تمهيد «إسرائيلي» لنعي مبادرة عبدالله للسلام لأن سلمان وقّع على سلام كامب ديفيد إصرار أميركي روسي على حماية جنيف والهدنة وسعي سعودي لمقايضة يمنية
كتب المحرّر السياسي
كشفت مواقع «إسرائيلية» مقرّبة من وزارة الخارجية «الإسرائيلية» بتسريب تقارير تتحدّث عن استعداد دبلوماسي لإطلاق حملة تنعى مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، باعتبار أن المبادرة التي قامت على مقايضة التطبيع العربي مع «إسرائيل» بالانسحاب من الأراضي المحتلة العام 1967، والمقصود التطبيع الاقتصادي، خصوصاً لأهميته بالنسبة لـ»إسرائيل»، وبالأخص التطبيع الاقتصادي مع السعودية لمكانتها المحورية في تجارتي النفط والترانزيت اللتين تتطلع «إسرائيل» لنصيب منهما، فإن المصادر القانونية والدبلوماسية «الإسرائيلية» توصلت لصياغة تصنّف التوقيع المصري السعودي على اتفاقية جزيرتَيْ صنافير وتيران اللتين عادتا إلى كنف مصر بموجب اتفاقية كامب ديفيد وتخضعان لمفاعيل الاتفاقية، وما تضمّنه الاتفاق المصري السعودي من إعلان واضح من الملك سلمان بالتعهد باحترام الالتزامات التي فرضتها معاهدة كامب ديفيد على وضع الجزيرتين، ما يجعل السعودية قانونياً شريكاً ثالثاً لـ»إسرائيل» ومصر في هذه الاتفاقية.
وتنفي التقارير «الإسرائيلية» المسرّبة أن يكون الإعلان عن نعي مبادرة الملك عبد الله مصدر إزعاج للملك سلمان، انطلاقاً من قراءة «إسرائيلية» أن سلمان ونجله ووزير خارجيته عادل الجبير يعرفون جيداً معنى التوقيع على اتفاقيتي الجزيرتين. وقد تلقّت «إسرائيل» طلبات ووعوداً مقابلها، لتسهيل الأمر لأن موافقتها شرط قانوني لإتمام التفاهم السعودي المصري، عدا عما تفترضه المصادر «الإسرائيلية» من وجود رغبة لدى سلمان بتصفية كل ميراث أخيه عبد الله، داخل المملكة وخارجها، فكل ما تعهّد به عبدالله يجيب عليه فريق سلمان للمطالبين من مصر ولبنان، بالقول «الحقوا عبدالله، فما تعهّد به مات معه». وهذا ما حصل وفقاً للمصادر والتقارير بتعهدات السعودية لمصر بمقاطعة الإخوان المسلمين والوقوف مع مصر بوجه الأطماع التركية، وهو ما حصل أيضاً مع لبنان في قضية الهبة المخصصة لشراء السلاح من فرنسا.
السعودية التي تتماهى مع السياسات «الإسرائيلية» بلا تردّد، تشعر بالفشل يحيط بملفات الحروب التي تقودها. ففي المسار اليمني اضطرت السعودية للتسليم بوقف الغارات الجوية لتأمين مشاركة الحوثيين وشركائهم ممثلي الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعدما صار مسار التسوية مهدداً، فيما تلقت مساعي التصعيد في سورية على يد الجماعات السعودية سواء بالتهديد بالانسحاب من محادثات جنيف، أو بتقديم الغطاء لجبهة النصرة واعتبار الحرب معها انتهاكاً للهدنة، صفعة روسية أميركية مشتركة عبرت عنها مواقف موحّدة لواشنطن وموسكو تدعو إلى حماية محادثات جنيف وأحكام الهدنة، وتورد كلاماً صريحاً عن تأكيد أن لا مصلحة لأحد بمغادرة هذه المحادثات واعتبارها ساحة للضغوط وتحسين المواقع.
في لبنان يشهد اليوم، فندق كورال بيتش مهرجاناً وطنياً حاشداً للتضامن مع قناة المنار، ضد الإجراءات العدائية التي استهدفتها، بينما كانت الساحة السياسية منشغلة بتتبع حرب المواقف والتصريحات التي اندلعت بين النائب وليد جنبلاط وتيار المستقبل، على خلفية فضائح الفساد في ملفات الإنترنت وسواها، أدّت وساطات الليل إلى تهدئتها وقيام كل من النائب جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق إلى إزالة المنشورات التصعيدية المتبادلة التي شهدتها بينهما صفحات شبكات التواصل الاجتماعي وتابعها اللبنانيون بفضول.
«الاتصالات»: سنتابع حتى الرؤوس الكبيرة
انفجرت ملفات الفساد بين حامي الفساد داخل لجنة الإعلام والاتصالات النيابية مع حضور وزير الصحة وائل أبو فاعور الجلسة، رغم وجود ممثل عن الحزب التقدمي الاشتراكي النائب علاء الدين ترو، لتتطوّر إلى مواقف ساخنة خارج الجلسة بين رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من جهة ووزير الداخلية نهاد المشنوق وكتلة المستقبل ومدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف من جهة ثانية، استمرت حتى مساء أمس.
واطلعت لجنة الاتصالات في اجتماعها أمس، على تقرير مديرية المخابرات في الجيش حول فضيحة الإنترنت غير الشرعي وواصلت الاستماع إلى وزراء الاتصالات والدفاع والداخلية في هذا الشأن، وتخللت الجلسة مشادة كلامية بين أبو فاعور وعبد المنعم يوسف ما أدى إلى إخراج الأخير من القاعة بناءً على طلب أبو فاعور بينما نفى يوسف ووزير الاتصالات بطرس حرب ذلك.
وأكد رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله أن «ملف الإنترنت غير الشرعي فُتح كي لا يُقفل إلا بمحاسبة المتورطين وسيتابع حتى النهاية»، مشيراً إلى أن «وزارة الدفاع نفت علمها في ما يخصّ إمدادات الـ Fiber optics»، لافتاً إلى أنه «حتى الآن لم تعطِ وزارة الداخلية أجوبة حول كيفية تركيب هذه الأجهزة ولماذا كانت أعين الجهات المعنية غائبة»، موضحاً «أننا وجّهنا دعوة لوزير الداخلية الذي أرسل ممثلين عن الوزارة وأقرّ بأن ثمة تناقضاً في التقارير المرفوعة حول الـFiber optics إلى التفتيش المركزي، والقضاء سيبت في هذا الأمر ونؤكد أننا سنتابع وصولاً إلى الرؤوس الكبيرة وليس فقط إلى صغار المتورطين».
كيف أُدخلت المعدّات؟
وقالت مصادر اللجنة لـ«البناء» إن «أجواء الجلسة كانت جيدة وإيجابية وقدّم المدّعي العام التمييزي سمير حمود تقريراً يتضمّن ما توصلت إليه التحقيقات في شبكتي الضنية والزعرور وطلب القضاء مهلة إضافية للتوسع في التحقيق، حيث تم التحقيق مع 30 شخصاً متورطاً في الشبكتين، كما وعرض وزير الدفاع سمير مقبل تقارير استخبارات الجيش حول ما يجري في موضوع التجسس «الإسرائيلي» على شبكات الإنترنت غير الشرعي ولم يتبين حتى الساعة أي تجسس «إسرائيلي» على وزارة الدفاع وقيادة الجيش، كما لم تثبت التحقيقات حتى الآن أن الكابل البحري في جونيه كان لمصلحة شبكات الإنترنت غير الشرعي بل يعود لبث القنوات الفضائية».
وتطرقت اللجنة في اجتماعها، بحسب المصادر إلى كيفية إدخال المعدات والأجهزة المستعملة في الشبكات ومسؤولية وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بذلك، «حيث بينت التحقيقات أنها أدخلت من المعابر الشرعية من مسلكين، الأول بحري من سورية والثاني جوي عبر مطار بيروت وتم إدخالها بفواتير مزورة، بحسب تقارير الجمارك التي لطالما تفاجأت بفواتير تتضمّن بضاعة معينة كأجهزة كومبيوتر وأجهزة صناعية وعند الكشف عليها يتبين أنها أجهزة أخرى».
هل أُخرج يوسف من الجلسة؟
وعلمت «البناء» أن مدّعي عام التمييز طلب في الجلسة من وزارة المالية تقديم شكوى لتحصيل الأموال المهدورة من خلال الشبكات غير الشرعية، ووافقت الوزارة على ذلك على أن تعمل «هيئة القضاء» في وزارة المالية على تقديم دعوى بهذا الشأن إلى القضاء المختص.
كما علمت أن إشكالاً حصل تطوّر إلى مشادة كلامية خلال الجلسة بين أبو فاعور وعبد المنعم يوسف، حيث تكلم أبو فاعور بداية بشكلٍ إيجابي حول المصلحة العامة والفساد، ولكنه استدرك قائلاً: «لا يجوز أن يحضر متهم الجلسة» في إشارة إلى يوسف. وتمنى أبو فاعور من النواب والوزراء والقضاء أن يخرج عبد المنعم يوسف من الجلسة، فردّ يوسف بأنه «ليس متهماً وصفحته بيضاء ثم وافق الجميع على خروجه من الجلسة وخرج». إلا أن مصادر مستقبلية في اللجنة قالت لـ«البناء» إن يوسف لم يخرج بناءً على طلب أبو فاعور بل بعد أن طلب رئيس اللجنة من المدير العام والموظفين في الوزارة الخروج من القاعة لاستكمال البحث في الملف والإطلاع من مسؤولين آخرين على المعلومات والتحقيقات».
تصاعد سجال جنبلاط المشنوق
على رغم التداعيات الأمنية والخسائر المالية التي كشفتها فضيحة «الإنترنت» غير الشرعي إلا أن الأهم أنها كشفت الأوراق المستورة وعمق الخلافات بين أطراف السلطة التي اشتركت في الفساد منذ ما بعد الطائف وحملت لواء الحرية والسيادة والاستقلال بعد العام 2005. وتصاعد السجال الإعلامي بين رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط والوزير المشنوق بعد الانتقادات المتتالية التي وجّهها جنبلاط وأبو فاعور إلى وزارة الداخلية والمشنوق الذي رد على جنبلاط عبر «تويتر» و«فايسبوك»: «هذا هو وليد جنبلاط أحد أكبر وأعتى رموز الفساد في تاريخ لبنان». ورداً على خطوة المشنوق أكد أبو فاعور قبيل خروجه من اجتماع لجنة الاتصالات أن «وزير الداخلية يرشح زيتاً من أرقام السيارات إلى كاميرات بيروت». ودعا جنبلاط في تصريح آخر، إلى «طرد لصوص الداخلية من الهيكل»، ليتبعه جنبلاط بنشر صورة ديناصور عبر «تويتر» مرفقاً إياها بتعليق في اللغة الإنكليزية «ديناصور السرايا». وما لبث أن حذف التغريدة عن حسابه.
وسارعت كتلة «المستقبل» النيابية خلال اجتماعها الأسبوعي إلى إدانة «التطاول على الدكتور عبد المنعم يوسف الذي حصل على أكثر من 120 براءة قضائية»، مكرّرة المطالبة بـ»الإسراع في إنجاز التحقيقات في قضية الإنترنت وإحالة النتائج إلى المحاكم المختصة»، واستهجنت «التهجمات على وزير الداخلية»، مشيرة إلى أن «الحملة المنظمة التي يتعرض لها انطلاقاً من بعض الحسابات الصغيرة والفئوية لا تخدم منطق الدولة التي نطمح إليها ولا يعزز المؤسسات التي يجب أن تكون في خدمة الجميع، في الوقت الذي يعمل البعض على هدمها وتقويض دورها».
حوري لـ«البناء»: إسألوا جنبلاط…
ورفض حوري التعليق على حملة جنبلاط وأبو فاعور على المشنوق، مكتفياً بالقول لـ«البناء»: «إسألوا جنبلاط ونحنا نترك للقضاء إثبات أو نفي أي اتهام ليوسف أو للمشنوق ولوزارة الداخلية»، وعما إذا كانت خلفية تصريحات جنبلاط الخلاف مع المشنوق حول الشرطة القضائية، أجاب حوري: «لا نعرف الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه الاتهامات فربما جنبلاط يعلم».
.. و«الإنترنت» في السراي
وكان ملف «الإنترنت» غير الشرعي ومسار التحقيقات القضائية فيها، محور اجتماع أمني – قضائي رأسه سلام في السراي، وأوضح إثره حرب أن «القضاء يتابع التحقيقات التي يجريها عبر الاستنابات القضائية التي سطرت وقريباً سيقْدِم على اتخاذ خطوات تلقي الضوء على بعض المخالفين وسيتخذ تدابير في حقهم، وبالتالي سيلقي الضوء على محتوى هذا الملف»، مشيراً إلى «إجماع وسعي جدي لئلا تضلل هذه التحقيقات بقضايا جانبية وأن تركِز على القضايا الأساسية والجرائم المرتكبة في هذا الملف، وهذا ما أكده لنا كل من المدعي العام التمييزي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وكذلك المدعي العام المالي».
«أمن الدولة» ينتظر حل سلام
حكومياً، لا تزال أزمة أمن الدولة تنتظر الحل الذي تعهد بإيجاده الرئيس سلام في جلسة الاثنين الماضي على أن تعقد الجلسة المقبلة في 27 من الحالي.
وعلمت «البناء» أن «اتفاقاً حصل بين الوزراء في الجلسة الأخيرة على عدم الحديث عن مظلومية طائفية في هذا الملف أو في غيره، كما وافق جميع الوزراء على أن استطلاع رأي نائب المدير العام لأمن الدولة ملزم للمدير العام، لكن الأخذ بهذا الرأي غير ملزم».
ونقلت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» انزعاجه مما يحصل في جلسات مجلس الوزراء من اتهامات وخارجه من سجالات تأخذ طابع الطائفية والمذهبية والسياسية والشخصية».
الحل بتطبيق القانون
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» إلى أن «الخلاف الحاصل على موضوع أمن الدولة لن يؤثر على استقرار الحكومة التي تعتبر حاجة للبنان في ظل الأوضاع المتأزمة في المنطقة»، وشدّد على أن «الرئيس سلام سيعمل على حل هذا الملف قبل جلسة الحكومة المقبلة»، موضحاً أن «الإشكال هو قانوني ويحلّ بتطبيق النص القانوني وليس على قاعدة التسوية بين أطراف عديدين مختلفين ولا على قاعدة حقوق الطوائف بل هو خلاف بين المدير العام ونائبه على تطبيق القانون».
لا حلّ للنازحين قبل انتهاء الحرب
وفي موضوع النازحين السوريين شدد درباس على أن «هذا الملف يسير وفق ما أقر في المؤتمرات الدولية وما نتج عن زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لا سيما لجهة المساعدات المالية المخصصة للبنان التي هي محل متابعة الوزارات المختصة»، لكنه رأى أن «لا حل جذري لأزمة النازحين في لبنان من دون إنهاء الحرب والتوصل إلى حل سياسي في سورية».
.. وجلسة الحوار الوطني اليوم
وعلى وقع ازدحام الفضائح والملفات والخلافات السياسية والاشتباك الإعلامي، تعقد اليوم في عين التينة جلسة جديدة من الحوار الوطني للبحث في قانون الانتخاب، حيث سيطرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري على المتحاورين ما توصلت إليه اللجنة النيابية في ما خص قانون جديد للانتخابات وسيؤكد بري ضرورة عقد جلسات تشريعية متتالية، على أن يحدد التيار الوطني الحر، بحسب ما أبلغت مصادر نيابية «البناء» موقفه من الجلسة على ضوء مشاورات جلسة الحوار الوطني. كما ستحضر أزمة أمن الدولة في الجلسة باعتبار أن تشكيل مجلس قيادة جديد للجهاز، كما يطالب بعض الأطراف، يحتاج إلى مشروع قانون يُحال إلى المجلس النيابي، فهل يكون بمثابة باب لتفعيل عمل مجلس النواب؟