لماذا تنام «نواطير مصر عن ثعالبها»!؟

نصار إبراهيم

مصر، مصر، ماذا دهاك يا مصر!؟

وأنا أتابع زيارة ملك آل سعود للقاهرة، وتفاصيل البؤس التي رافقتها، شعرت بغصة عميقة، وبغضب أكثر عمقاً، فمصر بالنسبة لي ثابت من ثوابت قوميّتي وعروبتي، فيما سورية قلبها النابض الذي يضخّ في جسد العروبة دماء الكرامة، مصر هي الحاضنة الشاسعة لعروبتي، إنها تجلياتها الثقافية والسياسية والجغرافية، وسورية وبلاد الشام والعراق هما حجرا الزاوية الراسخان بعمقهما الحضاري العابر للطوائف والجغرافية، فيما اليمن تمثل لي جذر الجذور، اللغة والأصل والعزة، في حين تمتدّ العروبة وتخفق بأجنحتها في بلدان المغرب العربي، جزائرنا وتونس الخضراء والمغرب العربي وليبيا عمر المختار،

فكيف تنحدر كنانة العرب إلى هذا المستوى من الهبوط والنفاق مع أنها لم تتعرّض لجزء يسير مما يواجهه قلب العروبة سورية من حرب كونية بكلّ ما ترتب عليها من تضحيات غالية، ومع ذلك لم تنحن هامة دمشق ولم تغمد سيفها في ميادين المواجهة الطاحنة منذ خمس سنوات لكي تبقى راية العرب عزيزة ومهابة، وها هي تقترب من لحظة النصر الحاسم، إنها لم تنكسر، ولم تهن، ولم تساوم، ولم تفرط!؟

وأنا أتابع الطريقة التي تعاملت بها الجهات الرسمية المصرية مع ملك الرمال السعودي تخيّلت أنّ ذلك يجري في كازينو، حيث يلوّح الزبون بالمال مقابل أن يحظى بما يريد.

بل ووصل الأمر إلى جامعة القاهرة بأن تقلّد عنوان التخلف والرجعية والجهل والسلفية الوهابية شهادة الدكتوراة الفخرية، ملك لا يقوى على تركيب جملة من مبتدأ وخبر تقلّده جامعة القاهرة شهادة الدكتوراة، أيّ مهانة هذه يا مصر العرب!؟

على أية حال، لقد تابعنا حفلة الشعوذة، ولكن المسألة أكبر وأخطر، ذلك لأنها تستهدف مباشرة وبلا مواربة، روح مصر ودورها ومكانتها وتتعامل معها وكأنها دولة مرتزقة.

ولكن… بالرغم من كلّ ما جرى، بالرغم من الغضب والألم على أداء مصر السياسي والاقتصادي والإستراتيجي، فإنني أثق بروح مصر، ولن أتخلى عنها، فمهما بدت اللحظة مرتبكة وضبابية وهابطة، إلا أنّ في مصر شعباً وروحاً، ستنهض في لحظة ما لتقول قولتها.

قبل خمسة أعوام تقريباً وتحديداً في آذار 2011 كتبت: «عندما خرج الشعب المصري إلى شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس والمنصورة والفيوم وطنطا ودمنهور وبور سعيد، أصبحت مصر هي العنوان، وعندما اجتمعت الملايين في ميدان التحرير، انتقل ذلك الميدان إلى بيوت كلّ العرب من المحيط إلى الخليج، نحوه انشدّت العيون وبه تعلّقت القلوب»… لم يكن ذلك صدفة وليس مجرد تعاطف لحظي، بل كان تكثيفاً للمكانة التي تحتلها مصر ليس في الوجدان العربي فحسب، بل وأيضاً لأنها مصر التي افتقدها العرب طويلاً، انتظروها طويلاً، ليستعيدوا معها توازنهم وهيبتهم، ولتستعيد هي أيضاً دورها ومكانتها العربية والإقليمية والعالمية باعتبارها الدولة العربية الأكبر التي بدونها تختّل التوازنات وتختلط الأوراق، ترتبك الصورة، تهتز المكانة وتشتدّ المطامع وتهون الأمة».

وفي ذلك المقال حدّدت بعض المفاصل التي ستقرّر مصير حركة الشعب المصري، وبعد أن قمت بمراجعة ما كتبت آنذاك اليوم، لم أجد ما أضيفه، فما أوصل مصر إلى ما وصلت إليه، أنها لم تستطع أن تحقق شروط استمرار ثورتها لكي تصل بها إلى أهدافها الكبرى، لهذا سأعيد التذكير بها من جديد:

يمكن الإشارة إلى عدد من التحدّيات التي تواجه الثورة المصرية والتي في ضوء نتائج تعاملها معها ستتحدّد طبيعة ما ستكون عليه نتائج ثورة التغيير الجارية في أكثر من قطر عربي:

قدرة الثورة المصرية على تجذير أبعادها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، بحيث تتمكّن من التأسيس لمجتمع مدني ديمقراطي أصيل يقوم على احترام الإنسان وحقوقه وكرامته كفرد وجماعة، مجتمع أساسه المواطنة والانتماء للوطن وليس للنظام أو الفرد، مجتمع يتصدّى بجرأة لمنظومة وثقافة الفساد ويؤسّس للعدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ودولة المؤسّسات وفصل السلطات والتعدّدية والتنوّع السياسي والاجتماعي وإطلاق الإبداع الثقافي والإعلامي والحريات.

إنجاز هذا الهدف هو عملية اجتماعية سياسية متواصلة لا تتوقف، وفي سياق هذه العملية يجب التصدّي وبحزم لخطرين جديين:

– الأول الثورة المضادة بكلّ أشكالها وتجلياتها، والمهمة هنا ذات طابع اجتماعي سياسي ثقافي بنيوي وليس فردياً أو شخصياً أو انتقامياً، فتأسيس النظام الجديد وسيادة الثقافة الجديدة لن يكون إلا من خلال القطع مع البنى والثقافة والمؤسسات والقوى التي مثلت النظام البائد، فعملية البناء تترافق وتتقاطع مع عملية الهدم بصورة واعية منظمة وهادفة.

– الثاني احتواء أو اختطاف الثورة وإغراقها في التناقضات والمعارك الجانبية من قبل القوى الخارجية، أو فصل الأبعاد الاجتماعية للثورة عن أبعادها السياسية، وهذه أيضاً قضية مبدئية وليست مجرد موقف عاطفي، إنها قضية تتعلق بروح الثورة وبدورها الوطني والإقليمي والعالمي، وإدراك جدلية العلاقة بين السياسات الداخلية والخارجية، إذ لا يمكن أن يكون المجتمع ديمقراطياً وعادلاً على المستوى الداخلي بينما هو تابع وخاضع ومرتهن للإملاءات الخارجية، والعكس صحيح، دون أن يعني ذلك العداء أو القطع مع شعوب ودول العالم ولكن من على قاعدة الاحترام والتكافؤ وتبادل المصالح.

العين على النموذج المصري

هذا يعني أنّ حركة الثورة العربية في تونس واليمن والعراق وليبيا وعمان والبحرين و…، عينها على التجربة والنموذج المصري، فبقدر ما تتجذّر الثورة المصرية بقدر ما تدفع بعملية التغيير الثورية في مختلف المجتمعات العربية نحو الوضوح والاتزان، فمصر هي الأكثر نضوجاً لصياغة نموذج التغيير العربي حتى لا تهاجر الثورات العربية نحو نماذج مغتربة فكرياً وسياسياً واجتماعياً.

قدرة الثورة على إعادة بناء دور مصر العربي انطلاقاً من كون المصلحة القطرية لأيّ بلد عربي مرتبطة بمتانة وحصانة البعد والحاضنة القومية، وهذا يعني إعادة بناء أسس النظام العربي بالكامل وبصورة جذرية بعد أن تهتّك وتآكل وفشل في حماية مصالح الأمة وكرامتها، وتحوّل من إطار للأمة إلى صالون للأنظمة والحكام لتبادل المجاملات والتنسيق الأمني لقمع الشعوب، المطلوب من مصر الآن أن تتقدّم لتعيد صياغة هذا الواقع بما يؤمّن الصلابة القومية سياسياً واقتصادياً وثقافياً وأمنياً في مواجهة التهديدات والتدخلات الخارجية، والتأسيس لمنظومة التكامل العربي وفق متطلبات وأولويات المصلحة القومية وليس مصلحة وعلاقات الحكام وأنظمة الحكم، وهنا لا يعود الحكام مطلقي الصلاحية في سياساتهم وقراراتهم التي تشكل مساساً بالأمن القومي، لأنّ ذلك يعني المساس بأمن كلّ قطر عربي.

هذا يعني أنّ نجاح الثورة المصرية في إعادة بناء وترسيخ دورها عربياً على قاعدة التوازن والتناغم الخلاق بين المصلحة القطرية والمصلحة القومية بقدر ما يؤسّس لنظام سياسي عربي فاعل، فإنه أيضاً يرسم معالم خط السير لقوى التغيير في المجتمعات العربية ويحدّد النواظم القومية لهذا التغيير، الأمر الذي سيحمي تلك الثورات من هيمنة وسطوة القوى الكولونيالية الغربية أو من الاصطفافات الإقليمية غير العربية.

قدرة الثورة على إعادة بناء دور مصر الإقليمي والعالمي، لقد كان لغياب الدور المصري طيلة العقود السابقة، أو اصطفافه مع الحلف الأميركي أثر مدمّر على دور وصورة وهيبة مصر أولاً وعلى دورها ومكانتها الإقليمية والعالمية ثانياً، الأمر الذي جعل الساحة العربية مسرحاً لفعل وتدخلات الدول الإقليمية المؤثرة، التي راحت تحاول ملء الفراغ الذي تركته مصر إيران وتركيا على سبيل المثال ، ومع تقديرنا للمواقف التي عبّرت عنها هاتان الدولتان تجاه القضية الفلسطينية، إلا أنّ تلك المواقف لا يمكن فصلها عن مصالحهما وطموحاتهما الإقليمية في الوطن العربي، وكلنا يذكر كيف استقبلت الشعوب العربية مواقف أردوغان أثناء الحرب على غزة أو أثناء الهجوم على أسطول الحرية، لقد كان المواطن العربي يقوم عبر هذا السلوك بعملية تعويض سياسي ونفسي لغياب المعادل العربي والذي هو في الحالة العربية مصر بدون منازع، دون أن يعني ذلك المساس بدور ومكانة أيّ دولة عربية، هنا يأتي دور مصر لإعادة التوازن المفقود وحينها ستقف الشعوب العربية مع مصر في سعيها لترتيب الدور العربي إقليمياً.

هذا يعني أنّ قوى التغيير في العالم العربي ستتابع أداء التجربة المصرية على المستوى الإقليمي والعالمي وبناء على المعايير والضوابط التي ستحدّدها مصر ستحدّد بقية الثورات العربية ضوابطها وسياساتها. الإصرار على تحقيق هذا الهدف سيضع حداً لحالة التآكل العربي كما يضع حداً لتفلّت الأنظمة وتسلّلها لخدمة الأجندات الكولونيالية في المنطقة.

مجابهة السياسات الصهيونية في المنطقة، هذا البعد سيشكل عاملاً حاسماً في تحديد وتقييم دور مصر على كلّ المستويات، فقد اختلّت التوازنات بصورة هائلة بعد خروج مصر من المواجهة وتراجع دورها في ظلّ حكم مبارك الذي حوّل مصر إلى وسيط وإلى قوة حماية وارتكاز للاختراقات الصهيونية للساحة العربية سياسياً واقتصادياً وأمنياً وثقافياً.

فمشاريع «إسرائيل» وسياساتها تهدّد العمق العربي، حيث استغلّت أبشع استغلال صمت وتواطؤ نظام حسني مبارك لتمارس غطرستها وعدوانها ضدّ الفلسطينيين واللبنانيين واستباحة البلدان العربية على أوسع نطاق.

الموقف من «إسرائيل» هو الاختبار

عند هذه النقطة تحديداً تتقاطع مختلف الأبعاد، فالموقف من «إسرائيل» مشاريعها هو الاختبار الأكثر جدية وخطورة، حيث لا يمكن الحديث بجدية عن دولة عربية ديمقراطية حرة ومستقلة بدون التصدّي الحازم للعنصرية والعدوان «الإسرائيلي»، ولا يمكن الحديث عن دور عربي فاعل ومؤثر بدون إنصاف الشعب الفلسطيني وإسناده بكلّ الوسائل لإنهاء الاحتلال وإحقاق الحقوق القومية الفلسطينية الثابتة، كما لا يمكن الحديث عن دور إقليمي وعالمي فاعل ومحترم بدون وضع حدّ للغطرسة «الإسرائيلية» في قلب العالم العربي، وأخيراً لا يمكن تصديق أيّ حديث عن الحرية والكرامة الوطنية أو القومية بدون مواجهة السياسات الكولونيالية الغربية الداعمة والحاضنة للسياسات «الإسرائيلية» في المنطقة.

كلّ هذا يعني أنّ جميع الشعوب العربية التي أهينت بما فيه الكفاية من قبل «إسرائيل»، تنظر وتنتظر موقف الثورة المصرية واستراتيجيتها تجاه «إسرائيل»، فالدور القيادي للثورة المصرية على المستوى القومي ستتحدّد فاعليته وعمقه وجدّيته هنا بالضبط، وفي ضوئه ستتحدّد سياسات معظم البلدان العربية التي لن تجرؤ على الاستمرار في مدّ الجسور مع «إسرائيل» والصمت على سياساتها وعدوانها المستمرّ على الشعب الفلسطيني إذا ما قالت مصر كلمتها الفصل.

لكلّ ما تقدّم فإنّ عقول وقلوب الأمة العربية ستبقى مشدودة إلى ما يجري في مصر وما ستقوم به ثورة مصر في مواجهة هذه المهام أو التحدّيات. التصدّي لهذه المهام الكبرى هو واجب مصر الأول تجاه ذاتها، تجاه مصالحها، تجاه تاريخها، تجاه تضحياتها الكبرى، تجاه وزنها ودورها الحضاري والتاريخي، تجاه وزنها السكاني، تجاه وزنها الثقافي، تجاه مكانتها الإقليمية والدولية، تجاه ثورتها، تجاه ماضيها وحاضرها ومستقبلها، واتجاه أمتها.

هذا هو واجب مصر، غير أنّ الواجب لا يكتمل ولا يفعل بصورة دينامية إلا إذا استند إلى وعي عميق بالحق من الجانب الآخر، ولهذا فإنّ من حق مصر على العرب أن يرتقي أداؤهم إلى مستوى دور ووزن مصر، ذلك الدور الذي جرّب العرب جميعاً وطأة غيابه عندما صادره نظام حسني مبارك وشوّه صورة مصر البهية ودفع إلى السطح أسوأ ما في السياسة والثقافة والاقتصاد والسلوك والممارسة قطريا وقوميا .

رقصة النفاق

وبالعودة إلى رقصة النفاق التي تابعناها أثناء زيارة ملك الرمال والوهابية إلى القاهرة، وحتى نعي ما يجري، ولكي ندرك أبعاده، فإنني أسوق ما كتبه المبدع السوري نارام سرجون في مقالته التي نشرها على صفحته في 14 نيسان 2016، تحت عنوان «لو ملأ البحر الأحمر ذهباً او عسلاً، آل سعود لن يحبّوا مصر»:

«اذا رأيت مائدة فاض على كلّ أطباقها العسل، حتى أنّ ملحها خلط بالعسل، فاعلم أنها مائدة سيجلس عليها منافقان، الداعي للوليمة يكذب على المدعو، والمدعو يكذب على الداعي وعلى نفسه، وهذا هو حال اللقاء السعودي المصري الذي لم يكن ينقص أن يكتب عنه الا الكاتب الانكليزي ويليام شكسبير الذي كان بارعاً جداً في تصوير النفاق البشري وتقلّبات النفس وميلها للأنانية ومشاعر الغدر ولحظات الطعن، فلا يوجد كمّ من النفاق والرياء والمجاملة والتقية يتفوّق على ما رأيناه في اللقاء السعودي المصري الذي تراشق فيه الطرفان بأقصى ما لديهما من مخزون الحيل والخدع والمجاملات، فقد كانت هناك مبالغة لا توصف في الحب والقبل والمصافحات والتمنيات، واشترك في هذا المهرجان من جحيم القبل كلّ من برع في التمسح والنفاق، مغنون وأئمة وإعلاميون، ومثقفون ورجال دين، حتى التماثيل أرغمت غلى النفاق والاختباء كيلا تفسد وليمة النفاق، وسمعنا كلاماً في رحيق سلمان تستحي النحلة من أن تقوله في الزهرة، ويعتذر العسل من أنّ حلاوة ما قيل في سلمان تفوق حلاوة العسل،

الجميع يعلم أنّ العسل الذي أضيف الى الملح والفلفل والدسم والزيت والبصل والثوم والفول لن يفعل شيئاً الا أنه سيجعل العسل فاسداً وطعمه غير مستساغ،

التاريخ والجغرافيا أكبر من كلّ خوابي العسل التي سفكت بين يدي الملك السعودي، وفالق البحر الأحمر ليس مجرد فالق جيولوجي عمره ملايين السنين لكنه رسالة تعبر الى ملايين السنين الآتية وهي أن لا شيء يجمع بين السعودية ومصر إلا بلاد الشام، ولو ملأ المصريون البحر الأحمر بالعسل، أو ملأه السعوديون بالذهب،

بلاد الشام – ايّ سورية الطبيعية – هي الرابط الجغرافي والتاريخي بين الجزيرة العربية ومصر وكلّ وادي النيل ، والجسور الطافية التي ستبنى بينهما والمتمدّدة فوق جزر صنافير وتيران لن تقهر الفالق الأزلي الجيولوجي في البحر الأحمر لصالح اليابسة القديمة الأزلية والحكاية القديمة بين بلاد الشام ووادي النيل حيث أنّ المشيمة التي بينهما تمتدّ من الجليل الفلسطيني الى بورسعيد المصرية. السعوديون لا يريدون من مصر اليوم الا شيئاً واحداً، وهو أن لا تفعل شيئا وتبقى متمثلة في سياستها وقفة ابي الهول بصمت، أيّ ألا تعترض على السلوك السعودي المتعجرف والاستبدادي والاستعلائي، وألا تقف في وجه الخطاب الوهابي في العالم الإسلامي وتسكت الأزهر أو تجبره على الصمت إزاء التحريض الديني والمذهبي وعدم تحديث الخطاب الديني، وهي تريد ألا تتدخل مصر في الأزمة السورية لخلق توازن يكسر الثقل التركي في المنطقة، لأنّ معادلة الشرق الاوسط الحالية هي انّ إيران وسورية تواجهان السعودية وتركيا، وانحياز مصر الى إيران وسورية سيجعل تركيا والسعودية أقلّ تأثيراً وتمثيلاً لما يريدان أن يمثلاه ككتلة إسلامية سنية في مواجهة كتلة لاسنية، وميل مصر الى سورية وإيران بحكم أنهما خصمان لتركيا ومشروع «الإخوان المسلمين» في سورية سيعني أنّ أكبر كتلة سنية عربية تقف الى جانب سورية وإيران مما يقلل من ادّعاء تركيا والسعودية أنهما تدافعان عن مصالح أهل السنة أو تمثلان مزاج السنة في العالم الإسلامي، وهذا هو المطلوب الوحيد السعودي في هذه المرحلة، أيّ شق الشرق الأوسط بفالق طائفي أزلي مثل فالق البحر الأحمر الى ضفتين سنية وشيعية، بعد ان كان الفالق الطبيعي الصهيوني يقسمه الى ضفتين عربية واسرائيلية».

بعد كل هذا ستبقى عيوننا على مصر والقاهرة، على نهر النيل، ولن تفارق عيوننا أهرامات مصر، ولن نتوقف عن الغناء بما قاله شاعر النيل حافظ إبراهيم:

لمصرَ أم لربوعِ الشّام تنتسبُ

هنا العلا وهناك المجدُ والحسبُ

ركنانِ للشّرق لا زالت ربوعهما

قلبُ الهلالِ عليها خافقٌ يَجِبُ

إذا ألمَّت بوادي النيل نازلةٌ

باتت لها راسياتُ الشام تضطربُ…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى