الأكراد ومحاولات الإساءة لقضيتهم
حميدي العبدالله
يخطئ من يعتقد أنّ الأكراد ليس لديهم قضية قومية، أو أنّ قضيتهم هي مجرد قضية حقوق لغوية وثقافية على غرار بعض مكونات المنطقة الأخرى.
الأكراد شعب من أعرق شعوب المنطقة، وتتوفر له الكثير من علامات الأمة والقومية. فهو يعيش على أرض واحدة، حتى وإنْ خضعت لتقسيمات سياسية، ويتحدّث لغة واحدة حتى وإنْ كانت تنطوي على لهجات متباينة، فأيّ أمة في الأرض تعبّر عن لغتها بلهجة واحدة.
من حق الأكراد، حيث أنهم تمتعوا بشروط القومية والأمة أن ينالوا حقوقهم كاملة، وعلى أية حال إذا ما تمّ استثناء مسعود البارزاني فلا أكراد العراق، ولا أكراد تركيا ولا أكراد إيران وسورية طالبوا بالانفصال عن الدول التي هم جزء من كياناتها السياسية، جلّ ما طالبوا به عدم استبعادهم عن المشاركة الفعّالة في الحكم, والسماح لهم باستخدام لغتهم في المدارس وغيرها، وأقصى ما وصلوا إليه كان في العراق إقامة حكم ذاتي، تطوّر في التطبيق نتيجة للدستور العراقي الذي وضعه حاكم الاحتلال الأميركي بول بريمر، وأصبح وكأنه دولة مستقلة.
إذا كان من حق أكراد المنطقة نيل حقوقهم كاملة، ومطالبتهم بهذه الحقوق أمر مشروع، فليس من حقهم:
أولاً، أن يتحالفوا مع الشيطان لنيل هذه الحقوق. التحالف مع الشيطان هنا الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وكلّ الدول التي تطمح للسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها. من يتحالف مع الشيطان يتآمر على شعوب المنطقة ويسهّل سلب حقوقها المشروعة وفي مقدّمة هذه الحقوق السيادة. قد يكون مفهوماً ومبرّراً للأكراد، ولا سيما في سورية والعراق، أنّ يتحالفوا ويتعاونوا مع الولايات المتحدة وحلفائها لمحاربة «داعش»، ولكن لن يكون مفهوماً ومبرّراً لهم، أن يتحوّل هذا التحالف إلى عداء للحكومتين السورية والعراقية، وعندما يتحوّل هذا التحالف إلى قبول لكلّ المخططات الأميركية، لم يعد تحالفاً ضدّ الإرهاب وضدّ «داعش»، بل صار تعاوناً مع الشيطان بذريعة نيل الحقوق المشروعة.
وليس من حقهم ثانياً القيام بأعمال تطهير عرقي لشركائهم في المناطق المتداخلة سكانياً تحت أيّ ذريعة كانت.
حلفاء الأكراد الطبيعيين, إذا أرادوا نيل حقوقهم وعدم الإساءة إلى شرعية مطالبهم، هم شعوب هذه المنطقة، وأيّ إساءة لهذه الشعوب، أو عدم بذل الجهد الكافي لتمتين روابط الأخوة معها التي تكوّنت على امتداد مئات، بل آلاف السنين، يسيء للقضية الكردية، ويجعل من الأكراد أداة بيد القوى الدولية التي تسعى للهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها وسلب شعوبها، بما في ذلك الشعب الكردي، حقوق السيادية.