شبكات تركية ـ «إسرائيلية» لسرقة أعضاء السوريين
دمشق ــ سعد الله الخليل
على رغم الحرب الكونية التي تواجهها، سورية ما زالت تقدّم الرعاية لأبنائها، في وقت يتاجر الإرهابيون بصحة وأعضاء السوريين الرازحين تحت نير الإرهاب وداعميه من دول إقليمية، في مشهدين متناقضين يوضحان صورة ما يجري على الساحة السورية. إذ يكثر الحديث عن نشاط جماعات الإتجار بالأعضاء في المناطق الساخنة وحملات التلقيح ضد مرض شلل الأطفال المتتالية.
سرقة الأعضاء شمالاً وفي المخيمات
تنشط مافيات سرقة الأعضاء البشرية في المناطق الساخنة وخصوصاً المناطق الشمالية والشرقية ومخيمات اللجوء، على مرأى ومسمع من حكومات تلك الدول من دون أن تحرك ساكناً، فأكثر من 18 ألف حالة سرقة أعضاء من سوريين، معظمهم أطفال في المناطق الشمالية في ظل عدم القدرة على التوثيق. فيما يوجد أكثر من 100 ألف طفل سوري في مخيمات اللجوء في تركيا معرضين للمصير عينه، وخاضعين لأنواع مختلفة من الإتجار، وما يزيد المخاوف أن أكثر من 80 في المئة من النازحين في مخيمات اللجوء خارج الحدود من الأطفال والنساء، يُتاجر بهم عبر ثلاث سنوات من الأزمة، فقد قُدّرت عشرات الآلاف من حالات التورط التركي الذي لم يعد خافياً على أحد، إذ كشفت وسائل الإعلام تورّط المستشفيات الحكومية التركية في سرقة أعضاء السوريين، عبر نقل المسلحين المصابين إلى المستشفيات التركية لتجري سرقة أعضائهم، ما يؤكد ارتباط مافيات الإتجار بالمؤسسات الرسمية التركية.
واستغلت المجموعات المسلحة حاجة الناس والضعف الاجتماعي والمادي أو الجسدي في مسعى لتدمير المجتمع والأسس التي يقوم عليها، التعليم والصحة والبنية الاجتماعية، وهو ما عملت عليه المجموعات المسلحة خلال السنوات الثلاث الماضية من الحرب التي تتعرض لها سورية، بتدمير ممنهج لقطاعات الصحة والتربية بهدف تجهيل الناس وإمراضهم وإضعافهم، ليصبحوا ضحايا الإتجار بالبشر وسرقة الأعضاء، ولفت مرهف المعلم رئيس المركز الاستشاري لحقوق الإنسان إلى ما تخلقه الأزمات من بيئة مناسبة للإتجار بالبشر وقال: «بالعودة إلى التاريخ، فإن كل الدول التي شهدت حرباً من الحربين العالميتين إلى راوندا وأوغاندا والسودان والصومال، شهدت هذه الحالة خصوصاً في مناطق اللجوء، وأغلبهم من النساء والأطفال، بدءاً من العمالة غير المنصفة إلى سرقة الأعضاء، وأغلبها تذهب إلى الدول الغنية التي تتهم الدول الفقيرة بها الأمر».
أضاف أن المركز هو أول من وثق حالات الاتجار بالبشر للطفل فراس البكري الذي شرحت والدته ما حصل في شمال سورية، وما تقوم به عصابات حاصلة على شهادات علمية تدرك أهمية وقيمة هذه الأعضاء، إذ كشف التدقيق بالمعلومات تورّط شبكة «إسرائيلية» ـ تركية بالاتجار بأعضاء السوريين.
واتهم المعلم منظمة أطباء بلا حدود بالتورط في التغطية على العملية، واعتبرها شريكاً أساسياً في السرقة من خلال تغطيتها لهؤلاء القتلة، وتابع «قبل الحرب التي تخاض على سورية، كانت إعلانات الإتجار بالأشخاص، والتقارير الدولية تثبت أن «إسرائيل» لديها أكبر قائمة انتظار للأعضاء البشرية، ولذلك تمارس تجارة الأعضاء عبر قبرص من الهند ودول أخرى، ومع الحرب التي تشن على سورية أصبحت العملية أسهل وأرخص بالحصول على أعضاء السوريين»، مضيفاً: «الصحف الأميركية كشفت سرقة الجيش الإسرائيلي للأعضاء البشرية من جثث الشهداء الفلسطينيين، وبحسب إحصائية مايكل بوس عضو منظمة الصحة الهولندية فإن 25 ألف كلية تزرع في الولايات المتحدة و16 ألفاً في أوروبا سنوياً، وهي بالتالي تجارة رابحة ورائجة».
وأوضح رئيس المركز الاستشاري لحقوق الإنسان: «راسلنا المنظمات العالمية بتقارير موثقة بالأرقام والأسماء، من دون أن تحرك ساكناً، ولم يؤخذ بالتقارير لأن لمنظمة أطباء بلا حدود سلطة وسطوة ضمن هذه المنظمات»، ورأى أن إمكانية المحاسبة تقتصر على وجود التعاون الدولي، أما في غيابه وفي ظل سيطرة الكيان الصهيوني كأكبر مركز لسرقة الأعضاء البشرية، فملاحقة عصابات السرقة المنظمة غير ممكنة. وحول أهمية التوعية بأهمية الجسد البشري قال المعلم: «كل الأديان السماوية رفضت الإتجار بالأعضاء إلا في حال التبرع قبل الوفاة، وذلك يجب أن يكون موثّقاً عبر القضاء، ما يُكسبه الصفة الشرعية القانونية، بعيداً من قضايا الإتجار بالبشر».
وتتم سرقة الأعضاء عبر مافيات منظمات طبية وغير طبية تستهدف السوريين، بدءاً من الكشف على الضحايا، وهي تستهدف الأصحاء، فأعضاء المرضى غير مرغوبة وتتم العملية عبر دول عدة. بدءاً من الحصول على الأعضاء وإرسالها عبر الترانزيت إلى دول التي ينبغي الوصول إليها، لافتاً إلى صعوبة سرقة الأعضاء في الدول الآمنة، فالقوانين والحالة الأمنية لا تسمح، وسورية من الدول النادرة التي يوجد فيها رقابة على الاتجار بالبشر والقانون السوري يعاقب عليه.
الإرهاب يعيد شلل الأطفال
من جهة أخرى، تسعى الحكومة السورية إلى القضاء على ما حمله تسلل الإرهابيين من أكثر من 80 دولة إلى الأراضي السورية من أمراض أهمها شلل الأطفال، بعد إعلان البدء في القضاء عليه، إذ تنفذ وزارة الصحة السورية حملات التلقيح المنتظمة لمنع انتشار المرض، بعد تسجيل 26 حالة من منشأ باكستاني، أغلبها في المناطق الشرقية فنفذت الحملة الرابعة خلال شهر آذار التي استهدفت أكثر من مليونين طفل، فيما تنطلق الحملة الخامسة غداً وتستمر حتى السادس من نيسان ومن المتوقع أن تستهدف مليونين وثمانمئة ألف طفل، كذلك تسعى حملة التلقيح الخامسة للوصول إلى 2.9 مليون طفل. وسجلت الحملة الرابعة تلقيح 309 آلاف في محافظة ريف دمشق ثم حماه 308 ثم دمشق التي سجلت تلقيح أكثر من 278 ألف طفل.
الدكتورة نضال أبو رشيد، مديرة برنامج التلقيح الوطني في وزارة الصحة، لفتت إلى ظهور حالات المرض عام 2013، لانخفاض نسب المناعة، وظهرت حالات مرضية، وستستمر الحملات إلى حين القضاء على الفيروس وتوزعت الحالات على محافظات دير الزور وحلب والحسكة وإدلب، وظهرت حالة واحدة في حماة، وتسعى الوزارة للقضاء على المرض لتعود سورية كما كانت قبل 14 سنة، خالية من مرض شلل الأطفال، وأضافت أبو رشيد أن الحملات لزيادة المناعة لدى الأطفال مستمرة، وقالت «بعد اكتشاف حالة في العراق، تتضافر الجهود الإقليمية لمنع انتشار المرض»، وأشارت أبو رشيد لتعاون أكثر من جهة لإيصال اللقاح للمناطق الساخنة كالهلال الأحمر، إضافة إلى تفعيل بادرة المتطوعين بالتدريب لمنح اللقاح، وهو ما يضمن وصول اللقاح عن طريق المجتمع المحلي وفي مناطق عالية الخطورة ينتقل اللقاح من منزل إلى منزل لضمان حماية الكوادر ووصول اللقاح.