عباس: لا وجود لـ«الخطة باء»… وكل ما تستطيع أميركا فعله دَعمُ الإرهابيين

حاورها: سعد الله الخليل

ترى الدكتورة أشواق عباس، عضو مجلس الشعب السوري وعضو الهيئة التدريسية في جامعة دمشق، أنّ التطوّرات السياسية، وتبنّي السعودية وتركيا ما يسمى «جيش الإسلام» و«أحرار الشام»، والرضا الأميركي عن أدائهما الإرهابي، وما أثارته مشاركة ممثلين عنهم في المفاوضات السورية، كل ذلك لا يمكن أن يعطيها المشروعية السياسية.

وأضافت عباس في حوار مع «البناء» وشبكة «توب نيوز»: إنّ تبنّي أيّ دولة إقليمية أو دولية عظمى، فصيلاً أو مجموعة مسلّحة على الأرض، لا يعني أنّ هذا الفصيل مُنح الشروعية. وأوضحت أن السعودية إن دعمت فصيلاً ما وهي لاعب إقليميّ في المنطقة، فهذا لا يعني أن هذا الفصيل يملك حضوراً سياسياً.

وأشارت عباس إلى تصريحات الدكتور بشار الجعفري التي اتّهمت التنظيمين بالوقوف وراء التصعيد الميداني في سورية، وإثارة الوفد قضية مشاركتهم في المباحثات مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وهو ما يدلّ على محاولة لتقديم نموذج جديد لرجالات السلطة، أو لمن يجب أن يعملوا في السياسة.

وأوضحت عباس أنّ هناك مجموعات مسلحة وإرهابية منذ خمس سنوات تحاول الدول الإقليمية إطلاق تسميات متعدّدة عليها، إما «معارضة معتدلة» أو «معارضة مسلّحة معتدلة» و«معارضة داخلية» أو «خارجية»، وهو ما لا يلغي توصيفها إرهابية.

وتقول: إنّ مصطلح «المعارضة المسلّحة» حالة سياسية، لا بل قتالية اعتمدت عليها أطراف عدة في الميدان. خصوصاً من قبل السعودية وتركيا. ولذلك تحاول هذه الدول تحويل قيادات هذه الفصائل الإرهابية إلى قادة سياسيين.

وتابعت عباس: الذين وُصفوا إرهابين في جنيف مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، ليسوا زعماء بل إرهابيين. وهناك موقف واضح للدولة السورية، أن لا تفاوض مع هؤلاء الأشخاص الذين حملوا السلاح من خلال شعارات إرهابية، لا بل يجب إزاحتهم والقضاء عليهم.

وتعترض الدكتورة أشواق عباس على تسمية الإرهابي محمد علوش وتقول: لا يمكن أن أدعوه «كبير المفاوضين»، ولا أعتمد على هذا الاسم ولا يعنيني أبداً، ولا نسمح بأن تفاوض الدولة السورية هؤلاء. وتابعت: هناك من يحاول تبنّي شخصيات إرهابية تريد أن تذهب بها إلى جنيف بضغط دوليّ أولاً. وفي وقتٍ يجلس معهم دي ميستورا ويخرج ويقول ويدعوهم «ثوار»، أنا أرفض جداً هذا الوصف. هم من استهدفوا مواقع الجيش، ويسعون في جنيف للوصول إلى انتقال في السلطة، وإن فشلوا يعودون إلى صفتهم الإرهابية.

وأكّدت عباس أنّ «وفد الرياض» لا يشارك بأسماء أعضائه، بل بأسماء مشغليهم مثل السعودية. سورية تفاوض الدول الإقليمية والدول الكبرى لا هؤلاء، وأقوال المدعو رياض حجاب بالطلب من أميركا تأمين انتقال سياسيّ للسلطة خلال أيام كلام سعوديّ لا كلامه هو. السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما قدرة هذه الدول على فرض التغيير؟ لا ما قدرة أشخاص كهؤلاء؟

جنيف والميدان

عن دواعي القوى الإرهابية الذهاب إلى جنيف، أكدت عباس أن هذه القوى الإرهابية لم تذهب إلى جنيف إلا بعد شعورها بالضعف العسكري على الأرض. في حين تلتزم الدولة السورية بالقانون الدولي، ولذلك شاركت في جنيف رغم التقدّم الميداني على أكثر من جبهة.

وتابعت عباس: السعودية بدأت بالشعور بتخلّي المجتمع الدولي عنها، وهو سبب تصريحات مملكة آل سعود الاخيرة وما رافقتها من إهانة الرئيس الأميركي على الأرض السعودية، الناجمة عن الهستيريا السعودية في ما يخصّ الملف السوريّ لإفشال الرغبة الدولية بعد التنسيق الأميركي ـ الروسي لتسوية الملف السوري رغم غياب النضج الكامل لطريقة حلّ هذا الملف، ولم يصل إلى حدود الجدّية لعدم تأمين المصالح الأميركية حتى الآن.

وأضافت: منذ بداية الحرب على سورية، الأميركي أمّن للسعودية وقطر والأردن و«إسرائيل» وتركيا أمرين هامين هما: الدعم اللوجستي لإرهابييها، والمشروعية في الأروقة السياسية.

وتشير عباس إلى أن الحكومة السورية ذهبت إلى جنيف للتفاوض مع موفد الأمم المتحدة دي ميستورا لا مع مجموعات تتبع أجندة خارجية. وترى أن الأميركي ما زال مرتاحاً في ما يتعلق بالملف السوري، على عكس الوضع السعودي ـ التركي، كون خزائنه تمتلئ بالأموال السعودية لدعم تسليح المجموعات الإرهابية. كما أنه مرتاح لضعف الدولة السورية مقابل تنامي القدرة «الإسرائيلية».

وتابعت عباس: في حين أنّ القوى الإسلاموية مثل السعودية وتركيا باتت مستعجلة لإنهاء وضع الملف السوريّ نظراً إلى تراجع دورها دينياً، وخساراتها في الميدان، رغم أن السعودية مازالت في موقع القادر على الدعم والمواجهة معاً، ولكن ليس إلى ما لانهاية.

وترى عباس أن الأميركيين دعموا الحرب على سورية ظناً منهم أنها تشبه الحالة الليبية، لكنهم نسيوا أن الفرق يكمن بوجود الدولة قوية على الأرض السورية وهو ما شكّل فارقاً بين المثلين.

وتابعت: البراغماتية الأميركية تدفع لتأمين مصالح واشنطن في سورية، ولا تملك البعد الديني كما تملكه السعودية، لذلك تقارب واشنطن الآن مشروعاً آخر في مكان آخر، وبالتالي فإن مفاوضات جنيف غير مجدية حتى الآن، لعدم تواجد عوامل تقاربية فعلية.

لا «خطة باء»

وأشارت عباس إلى أن القوى الدولية لم تتوصّل إلى تحديد حسم مصالحها في سورية. وتواجه الحالة السورية عدم رضا القوى الاقليمية عن هذا التقارب. إذ إنها ما زالت تحاول التعطيل والتشويش. وغياب جدّية الطرف الآخر في مباحثات «جنيف» وعدم قدرته على قيادة عملية سياسية في سورية، فكل همه فصل السلطة لصالحه بغياب الرئيس بشار الأسد وهذا ما لم يحصل.

وعن «الخطة باء» التي تعدّها واشنطن في ظل التعثّر الواضح في المفاوضات، ترى عضو مجلس الشعب أشواق عباس أنّ هذه الخطة غير موجودة، ولم يتطرّق إليها أيّ مسؤول أميركي.

وأضافت: من الطبيعي أن تسقط بعض الطائرات في حرب كهذه بعد وصول مساعدات عسكرية لوجستية إلى المجموعات الإرهابية خلال الهدنة التي استعادت فيها هذه المجموعات قوّتها، وأعادت تركيب عديدها. أما الحديث عن «الخطة باء» فقد صرح وزير الخارجية الأميركي بأنها غير موجودة، وربما تقتصر على زيادة بعض اللوجستيات، وهو ما تكرّر خلال عدة فترات من مدّة الحرب على سورية. فهي لن ترتقي إلى مستوى حرب عسكرية أميركية مباشرة، ولكنها ستقتصر على الدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية، وهو وضع تستطيع الدولة السورية التعامل معه.

وأشارت عباس إلى توازنات مصالح الدول الكبرى على الأرض السورية. وأضافت: نحن الآن أمام تقارب روسي ـ أميركي يعني في مضمونه أن هناك شروطاً حكمت توازنات المصالح وأُنجزت في المنطقة. فالمسألة السورية تتأرجح بين وضع الاتفاق أو اللااتفاق، وهو ما يجعل المسار السياسي يبدو طويلاً.

لا خسارة ولا ربح

وفي حسابات الربح والخسارة لأطراف الحرب على سورية، ترى عباس أن أطراف الحرب على سورية لم تحقّق أهدافها الكبرى من تدمير الدولة السورية وإعادة هيكلتها بالشكل السياسي الذي ترغبه. لكنهم استطاعوا إنجاز بعض الأهداف عبر تدمير ممنهج للبنية التحتية، والانكشاف العسكري والأمني للجيش السوري، وتأمين دخول شبكات «إسرائيلية» تعمل على الأرض السورية وهي أهداف يمكن إعادة ترتيبها والتعامل معها. أما الاستفادة السورية من التحالفات، فقد وضعتها كقاعدة أساس لفرز التحالفات الدولية وتموضعها كبوابة للتحالفات الجديدة على المستوى الدولي. وهي اليوم جزء هام من اتفاق دولي.

مضيفةً أننا لسنا في موقع الرابح تماماً أو الخاسر تماماً، فما يُقال في الحروب ليس هناك رابح كامل أو خاسر كامل، يعرف بالتعبير السياسي «الحالة الصفرية». فالدولة السورية شهدت تدخلاً دولياً غير مسبوق حتى في الحروب العالمية الماضية. سورية أصبحت الضابط الأساس لإعادة صوغ العلاقات والتحالفات الدولية.

الأداء يعطي المشروعية

وفي ما بتعلق بالإضافة التي سيقدّمها وجودها في مجلس الشعب كونها ناشطةً في الشأن السياسي قبل الدخول إلى المجلس قالت عباس: المجلس هيئة تشريعية سياسية عاملة تُعدّ من أعلى المستويات رغم ما يوجّه إليها من انتقادات في السابق على وجه حق أو بغير وجه حق. فنحن عبر هذا الاستحقاق التشريعي واكبنا النصر العسكري بالنصر السياسي، رغم ما يتم طلبه من سورية من تسميات كبيرة عبر استدراج مفاهيم «الفدرالية» لاستكمال بعض الصيغ المطلوبة من الحرب على سورية. عضو مجلس الشعب هو موقع خدمي لا منصباً.

وأضافت: بعض الأخطاء كانت سبباً في بوابات تدخل في الحالة السورية كالبطالة والفقر وغياب المعايير وغيرها للاستعمال في استقطاب نقمة الشارع السوري، وقد نجح في استثمار بعض مكوّنات ذلك الشارع في الرأي العام. وهو ما يستدعي العمل من مجلس الشعب بعقل الفريق والابتعاد عن الشخصنة واعتبار المعيار الأساسي هو المواطن.

ورأت عباس أن الحكم الشعبي النهائي هو رهينة ما سيتم إنتاجه بعد فترة من الاجتماعات في المجلس مع وجود شخصيات خرجت من الأرض وتكتسب صورة جيدة شعبياً. مشيرة إلى أنه يجب اعتماد مبدأ التشبيك بين أعضاء المجلس لاختيار كتلة وازنة سياسياً وشعبياً تعتمد العمل المحاط بالدراسة من كل جوانبه التشريعية والاجتماعية والخدمية والقانونية التي تحقق هدفها. مختتمة حوارها بالقول إنّ الفعالية في المجلس هي التي تعطي الدوامية والمشروعية للعضو، والنتائج الحقيقية تُرى بعد أداء العمل كاملاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى