من أبرز قياديي الحزب في سورية الجنوبية الأمين صالح علي سوداح

إعداد: لبيب ناصيف

عرفت الأمين صالح سوداح منذ توليه مسؤولية رئاسة مؤتمر ملكارت عام 1969، ثم تباعاً عبر توليه للعديد من المسؤوليات المركزية.

واستمرت اتصالاتي به، بعد مغادرته لبنان: في مخيم النيرب في حلب، في دولة الإمارات، فعودة الى حلب، الى ان وافاه الاجل.

من المؤسف أنّ الأمين صالح لم يدوّن مذكراته، وقد كتبتُ له كثيراً، فهي غنية على صعيد سيرته الشخصية، خاصة كمحام قدير عمل في الأردن ثم في دولة الإمارات، ومسيرته الحزبية، وكان تولى مسؤوليات مركزية، منها رئاسة مجلس العمد، وانتخب أكثر من مرة عضواً في المجلس الأعلى، مرافقاً بذلك الكثير من محطات هامة في تاريخنا الحزبي.

هذه النبذة لا تغطي سيرته الغنية، شخصياً وحزبياً، ولا تفي كامل حضوره، انما هي تقدّم إضاءة متواضعة، ودعوة لأحد من أبنائه: الرفيق سعادة او الرفيق غسان لوضع السيرة الكاملة عنه.

ولد الأمين صالح سوداح في 20/08/1932 في ترشيحا 1 قضاء عكا. وتهجّر عام 1948، بعد نكبة فلسطين الى «مخيم النيرب» في حلب.

بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة ترشيحا، ثم انتقل الى ثانوية عكا، وتابع دراسته في «مخيم النيرب».

انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي في 21 آذار 1951.

تولى مسؤولية ناموس مديرية الشهيد فيصل ناصيف 2 التابعة لمنفذية حلب.

انتقل الى دمشق لمتابعة دراسة الحقوق، وفيها انتظم في منفذية الطلبة.

غادر الى الكويت في ايلول 1955 وهو كان ما يزال في السنة الأولى حقوق.

تولى في الكويت مسؤولية آمر حلقة من خمسة أعضاء، ثم مديراً للمديرية السادسة، فناظراً لإذاعة المنفذية، فمنفذاً عاماً لها.

انتقل الى عمان حيث عمل في حقل المحاماة، وفي أواخر العام 1969 استدعي لتولي رئاسة المحكمة الحزبية العليا.

تولى رئاسة مؤتمر «ملكارت» عام 1969 وهو المؤتمر الأول الذي يعقده الحزب بعد خروج القيادة الحزبية من الأسر.

انتخب عام 1971 عضواً في المجلس الاعلى.

في ربيع العام 1972 عاد الى عمان للعمل في حقل المحاماة ثم غادرها الى الإمارات العربية المتحدة عام 1973.

منح رتبة الأمانة عام 1977.

عيّن عام 1979 رئيساً لمجلس العمد وعميداً للداخلية.

انتخب لعضوية المجلس الأعلى، مرة ثانية لدورة عام 1988 1992.

عاد مجدّداً الى الإمارات العربية، حيث عيّن مستشاراً قانونياً في المؤسسة العامة للصناعة في ابو ظبي.

ترجم كتاب «التاريخ القديم للشعب الاسرائيلي» للكاتب «توماس طومسون»، الصادر عن دار بيسان، وكتاب «الديانة اليهودية، وطأة ثلاثة آلاف سنة»، للمؤلف «اسرائيل شاحاك». وله دراسات وأبحاث عديدة، وكان يتمتع بثقافة عقائدية متقدّمة وعمقاً في فهم دستور الحزب وقوانينه.

اقترن الأمين صالح من السيدة نظمية حيدر وأنجب منها 9 أولاد: 6 ذكور و3 إناث، منهم الرفيقان سعادة 3 وغسان.

وفاته

كان الأمين صالح قد أصيب بداء القلب وأجرى أكثر من عملية جراحية. الى أن وافته المنية بتاريخ 07/01/2004، وهو في الإمارات العربية المتحدة، وفيها ووري الثرى بعيداً عن فلسطين التي أحبّها، وعن حلب حيث ترعرع، وعن لبنان الذي أمضى فيه ردحاً من الزمن ملبّياً نداء حزبه مراراً لتولي المسؤوليات المركزية فيه.

نعاه حزبه السوري القومي الاجتماعي ببيان جاء فيه:

عرف الأمين الراحل بمناقبيته وبسعة اطلاعه وبمساهماته الفكرية العديدة، وبنضاله الدؤوب في سبيل انتصار القضية السورية القومية الاجتماعية. هجّر من فلسطين لكنه أبى ان تغادره هي، فسكنت في ذاته.

وتقبّلت قيادة الحزب 4 التعازي بوفاته في قاعة «النهضة» البريستول التي شهدت تدفق العدد الكبير من الرسميين والوزراء والنواب وممثلي الأحزاب والقوى السياسية والقيادات العسكرية مع حشد من رفقاء الأمين الراحل وأصدقائه.

وكان في مقدمة المعزين كما أوردت مجلة «النهضة» في عدد كانون الثاني شباط 2004:

الوزير د. ميشال موسى ممثلاً رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، النائب علي بزيّ ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس حسين الحسيني، النائب د. قاسم هاشم، خالد نجم ممثلاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، النائب السابق د. عدنان الطرابلسي، مدير عام مصلحة مياه الليطاني ناصر نصرالله، نقيب أطباء لبنان د. محمود شقير، د. نبيل الخطيب منتدى حرمون ، علي فيصل الجبهة الديموقراطية، الحاج جميل حايك أمل ، أبو حسن الصاعقة ، غانم صالح المجلس الثوري ، جمعة العبدالله القيادة العامة ، حسن شلحة ومحمد عز الدين حزب الاتحاد ، أبو فادي حمّاد على رأس وفد ، غازي خميس وخضر طه حزب الرزكاي الكردي اللبناني ، موريس نهرا رئيس المجلس الوطني في الحزب الشيوعي ، عبد فتوني عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي ، نعيم القلعاني رئيس هيئة مقاطعة البطائع الاميركية ، وفد من «رابطة أبناء ترشيحا» ضمّ كلا من: رئيس الرابطة الحاج منيب صبحية، وفيق قبلاوي، سمير حيدر، عبد الهادي حيدر، نبيل حيدر، علي سوداح، وعفيف سوداح وجمع كبير من الشخصيات السياسية والنقابية والاجتماعية وفاعليات وممثلين عن القيادات العسكرية مع حشد كبير من رفقاء الأمين الراحل وأصدقائه.

وقد تلقى رئيس الحزب برقيات تعزية من النائب محمد كبارة واللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية الشعبية الاحواز.

وبالمناسبة ألقى د. يوسف أبو بكر عديل الأمين الراحل كلمة قال فيها:

لقد جمعتني مع أخي صالح سوداح، علاقة فكرية كانت سلسلة من المطارحات المتبادلة، بمعنى أنها كانت مطارحات «غرام» فكرية أكثر منها مساجلات.

كان لقاءً وجدانياً، فكرياً وروحياً، قبل أن تتلاحم أواصر النسب بيننا. وهذا ما عزز أوقات التواصل التي أصبحت أطول وأطول.

عرفته «رجل المناسبات» التي توّجت تاج القوميين، وكان بالنسبة لي، أخاً صالحاً، عاش صالحاً ومات صالحاً.

لم آت… مضيفاً أو ضيفاً أو مستقبلاً، جئت وانا الرجل الذي عرفكم عن قرب، وقدّرّكم عالياً، لأشهد عظمة حزب نهضوي حدّثني كثيراً عنه.

باسمي وباسم العائلة، جئنا اليوم لنتعزّى ببعضنا البعض، وكلّ من عرفه، جاء ليتعزّى وليس ليعزّي.

شهادة من صديقه ورفيقه الأمين ربيع الدبس

قدم الأمين ربيع الدبس بتاريخ 29/10/2014 هذه الشهادة الصادقة عن الأمين الراحل صالح سوداح:

هو من مواليد ترشيحا الجليل/ فلسطين. لم يعرف سعاده شخصياً بل أدركه فكراً وموقفاً بدءاً من عام 1949. قال لي الأمين سوداح عدة مرات: «بالنسبة لي، لم يؤثر فيّ الزعيم أنطون سعاده بطرحه عن الوحدة السورية ولا عن فصل الدين عن الدولة… ما أثّر في نفسي بعمق حقيقي إيمانه الصادق بقضية لم يتردّد في الاستشهاد من أجلها».

تسلّم الأمين صالح سوادح مسؤوليات مركزية عديدة منها:

رئيس المحكمة الحزبية رئيس المؤتمر الحزبي عام 1969 الذي عقد في فندق ملكارت رئيس مجلس العمد عميد الداخلية المندوب المركزي لمندوبية شرقي أفريقيا التي كنت أنا ناموسها في الثمانينات من القرن الماضي. وكثيراً ما استعرضنا في الليالي الطوال نظرة حركتنا الى آثار المبدعين الكبار في تراثنا القومي القديم والوسيط والحديث.

عمل الأمين سوداح محامياً ومستشاراً قانونياً لعدة مؤسسات في الأردن والخليج العربي. أقام فترة في بيروت، وكان لسنوات عديدة يقضي مع عائلته موسم الصيف في مدينة حلب، ورغم كونه متأثراً وممارساً لبعض الطقوس الدينية، إلا انه كان محباً للكأس، يشربها «ويسكيّة» حتى الثمالة، مع أنه كان يعرف أضرارها، حتى صحّ فيه قول شاعر الخمرة الأول:

وكأسٍ شربتُ على لذةٍ

وأخرى تداويت منها بها

كان «أبو سعاده» ملماً بالتاريخ، القومي والعام، قارئاً نهماً، وذا عقلٍ تحليلي منظم. وهو من القلائل بين نُخب الحزب المثقفة، الذين ركّزوا على ان لا حتميات في المذهب القومي الاجتماعي فكرياً وعملياً، لأنّ الثوابت لا تلغي المتغيّرات ولا تتنافى مع حركة الحياة المفتوحة على التطور، وفقاً للحقائق المكتشفة والمنهج العلمي الذي يتقدّم على ما عداه.

صالح سوداح سكنه الحزب المشغوف بفلسطين، بوصفها تعبيراً عن الحق القومي الصارخ في سورية الجنوبية، وهو الحق الذي ما زال حتى اليوم مصلوباً على جلجلة الاستعمار العالمي الذي لم تحقق الحركة الصهيونية أخطر حلقات مشروعها الا بعد ارتباطها به وهو الاستعمار الذي يرتدي كلما اقتضى الانحياز للعدو لبوساً عنوانه «أمن إسرائيل والسلم الدولي» والسلوكيات المشينة في حق الشعوب وحقوق الانسان ولو استلزم ذلك كلّ ما في مراكز الأبحاث وخلايا التفكير من المخططات الجهنمية والمعايير المزدوجة في السياسة والإعلام والمواقف المخجلة حتى داخل أروقة المنظمات الدولية، وعند تحريف مواثيقها أو تسخيف فلسفتها المتعلقة بكرامة الإنسان وكونه قيمة عليا.

«التاريخ القديم للشعب الاسرائيلي» كتاب توماس د. طومسون كان نقله الأمين صالح سوداح الى العربية وصدر عن «بيسان للنشر والتوزيع» عام 1995.

المقدمة للأمين د. يوسف كفروني، والتقديم للأمين صالح سوداح.

كتاب غني بالمعلومات ويصحّ ان يقرأه كلّ مهتمّ بموضوع صراع أمتنا مع العدو اليهودي،

يقول الأمين سوداح في تقديمه للكتاب:

«منذ ما يزيد على ثلث قرن، كانت الترجمة من العربية الى الانكليزية وبالعكس جزءاً من عملي، وقد ترجمت خلال هذه الفترة آلاف التقارير والرسائل والوثائق القانونية، وباشرت منذ سنوات ترجمة مجموعة من القصص القصيرة للكاتب الايرلندي جيمس جويس، وتوقفت عندما علمت انّ استاذاً للأدب الانجليزي في لبنان قد باشر ترجمة نفس القصص. وبالإضافة لما تقدّم، ترجمت مجموعة من القصائد لشاعر أفريقي، نشرتها مجلة «فكر» عام 1979، كنموذج من الأدب الإفريقي الحديث.

هذا وقد قرأت العديد من الكتب المترجمة من الإنجليزية الى العربية، والعديد من الكتب المترجمة من لغات اخرى، لا سيما الروسية ديستويفسكي وتولستوي وغيرهم ، الى الانجليزية، وقد توصلت الى قناعة بأنّ دور النشر التي تحرص على جودة الترجمة ودقتها قليلة جداً، وانّ بعضها لا يتورّع عن نشر ترجمات بلغة ركيكة تزعج القارئ اكثر مما تقدّم إليه من معلومات.

فلم اعتبر نفسي مترجماً ابداً، وما دفعني الى ترجمة هذا الكتاب هو موضوعه، فقد لمست من خلال مطالعتي لبعض الكتب المنشورة حديثاً عن تاريخ سورية الطبيعية القديم وبعض ما يتفرّع عنه، مثل مخطوطات البحر الميت، بأنّ في الاوساط الأكاديمية في اوروبا وأميركا، من لم يعد يعتبر التوراة عنواناً للحقيقة، ويشكك بسلامة اعتمادها أساساً للتأريخ، كما فعلت مدرسة اللاهوت التوراتي، والدراسات التوراتية والعديد من الفئات البروتستانتية، وبعض المؤرّخين في القرنين، الماضي والحالي.

كتاب توماس ل. طومسون، تناول موضوع تاريخ إسرائيل واصولها بصراحة وموضوعية وأشبعه تمحيصاً وتحليلاً. طبعاً، تحمّست لترجمة الكتاب عندما علمت انّ الأوساط الصهيونية منزعجة لصدوره وتقاوم انتشاره، وتضاعفت حماستي عندما علمت انّ المؤلف، وهو أستاذ علم الآثار في جامعة ميلووكي فد فقد وظيفته بضغط من أوساط اليهود، ويضاف الى هذا انّ ما نشر حول هذا الموضوع باللغة العربية، لا يذكر.

أبادر الى الاعتراف بأنّ عملية الترجمة لم تكن سهلة ابداً، ولكني حرصت رغم ذلك على الوفاء بوعد قطعته للصديق الدكتور يوسف كفروني، ولشعوري بضرورة إطلاع القراء في بلادنا والعالم العربي على مثل هذه الآراء والدراسات التي يبدو لي أنها آخذة في الانتشار في الأوساط الفكرية في الغرب. وقد حرصت ان تكون الترجمة أمينة الى أقصى حدّ، ولم أتصرف إلا في حالات نادرة، رغم قناعتي بأنّ المترجم الحق هو من يتصرف عند الحاجة. ملاحظات المؤلف لم أترجمها لأني باستعراضها وجدت أنها تشير الى مراجع لم تترجم الى العربية ولا يعرف معظم القراء عنها شيئاً، وبالمناسبة، معظمها مراجع ألمانية وعبرية.

وختاماً اتوجه بالشكر الى الصديق الدكتور يوسف كفروني لأنه أتاح لي هذه الفرصة، والى الأخ علي المير لما قدّمه من عون في ترجمة التعابير والمصطلحات الألمانية، والأخ عبده جبور لمساعدته في ترجمة الفصل الأخير. وآمل ان يحفز هذا الكتاب دارسين من بلادي لمتابعة هذا الموضوع الهامّ، لوضع حدّ لهيمنة الأساطير والخرافات على تاريخ البشرية عامة، وتاريخ سورية بشكل خاص.

هوامش

1 انتمى العديد من أبناء ترشيحا الى الحزب، وخاصة من عائلات سوداح، شريح وقبلاوي، وسقط منهم شهداء، يصحّ أن يكتب تاريخ العمل الحزبي فيها.

وأوردت عنها في النبذة عن ثانوية حزور والرفيق فهمي شريح. للاطلاع على النبذة مراجعة أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

2 من شهداء الحزب. مراجعة النبذة المعمّمة عنه على الموقع المذكور اعلاه.

3 كاتب وشاعر وصحافي. عمل في صحافة الحزب في الوطن ونشط حزبياً، متولياً مسؤوليات في حقلي الاذاعة والثقافة. غادر الى تورنتو وما زال مقيماً فيها.

4 تمثلت في حينه برئيس الحزب الامين جبران عريجي، نائب الرئيس الأمين محمود عبد الخالق، رئيس المكتب السياسي الأمين أسعد حردان وبأعضاء من المكتب السياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى