قزي: لو توفرت الحماية الاجتماعية لكلّ فئات المجتمعات العربية لما وصلت إلى ما وصلت إليه
افتتحت الجمعية العربية للضمان الاجتماعي أعمال ورشة العمل التي تنظمها لثلاثة أيام في فندق «فور بونتس» ـ فردان عن «الدراسات الاكتوارية في خدمة الضمان الاجتماعي»، برعاية وزير العمل سجعان قزي وقد مثلته مفوضة الحكومة جومانة حيمور، في حضور رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي روجيه نسناس، رئيس المكتب التنفيذي للجمعية المدير العام للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي، ممثل منظمة العمل العربية حمدي أحمد، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، نائب رئيس غرفة الصناعة والزراعة والتجارة في بيروت وجبل لبنان محمد لمع وحشد من رؤساء الاتحادات النقابية ومؤسسات الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية في العالم العربي.
بعد الافتتاح بالنشيد الوطني، قدمت للورشة مديرة العلاقات العامة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جمال بري التي أشارت إلى «أنّ التطورات الكبرى التي تشهدها مجتمعاتنا والتعقيدات والمشاكل العميقة التي ترافقها تستوجب من الدول إنشاء مراكز أبحاث عصرية وإيلاء الدراسات، خصوصاً الاكتوارية التي تعنى بموضوعات وقطاعات حيوية وأساسية في مجتمعاتنا الاهتمام الكافي لتشكل مدخلاً علمياً لفهم تلك المشاكل ووضع الخطط المناسبة لها».
ثم تحدث احمد لافتاً إلى «أنّ سياسات الضمان الاجتماعي ليست منعزلة عن سائر السياسات فجميع السياسات الاجتماعية هي، في نهاية المطاف، جزء من سياسات التنمية الوطنية التي لا تتوقف عند مستوى محدد بل إنها عملية مستمرة وتسعى إلى تحقيق رؤية مجتمعية عن الطريقة التي ينبغي للناس أن يعيشوا ويعملوا بها، وكذلك يجب أن تتماشى نظم الضمان الاجتماعي مع الأهداف العامة للتنمية المستدامة عبر نظام فاعل وشامل يصل إلى الجميع بفاعلية وكفاية واستمرار».
وأضاف: «إنّ كلّ قوانين التأمينات والمعاشات في العالم ومنها بلادنا العربية تنص على إجراء فحص اكتواري للمراكز المالية لأنظمة التامينات والمعاشات بصفة دورية تراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وبالتالي ينبغي على كلّ القائمين على أنظمة التأمينات والمسؤولين في الحكومات عدم إقرار أي مزايا تأمينية أو اتخاذ قرارات تتعلق بها إلا بعد إجراء دراسات اكتوارية ومعالجة متطلبات تلك المزايا والقرارات المزمع اتخاذها، وينبغي أن تكون الدراسات الاكتوارية تستهدف التوازن على المدى الطويل جداً، من خمسين إلى مئة عام مثلاً للحفاظ على حقوق الأجيال العتيدة، وكسب ثقة المؤمن عليهم الامر الذي سيؤدي إلى استقرار نشاط التأمينات والمعاشات، وسينعكس ذلك على الوضع والاستقرار الاقتصادي في الوطن ككل».
وألقى كركي كلمة أشار فيها إلى «أنّ الدراسات الأكتوارية هي نوع من العلوم التي تختص بالمستقبل، وتعتمد على مبدأ تخمين الأخطار من طريق استخدام الطرق الحسابية والإحصائية في تقدير «حجم الأخطار» في مجال الصناعات المالية والتأمين، من طريق دراسات وأبحاث علمية في هذا المجال. ومن أشهر التطبيقات على هذه الدراسات جداول الحياة والوفاة المستخدمة في شركات التأمين، بالإضافة إلى العديد من المواضيع التي تتركز على المستقبل ومنها:
الحساب والإحصاء، الاحتمالات، الاقتصاد، برمجة الحاسوب والتمويل. وقد ازداد الإقبال على هذا النوع من الدراسات في السنوات الاخيرة ولا سيما من قبل قطاع التأمين، ومؤسسات الضمان الإجتماعي ، والشركات المالية، وصناديق التقاعد والمعاشات، والشركات الاستثمارية».
ولفت إلى «أنّ أهم المخاطر التي تواجهها أنظمة الضمان الاجتماعي هي توفير الديمومة المالية لها، ومن هنا تبرز أهمية الدراسات الاكتوارية في ضمان استمرار هذه الأنظمة عبر المساهمة في اتخاذ القرارات المناسبة المبنية على معلومات دقيقة وبيانات وإحصاءات وتقييمات يؤمنها هذا النوع من الدراسات».
وأوضح أنّ هذه الورشة «تهدف إلى إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه أنظمة التقاعد في العالم العربي، وضمان الاستدامة المالية لأنظمة الضمان الاجتماعي. وتهدف أيضاً إلى التعرف الى المبادئ والمعايير الصادرة عن المنظمات الدولية حول الدراسات الأكتوارية ومدى إمكان تطبيقها على أنظمة التقاعد في العالم العربي، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على أهمية دور الميزانية الأكتوارية في تحقيق الاستدامة المالية، والحدّ من الأخطار المالية المستقبلية، وتحقيق أعلى عائد استثمار من المحفظة المالية».
ثم تحدثت حيمور مؤكدة أنّ وزارة العمل واكبت الجمعية «منذ انطلاقتها الأولى، بحيث افتتح مركز الجمعية في بيروت برعاية معالي وزير العمل سجعان قزي، الذي رعى جميع أنشطة الجمعية التي تمت خلال الاعوان 2014 – 2016. وهذا دليل على الأهمية التي توليها الوزارة للجمعية ونشاطها في مجال توفير الحماية الاجتماعية والعمل على توفير التواصل والتعاون بين مؤسسات الحماية الاجتماعية في الدول العربية».
وأضافت: «لا شك أنّ قيام مؤسسات الحماية الاجتماعية بممارسة نشاطها، يحتاج، في الدرجة الأولى، إلى توفير الموارد المالية، والتي ترتكز أولاً وأخيراً على الدراسات الأكتوارية، حاضراً ومستقبلاً. هذه الدراسات تدل على أهمية إدارة الضمان، والتي ترتكز، بالدرجة الأولى على الدراسات العلمية والمستقبلية».
وختمت: «ينبغي تأكيد أهمية مؤسسات الضمان الاجتماعي في توفير السلم الأهلي عبر العدالة والحماية الاجتماعية. والعديد من الأزمات التي يشهدها العالم العربي سببها عدم توفير هذه الحماية الاجتماعية، في الدرجة الأولى. فلو كانت هذه الحماية تطاول، بعدالة كلّ فئات المجتمعات العربية، لما كنا وصلنا إلى ما وصلت إليه حال الدول العربية من عدم الاستقرار، مع تأكيد دور الجمعية في العمل على محاربة البطالة التي أصبحت في معدلات مرتفعة حالياً، نتيجة للأوضاع الراهنة، سواء في لبنان، أو في اي دولة عربية أخرى».