الإرهابيون ينسحبون إلى الجرود والجيش يحرر سبعة عناصر من قوى الأمن

لليوم الثاني على الهدنة في عرسال بين الجيش اللبناني والمجموعات الإرهابية، شقت قوافل المساعدات الإنسانية طريقها نحو بلدة عرسال، فيما فرض الجيش سيطرته على البلدة وقام بسلسلة عمليات عسكرية في الجرود أسفرت عن استرجاع عدد من التلال والمراكز وتحرير سبعة من عناصر قوى الأمن الداخلي فيما بقي مصير العسكريين الآخرين رهن المفاوضات التي يجريها وفد هيئة العلماء المسلمين.

وقد بدأت سيارات الإسعاف أمس، إجلاء الجرحى من بلدة عرسال في وقت دخلت قافلة تضم 20 سيارة من الصليب الأحمر اللبناني إلى البلدة لنقل عدد منهم بالتنسيق مع الجيش وسط هدوء تام ساد البلدة، وبعد عودة الحركة الطبيعية إليها إثر الانسحاب الكامل الذي فرضه الجيش على المسلحين باتجاه الحدود اللبنانية – السورية.

كما أدخلت الهيئة العليا للإغاثة ثلاث شاحنات إلى عرسال محملة بالمساعدات، وفيما أكدت مصادر أنّ أكثر من نصف الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية دخلت إلى البلدة، أشارت معلومات أخرى إلى أنّ شاحنة المساعدات عادت من عرسال من دون أن تفرّغ حمولتها بعدما رفض أهالي البلدة المساعدات التي قدمها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

كما أفيد عن اختفاء كامل للمظاهر المسلحة، حيث تمكن الصحافيون من الدخول إلى عرسال للمرة الأولى منذ بدء الاشتباكات، وتحدث شهود عيان عن شبه دمار في كثير من المنازل، حتى أنّ أحد مخيمات النازحين السوريين في البلدة احترق بالكامل.

ووصلت مساء أمس، قافلة من السيارات والشاحنات ووسائل النقل المتنوعة تحمل حوالى 2000 نازح سوري، كانت قد انطلقت ليل أول من أمس، من عرسال إلى رأس بعلبك عبر طريق فرعية، بمبادرة من راهبات دير مار يعقوب من مدينة قارة السورية، إلى المصنع حيث كان يفترض أن تتوجه نحو بلدة معلولا، لكنّ السلطات السورية رفضت استقبالها وأعادتها إلى داخل لبنان.

وأكد المدير لعام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في تصريح «أنّ كلّ نازح سوري وضعه قانوني يمكنه المغادرة عبر المصنع باتجاه سورية، وكلّ من دخل خلسة عليه تسوية وضعه ومن ثم بإمكانه المغادرة».

كذلك أشار السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي الى انه «لا يميّز بين المعركة في سورية والمعركة المستجدّة في عرسال مع الإرهابيين، ومصلحة لبنان ان لا يضيّع البوصلة وان ينسّق الشعبين والجيشين اللبناني والسوري ضدّ الارهاب التكفيري الأعمى، وان لا يتمّ مراعاة المموّل هذا أو ذاك، ونحن على يقين بأنّ الجيش اللبناني سينتصر، ويجب على الجميع ان يختصروا كلّ ما يعوق التعاون كي تكون الخسائر أقلّ والربح أكبر وأسرع».

واعتبر في حديث تلفزيوني أنّ «تراكم الألغام التي تنفجر اليوم سببه عدم تطبيق الاتفاقات الناظمة للعلاقات بين البلدين»، وأشار الى «أنّ القرار 1701 يجب أن يطبّق ضدّ العدوان الإسرائيلي، لافتاً إلى أنّ ما يحدث في سورية ولبنان والعراق يخدم إسرائيل».

إلى ذلك، أشار مصدر عسكري إلى أنّ الهدنة «ما زالت صامدة وإنّ الوضع في عرسال هادئ، ويقوم عناصر الجيش بتمشيط المنطقة». وأكد المصدر عدم حدوث اشتباكات صباح أمس في عرسال، ولكنّ الجيش قتل 14 مسلحاً خلال اشتباك وقع مساء الأربعاء في ردّ على خرق للهدنة الممدة لمدة 24 ساعة.

وفي سياق متصل، تمكن الجيش اللبناني فجر أمس من سحب سبعة عناصر من قوى الأمن الداخلي كانوا مختبئين داخل أحد المنازل في البلدة بعد هجوم المسلحين على مركز فصيلة عرسال، وقد تمكن الجيش في عملية خاطفة من الدخول إلى وسط عرسال ونقل الدركيين السبعة إلى خارجها، وهم: حسين الجمال، عبد الرسول كرمبي، هولو غنام، محمد بلوق، أحمد البريدي، وسام رايد وشهاب محي الدين.

من جهة ثانية، قام الجيش اللبناني بتمشيط منطقة رأس السرج وانتشر في بعض الأحياء في عرسال، وأقام عدداً من الحواجز عند حدود البلدة ولم ينتشر في شكل نهائي فيها، كما أوقف على مفترق بريتال السوري مهند أحمد فظعم مواليد 1994 وهو يحمل على هاتفه الخليوي صوراً لمسلحين من تنظيم «داعش» ومشاهد لقطع رؤوس.

وعلى صعيد المفاوضات التي يجريها وفد هيئة العلماء المسلمين لانسحاب المسلحين إلى خارج الأراضي اللبنانية وإطلاق سراح العسكريين المخطوفين، عقد وفد الهيئة برئاسة أمينها العام الشيخ حسام الغالي اجتماعاً مع قائد فوج المغاوير شامل روكز عند مدخل عرسال.

وأكد الغالي للإعلاميين «أنّ المسلحين انسحبوا من عرسال بمعظمهم وعندما يستكملون انسحابهم بالكامل، هناك جهة لديها ورقة للكشف عن وجود أسرى الجيش اللبناني والأمن الداخلي». وأشار إلى «أنّ أحد المخيمات السورية احترق بالكامل ويوجد فيه الكثير من الجثث».

وأشار إمام مسجد عرسال الشيخ سميح عزالدين إلى أنّ كل العسكريين وعناصر الدرك «أصبحوا خارج عرسال»، مضيفاً: «ما زلنا في عرسال ننتظر التواصل مع المسلحين لكنّ هواتفهم مقفلة حتى الساعة».

ومساء، أعلن عضو هيئة علماء المسلمين الشيخ محي الدين نسبيه أنّ وفد هيئة العلماء «يعمل على إطلاق سراح العسكريين وعناصر قوى الأمن»، مشيراً إلى أنّ وفد الهيئة «سيبقى حتى يسمع خبراً شافياً عن الأسرى وننتظر قناة اتصال مع المسلحين»، مؤكداً: «أنّ جميع الأسرى بصحة جيدة».

وأوضح: «أنّ الحديث عن فقدان الاتصال مع الجهة التي تحتجز العسكريين هو أمر طبيعي لأنّ الطرف الآخر يحاول أن يكون هو المتحكم بالمفاوضات»، لافتاً إلى «ضرورة التكتم على بعض المعلومات من أجل الوصول إلى ما هو مطلوب».

وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي شارك أمس في جلسة مجلس الوزراء، وقال قبيل دخوله إلى الجلسة: «الوضع كتير كتير منيح»، مشيراً إلى «أنّ المسلحين يتواجدون الآن في منطقة من المؤكد أنّ إرسال الهواتف فيها ضعيف جداً من الناحية التقنية».

كما أعلنت جبهة النصرة في بيان، صادر عن حساب «مراسل القلمون» التابع لها على موقع «تويتر» «أنها خرجت من عرسال بعد حصولها على تعهد بعدم المساس بأهلها»، مشيرة إلى «أنها سلّمت ستة أسرى كمبادرة حسن نيّة وأنّ باقي الأسرى لهم وضع خاص ستبينه لاحقاً».

وكشف الشيخ محمد الحجيري في اتصالٍ مع «البناء»، «أن المسلحين الذين يشكلون خمسة فصائل خرجوا من البلدة إلى جرود عرسال تحت غطاء ناري كثيف وهم لا يزالون داخل الأراضي اللبنانية المحاذية للقلمون السورية». وأشار إلى انه قبل عملية الانسحاب استغلّ المسلحون الهدوء النسبي وحفروا خندقاً في محيط البلدة بواسطة جرافة ودفنوا قتلاهم فيه وسط الظلام، فيما اصطحبوا جرحاهم معهم، متكتمين عن عدد قتلاهم وهم كثر. وعن أسرى الجيش وقوى الأمن الداخلي كشف الحجيري عن وجود «33 أسيراً عسكرياً هم في أيدي جبهة النصرة بقيادة أبو مالك الذي يشغل منصب قائد جبهة القلمون العسكرية». ولفت إلى أنّ ابا مالك يشترط لإطلاقهم الإفراج عن معتقليهم لدى الجيش، مشيراً إلى «أنّ أبا مالك كان هدّد بالزحف إلى بيروت مروراً باللبوة»، قائلاً: «سنقاتل الجيش اللبناني وحزب الله».

وفي سياق متصل، جالت مسؤولة الرعاية الصحية الأولية رندة حمادة بتكليف من وزير الصحة وائل أبو فاعور يرافقها رئيس قسم الصحة في البقاع محمد الحاج حسن على جرحى عرسال من المدنيين اللبنانيين في مستشفيات دار الأمل الجامعي ومستوصف الرعاية الصحية التابع للوزارة في اللبوة وبعض مستشفيات المنطقة.

على صعيد آخر، استمر التوتر الأمني شمالاً على إيقاع الأحداث الأمنية في عرسال، حيث أعادت الأجهزة الأمنية فتح طريق جسر الخناق في طرابلس بعد أن أنهت عملية الكشف الميداني على أثر الانفجار في المحلة أول من أمس، وعمد عدد من الشبان إلى قطع طريق محرم في طرابلس بالحجارة والعوائق الحديدية استنكاراً للانفجار الذي وقع ليل أول من أمس في المنطقة، كما قطع الطريق الدولي في البداوي احتجاجاً على توقيف مطلوبين. وكانت قوة من الجيش داهمت منطقة الميناء في طرابلس وأوقفت المدعو ربيع السنكري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى