«سيفو».. أنتِ في البال

نظام مارديني

ظلمان لحقا بـ «سيفو»، الاسم الذي أطلق على الإبادة الجماعية التي لحقت بأهلنا من السريان السوريين في العام 1915، والتي نفذها العثمانيون، مستخدمين السيوف والمرتزقة في هذه المجزرة الشنيعة.

الظلم الأول الذي لحق بـ «سيفو»، هو من وسائل الإعلام الدولية التي لاحقت أخبار الإبادة الأرمنية والتي قدّرت بمليون ونصف المليون شهيد، وهو رقم كبير نسبة إلى الإبادة التي لاحقت السريان، والتي قدرت أيضاً بـ 750 ألف شهيد. لقد تمّ تصنيف المذبحة السريانية كجزء من مذابح الأرمن، لذا لم تحظَ مذابح «سيفو» باهتمام كبير!

الظلم الثاني الذي لحق بـ «سيفو»، هو غياب الإعلام السوري عن ملاحقة الدولة التركية وفضحها على الصعيدَيْن، الحقوقي والإنساني، استكمالاً لتجريم هذه الدولة وملاحقتها في المحافل الدولية. فهل سيتمّ تعويض هذا الغياب من قبل الدولة السورية والبدء بجمع الملفات والشهادات من أسر وأفراد أحياء بهدف توثيق هذه الجريمة بحق أهلنا وشعبنا في المناطق المحتلة من قبل تركيا، لاسيما أن بعض السريان لا يزالون يحتفظون بصكوك ملكية أراضيهم وبيوتهم التي هجّروا منها بالقوة، على أمل أن يستعيدوا بالقانون لاحقاً ما خسروه بالإرهاب والقهر وحد السيف.

وكان قد أطلق على عام 1915، وهو السنة التي بدأت بها المجازر في منطقة طور عابدين، بـ»شاتو دسيفو»، أي «عام السيف» نسبة إلى المذابح التي ارتكبت بحق السريان، كما عرفت اختصاراً بـ «قطَلعَمّو» أي بمعنى «التطهير العرقي»، وكان من أهم المجازر المنضوية تحت اسم «مذبحة سيفو» بين عامي 1914 و1923، مجزرة دياربكر، ومجزرة طورعابدين، ومجزرة دير الزور التي هاجر إليها عدد كبير من السريان والأرمن هرباً من القتل، وغيرها العديد، ولا تزال العديد من العائلات السريانية تقطن في تلك المناطق، وتشكل نسبة كبيرة من السريان في الشمال السوري.

وهكذا فرغت أجمل المدن السورية القديمة التي لعبت دوراً مهماً في النهضة السورية: نصيبين، ماردين، حران وأورفا مركز اللغة السريانية، عدا عن «مديات» عاصمة أول مملكة آرامية تعود للقرن الثالث عشر ق.م. «مملكة بيت زماني».

ويعتقد المؤرخون أيضاً أن السبب الرئيسي وراء تورّط مرتزقة أكراد في المجازر هو الانسياق وراء حزب تركيا الفتاة الذين حاولوا إقناعهم أن المسيحيين الموجودين في تلك المناطق قد يهدّدون وجودهم، ما يشير إلى أن الحملة كانت متعمّدة ومقصودة من أجل تطهير عرقي ضد المسيحيين، وعبر استخدام الخيالة الحميدية المكوّنة من عشائر كردية للقيام بالإبادة.

وفي السنوات الأخيرة شهدنا اعترافاً من دول ومنظمات وأحزاب بالمجازر، كما قامت شخصيات وأحزاب كردية بالاعتذار عن دور الأكراد في مجازر السريان والأرمن مثل القائد عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني. وحزب المجتمع الديمقراطي.

إن ثقافة سيفو تطل علينا من جديد وإن تغيرت الوجوه والمسميات، لأن سياسة التطهير العرقي التي انتهجتها الحكومة التركية مازالت مستمرة، ولكن ليست على يد طلعت باشا، بل على أيدي أردوغان، وهي ستبقى كالأيقونة معلقة في أعناق أبناء الشعب السوري، لأن دماءنا غالية جداً، ولأننا شعب لن يغفر.

نحن شعبٌ لا يموت، لأن القتلة تناسوا بأنهم كلما صلبونا سوف نقوم من جديد مع كل قيامة ليسوع المسيح!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى