محادثات روسية أميركية لتحديد إطار «حرب النصرة» والاشتباك الإقليمي لبنان: حروب صغيرة… و«المرده» يرسم خارطة طريق معركة فرنجية الرئاسية
كتب المحرر السياسي
المحادثات الروسية الأميركية التي تمّت على مراحل ومستويات متعدّدة أمس، وتوّجت باتصال مباشر بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما، كانت كافية للتعبير عن حجم ما يجري حول سورية، في ظلّ اللحظة التي بلغتها الحرب على الإرهاب ومسارات المحادثات السياسية في جنيف ومن ضمنها الهدنة في ميادين القتال، وتقول مصادر إعلامية روسية إنّ موسكو تستشعر محاولة لإعادة المسار الذي تمّ رسمه في تفاهمات ميونيخ إلى نقطة الصفر مجدّداً، لأنّ كلّ شيء كان متوقفاً بسبب التردّد الأميركي في قبول هدنة تستثني «جبهة النصرة» مراعاة لحلفائها التركي والسعودي و«الإسرائيلي»، وما يترجمه تعاونهم مع «النصرة» ورهانهم عليها من ضياع للحدود بين مكوّنات المعارضة التي تتصدّر محادثات جنيف، وبين جماعة «النصرة»، وتضيف المصادر أنّ ما تمّ في ميونيخ أسّس لصيغة الهدنة التي لم يكن جديدها استثناء «داعش» من أحكامها، بل استثناء «النصرة»، وما جرى حتى الآن لم يضع موضع الاختبار جدية الالتزام الأميركي بهذا التفاهم، فقد تمّ بتغاضٍ أميركي ضمّ «النصرة» ضمناً إلى أحكام الهدنة عبر تقاسم أدوار بينها وبين جماعة الرياض انتهى برفع مواقع «النصرة» لأعلام «الجيش الحرّ»، والمعارك الفعلية التي دارت منذ الهدنة كانت مع «داعش» في تدمر، التي يبدو أنّ رهان التحالف المرتبط بـ«النصرة» الحاضر في جنيف وفي ميادين القتال باسم «الجيش الحرّ»، و«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» وسواها، والممتدّ إلى تل أبيب والرياض وأنقرة، ولما دقت ساعة الاشتباك مع «النصرة» بدا كلّ شيء معرّضاً للانهيار مجدّداً، فوضع مصير الهدنة على الطاولة ومثله محادثات جنيف، وخرجت تل أبيب تتحدّث عن ضمّ الجولان وتلوّح بالحرب، وصعّدت أنقرة والرياض وواكبتها واشنطن تحت شعار دعوة موسكو إلى الضغط على الدولة السورية لمزيد من الالتزام بالهدنة، فيما يبدو أنّ كلمة السرّ هنا هي الحفاظ على الهدنة والمضمون واضح وهو حماية «جبهة النصرة»، التي يبدو أنّ دنوّ ساعة الحسم معها أشعرت «إسرائيل» بالفراغ الأمني في الجولان الذي بُنيت معادلته لخمس سنوات على نظرية الحزام الأمني الذي تقيمه «النصرة»، فيما تشعر تركيا بخسارة آخر رقعة في الجغرافيا السورية بعد انهيار نظرية المنطقة الآمنة، وما تبقى تحميه وتسيطر عليه «جبهة النصرة»، فيما تشعر الرياض أنّ الحسم مع «النصرة» سيعني انتصاراً للرئيس السوري يجعله الشريك الحتمي والوحيد الذي سيضطر الغرب للتعاون معه في مواصلة الحرب على الإرهاب، وفي قلب هذا الاشتباك الكبير، تقول المصادر الروسية الإعلامية إنّ كلّاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف ومعاونيهما أوضحوا لنظرائهم الأميركيين أنّ القضية تبدأ وتنتهي بقدرة موسكو وواشنطن على الإخلاص للتفاهمات التي تمّت، وجوهرها، أن تضمن واشنطن رفع غطاء المعارضة التي تتبناها، ومن ورائها تركيا والسعودية عن الحرب مع «النصرة» وإلا يكفي أن ترفع واشنطن غطاءها بالقول إنّ ما يجري هو حرب مع «النصرة» ولا يعدّ انتهاكاً للهدنة وأحكامها، لأنه كما كانت تشكك واشنطن في جدية موسكو في قتال «داعش» قبل معارك تدمر، فإنّ موسكو كانت ولا تزال تشكك في صدقية واشنطن بالحرب على «النصرة»، وفي حال صدقية واشنطن فإنّ موسكو في المقابل مستعدة لمنح غطائها لشمول أحكام الهدنة للفصائل المسلحة التي تفصل التشابك وتنهي التداخل بينها وبين «النصرة». وهذا غير حاصل في كلّ من جنوب سورية وشمالها، خصوصاً قرب الحضن التركي من جهة الشمال، والحضن الأردني من جهة الجنوب، والحضن «الإسرائيلي» من جهة الحدود الجنوبية الغربية. وختمت المصادر الإعلامية الروسية بالقول إنّ ما تمّ أمس خطوة هامة لإنقاذ تفاهمات ميونيخ، لكن الأمر لم ينته والمتابعة مستمرة وستظهر نتائجها حدود الجدية الأميركية، وما إذا كان المسار السياسي المرتبط بالحرب على الإرهاب سينتصر، أم ستكون ثمة حاجة لجولة جديدة في الميدان تختلط فيها الأوراق قبل أن تعود السياسة مجدّداً إلى الواجهة.
في لبنان المتفرّج بقلق على تناوب موجات التوتر والانفراج الآتية من كلّ من شبابيك سورية واليمن والعراق، تستمرّ الحروب الصغيرة من أبواب ملفّ جهاز أمن الدولة وبوابات الإنترنت وفضائحها. أما في الشأن الرئاسي فكان الجديد ما قالته لـ»البناء» مصادر تيار المرده عن ثقتها بكون رئيس التيار النائب سليمان فرنجية هو مرشح الخلاص بتوقيت مناسبة محدّدة أسباب شعورها بالثقة بقوة ثبات الرئيس سعد الحريري على الترشيح وتفهّمه لمواقف فرنجية المقاطعة للجلسات، وثبات فرنجية على علاقته الاستراتيجية مع حزب الله، وبالتالي طالما أنّ الرئاسة هي تقاطع وشراكة بين تيار المستقبل وحزب الله وبخلفية مشابهة إقليمياً بين السعودية وإيران، فسيبقى فرنجية على خط التقاطع وعنواناً للشراكة.
جلسة حكومية و«أمن الدولة» معلّق
فشل مجلس الوزراء مجدداً في جلسته أمس، بالتوصل إلى حل لأزمة جهاز أمن الدولة بعد ساعات من النقاش، حيث تمّ الاتفاق على أن يتابع رئيس الحكومة تمام سلام معالجة الموضوع وفق الأصول القانونية بغية الوصول إلى النتيجة المرجوة، ما يعني بقاء الملف معلقاً إلى الجلسة المقبلة. وبعد ذلك انتقل مجلس الوزراء إلى مناقشة باقي بنود جدول الأعمال وأقرّ عدداً منها.
حكيم لـ«البناء»: الحكومة كالنعامة
وقال وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«البناء» إن «مجلس الوزراء فشل في إيجاد حل لهذا الملف، وما انتهت إليه الجلسة على هذا الصعيد لا يرضينا وتصرف الحكومة أشبه بالنعامة التي تدفن رأسها في التراب».
وأشار حكيم إلى أن «سبب عدم التوصل إلى حل هو عدم التوافق بين رئيس الحكومة ووزير المالية من جهة وبين وزراء حزب الكتائب والتيار الوطني الحر والوزير ميشال فرعون من جهة أخرى، فضلاً عن غياب طروحات جدية لحل هذا الملف».
وشدد حكيم على أننا «ملتزمون ومتمسكون بحل هذا الملف وعلى أساس تطبيق القانون واحترام التسلسل الإداري والهرمية»، موضحاً أن «الخلاف مع وزير المال علي حسن خليل هو على تفسير القانون، لأن وزير المال لا يريد تحويل النفقات المخصصة للجهاز إلا بوجود توقيع نائب المدير العام».
سجال بين خليل وحكيم
وشهدت الجلسة، بحسب ما علمت «البناء»، بعض السجالات والمشادات حول هذا الملف أبرزها بين الوزيرين حكيم وخليل، وذلك بعد أن أصرّ خليل في الجلسة على عدم صرف الحوالات المالية المخصصة للجهاز من دون توقيع نائب المدير العام، فسأله حكيم: «كيف كنت تصرف الحوالات في السابق بتوقيع المدير العام فقط؟ أجابه خليل: من كرمي لتسيير شؤون المؤسسة وعناصر الجهاز، وهذا ضمن إطار القانون».
وسلام تعهّد متابعة الملف
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «سلام وبعد انتهاء النقاش من دون التوصل إلى حلّ تعهد أمام الوزراء وأخذ على عاتقه متابعة الملف في أسرع وقت ممكن والعمل وإجراء الاتصالات اللازمة لإيجاد الحل في مدة أقصاها الجلسة المقبلة»، وأشارت المصادر إلى «أنه لم يتم نقل اعتمادات مالية لأي جهاز بسبب عدم وضع بند صرف اعتمادات أمن الدولة على جدول الأعمال».
أبو فاعور هاجم المشنوق.. ونفى
وعلمت «البناء» من مصادر أنه «عندما بدأ النقاش حول النفقات السرية للأجهزة الأمنية وكيفية صرفها وجّه وزير الصحة وائل أبو فاعور انتقاداً حاداً إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي تغيّب عن الجلسة، حيث قال أبو فاعور: «نهاد المشنوق فاسد ويصرف المخصصات السرية الخاصة بالأجهزة الأمنية على نفقات السفر وفنادق الـ5 نجوم والإعلاميين والإعلاميات» إلا أن أبو فاعور نفى لاحقاً أنه تناول المشنوق وأكد أنه تحدّث عن النفقات السرية وطريقة صرفها ولم يتهم أحداً بالفساد.
ووضعت المصادر انتقاد أبو فاعور للمشنوق في إطار الخلاف بين الوزير وليد جنبلاط وتيار المستقبل ووزير الداخلية، تحديداً على موضوع الشرطة القضائية.
«الإنترنت».. التحقيقات مستمرة
ولم يبحث مجلس الوزراء فضيحة الإنترنت غير الشرعي في جلسته أمس، أما قضائياً، فقد تابع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر تحقيقاته في قضية الزعرور، فاستمع أمس إلى إفادات عدد جديد من الأشخاص ويعمل على تكثيف جلسات التحقيق من أجل الانتهاء وكشف الملابسات.
وكشف النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إلى أنه «ادعى على 4 أشخاص في الشمال في محطة الضنية بتهمة نقل الإنترنت من الخارج بطريقة غير شرعية».
وتعقد اليوم جلسة للجنة الإعلام والاتصالات النيابية جلسة جديدة للاطلاع على آخر التحقيقات من الأجهزة الأمنية والقضائية في هذا الملف.
جلسة رئاسية وتراجع في الحضور
رئاسياً، لم تحمل الجلسة الـ38 لانتخاب رئيس الجمهورية أي جديد إلا تسجيلها تراجعاً إضافياً في نسبة الحضور النيابي، الذي كان سجّل إثر عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان مشاركة 72 نائباً، لينخفض في الجلسة الماضية إلى 62 ليصل في جلسة أمس إلى 53 نائباً فقط، غاب عنهم الحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، وحدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري 10 أيار موعداً للجلسة المقبلة.
إنجاز الاستحقاق مازال بعيداً
وقالت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» إن «تراجع عدد الحضور النيابي دليل على أن إنجاز الاستحقاق مازال بعيداً وأن ارتفاع الحضور في جلسات سابقة كان نتيجة ضغط دولي لانتخاب الرئيس، أما الآن فتراجع هذا الضغط رغم كثافة الزيارات الدولية إلى لبنان لا سيما زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وبالتالي المواقف على حالها»، مؤكدة بأن «لا حلَّ داخلي قبل الحل الخارجي ولا توافق داخلي على اسم الرئيس قبل التوافق السوري ــ السعودي ــ الإيراني»، مستبعدة «وصول رئيس من الصف الثاني لصعوبة تسويقه في الداخل وتحديداً من الأقطاب المسيحيين الأربعة لا سيما بعد حصر الاختيار بين عون وفرنجية».
معادلة فرنجية – الحريري…
وقالت مصادر تيار المردة لـ«البناء» إن «الحديث عن تراجع حظوظ فرنجية هو مجرد عواطف شخصية لا تعبر إلا عن مخيّلات أصحابها كوزير العدل المستقيل أشرف ريفي»، مشدّدة على أن «فرنجية هو الحل الطبيعي لأزمة الرئاسة، لأنه مقبول من فريقي 14 و8 آذار وحتى من الأطراف الإقليمية»، واعتبرت أن «رئيس القوات سمير جعجع يحاول عرقلة وصول فرنجية لأسباب شخصية ورشح عون لقطع الطريق على فرنجية وعرقلة انتخاب الرئيس كما عرقل انتخابات عام 1989»، متوقعة توافقاً دولياً على معادلة فرنجية – الحريري ويتم تسويقها في الداخل وبدورها تعمل على تخفيف التوتر على صعيد العلاقات الإيرانية – السعودية»، مشيرة إلى أن «لقاء فرنجية مع هولاند طبيعي وكان مقرراً سابقاً وتناول البحث الملف الرئاسي لكن لم يحمل هولاند أي جديد سوى أن فرنسا مازالت تدعم وصول فرنجية إلى الرئاسة».
العلاقة مع حزب الله ممتازة
وشددت المصادر على أن «الحريري لن يتراجع عن دعم فرنجية بل هناك تفاهم بين الطرفين وتواصل دائم وأن الحريري يتفهم ويقدر قرار فرنجية بعدم المشاركة في جلسات الانتخاب من دون حزب الله ولن يغير ذلك في ترشيح الحريري له». وسألت المصادر: حتى وإن نزل فرنجية إلى المجلس النيابي هل يؤمن النصاب؟ وإذا تأمَّن، هل يعقد الرئيس بري جلسة في ظل مقاطعة حزب الله والتيار الوطني الحر؟ وأكدت المصادر أن «العلاقة بين المردة وحزب الله ممتازة ولا قطيعة والتواصل مستمر والخلاف بينهما ينحصر في بعض الأمور في إطار الملف الرئاسي وهذا طبيعي»، مضيفة: «الجرة لم تنكسر مع العماد عون فكيف مع حزب الله؟»، مشددة على أن «العلاقة مستقرة مع العماد عون».