مقبل من موسكو: لبنان خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب

لفت وزير الدفاع سمير مقبل إلى «أنّ قضية الارهاب طرحت نفسها خلال السنوات الأخيرة وباتت همّاً كونياً يهدّد المجتمعات كافة»، مؤكداً أنّ لبنان «هو خط الدفاع الأول في مواجهة الهجمات الإرهابية الشرسة، وبحكم موقعه يعتبر بوابة لجزء كبير من دول شرق البحر المتوسط وفي صمود جيشنا الباسل على الجبهات الحدودية حماية للبنان ولعدة دول، لأنّ أي اهتزاز لهذا الصمود لن تكون هذه الدول بمنأى عن شرور وإجرام هذا الإرهاب».

وقال مقبل في كلمة ألقاها خلال مؤتمر الأمن الدولي في موسكو: «لبنان الذي تأسس على التعايش المسيحي الإسلامي ومناهضة الاستبداد والتطرف، استهدفته مجموعات ارهابية منذ مطلع هذا القرن، فاختار أن يواجه بوسائل محدودة ولكن بإرادة صلبة ومعنويات عالية، فكان السبّاق في محاربتها واحباط مخططاتها الهادفة إلى زعزعة الامن وإشعال نار الفتنة فيه وفي الجوار، حيث بادر الجيش اللبناني بضرب هذه المجموعات في مهدها عام 2000 وأحبط مخططات مجموعة ارهابية سميت آنذاك «مجموعة الضنية»، ليتبين أنّ الإرهاب أشبه بالفطر ما أن تقتلعه حتى يعود للنمو مجدداً، فما كان من الجيش بالتعاون مع باقي الأجهزة الأمنية اللبنانية في العام 2007 إلا أن خاض معركة ضارية مع منظمة ارهابية عرفت «بفتح الإسلام» داخل منطقة نهر البارد شمالي لبنان، وقضى على عدد كبير من أفرادها وأنهى وجودها بعد أن قدم قافلة من الشهداء والجرحى».

وقال :» في العام 2013، خاض الجيش مواجهة قاسية مع مجموعة «أحمد الأسير» الإرهابية وقضى عليها بعد أن كانت قد بدأت تشكل حالة خطيرة في البلاد. وفي آب 2014، كانت المواجهة الكبرى مع الإرهاب الذي ضم جيوشاً تحترف القتال وليس مجموعات إرهابية صغيرة، حيث بدأت بعملية غادرة من قبلهم على الحدود الشرقية للبنان، استطاع الجيش أن يتصدى لأي اعتداء أو محاولة اختراق، وعمد إلى توجيه سلسلة من الضربات القاسية التي أعادت المعتدين إلى أوكارهم. هذه المواجهة رافقتها أحداث متفرقة نفذتها خلايا إرهابية في الداخل اللبناني من خلال كمائن غادرة للجيش والقوى الأمنية وتفجير سيارات مفخخة وعمليات انتحارية أودت بحياة مواطنين أبرياء على غرار ما حصل مؤخرا في مطار بروكسل وقبلها في فرنسا».

وشدّد مقبل على «أنّ صمود الجيش اللبناني، على الجبهات، وتصديه للمعتدين، يترافق مع عمل استخباراتي في الداخل لا يقلّ أهمية عن العمل العسكري على الحدود، ويتمثل بكشف وملاحقة الخلايا الإرهابية وإلقاء القبض على رؤوسها المدبرة وعناصرها وإحالتهم للقضاء، حيث ساعدت التحقيقات القضائية بتوقيف المزيد وبإحباط مخططات للقيام بعمليات انتحارية واغتيالات لو نفذت لدمرت لبنان».

وتابع: «بالرغم من الإجرام والأعمال الوحشية التي إرتكبتها وترتكبها الجماعات الإرهابية، من قتل وذبح لعدد من العسكريين الذين كانوا مختطفين، فإنّ القوى المسلحة اللبنانية التزمت خلال تصديها لهؤلاء، في جميع المواقع، بقواعد القوانين الدولية والإنسانية».

وقال: «لهذه الأسباب الموجعة والمؤلمة ينبغي تقديم الدعم للبنان وجيشه لتأمين صموده، من خلال خلق حالة استقرار امنية واقتصادية واجتماعية، تعود بالفائدة على لبنان والدول المستهدفة بالإرهاب وذلك من خلال:

ـ تقديم الدعم للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية بالعتاد والتدريب المناسبين لتأمين مقومات هذا الصمود في معركته ضد الإرهاب، إضافة إلى تزويد هذه الأجهزة بما يتوفر من معلومات أمنية متعلقة بالإرهاب.

ـ العمل على تخفيف تداعيات تدفق النازحين السوريين الذين يزيد عددهم عن المليون ونصف المليون، وهو ما يعادل ثلث سكان لبنان، ولا طاقة له إطلاقاً على تحمل هذا العبء منفرداً دون دعم دولي، ذلك أنّ خسائر لبنان الاقتصادية فاقت الثلاثة عشر مليار دولار أميركي منذ العام 2012. علماً بأنّ مشكلة النازحين السوريين في لبنان لا تقتصر أضرارها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فقط، بل تتعداها إلى ما هو أكثر ضرراً من ذلك، أعني المخاطر الأمنية التي تطال لبنان وتتجاوزه لتصل إلى العديد من الدول، نتيجة تواجد عدد من الإرهابيين المتسللين إلى داخل مخيمات النازحين المنتشرة في مختلف الأراضي اللبنانية، فضلاً عما تسببه هذه الأزمة من تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا».

ورأى مقبل «أنّ السبيل إلى الخلاص وتلافي المخاطر الناجمة عن هذا لواقع، بمعالجة جذرية، تقضي بإعادة النازحين إلى ديارهم في سورية، ما يستدعي وقف الاقتتال فيها باعتماد الحلّ السياسي، مع تأكيد أنّ توطينهم في لبنان بأي شكل من الأشكال، مرفوض رفضا قاطعاً، الأمر الذي أجمع عليه اللبنانيون من كافة أطيافهم.

ـ وقف الخروقات الاسرائيلية جوا وبرا وبحرا.

ـ المساعدة في حلّ أزمة الحدود البحرية لمياهه الاقتصادية الخالصة لا سيما جنوباً، وتعزيز الظروف الملائمة لبدء استخراج النفط والغاز.

ـ كما نتطلع إلى موقف من الدول المصنعة للأسلحة للتشدّد في ضبط وجهة هذه الأسلحة كي لا تقع بأيدي الجماعات الإرهابية مباشرة أو بالواسطة، خاصة أنّ هناك تراخ في عملية الرقابة على السلاح والتسليح مما عزّز انتشار الإرهاب وضاعف من قوته وإجرامه.

ـ تجفيف مصادر تمويل المجموعات الارهابية بأية وسيلة كانت».

وختم مقبل: «إنّ صمود لبنان في مواجهة الإرهاب وتأمين الاستقرار فيه له انعكاسات إيجابية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولا نغالي إن قلنا إنّ استقرار لبنان هو استقرار للعالم، حيث أنّ دعم الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية اللبنانية ينبغي أن يكون من أولويات الدول المناهضة للإرهاب لمواجهة هذه الآفة، خاصة أنّ القضاء على الإرهاب لا يمكن أن يتم دون تكافل وتضامن دول العالم لاقتلاعه في مكامن وجوده».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى