الجيش يواصل تصدّيه البطولي للإرهاب في عرسال ويوقع عشرات القتلى والجرحى والأسرى في صفوف الإرهابيين
لليوم الثالث على التوالي، واصل الجيش اللبناني التصدّي للإرهاب في منطقة عرسال والجرود المحيطة بها حيث تمكن في العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم «السيف المسلط» من استعادة المواقع والمراكز التي سيطر عليها الإرهابيون في اليومين الماضيين ملحقاً خسائر فادحة في صفوف المسلحين فيما سقط له عدد من الشهداء والجرحى.
وقد استمرّت الاشتباكات يوم أمس بين الجيش اللبناني والمسلحين في مرتفعات عرسال، وتحديداً في محلتي رأس السرج ووادي عطا، فيما عزّز الجيش مواقعه في مرتفعات الثكنة في عرسال بعد استردادها من المسلحين.
وأعاد الجيش سيطرته على ثكنته ومبنى المعهد الفني وعلى حي رأس السرج، موقعاً عدداً كبيراً من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين، كما استطاع أسر عدد آخر، وقد وزع الجيش اللبناني عصراً مشاهد تُظهر استعادته للمهنية، كما تظهر صور قتلى وأسرى المسلحين في داخلها.
واستقدم الجيش الآليات والجنود من فوجي المغاوير والمجوقل وفوج التدخل الثاني واللواءين الثامن والسادس. وقد أعلن في بيان له سيطرته على حوالى تسعين في المئة من التلال المحيطة بعرسال، فضلاً عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 14 وجرح 86 جندياً وفقد 22 عسكرياً يعمل على التحقق من مصيرهم.
وأفادت مصادر أنّ المسلحين في بلدة عرسال يمنعون المدنيين من مغادرة البلدة بقوة السلاح متخذين منهم دروعاً بشرية، بينما شهدت عرسال حال نزوح في الأماكن القريبة من بلدات اللبوة والبعيدة من مسرح الاشتباكات باتجاه البقاع الشمالي وبعلبك، كما استشهد 3 أطفال من آل الحجيري، وحاول الجيش طرد المعتدين على مواقعه وسجلت عمليات قصف بالمدفعية، كما دارت اشتباكات في محيط المستوصف داخل البلدة، وشوهدت سحب الدخان فوق جامع اسماعيل، كما اندلعت النيران في محطة للوقود جراء القصف.
وشهد وسط بلدة عرسال عمليات سلب ونهب للبيوت والمحال التجارية، وأوضح بيان لقيادة الجيش «أنّ وحدات الجيش تابعت خلال الليل الفائت عملياتها العسكرية في منطقة عرسال ومحيطها، حيث أحكمت سيطرتها الكاملة على مبنى مهنية عرسال بعد تعرّضه لهجوم من قبل الجماعات الإرهابية، كما استهدفت هذه الوحدات بالأسلحة الثقيلة نقاط تجمّع المسلحين، وقد سقط للجيش خلال المواجهات عدد من الشهداء والجرحى».
من جهة ثانية، قامت الجماعات الإرهابية بالاعتداء على أهالي بلدة عرسال ومنعهم من مغادرة البلدة، حيث عمدت يوم أول من أمس إلى تصفية عدد من المواطنين الذين رفضوا الامتثال لها.
ونقل مصدر أمني رفيع لـ«البناء» تأكيده «أنّ الجيش اللبناني تقدم في عرسال وعثر على جثث 60 إرهابياً».
ولفت المصدر نفسه إلى «أنّ معارك عنيفة وقاسية جداً تدور في محيط المهنية وعلى مسافات قريبة جداًً من زاوية إلى زاوية » وفق تعبير المسؤول الأمني، الذي يؤكد «أنّ مئات العناصر بدأوا بشنّ هجومٍ معاكس بهدف استرداد المهنية مستخدمين الأسلحة الصاروخية والهاون والرشاشات بمساعدةٍ من المرتفعات المقابلة حيث يستخدمون مدافع مضادة للطائرات نوع مضاد 23 ملم».
ويؤكد المصدر نفسه «أنّ عرسال البلدة لا تزال أسيرة المسلحين الذين عاثوا فيها قتلاً وسرقةً وحرقاً»، وهذا ما يؤكده العديد من أهالي البلدة الذي تمكن بعضهم من الفرار، مشيرين إلى «قتل كلّ من يحاول الهرب أو لا يتعاون معهم»، ويؤكد شهود من البلدة «أنّ المسلحين مزيج من سوريين وشيشان وعراقيين وخليجيين وعرب وفقاً للهجاتهم».
كما طلب الجيش من الإعلاميين ترك مشارف عرسال والنزول إلى اللبوة لضرورات عسكرية خاصة بعد استقدام تعزيزات عسكرية كبيرة من اللواء الخامس إلى عرسال.
وقد كثف الجيش قصفه المدفعي على مكان تواجد المسلحين، وصدرت نداءات استغاثة من أهالي عرسال بسبب الجرحى في صفوف المواطنين على الطرق.
وتصدّى الجيش بالقرب من مهنية عرسال لهجوم قامت به أعداد كبيرة من المسلحين الإرهابيين خلال الليل الفائت، وتمكن عناصر المركز بعد اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة، من إيقاع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين المهاجمين، فيما لاذ الباقون منهم بالفرار.
وأوضحت قيادة الجيش في بيان آخر «أنّ الجيش اللبناني يخوض منذ يومين معارك ضارية في منطقة جرود عرسال ضدّ مجموعات مسلحة من الإرهابيين والتكفيريين على أكثر من محور، حتى الآن أنهى الجيش تعزيز مواقعه العسكرية الأمامية، وتأمين ربطها ببعضها البعض ورفدها بالإمدادات اللازمة، وتعمل وحدات الجيش حالياً على مطاردة المجموعات المسلحة التي لا تزال تمعن في استهداف العسكريين والمدنيين العزل في بلدة عرسال». وأضاف البيان: «سقط للجيش حتى الآن 14 شهيداً بالإضافة إلى 86 جريحاً، وفقد 22 عسكرياً، يعمل الجيش على البحث والتقصي عنهم لكشف مصيرهم».
وقد استباح المسلحون البلدة وجابت آليات تحمل رشاشات ثقيلة شوراع البلدة فيما قام المسلحون بتصفية من يخالفهم الرأي حيث قاموا بإعدام حسن حسين الحجيري وولديه قبل أن يجبرهم الجيش على الانسحاب من رأس السرج وذلك بتهمة تعاونهم مع الجيش اللبناني.
كما قام المسلحون بالسطو على المنازل والمحال التجارية لا سيما محال بيع الخطوط الهاتفية وفق ما ذكر أحد أهالي عرسال خلال اتصال هاتفي معه.
وفي هذا الوقت، خرج عدد كبير من أهالي عرسال والنازحين السوريين، وقامت آليات للجيش اللبناني بنقل هؤلاء وأغلبهم من النساء والأطفال، بعدها منع المسلحون أهالي البلدة والنازحين فيها من الخروج من عرسال.
كما توجه مساء أمس وفد من هيئة العلماء المسلمين إلى عرسال لمحاولة التوصل لوقف إطلاق النار.
كما ذكرت المنار أن الارهابيين اعدموا المواطن حسن حسين الحجيري واثنين من ابنائه قبل انسحابهم من رأس السرج بعرسال.
وإمعاناً في استهداف أمن واستقرار المنطقة أطلق المسلحون صاروخين سقطا في بلدتي النبي عثمان واللبوة واقتصرت الأضرار على الماديات.
كما خرج عدد كبير من أهالي عرسال والنازحين السوريين وقامت آليات للجيش اللبناني بنقل هؤلاء وأغلبهم من النساء والأطفال بعدها منع المسلحون أهالي البلدة والنازحين فيها من الخروج من عرسال.
وقد استباح المسلحون البلدة وجابت آليات تحمل رشاشات ثقيلة شوراع البلدة فيما قام المسلحون بتصفية من يخالفهم الرأي حيث قاموا باعدام حسن حسين الحجيري وولديه قبل ان يجبرهم الجيش على الانسحاب من رأس السرج وذلك بتهمة تعاونهم مع الجيش اللبناني .
تشييع شهداء الجيش
وما زالت المناطق والبلدات اللبنانية، تستقبل جثامين أبنائها العسكريين الشهداء، الذين قضوا خلال المواجهات مع المجموعات المسلحة في منطقة عرسال البقاعية. اختلط الحزن بالفخر والغضب لدى الأهالي، عند تشييع أبنائهم الذين لفّهم علم لبناني على امتداد الوطن، ووحدهم شعار الشرف والتضحية والوفاء على اختلاف انتماءاتهم.
وقد شيعت منطقة الطريق الجديدة، في مأتم مهيب أمس، المقدم في الجيش نور الدين الجمل، وقد نقل جثمان الشهيد من المستشفى العسكري قبل الظهر في اتجاه منزل ذويه ثم في اتجاه منزله في محيط الجامعة العربية. وتقدم موكب التشييع أخوة الشهيد وعائلته وأقرباؤه والأصدقاء وحشود من أهالي المنطقة، ليسجى جثمانه في مسجد الخاشقجي في منطقة قصقص، وسط مشاركة واسعة لوحدات الجيش والعناصر الأمنية، قبل أن يوارى الثرى في مدافن الباشورة بعدما أدت له فرقة موسيقى الجيش تحية الوداع.
بدورها، شيعت قيادة الجيش في بلدة العقبة – قضاء راشيا بحضور حشد من الأهالي ورفاق السلاح المجند خلدون حمود. وألقى العقيد مارون منير ممثلاً نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي كلمة أشاد فيها بـ«مسيرة الشهيد وبتضحياته الجسام في خدمة الجيش والوطن»، وقال: «كونوا على ثقة بأنّ الجيش لن يفرط قيد أنملة بدماء شهدائه وشهداء مواطنيه، وإنّ الاقتصاص من القتلة المجرمين قرار حتمي لدى قيادة الجيش، وهو آتٍ لا محالة».
كما شيعت بلدة العقبة وقيادة الجيش ومنطقتا راشيا والبقاع الغربي المجند خلدون رؤوف حمود الذي استشهد في الاشتباكات التي خاضها الجيش ضدّ المجموعات الإرهابية في منطقة عرسال.
وأقيمت مراسم التشييع وسط حضور شعبي كبير من قرى المنطقة التي أعلنت «تضامنها مع الجيش في تصديه للمجموعات الإرهابية المسلحة التي لا تفرق بين مواطن وآخر». واستقبل جثمان الشهيد لدى وصوله إلى بلدته بنثر الورود والرز. وأقيم احتفال تأبيني حاشد تقدمه العقيد مارون منير ممثلاً وزير الدفاع وقائد الجيش، الذي ألقى كلمة نوّه فيها بمزايا الشهيد، وقال: «مرة جديدة يكون الجيش بالمرصاد لكلّ المجرمين والعابثين بأمن الوطن ويقدم الشهداء ذوداً عن الوطن والشهيد خلدون رؤوف حمود أظهر براعة واستبسالاً في التصدي في ساحة المعركة في مواجهة الإرهابيين في محيط عرسال».