«الحرب الإسرائيلية» ومعادلة الصواريخ

محمد حمية

تعود المخاوف من حرب «إسرائيلية» على لبنان أو على سورية إلى الواجهة من بوابة الجولان السوري المحتل بعد جولة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومواقفه التصعيدية بأن الجولان أرض «إسرائيلية» ولن نتخلى عنها.

أصحاب نظرية الحرب «الإسرائيلية» ينطلقون من أن «إسرائيل» تعتبر أن الواقع السوري بعد 5 سنوات من الحرب لم يأت لمصلحتها، رغم كل ما خلفته هذه الحرب من دمار وقتل وتهجير واستنزاف للدولة السورية ولمحور المقاومة وتعتبر أن صمود النظام والجيش السوري الذي يشكل خطراً استراتيجياً على كيانها وتدخل حزب الله العسكري في مختلف الجبهات معه ثم التدخل الروسي الجوي، عوامل فرضت معادلات جديدة فاجأت «إسرائيل» التي كانت تتوقع سقوط النظام في غضون أيام، كما حصل في دول عربية أخرى، ويرى أصحاب هذه النظرية أيضاً أن «إسرائيل» تريد شن حرب محدودة على حزب الله أو على سورية لفرض السلام التي تريده تحت رعاية دولية من خلال دفع التسويات التي فشلت في التوصل إليها خلال الإدارات الأميركية المتعاقبة لا سيما الاحتفاظ بالجولان المحتل وغيره من الأراضي العربية المحتلة ونزع سلاح حزب الله أو على الأقل انتزاع ضمانات أمنية دولية بشأن تهديد صواريخ الحزب الاستراتيجية على كيانها.

التهديدات بشن الحرب ورد على لسان العديد من المسؤولين في «إسرائيل» بشكل علني أو من خلال تسريبات صحافتها، وكان آخرها ما نقلته «>يديعوت أحرونوت» أمس عن نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش «الإسرائيلي» يائير جولان أنه حذر «حزب الله» من أنّ أي «حرب مقبلة قد تندلع بين «إسرائيل» ولبنان ستكون عواقبها وخيمة ومدمّرة». وأوضح أن «حزب الله» طوّر قدراته التي تشكّل تهديدًا غير مسبوقاً لـ«إسرائيل»، لافتاً إلى أنّ «الحزب يمتلك 100 ألف صاروخ ضمن ترسانة الأسلحة لديه». وأكد جولان أن «الحرب المقبلة ستكون أكثر قسوة وحدّة من جميع الحروب التي اختبرتها «إسرائيل» في غضون العشرين عاماً الماضية».

لكن هل تستطيع «إسرائيل» الذهاب إلى هذه الحرب وبالتالي هل هي قادرة على ضمان نتائجها لصالحها؟ وهل يحتمل العالم حرباً «إسرائيلية» في المنطقة في ظل الحرب الدولية على الإرهاب الذي بات يشكل التهديد الأول للعالم؟

يستبعد خبراء عسكريون في حديث لـ«البناء» أن تنفذ «إسرائيل» تهديداتها بشن هذه الحرب، ويذكرون بالمعادلات الأخيرة التي كشفها الأمين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصر الله، لا سيما إعلانه بأن «المقاومة تملك لائحة كاملة للمفاعلات النووية ومستودعات الرؤوس النووية وغيرها من المواقع الحساسة في الكيان «الإسرائيلي»»، لا سيما مواقع غاز «الأمونيا» في حيفا. ويلفتون إلى أنه حتى لو قررت «إسرائيل» الحرب على حزب الله أو على سورية فلن تثنيها الحرب العالمية القائمة على «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية، لأنها ليست شريكة في الحرب على الإرهاب بل هي تستثمر عليه لتحقيق مصالحها على الحدود مع لبنان وسورية والأردن ومع قطاع غزة، كما أنها معنية بالحرب على المقاومة والدولة السورية وهي اتخذت إجراءات حدودية مع سورية منذ فترة طويلة لضمان أمنها من خلال عقد اتفاقات مع التنظيمات الإرهابية لا سيما مع «الجيش الحر» و«النصرة» وغيرهما.

ويستبعد دبلوماسي سابق في حديث لـ«البناء» أن تتجرأ «إسرائيل» على شنّ حرب على حزب الله في ظلّ المعادلات الإستراتيجية المتتالية التي فرضها حزب الله على «إسرائيل» والتي منعت الحرب منذ ما بعد حرب تموز عام 2006 لا سيما معادلة الصواريخ البعيدة والمتوسطة المدى التي تطال مدن فلسطين المحتلة كلّها، وبالتالي ثبت لـ«إسرائيل» أنه من الصعب القضاء على حزب الله عبر الحرب العسكرية، وبالتالي لن تذهب إليها من دون نتائج مضمونة بالانتصار، ويلفت المصدر إلى تزامن حديث نتنياهو عن ضمّ الجولان وموعد استمرار مسار الحوار في جنيف، ويشدد على أن الموقف «الإسرائيلي» الأخير من الجولان نتيجة طبيعية للواقع العربي المزري بعد ما يُسمى الربيع العربي. ويعتبر أنّ صواريخ حزب الله هي محور الخلاف بين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما لفشل الأخير في انتزاع ضمانات من إيران بعد توقيع الاتفاق النووي بعدم تهديد هذه الصواريخ لها، ويسأل المصدر كيف يصبح تنظيم «داعش» فزّاعة العالم بعد أن كان أداة له للتخلص من الأنظمة العربية بينما لا تشعر «إسرائيل» بهذا الخطر؟ وكيف يشنّ هذا التنظيم عمليات إرهابية في أنحاء العالم كلّها ولم ينفذ عملية واحدة في «إسرائيل» أو يستهدف مصالحها في العالم؟

لكن من جهة أخرى، لا شك في أن «إسرائيل» عاجزة عن التأقلم مع المتغيرات وعن تقبُّلها، وعاجزة عن خوض حرب فتذهب للتلويح بأوراق قوة لاستدراج عروض تهدئة من الدول الكبرى هذا ما تقوله على الأقل حالة التزامن بين التصعيد «الإسرائيلي» حول وضع الجولان وزيارة نتنياهو إلى موسكو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى