مهرجان تضامني مع المطرانين إبراهيم ويازجي في سن الفيل: خطفهما رمز تخلّي العالم عن فكرة التنوع والتعدُّد
تحت عنوان « لن ننسى لن نسكت»، وبدعوة من اللقاء الأرثوذكسي والرابطة السريانية، أُقيم مهرجان تضامني أمس في مبنى بلدية سن الفيل، لمناسبة مرور ثلاث سنوات على اختطاف متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران بولس اليازجي، ومتروبوليت حلب لطائفة السريان الأرثوذكس المطران يوحنا ابراهيم.
وتحدث خلال المهرجان رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام، النائب علي فياض، الوزير السابق فيصل كرامي، والنائب السابق مروان أبو فاضل.
ودعا المتحدثون إلى إيلاء هذه القضية الاهتمام والمتابعة اللازمين، مطالبين باعتبار هذه المسألة وطنية، إسلامية، مشرقية وعربية في الضغط والتواصل لمعرفة مصيرهما وتحريرهما.
افرام
بداية، تحدث افرام فقال: «إننا لا نموت فإما نستعيد المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي حرين أيقونتين أرثوذكسيتين بعد دحر الإرهاب أو شهداء أحياء يرزقون في السماء».
ولفت إلى أنّ «المسيحيين ملح في الشرق نور ولسنا عدداً وإن هُجِّر بعضنا ويأس الآخر وإن فقد الآخر رجاؤه فإننا باقون ولا يمكن أن يعود المسيح ولا مسيحيين في الشرق فمن سيستقبله»؟
وأشار إلى أنّ «كلّ من يؤمن بأنّ لبنان رسالة رفيقنا وكلّ من يرفض التهميش والتسلط صديقنا وكلّ من يحارب الإرهاب وكلّ من يقدم زهرة شبابه لردع الإرهابيين هو منا»، معتبراً «أنّ خطف المطرانين رمز تخلي العالم عن فكرة التنوع والتعدُّد».
وأضاف: «هذا الشرق إما متنوع وهو ليس لقومية واحدة أو دين أو مذهب أو فكر واحد، أو يغرق في جحيم دمه. والغرب إما أن يتخلى عن أنانيته وعن فقدانه للقيادة ووقف التعاطي بمكيالين أو ستحرقه نيران المنطقة ولاجئوها».
وختم افرام: «إنّ مطالبتنا برئيس جمهورية قوي ليست شعاراً بل حقّاً ومطالبتنا بقانون انتخاب عادل يصحح التمثيل ليست ترفاً»، معتبراً «أنّ مجلساً مدّد لنفسه مرتين ليس مؤهلاً لإعطاء دروس في الديمقراطية وإنّ خطر التوطين ليس سراباً».
فياض
وتساءل فياض، من جهته: «كيف يمكن أن يجتمع الإيمان مع التوحُّش واللؤم والإجرام؟ في حال حصل ذلك فإنّ الايمان يصبح إيمان جهالة وليس إيماناً بالله».
ورأى فياض أنّ «اختطاف المطرانين يستهدف المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء وهو يسيء إلى الإسلام لأنّ التشوه الذي ضرب صورة الإسلام عميق ونحن نحتاج إلى جهد كبير لنعيد للإسلام صورته الحقيقية»، مشيراً إلى أنّ «حجم الأذية للإسلام كبير بسبب تقديم الفهم الخاطئ له».
واعتبر أنه «لا يستقيم الدين من غير رحمة وهذا الشيء مؤكد في القرآن»، مشدّداً على أنّ «الله منح الإنسان الكرامة ولا يجوز لأي كان أن ينتهك هذه الكرامة».
وأكد فياض أنّ «ما يجري على مستوى المنطقة أصاب المسيحيين بأضرار وجودية جسيمة لكنّ هذا الأمر لا يصيب المسيحيين فقط بل هو مشروع يستهدف كلّ حالات التنوع التي تضمها مجتمعاتنا العربية»، موضحاً «أننا لا نتوقع أن نشهد سنوات من الاستقرار في المنطقة في المدى القريب والمتوسط ولو جرى القضاء على التكفير فالآثار السلبية الثقافية ستبقى مخيمة على المنطقة».
في مجال آخر، اعتبر فياض أنّ «الانزلاق إلى خيارات الفيدرالية يشكل انحرافاً يعمق المأزق ويزيد الأوضاع سوءاً»، لافتاً إلى أنه «في بعض النقاشات في مجلس النواب يتطرق البعض إلى اللامركزية الادارية وتصل إلى اللامركزية السياسية».
وأضاف: «الشراكة الوطنية تدعو إلى التفكير بما يعدل التوازنات وليس بشيء آخر والجميع لمس عجز الجميع على الهيمنة على الدولة لذا على الجميع التمييز بين الاختلالات البنيوية التي تحتاج إلى معالجات عميقة».
ورأى فياض أنّ « هناك ثلاثة مرتكزات على الدولة اللبنانية القيام عليها أولها حقّ لبنان في مواجهة التهديدين الإسرائيلي والتكفيري للاستقرار اللبناني فهما يشكلان تهديدات للوضع الأمني في لبنان، والمرتكز الثاني هو إصلاح الدولة التي تعاني من خلل بنيوي في وظائف الدولة وعجزها على تنظيم العمل السياسي في إطار ديمقراطي، أما المرتكز الثالث فهو وضع حدّ لوحش الفساد الذي يفترس مؤسسات الدولة».
وأوضح أنّ «ما يحتاجه الفكر السياسي العربي في هذه المرحلة هو إعادة الاعتبار للدولة الوطنية كركيزة للنهوض والاستقرار للمرور إلى الأفكار والمشروعات الكبرى المتصلة بوطننا».
كرامي
ولفت كرامي إلى أنّ «إسرائيل أصبح لديها أولولية واضحة لإنقاذ وجودها الشيطاني وهي تفريغ الشرق من المسيحيين وإلغاء الوجود المسيحي من كلّ هذا الشرق، فمصطلح الأقليات غربي ولم يكن متداولاً في أدبياتنا، خصوصاً أنّ المسيحيين، بكلّ طوائفهم، هم أهل هذا الشرق ولهم فيه ما للمسلمين بكل مذاهبهم».
وأوضح أنّ «تغييب مطرانين أرثوذكسي وسرياني هو تغييب مدروس والقصد منه توجيه رسالة للمسيحيين بأنّ عليهم أن يرحلوا من هنا، وأدى الشياطين مهمتهم ببراعة حين تمّ إلصاق هذا التغيب بالإسلام، كما لم تنفع ضغوط سياسية ولا مفاوضات ولا عرض فدية وصفقة تبادل لأنّ هذا الملف هو خط أحمر إسرائيلي»، مشدّداً على أنّ «خاطفي المطرانين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم هم من المتطرفين الشيشانيين الذين التحقوا بالإرهاب كي ينتحلوا اسم الإسلام».
ورأى كرامي أنّ «كلّ هذا الانحراف عن الاسلام والتشويه له هو صهيوني الطعم واللون والرائحة، وإسرائيل العالقة في مأزقها الوجودي بدأت تلعب بأوراقها الهستيرية»، مؤكداً أنّ «من واجبنا أن نجعل حرية المطرانين بمرتبة متقدمة من أولوياتنا، ولن نسكت وإن كانت مسألة تحريرهما خارج طاقتنا وقدراتنا كسياسيين ومواطنين فإنّ لدينا الكثير لنفعله من أجل المطرانين ومن أجل إفشال الهدف الذي سعى إليه الخاطفون».
أبو فاضل
ورأى رئيس «اللقاء الأرثوذكسي» مروان أبو فاضل أنه «لا يحقّ لأحد وصف المسيحيين بأنهم بقايا الصليبيين، فنحن نبض الشرق وفكره ونوره وملحه في كامل التكوين الوجودي بمعاييره كافة ونحن الشرق والشرق نحن لأننا وجدنا على اسم المسيح يسوع وهو مشرق المشارق».
واعتبر أبو فاضل أنّ «الغاية من الاختطاف هي إفراغ المشرق العربي من المكون المسيحي الأساسي، إفراغ مُمنهج بصورة جلية على يد منظمات تكفيرية بعيدة كلّ البعد عن الإسلام»، مشيراً إلى أنّ «اختطاف المطرانين على المستوى اللبناني والسوري والعربي شبيه باختطاف الإمام المغيب السيد موسى الصدر»، مطالباً بـ«اعتبار هذه المسالة وطنية، إسلامية، مشرقية وعربية في الضغط والتواصل لمعرفة مصيرهما وتحريرهم».
وعبّر أبو فاضل عن فخره بدور القوى العسكرية والأمنية في حماية لبنان على الحدود وفي الداخل وذلك بوجه العمليات الإرهابية، مستذكراً العسكريين المخطوفين، متمنياً لهم عودة سريعة.
وأكد أنّ «المشروع الأرثوذكسي الوحدوي والغير تقسيمي هو الحلّ الوحيد للتمثيل الصحيح، والذي يحمي المكون الذي يُراد له أن يبقى خارج السلطة السياسية ومؤسساتها»، معتبراً أنّ «الفراغ الرئاسي يستدعي استكمال تنفيذ اتفاق «الطائف» عبر مؤتمر تطرح فيه بعض التعديلات اللازمة التي لا تمسّ بالجوهر».
ولفت إلى أنّ «أي حلّ سياسي عليه أن ينطلق من شرعية الجيوش النظامية سواء في العراق او سوريا كي لا تتكرّر المأساة العراقية في التهجير والتنكيل وتدمير الكنائس والمعابد على يد الإرهاب التكفيري»، موضحاً «أننا نشهد في سورية محاولة يائسة على يد التكفيريين هدفها إفشال الحلّ السياسي في لحظة كانت سورية مقبلة على مفاوضات كانت تكاد أن تجري في جنيف»، مقدراً تضحيات الجيش السوري والمقاومة والحلفاء «الذين يدافعون عن مكونات المجتمع السوري كافة».