نتنياهو والجولان وتعاظم قدرات المقاومة والجيش السوري
كنان خليل اليوسف
أن يجتمع بنيامين نتنياهو بحكومته في الجولان السوري المحتلّ، رسالة أولاً إلى الداخل الاسرائيلي، فالمعروف أنّ شعبية نتنياهو متراجعة، وهو لا يزال في رئاسة الحكومة ليس بسبب شعبيته وإنما بسبب ضعف المعارضين له، وهو يستغلّ هذا التصرّف لشدّ الأنظار إليه ولرفع منسوب شعبيته، وثانياً هي رسالة إلى دول المنطقة مفادها أنّ «اسرائيل» لا تزال موجودة وقادرة على أن تكون شريكاً في رسم اللوحة الجديدة في الشرق الأوسط.
ثم أن المستغرب في تصريحات نتنياهو بضمّ الجولان وتاريخ «إسرائيل» حافل بالقفز فوق القرارات الدولية، ثم أنّ الاستفزاز الاسرائيلي من الجولان ومحاولات الحصول على اعتراف دولي بشرعية الاحتلال ما هي إلا شكل من أشكال الاستعراض بعد تراجع الدور «الاسرائيلي» في المنطقة، والبحث عن دور لها في أيّ تسوية مقبلة، وهذا ما بدا واضحاً من خلال التعويل على المفاوضات السورية التي تجري في جنيف، وما تمّ الحديث عنه عقب زيارة نتنياهو إلى روسيا، والترويج لصفقة ما بهذا الخصوص بين موسكو وتل أبيب الأمر الذي تجلى واضحاً في كلام مسؤول الساحة السورية في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «أنّ إسرائيل ستطلب في أيّ تسوية مستقبلية تقليص مسارات تمرير الوسائل القتالية من إيران إلى حزب الله».
ولكن ما هو الرادع لهذا الاستفزاز «الاسرائيلي»؟ إنّ ما يوقف العدوان إما الرادع العسكري او الرادع القانوني، ويبدو أنّ الرادع القانوني تتحداه «إسرائيل» على مدار عقود، فلم يبق إذن أمام محور المقاومة إلا الرادع العسكري، وهو موجود بطبيعة الحال ضدّ هذا الكيان، وإذا ما وقعت الواقعة سيتلقى العدو الاسرائيلي الدرس الذي لن ينساه، والمفارقة هنا أنّ كيان العدو يعرف جيداً حقيقة هذا الدرس. كيف لا يعرفه والرهانات «الإسرائيلية» على غرق المقاومة اللبنانية في المستنقع السوري وإسقاط الجيش السوري كلها فشلت وباعتراف مسؤول الساحة السورية في الاستخبارات العسكرية «الاسرائيلية» أيضاً الذي قال صراحة «إنّ التطلع الاسرائيلي إلى إلغاء أيّ تدخل إيراني في سورية يبدو غير واقعي، وأنّ الجيش السوري تعزز في الآونة الاخيرة»، وهو انقلاب واضح في مواقف «إسرائيل» التي لم تكن تتحدث بهذه اللهجة قبل عامين على الأقلّ، ففي وقت تنادي فيه «إسرائيل» بضمّ الجولان السوري تعاود للقول بأنّ التسوية السورية ستكون «إسرائيل» جزءاً منها، ما يعكس حالة من التخبّط الإعلامي والسياسي «الاسرائيلي» وعدم وجود استراتيجية واضحة ومحدّدة لدى هذا الكيان.
ولكن ما يثير الدهشة أنه وفي ظلّ الاعتراف «الاسرائيلي» بالضعف وفشل المشاريع هو تسابق الأنظمة الخليجية لفتح علاقات علنية مع «إسرائيل» كما تفعل السعودية اليوم دون خجل وتتحرك بكلّ ما أوتيت لزجّ المقاومة في خانة الإرهاب، وهذا ما ترحب به «إسرائيل» لأنه يخدمها في هذا التوقيت لكسب أنظمة باتت ترى في إيران العدوة لـ«إسرائيل» عدواً لها أيضاً، ولكن ليستبشر العرب خيراً لطالما جامعتهم لا زالت قادرة على الإدانة وآخر هذه الإدانات هي تصريحات نتنياهو المطالبة بضمّ الجولان السوري المحتلّ إلى «إسرائيل»، فمن يصدق أنّ هذه الجامعة التي تدين هي ذاتها التي صفقت للقرار السعودي بتجريم حزب الله بصفة الارهاب؟
فـ»إسرائيل» التي تحاول ضمّ الجولان عبر استعراض إعلامي من حكومة نتنياهو باتت تعرف جيداً مدى قدرات محور المقاومة، وهذا ما تخشاه في أيّ مواجهة مقبلة لأنها تعرف بأنّ هذه المواجهة لن تكون محدودة وهذا ما عبّر عنه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في أول ردّ فعل سوري رسمي على تصريحات نتنياهو بضمّ الجولان.
حينها قال المقداد «إنّ المعركة لتحرير الأراضي العربية المحتلة في لبنان وفلسطين وسورية هي معركة مترابطة»، ما يعني بأنّ أيّ حرب مقبلة مع «إسرائيل» ستكون شاملة، وهي حرب لن تحرم نتنياهو من الجولان فحسب بل ربما ستحرمه حتى من منزله الذي يسكن فيه.