«وعدان» عدوّان.. وضوء فلسطيني
نظام مارديني
لو وجد فدائي واحد وأطلق النار على بلفور الذي زار دمشق لما كانت القضية السورية تحيا ما تعيشه اليوم من ويلات، وما كانت فلسطين لتكون تحت نير الاحتلال الآن، كما رأى الزعيم أنطون سعاده.
في بداية القرن الحادي العشرين، يتكرر الوعد في العراق عبر المندوب السامي للاحتلال الأميركي المدعو بول بريمر، الذي وضع الدستور المثلوم للكانتونات العراقية شيعية وكردية وسنية ، ولجعل العراق شعوباً وقبائل تتقاتل بينها كما يحصل الآن، وعلى الطريقة اللبنانية، التي تعيش في مناخ ديموغرافي قابل للتغيير.. ولا تستقر في فضاء أخلاقي واجتماعي يربطها لبنان.. فصار كل مكوّن يبحث عن مصلحته على حساب مصلحة الآخر حتى على مستوى الزبالة والنفايات. لهذا فإن المحاصصة السيئة الصيت هي نتاج سنوات الفشل المرير التي لا تتغير إلا بذهاب أربابها إلى جهنم وبئس المصير.
إن كل ما كتبه وخطّه وتصرف به بريمر في حق العراق يذكّر بوعد بلفور المشؤوم بحق فلسطين والفلسطينيين. ويبدو أن العراقيين سيعانون ولسنوات طويلة، فهو طبيب الأمن الملغوم وباني الخلافات الطائفية والعرقية في العراق والتي ورثها من بعده تلامذته وهم أغلب قادة السياسة الحاليين.
الغرب يعلم ويعرف أن الدستور في بلادنا مثل المعدة.. إنه أصلاً بيت الدواء لكنهم يريدون بيت الداء، ليكون الطامة الكبرى التي نجح فيها بريمر في العراق ويحاولون تفخيخ دستور الشام سورية الحالية .. ليجعلوا مواطنينا في مرحلة من مراحل غياب الوعي القومي.
ليس الفدائي فقط هو مَن يحمل المسدس ويطلق النار على صاحبَي الوعدين، بلفور وبريمر، بل كيف يكون شعبنا قادراً على تكريس الفعل المقاوم ضد الاحتلال في فلسطين المحتلة، وصدّ تبعاتهما على بقية دول الهلال السوري الخصيب، ورفض أي حلول وسطية ترقيعية تكرس تفتيت شعبنا، وهو الخطر الذي يعيشه العراقيون اليوم، فهل سنشهد صحوة ضمير عند من تمعّنّا في وجوه بعضهم الفاسدة الكالحة التي ظهرت على الفضائيات العربية.. أم ستبقى تعمل خدمة لجميع المشاريع الإقليمية والدولية بشكل مثير، وعلى فراش المخابرات الوثير؟
عملية القدس للمقاومة بالأمس تشكل مسافة ضوء فلسطينية، رغم ما يمتلكه الكيان الصهيوني من قدرات عسكرية وتكنولوجية تؤكد تفوقه المطلق النوعي، وعلى الرغم من مؤشرات تراجع وتيرة الانتفاضة الشعبية الثالثة ضد هذا الكيان، وما سُمّي بـ «انتفاضة السكاكين» التي عمل عليها «المناضل» أبو مازن، وعلى الرغم من انشغالات سورية والمقاومة اللبنانية، بالصراع مع العدو ولكن في جبهات أخرى.. على الرغم من هذا كله، فإن هذا الكيان يعيش الرعب بكل معانيه، وهو الأمر الذي انعكس بوضوح على التباهي بتصريحات يفاخر بها قادة الكيان سواء من السياسيين أم العسكريين أم رجال الدين، وهو أمر يؤكد أن الرعب بات إحدى أهم سمات هذا الكيان، على نحو ما أكدته أحداث تتراكم يومياً وممارسات تفضح العنصرية بأعلى معانيها، ولعل هذا ما دفع كبار قادة هذا الكيان إلى الترويج لمقولة، إن «الحرب والأخلاق لا يسكنان في مكان واحد».
وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إلى الرياض في زيارة رسمية لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، على أن يشارك في القمة الخليجية اليوم الخميس.
وسيبحث أوباما مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز جهود مكافحة الإرهاب والوضع في سورية واليمن إلا أن صحيفة وول ستريت جورنال قالت إن أوباما سيسعى خلال زيارته إلى الرياض لأن تكون واشنطن وسيطا بين السعودية وإيران اللتين دخلتا سلسلة مواجهات خطيرة على نحو متزايد في منطقة الشرق الأوسط، وفق الصحيفة. غير أن كثيرين في المنطقة يرون أن الولايات المتحدة أسهمت في تسريع الاحتكاك بين الرياض وطهران، وهو ما يدفع إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حسب وول ستريت جورنال.
وتأتي زيارة أوباما ـ وهي ضمن جولة لستة أيام تشمل أيضا بريطانيا وألمانيا ـ بالتزامن مع اجتماع عقده وزير دفاعه آشتون كارتر مع نظرائه الخليجيين في الرياض، وجدد الوزير الأميركي خلال الاجتماع التزام بلاده بالوقوف مع دول الخليج ضد التدخلات الإيرانية.
وكان كارتر بحث مع محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، في الرياض، مجالات التعاون العسكري القائم بين البلدين والسبل الكفيلة بتطويره وتعزيزه. ونقلت «رويترز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أوباما وكارتر سيسعيان إلى طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وعُمان إلى أن مصالحها لا تزال تتفق مع مصالح واشنطن، وأن الولايات المتحدة ستواصل ضمان أمنها.
ويأمل أوباما خلال زيارته هذه في حمل إيران والدول الخليجية على تطوير «سلام بارد» يضمن ألا تؤجج الخلافات بينهم التوترات المحتدمة في الشرق الأوسط، وهي مهمة أشبه بمهمة «حافة الهاوية» بسبب السلوك السعودي في المنطقة والداعم للارهاب العالمي.