أردوغان يفوز في الانتخابات التركية ؟ ماذا بعد…
هدى رزق
عندما قرر أردوغان الترشح للرئاسة كان في يقينه أنه سيكون بمأمن عن المحاكمة لخمس سنوات على الأقل كون الرؤساء حسب الدستور التركي لا يحاسبون الا في حال الخيانة العظمى وليس في حال الفساد. ربما يقال إن الرجل غير فاسد لكن اخصامه في الداخل حاكوا له هذه المؤامرة. تعتبر شريحة اجتماعية وسياسية واسعة تنتمي في العمق الى العدالة والتنمية ان هذه المؤامرة هي بمثابه خنجر غرز في ظهره. ولا يهمها ان كان التغيير الذي أصاب السياسة التركية بعد 2011 على الصعيدين الخارجي والداخلي فاشلاً في نظر البعض، فهي لا ترى الأمور إلا بمنظار مصالحها. ربما هي تفتخر ببعض الإنجازات على الصعيد الداخلي. وتعتبر ان اعادة مجد العثمانيين في المنطقة العربية يحقق لها سيادة اقليمية. كان من مهام أردوغان الطامح الى إعادة حكم المنطقة العربية ويعث مجد أجداده ان يرى انّ الأمر ليس بسيطاً الى هذه الدرجة، لا سيما وان المنطقة التي انتصر فيها المستعمر فرض عليها مفاهيم مختلفة وكتب تاريخ انتصاره على الظلمة، وعنى بها الأمبراطورية العثمانية. ربما يجدر بنا القول إن اي قراءة لكتب التاريخ المعتمدة رسمياً في بلاد الشام تزخر بالنقد على مسار السلطنة العثمانية، وتظهر حقد الاقليات المسيحية والأرمنية وسخطها على الاتراك، وان الأتاتوركية هي التي نالت حظوة في نظر هذه الاقليات ورسمت لتركيا صورة مشرقة. يبدو انه لم يأبه للأمر كما يفعل في الداخل التركي إذ على رغم قمع الصحافة وحصر وسائل الاتصال اثر التظاهرات البسيطة التي قامت ضده يترشح للانتخابات ويجاهر بخطاب فئوي ومذهبي لكسب أصوات المتدينين الذين يقفون في صفه .هو استنتج انه وبفضل الحلف الجديد الذي أبرمه مع الجيش- على حساب جماعة الخدمة التي اتهمها بأنها وراء كل الفتن بين العدالة والتنمية وبين الجيش يمكنه ان يكون رئيساً للجمهورية ورئيسا للوزراء ورئيسا لحزبه في الوقت نفسه لا يهمه ان سمح له الدستور بذلك. اذا ربح الانتخابات فهو سيتمتع بحصانة.
ما هو الأفضل لتركيا أن يربح أويخسر الانتخابات الرئاسية ؟ استطلاعات الرأي تشير أنه سيريح على الأقل جزئياً لأن المعارضة الكمالية العلمانية اي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية اختاروا إكمال الدين إحسان اوغلو وهو شخصية غير شعبية وديمرطاش المرشح الكردي يتمتع بدعم محدود. سيربح أردوغان ولكن كيف؟
اذا خسر في الدورة الاولى ونجح في الدورة الثانية بهامش ضئيل سيضعف سياسياً من دون ان يكون له غالبية قوية عندها سيخسر ثقة قسم من مؤيديه من النخبة البرلمانية. اما اذا ربح من الدورة الاولى او الثانية بهامش كبير سوف يفرض سلطته على كامل حزب العدالة والتنمية، ويتجرأ على اهمال القوانين الدستورية طالما أنه سيسعى الى تغييرها. يمكنه ان يتصرف كرئيس جمهورية ورئيس وزراء ورئيس حزب يمكنه ان يعين انتخابات برلمانية مبكرة والا يقترح غل كرئيس وزراء. مع تغيير الدستور يمكنه اعطاء حكم ذاتي للاكراد بعدما ضمن تأييدهم ،هل يمكنه تحمّل هذا الأمر ؟ مع تحالفه مع العسكر؟ اذا ربح سينفذ وعده بوضع خصومه في السجن ويعتبر كل معارض لسياسته خائن. كل هذه العوامل يمكنها ان تؤشر الى عدم استقرار وان تقود تركيا الى سيناريوهات متعددة. هي المرة الاولى التي سينتخب فيها الاتراك رئيسهم بشكل مباشر. ربما هو استفتاء حول واقع البلاد والانقسامات الاجتماعية السياسية والاستقطابات.
الافضل الى تركيا هو ان يقوم هذا الرجل بقراءة هادئة تقوده الى رؤية مصلحة بلاده ويبدأ بالتسويات الداخلية لدرء خطر جموحه ونتائجه الاقتصادية والأمنية والسياسية على الداخل التركي والخارج العربي.