هولاند التدخل لدى المملكة العربية السعودية لإعادة تحريك الهبة العسكرية للجيش، ومضاعفة المساعدات للبنان في ما يتعلق بملف النازحين لأن ما يُقدم ضئيل جداً»، وأشارت المصادر إلى ان الرئيس بري طلب من الرئيس الفرنسي مساعدة لبنان في الأمم الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر المختلف عليها مع العدو «الإسرائيلي» الذي يزعم امتلاكه حقولاً من النفط والغاز في هذه المنطقة. وهذا ما يمنع لبنان استثمار النفط والغاز الموجودين في تلك المنطقة». ولفتت المصادر إلى ان الملف الرئاسي لم يستحوذ على مجمل اللقاء، رغم أن الرئيس الفرنسي حاول الاستفسار من الرئيس بري عن حق النواب بالتغيُّب عن جلسات انتخاب الرئيس من دون أي محاسبة، وأجابه الرئيس بري أن المقاطعة حق ديمقراطي ودستوري».
وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إلى ان هولاند تراجع عن دعم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد الاتصال الذي أجراه بفرنجية عقب دعم الرئيس سعد الحريري لترشيحه واعتبر دعسة فرنسية ناقصة يومذاك»، مشيرة إلى ان هولاند ابلغ كل من التقاهم أن لبنان لا يحتمل إلا رئيساً توافقياً مقبولاً من الجميع من دون استثناء».
لا موعد مع حزب الله
وفي سياق متصل، أشارت مصادر سياسية لـ«البناء» إلى «أن الزيارة لم تحدث أي اختراق ايجابي في الملف الرئاسي، فهولاند لم يلتقِ بوفد من حزب الله، وهذا الملف لن يجد طريقه إلى الحل من دون موافقة حزب الله ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون». وأكدت مصادر عليمة لـ«البناء «أن فكرة اللقاء بين الرئيس هولاند ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لم تطرح من الطرفين لكي تلغى»، لافتة إلى أن أي موعد لم يحدّد، ولو بادر الرئيس هولاند إلى طلب اللقاء لكان لكل حادث حديث، مشددة على أن العلاقات جيدة مع السفير الفرنسي وهناك تواصل مستمر».
دعم شكلي للجيش
ولم يَغِب دعم فرنسا الشكلي للجيش اللبناني عن لقاءات هولاند، حيث قال: «تعلمون انه كان هناك اتفاق بين المملكة العربية السعودية وفرنسا من اجل مساعدة الجيش وقد تم تعليقه، لكن فرنسا ستستمر في المطالبة بأن يستعيد هذا الاتفاق فعاليته، وبالانتظار ستقدم مساعدات عسكرية للبنان».
وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» ان هولاند لم يقدم فعلياً اي مساعدات عسكرية لها قيمة للجيش، فطائرات «الـ بوما» تحتاج إلى قطع غيار، والآليات العسكرية تحتاج إلى ذخيرة، والرئيس الفرنسي لم يقدم أو يتعهّد بتقديم شيء، على عكس الأميركيين والبريطانيين والكنديين الذين سارعوا بعد إلغاء السعودية الهبة العسكرية إلى تكثيف المساعدات العسكرية للجيش للتصدّي للخطر الإرهاب».
واشارت المصادر إلى «أن ما يهمّ فرنسا اليوم هو تثبيت الاستقرار في لبنان الذي يمنع تدفق النازحين إلى أوروبا»، مؤكدة «أن هولاند على غرار كل الموفدين الغربيين يعمل لكي لا يكون الشاطئ اللبناني منصة نزوح إلى أوروبا».
وشددت المصادر على «أن مبلغ 50 مليون أورو التي وضعها الرئيس الفرنسي في تصرف لبنان والمؤسسات الإنسانية فيه لتحسين شروط الاستقبال للنازحين على المستويات التعليمية والصحية في نهاية هذه السنة، والمئة مليون أورو في السنوات الـ3 المقبلة، لا تكفي أسبوعا واحداً، ولا تساوي شيئاً ولا تشكّل حلاً أمام عبء النازحين على كافة المستويات».
فرنسا حريصة على التوازنات!
وأشار وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» إلى أن «الصحافة الفرنسية هي أكثر من كشف أسباب وأبعاد زيارة هولاند إلى لبنان والمنطقة وهو موضوع النازحين السوريين. وهذا كافٍ لمعرفة أن الهدف المركزي للزيارة بأنه موضوع النازحين السوريين وليس لبنان كلبنان، لأن الرئيس الفرنسي يعرف جيداً بأن أفق انتخاب رئيس الجمهورية لا يزال موصداً».
وأكد قزي أن «هولاند لم يطرح خلال مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين موضوع توطين النازحين السوريين في لبنان، لأن فرنسا بالتأكيد حريصة على التوازنات الداخلية في لبنان، ولكن مجرد تنظيم الوجود السوري في لبنان لسنوات والحديث عن التمويل لسنوات عدة أيضاً تتحوّل الشكوك إلى يقين بأن ذلك سيؤدي إلى توطين قسم كبير منهم، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الكيان اللبناني لجهة الاختلال الطائفي في لبنان، كما يشكل خطراً على وحدة سورية لجهة الفرز الطائفي لديها».
جلسة انتخاب الرئيس اليوم
إلى ذلك، ينطلق الاسبوع الطالع، بثلاث محطات تبدأ عند الثانية عشرة من ظهر اليوم بالجلسة الـ38 لانتخاب الرئيس، والتي ستكون كسابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب، رغم مشاركة الرئيس سعد الحريري الذي فشل في إقناع رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية بنزوله وكتلته بالمشاركة في الجلسة. أما المحطة الثانية مع جلسة مجلس الوزراء عند الرابعة عصراً في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام لاستكمال البحث في جدول الاعمال الذي يتصدره ملف امن الدولة. أما المحطة الثالثة فستكون يوم الاربعاء مع جلسة الحوار الوطني في عين التينة والتي ستبحث في مآل القانون الانتخابي على ضوء التقرير الذي رفعته لجنة التواصل إلى الرئيس نبيه بري، وفي عمل مجلس النواب والعودة إلى التشريع.
اجتماع لهيئة مكتب المجلس ..
وفي السياق، أشارت مصادر عين التينة لـ«البناء» إلى ان الرئيس نبيه بري سيدعو هيئة مكتب المجلس لعقد اجتماع لوضع جدول أعمال الجلسة المقبلة بناء على ما ستخلص إليه جلسة الحوار، لتحديد موعد للجلسة العامة التي من المرجح أن تعقد في الاسبوع الاول من أيار». ولفتت المصادر إلى ان بري سيصرّ أمام المتحاورين على عقد جلسات تشريعية وليس جلسة واحدة من ضمن إطار تشريع الضرورة والأمور التي لا بد منها»، مشيرة إلى أن المساعدات المالية والهبات تحتاج إلى تشريع أو يخسرها لبنان».
وفي الشأن الحكومي، كشفت مصادر وزارية لـ«البناء» عن اتجاه لحل أزمة جهاز أمن الدولة في جلسة اليوم، بعد اتصالات جرت في اليومين الماضيين على خط عين التينة – المصيطبة على قاعدة إقرار المعاملات المالية التي يرسلها رئيس جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة إلى وزارة المالية». وأشارت إلى أن العلاقة بين رئيس الجهاز ونائبه تحتاج إلى مزيد من البحث ولم يتم الاتفاق حول هذه النقطة وستؤجل إلى جلسات أخرى بانتظار إحالة أحدهما على التقاعد فيكون الحل بتعيين نائب رئيس جديد».
وفي السياق، استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية جبران باسيل وأمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان في معراب، بحضور مدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي، وتم البحث في ملف امن الدولة، وفي التنسيق للانتخابات البلدية، وفي قانون الانتخاب، حيث تمّ التوافق، بحسب مصادر المجتمعين على عدم المشاركة في أي جلسة تشريعية لا يكون قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمالها.