موغيريني: تركيا لا تزال بعيدة عن العضوية الأوروبية العلمانية في تركيا تتشظى لمصلحة الطائفية

88 عاما مرت على تطبيق العلمانية في تركيا، في بلد فاق عدد مسلميه الـ 90 من مجموع سكانه، بيد أن القيادة السياسية الجديدة للبلاد تسعى إلى محو إرث مصطفى أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

فقد عاد الحديث عن العلمانية في تركيا، مع صعود حزب العدالة والتنمية، المعروف بخلفيته الإسلامية، إلى هرم السلطة. لكن دعوة رئيس البرلمان التركي، إسماعيل كهرمان، إلى اعتماد دستور ديني في تركيا لعام 2016، وضع هذه المسألة في دائرة الضوء.

كهرمان، أثار بدعوته إلى أن يكون الدستور المقبل للبلاد «دينيا» جدلا كبيرا داخل تركيا وخارجها، بعد مطالبته بأن لا تكون العلمانية جزءا منه، مؤكداً أن تركيا هي بلد مسلم، وهو وَضْعٌ، حسب اعتقاده، يعزز الطابع الديني للبلاد.

ويستحوذ العدالة والتنمية على 317 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعدا. وهو بحاجة إلى 330 صوتا كي يطرح دستوره المقترح للاستفتاء، مما يعني أن عليه أن يكسب أصوات مشرعين من أحزاب أخرى.

فرئيس البرلمان والقيادي في حزب العدالة والتنمية، لم يمضِ أشهر على توليه المنصب بعد انقطاع 13 سنة عن العمل داخل أروقة البرلمان التركي، ليثير خطابُه عاصفةً سياسية جديدة بالبلاد بين الإسلاميين والعلمانيين.

فإثر تصريح كهرمان هذا، كتب زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أورغلو في تغريدة على حسابه بتويتر، مخاطبا القيادي في العدالة والتنمية «الفوضى التي تسود الشرق الأوسط هي ثمرة عقليات تقوم، كأمثالكم، بتسخير الدين كأداة سياسية»، مضيفا في السياق نفسه إلى أن هدف العلمانية هو تمكين الفرد من ممارسة ديانته بحرية».

ولطالما اتهمت المعارضة التركية، حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، بالسعي إلى أسلمة نظام الحكم والمجتمع في تركيا، لا سيما بعد أن نجح الحزب في التحكم بمفاصل الدولة منذ بدء صعوده إلى الحكم في عام 2002.

وقد ظهرت الحركات الإسلامية بالمشهد السياسي التركي رسميا منذ عام 1970، مع تأسيس حزب جديد تحت اسم «حزب النظام الوطني» لنجم الدين أربكان، الذي يطلق عليه البعض «أبو الإسلام السياسي» في تركيا، وتضمن خطابه آنذاك قبولا ضمنيا بالدولة التركية الحديثة وبالأساس القومي لتركيا.

ولكن في واقع الأمر، فإن برنامج هذا الحزب كان أكثر إسلامية من أي كيان سياسي تركي آخر منذ ولادة جمهورية أتاتورك، ليعلن عن فتح عهد جديد للحركة الإسلامية الحديثة في تركيا الجمهورية، خصوصا مع ظهور حزب العدالة والتنمية.

وهذا الخطاب الواضح للقيادي بحزب العدالة والتنمية ورئيس البرلمان التركي، ليس بمنأى عن تصريحات مشابهة لأعضاء الحزب المذكور، منذ إعادة انتخابه في تشرين الثاني، إذ ظهرت تصريحات منادية باستبدال الدستور التركي الحالي الذي سن عقب انقلاب عسكري عام 1980.

هذا ومن المؤكد أن الجدل بشأن اعتماد دستور ديني، سيثير تلك النعرات والحساسيات داخل المجتمع التركي بين رافض ومؤيد للفكرة في بلد يعاني اضطرابات سياسية عميقة.

وفي السياق، قال مصطفى شنتوب رئيس لجنة صياغة الدستور في تركيا للصحافيين أمس إن مسودة الدستور الجديد تحتفظ بمبدأ العلمانية وإن حزب العدالة والتنمية الحاكم لم يتطرق إلى حذفه.

في غضون ذلك، أعلنت منسقة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أمس، أن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيدا.

وأضافت موغيريني أن المحادثات مع تركيا حول انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، هي الفرصة الوحيدة لمساعدة تركيا على تحديث الدولة، والتقيد بأسس القانون، بما فيها حرية عمل وسائل الإعلام وحرية التعبير.

وقالت موغيريني لمصدر إعلامي ردا على سؤال حول توقيت انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي: «نحن بعيدون عن ذلك حتى الآن، كل شيء يعتمد على سير المفاوضات».

كما أشارت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد، إلى أن دول البلقان تجري مفاوضات حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنوات كثيرة، ولكنها «ما زالت بعيدة عن الانضمام».

هذا وعقد الاتحاد الأوروبي، في نهاية شهر آذار الماضي، اجتماعاً على مستوى القمة مع رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أغلو، لمناقشة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ومسألة اللاجئين، وتم التوصل إلى اتفاق تحصل بموجبه أنقرة على مزيد من المساعدات المالية في مقابل منعها تدفق اللاجئين إلى بلدان أوروبا.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي قد رشح ست دول للانضمام إليه، وهي: ألبانيا، وإيسلندا، ومقدونيا، وصربيا، وتركيا، والجبل الأسود، في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة إيسلندا مؤخراً، عن سحب طلبها للعضوية في الاتحاد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى