طفلة مدلّلة
قالت له: أشعر أنّ هناك مسافات كبيرة تبعدني عنك. أشتاق إليك دائماً ويكاد الحنين يقتلني، ويضني فؤادي، ولكن ليس بمقدوري أن أراك.
قال لها: ولماذا هذا العجب من أمر حاولت أن يصير يوماً. تطلقين الأحكام، وتصدرين القوانين من تلقاء نفسك، فلا أفهم أحكامك ولا أستطيع ترجمتها. كما أنّني لست بمنجّم لأعرف أحوالك. وها أنت تعترفين بتلك المسافات التي بيني وبينك.
قالت له حزينة: أنت لست لي وما كنت يوماً، حبّي البريء لك هو من سافر بمشاعري إلى دنيا الأوهام، وجعل من الخيال عالمي الخاص والحياة التي بها أتنفس.
قال لها: أذكر أنك كنت سعيدة، تتنقلين في مخيّلتي مثل فراشة، تزيّنين قلبي بكل ألوان الحبّ. أسكر من رحيق كلماتك وأذوب من رقّتها. فهل تكرّمتي عليّ الآن وقلت لي سبب حزنك الكبير والمفاجئ؟
قالت له وهي تبكي بقهر: ما عدت أريد التكلّم، وما عاد الأمر يعني لي شيئاً. ولا أريد سماع المزيد من بوحك. يكفيني ما أظهرته من غضب، لا أرى مبرّراً له أمام عتب شوق ومحبّة، حتى أموت بألم قناعتي أن كلّ ما بيننا انتهى. ويستحيل أن نعود كما كنّا.
قال لها: غضبي ليس هو إلا شوق لك، ومتأكد أنه يفوق شوقك بدرجات كبيرة. ولكن آه من طفلتي المدلّلة، ومن قلبها الأعجوبة، فكيف لي أن أفهم سرّها؟ تريد منّي أن أكون ملكها، وأن أنصاع لأحكام ارتأت صحّتَها في مخيلتها. تريدني أن ألعب معها وقت فرحها، وأن أرضي غنجها عندما تحزن، وأنا أجهل سبب حزنها. وإن غضبت تقول انتهى كل ما بيننا. ثمّ ضحك وقال وهو يهزّ رأسه مغرماً: آه من طفلتي المدلّلة، ما أطيب قلبها، وما أروع عشقها.
قالت له بلهجة متردّدة: حسناً، سأقول لك ما يضني فؤادي.
قال لها: قولي يا صغيرتي، ها أنا أصغي.
قالت له بغنجٍ: أشعر بالغيرة.
قال لها: وممّن تشعرين بالغيرة؟
قالت له بخجل وحيرة: لا أعرف، ولكنني أريدك ملكي وحدي أنا.
قال لها: ومن قال لك غير ذلك؟
قالت له: سأطير إليك إذاً، لأرتمي في أحضانك وأغفو بهناء وسلام بين ذراعيك.
سناء أسعد