حلب لا تزال تحت نار الإرهاب.. وتركيا تدفع بقوات كبيرة إلى الحدود
أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن البدء بتطبيق نظام تهدئة بعد منتصف الليلة لمنع ذرائع بعض المجموعات الإرهابية باستهداف المدنيين.
وقالت القيادة العامة للجيش في بيان: «حفاظاً على تثبيت نظام وقف الأعمال القتالية المتفق عليه يطبق بدءا من الساعة الواحدة صباح يوم 30 نيسان 2016 نظام تهدئة».
وأضافت قيادة الجيش ان التهدئة «تشمل مناطق الغوطة الشرقية ودمشق لمدة 24 ساعة ومناطق ريف اللاذقية الشمالي لمدة 72 ساعة».
وكانت مصادر دبلوماسية ذكرت في جنيف أن العسكريين الروس والأميركيين توصلوا إلى اتفاق في إطار «اللجنة الخاصة بوقف القتال» حول «تهدئة» في بعض المناطق الساخنة في سورية سيطبق السبت.
وأوضحت المصادر في اللجنة المذكورة التابعة لمجموعة دعم سورية في حديث لوكالة «تاس» أمس، أن الاتفاق سيشمل مناطق اللاذقية وضواحي دمشق التي تشهد أعنف الأعمال القتالية.
وقال المصدر إن روسيا والولايات المتحدة باعتبارهما دولتين ترأسان بالتناوب اللجنة الخاصة بوقف القتال في سورية ستكونان ضامنتين لهذا الاتفاق وتأملان أن تلتزم جميع الأطراف المعنية بالتهدئة.
وفي وقت سابق نقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر دبلوماسي، أن الاتفاق الروسي الأميركي هو إجراء إضافي للتسوية في سورية، مؤكدا أنه لا يشمل حلب.
وكانت الجماعات الإرهابية واصلت قصفها الأحياء السكنية في مدينة حلب. وأفاد مصدر بارتقاء أكثر من 16 شهيداً وسقوط جرحى جراء الصواريخ التي سقطت على محيط جامع ملا خان في ساحة باب الفرج وسط المدينة وعلى أحياء الفيض والميدان والمشارقة.
وكان ارتفع إلى ثلاثين عدد شهداء القصف أول أمس فيما استهدفت الطائرات السورية ليلا تجمعات المسلحين في حيي الراشدين وبني زيد.
من جهة ثانية، ذكرت وكالة سبوتنيك أن مبنى القنصلية الروسية في حلب تعرض للقصف من قبل الجماعات المسلحة.
في هذا الوقت، حذر مفوض حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين من أن تصاعد وتيرة العنف في سورية سيؤدي إلى مستويات جديدة من الرعب. وحث بن رعد الحسين كل الأطراف على عدم العودة إلى الحرب الشاملة، أي إلى ما قبل تطبيق اتفاق الهدنة، ووصف إخفاق مجلس الأمن الدولي في إحالة الوضع في سورية على المحكمة الجنائية الدولية بالمثال على أكثر أشكال الواقعية السياسية خزْياً، بحسب تعبيره.
سياسياً، بدأ ما يسمى بـ«الائتلاف المعارض» اجتماعاً يمتد ثلاثة أيام في مدينة إسطنبول التركية. وناقش «الائتلاف» التصعيد في مدينة حلب، وخروقاً لاتفاق الهدنة واحتمال إعفاء رئيس حكومة الائتلاف أحمد طعمة من منصبه واستبداله بآخر. وقد برر رئيس الائتلاف انس العبدة القصف الذي تقوم به الجماعات المسلحة على حلب قائلاً: «يمكن أن تحصل أخطاء غير مقصودة خلال عملية الرد على مصادر النيران من جانب قوات النظام» على حد قوله.
ميدانياً، وفي إطار التعاون بين موسكو ودمشق لمجابهة الإرهاب، وبعد النجاح في تحرير مدينة تدمر، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة بجنيف ألكسي بورودافكين أن الجيش السوري بدعم من سلاح الجو الروسي، يخطط للهجوم باتجاه دير الزور والرقة.
وذكّر الدبلوماسي أمس، بأن الهدنة لا تشمل تنظيمَي «داعش» و«النصرة» وغيرهما من المجموعات الإرهابية، كما ينص قرار مجلس الأمن الدولي على ضرورة محاربة المتطرفين.
وقال بورودافكين: «هكذا تعمل القوات المسلحة السورية بدعم من القوات الجوية الروسية، ونتيجة هذا العمل تم تحرير تدمر، والآن يجري الإعداد لعمليات هجومية لاحقة باتجاه دير الزور والرقة. ضد هذه المجموعات بالذات مثل «النصرة» تدور المعارك في حلب وبعض الأماكن الأخرى».
وأكد المندوب الروسي أن نظام وقف الأعمال القتالية في سورية يشمل الفصائل التي انضمت إليه رسميًا، عبر المركز الروسي للمصالحة في حميميم أو الهيئات الأميركية في عمان فقط، وقال: «إذا لم تقم الفصائل المسلحة غير الشرعية بهذا، فلا يحق لها أن تشكو أن نظام وقف الأعمال القتالية ينتهك ضدها».
وأشار بورودافكين إلى تقدم معين في فصل فصائل المعارضة المسلحة عن «جبهة النصرة» وانضمامها إلى نظام وقف الأعمال القتالية في سورية.
وعبر مندوب روسيا في جنيف عن أمل موسكو في أن تجد مسائل خرق الهدنة في سورية حلاً قريبًا في إطار الاتصالات العسكرية الروسية الأميركية، وقال: «تكثفت الاتصالات والتعاون في الآونة الأخيرة بين العسكريين الروس والأميركيين. تجري اتصالات هاتفية باستمرار بين حميميم وعمان وموسكو وواشنطن. ويلتقي عسكريونا على طاولة المفاوضات مع الخرائط والمعلومات الاستطلاعية التي تساعد في منع انتهاك نظام وقف الأعمال القتالية. أعتقد أن مسائل كثيرة سيجري حلها قريبا في إطار هذا التعاون».
وأشار بورودافكين إلى أن الهدنة يجري الالتزام بها بشكل عام، ولكن توجد قوى تستفز بانتهاكها عمدا، «نتحدث باستمرار عن ضرورة إغلاق الحدود السورية التركية التي يمر عبرها سيل مقاتلي المجموعات الإرهابية والأسلحة والعتاد والذخيرة. يجب وقف هذا التيار لتعزيز نظام الهدنة».
على صعيد آخر، أعلن المندوب الروسي أن موسكو لا تعارض اجتماع مجموعة دعم سورية، لكن لا يبدو الآن أن الاجتماع سيخرج بنتائج ملموسة.
وصرح بأن جولة نيسان من المفاوضات السورية في جنيف، تركت انطباعًا إيجابيًا مع وجود نقاط سلبية مرتبطة بوقف لجنة المفاوضات العليا مشاركتها، وقال: «تركت هذه الجولة انطباعا إيجابيا، ولكن في كل برميل عسل توجد ملعقة قطران».
وأشار بورودافكين إلى أن موسكو تنتظر إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية السورية بمشاركة الأكراد السوريين، يجري خلالها حوار مباشر بين الوفود المشاركة.
من جهةٍ أخرى، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها بشأن إنزال عسكريين أميركيين في سورية دون تنسيق مع حكومة البلاد، معتبرةً ذلك خرقًا لسيادة سورية.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اليوم الجمعة، تعليقًا على إنزال 150 عسكريًا أميركيًا في مدينة رميلان بشمال شرق سورية: «إذا تحدثنا عن موقف وزارة الخارجية، فإننا بالطبع لا يمكن إلا أن نشعر بالقلق بشأن عدم تنسيق مثل هذه الخطوات الأميركية مع الحكومة الشرعية للجمهورية العربية السورية. إن ذلك خرق للسيادة».
وأضاف الدبلوماسي الروسي الرفيع المستوى: «أؤكد أن دمشق الرسمية قد تبنت موقفًا مماثلًا، ونحن متضامنون معه تمامًا»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود اتصالات مستمرة على مستوى وزارتي الدفاع الروسية والأميركية. وأوضح أن خبراء محترفين يعلمون جيدًا الأوضاع وديناميكية تطورها والأخطار والمهمات الموجودة، وهم الذين يقومون بإجراء هذه الاتصالات.
يذكر في هذا السياق، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن في الـ25 من نيسان أن واشنطن ستنشر في سورية 250 جنديًا بهدف تدريب تشكيلات مسلحة محلية من أجل مكافحة الإرهاب.
كما تحدثت مصادر إعلامية عن خطة عسكرية تركية شاملة عند الحدود مع سورية تشبه إلى حد كبير «المنطقة الآمنة».
ونقل عن مصادر قولها: ستكون هناك رقعة آمنة خالية من المسلحين في سورية. إلا أن الهدف منها وبحسب مزاعم تركيا تأمين مدنييها في منطقة كيليس المحاذية للحدود ولا سيما بعد تعرضها لصواريخ أطلقها «داعش»، الامر الذي قالت تركيا ان هذا استدعى منها تحركاً لوضع خطة تؤدي الى منطقة خالية من داعش، وآمنة ومحمية بحظر جوي.
وتقع المنطقة المشار إليها شرق إعزاز مقابل كيليس بعمق 18 كيلومتراً وعرض 8 كيلومترات. ونقلت قنوات عربية عن مصادر «وجود حشد عسكري هائل للجيش التركي على الحدود مع سورية، بما يشير إلى اقتراب عملية عسكرية ضد التنظيم».
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن مؤخراً عن عزم واشنطن نشر بطاريات مضادة للصواريخ في تركيا قرب الحدود مع سورية حيث يسيطر «داعش» وذلك بهدف اعتراض صواريخ الكاتيوشا التي يطلقها التنظيم باتجاه تركيا.
يذكر أن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل صرحت خلال زيارتها الأخيرة إلى تركيا بضرورة إقامة منطقة آمنة «غير تقليدية» كما وصفتها.