حول بيان اللجنة المركزية لـ«فتح» الطافح بالتهديدات!

د. فايز رشيد

بالفعل، لوهلة اعتقدت أنّ بيان اللجنة المركزية لحركة فتح، مُوجّه إلى العدو الصهيوني! سُررت من داخلي لأهمية المنحى التهديدي الجديد للحركة، في مقارعة العدو، وبخاصة بعد اتفاقيات أوسلو السيئة الصيت والسمعة، وما جلبته من كوارث على شعبنا! غير أنّ الصدمة كانت مضاعفة، عندما صحوت من غيبوبة موقتة، واستوعبت الحقيقة المرّة: أنّ البيان موحه لتنظيم فلسطيني عريق، ابتدأ مقاومته المسلحة قبل كلّ الآخرين، من خلال حركة القوميين العرب منذ عام 1963، عبر مجموعات «طلائع العودة» و«شباب الثأر»، حيث سقط أول شهدائه خالد أبو عيشة في 12 تشرين ثاني/ أكتوبر عام 2964. وعلى نفس الدرب سقط الشهداء محمد اليماني، رفيق عساف، سعيد العبد سعيد، وتمّ أسر المناضل سكران سكران… تنظيم قدّم شهداء كثيرين، منهم جيفارا غزة، أبو أمل، غسان كنفاني، وقمر الشهداء أمينه العام ابو علي مصطفى، وديع حداد وغيرهم الكثيرون. تنظيم أمينه العام الأسبق جورج حبش. ومن بعده أبو علي مصطفى. تنظيم أمينه العام الحالي أحمد سعدات، الذي اعتقلته السلطة، ولم تدافع عنه ورفاقه عندما اختطفتهم قوات الكيان الصهيوني وحكمت على كلّ منهم بالعشرات من السنين والمؤيدات، ومعهم المناضل فؤاد الشوبكي. أيضاً، لم تتكشف بعد النتائج الكاملة لاغتيال رفيقنا الشهيد عمر النايف، في قلب سفارة السلطة في بلغاريا، لكننا نعد بمتابعة القضية ومحاسبة كلّ من قاموا بعملية الاغتيال الجبانة البشعة والغادرة.

يتباهى الاخوة في اللجنة المركزية لحركة فتح بباعهم الطويل! نحن نتباهى بباعنا الطويل ضدّ العدو الصهيوني! وليعلم القاصي والداني أنّ رؤوسنا تطال السماء، وأيضاً فإنّ أيدينا أطول مما يتصوّرها كثيرون. غير أنّ طهارة سلاحنا، طالما منعتنا وما تزال، من توجيهه إلا إلى الهدف، الذي من أجله حملناه، وهو صدر العدو الصهيوني. لم نستعمل السلاح يوماً في غير هدفه المحدّد، ولم نستخدمه مطلقاً في الساحة الفلسطينية. ولن نهدّد كالبعض باستخدامه فيها. لم ننجرّ يوماً إلى استفزاز، إلا دفاعاً شرساً عن أنفسنا ومواقفنا، وغلّبنا دوماً الوحدة الوطنية الفلسطينية. لم نرتهن يوماً لا مالياً ولا سياسياً لا لجهة، ولا تحكّمت في مواقفنا دولة، في معادلة «المال مقابل مغادرة الموقف السياسي السليم»، المقتنعين به، والمتجه دوماً حيث تتجه بوصلة مصالح شعبنا.

لقد قطع رئيس السلطة، مخصصات الجبهة الشعبية مراراً وتكراراً، وهي أموال الشعب الفلسطيني وليست أموال مسؤول أو تنظيم! قام بعض رفاقنا وكردّ فعل على سلاح التجويع، الذي يتبعه رئيس السلطة ضدّ جبهتنا بحرق صوره. الأميركيون يحرقون صور رؤسائهم أمام البيت الأبيض، ولا تقوم «سي أي آي» بتهديدهم بباعها الطويل!

أما حول استغراب البيان لموقف قيادة الجبهة الشعبية من قضية حرق الصورة، فمن وجهة نظري ككاتب فلسطيني وكعضو اللجنة المركزية في الجبهة، ومن وجهة نظري الشخصية أقول: هذا هو حجمها! أما حول موقف قيادة الجبهة من محاصرة عباس لأموالها، ومن أمور أخرى خلافية معه، فقد تحدّث نائب الأمين العام الرفيق أبو أحمد فؤاد، عن الموقف الرسمي للجبهة حول هذه القضايا، في لقائه مع فضائية «الميادين» منذ أيام! مع العلم أنّ الجبهة قبلها، طالبت في بيان صادر عنها، الهيئات الشرعية الفلسطينية بمحاسبة الرئيس، لأنّ تصريحاته جاوزت كلّ الخطوط الحمراء.

كان على بيان اللجنة المركزية لحركة فتح الابتعاد عن القبلية، وكأيّ بيان لقيادة مسؤولة، أن يميل إلى التهدئة، وليس إلى تأجيج نار الحقد، كما اللغة التي جاءت فيه! ذلك على قاعدة: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، دون أن تردّه عن ظلمه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى