الحريري وتحالف لائحته 15 من بيروت… والانتخابات لا تجذب خُمس البيارتة حلف أمل وحزب الله يتفوّق بقاعياً… وزحلة امتحان تحالف التيار والقوات
كتب المحرر السياسي
حسم إجراء الانتخابات البلدية وما وصفه بها وزير الداخلية نهاد المشنوق من إنجاز أمني وديمقراطي، سقوط ذرائع التمديد لولاية كاملة للمجلس النيابي على دفعتين، سواء الذرائع الأمنية أو التقنية، فالوزير المشنوق الذي قال في أيلول عام 2014 في حديث علني إنه لا يتحمل مسؤولية إجراء الانتخابات النيابية، هو نفسه الذي وصف الانتخابات البلدية امس بالإنجاز مقدماً عرسال نموذجاً، وهي التي تعيش الظرف الأمني الأشد قسوة قياساً بأي منطقة يمكن التذرع بوضعها الأمني السياسي لتعليق العمليات الانتخابية.
لكن الانتخابات البلدية قدّمت مثالاً للعزوف الشعبي عن الحريرية أولاً وعن السياسة ثانياً، مع ما حملته نتائج المشاركة البيروتية، حيث اشترك للتنافس في الانتخابات، الحريري ومعه تحالف حزبي عريض لم يحصد إلا 15 من أصوات البيارتة الذين لم يستنهض أكثر من خمسهم، وجود لائحتين منافستين قدمتا أفضل ما يمكن أن تحمله لائحة مدنية لناشطين شاركوا في الحراك الشعبي قبل أشهر اختاروا اللاسياسة عنواناً ومواصلة شعار «كلكن يعني كلكن»، ومقابلهم ناشط تغييري إصلاحي يقود حملة قدمت مرشحيها هو الوزير السابق شربل نحاس، ووفّر صمت حزب الله البلدي الفرصة للجميع لعدم تفسير ضعفهم بمشاركة الحزب، فمن يقف معه الحزب يستخدم حجة أن وجود حزب الله تسبب بحملة مذهبية تستهدف من يدعمهم، وبالمقابل حجة أن السلاح يخيف من يقف ضدهم.
الإنتخابات البلدية في البقاع منحت النائب وليد جنبلاط فرصة حسم تمثيل راشيا، ومنحت تحالف حركة أمل وحزب لله فرصة تأكيد القدرة على حسم تمثيل المدن والبلدات التي تشكلت فيها لوائح التنمية والوفاء بقوة دعم هذا التحالف، بينما بقي تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الذي خسر إمتحان إثبات القوة في بيروت، قد ربح نصف الإمتحان البقاعي، بينما كانت العيون كلها على نتائج زحلة التي تأخرت حتى ساعات الصباح الأولى، وبقيت غير محسومة بانتظار اكتمال نتائج فرز الصناديق، بعدما أوضحت النسبة الأغلب منها تقدّم لائحة تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب على اللائحتين المدعومتين من زوجة النائب الراحل إيلي سكاف والوزير السابق النائب نقولا فتوش.
دحضت المرحلة الاولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل ذريعة الوضع الأمني للتمديد للمجلس النيابي وهذا يضع المجلس الدستوري امام امتحان جديد للطعن بالتمديد بعدما كان المجلس الدستوري رد الطعن المقدّم من التيار الوطني الحر.
تميز اليوم الانتخابي الطويل الذي بدأ يوم أمس عند السابعة صباحاً حتى السابعة مساء بنسبة اقتراع باهتة جداً في العاصمة بيروت التي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 20,14 ، فيما شهدت نسبة الاقتراع في زحلة 52.6 ، راشيا: 43.5 ، بعلبك: 62 ، البقاع الغربي: 42 والهرمل: 45 . وكانت العملية الانتخابية مرّت بسلام وتمت بأجواء هادئة من دون اية حوادث تُذكر باستثناء حوادث بسيطة في الاشرفية وجب جنين وزحلة عبر الإشكال المتعمد الذي افتعله مندوبو وناخبو القوات اللبنانية مع ناخبي الكتلة الشعبية ومؤيدي لائحة موسى فتوش، حيث اتهمتهم القوات بالرشى المالية وهذا ما نفاه وزير الداخلية والبلديات لـ«البناء» على هامش تفقده سرايا زحلة وسير العملية الانتخابية، مضيفاً «أن التقارير الأمنية تنفي تسجيل اي حالة رشى مالية».
وكان المشنوق عقد مؤتمراً صحافياً مساء أمس، بعد اقفال صناديق الاقتراع في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، تحدث فيه عن مجريات العملية الانتخابية أمس، مشيراً الى ان المرحلة الأولى للانتخابات مرت بخير وسلام بنسبة عالية جداً وفي موعدها، وما رأيناه في مراكز الاقتراع كفيل بالإجابة على كل ّمن راهنوا أو عملوا على تأجيل الانتخابات، وأفضل قلم اقتراع كان في عرسال. أكد أنّ هناك حالة موثقة واحدة لتقديم رشى، مشيراً الى انّ الشخص المتهم تمّ توقيفه في زحلة وتجري متابعة لائحة أسماء بالتهمة ذاتها. وأوضح أنّ غرفة العمليات تلقت 650 شكوى وسجل 4 حوادث إطلاق نار و8 حوادث تلاسن و20 إشكالاً أمنياً، مؤكداً أنه تمّت معالجتها جميعاً.
واشارت قيادة الجيش إلى «عدم تسجيل حوادث أمنية، باستثناء بعض الإشكالات المحدودة في عدد من المناطق، بحيث عملت قوى الجيش بالتنسيق مع القوى الأمنية على تطويقها ومعالجتها بصورة فورية. وقد جرت هذه الانتخابات في أجواء من المسؤولية والحرية والديمقراطية.
ودعت الجميع إلى احترام نتائج العملية الانتخابية أياً كانت، والتعامل معها بصورة ديموقراطية وحضارية، وإلى التزام القوانين وشروط السلامة العامة، لا سيما الامتناع عن إطلاق النار ابتهاجاً أو اعتراضاً مع صدور هذه النتائج، وحذرت من القيام بأي عمل مخلٍّ بالأمن، تحت طائلة توقيف المخالفين وإحالتهم على القضاء المختص».
وخطفت عروس البقاع زحلة الاهتمام عن العاصمة بيروت، وكانت محطّ ترقب من قبل القوى السياسية في ظل التحالفات الجديدة، حيث وصفت المعركة الانتخابية بأمّ المعارك بين الاحزاب المسيحية الثلاثة التيار الوطني الحر، القوات، والكتائب من جهة، الكتلة الشعبية من جهة ثانية المدعومة من تيار المستقبل، والنائب نقولا فتوش من جهة أخرى، فيما وزّع حزب الله أصواته على حلفائه في اللوائح الثلاث. وأشارت المعلومات الأولية الى ان لائحة «إنماء زحلة» للأحزاب حصلت على 68 من أصوات المسيحيين، وأن نتائج فرز 70 من صناديق الاقتراع أظهرت تقدّم لائحة الأحزاب والفارق بالأصوات لا يقلّ عن 3000 صوت.
الى ذلك فازت وكما هو متوقع لائحة البيارتة المدعومة من قوى السلطة بالكامل «زيّ ما هيّ»، على لائحتَي «بيروت مدينتي»، و«مواطنون ومواطنات في دولة»، لكن المفارقة تمثلت بتدنّي نسبة التصويت في بيروت التي عكست عدم التجاوب من قبل أهالي بيروت مع تيار المستقبل، رغم كلّ الشحن المذهبي والتعبئة وتقديم الإغراءات المادية وغيرها.
«راحت السكرة وإجت الفكرة»
وفيما سارع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى التأكيد من بيت الوسط بعد فوز لائحته أنه ابتداء من الغد اليوم سيبدأ العمل لمصلحة بيروت غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عبر حسابه الخاص على تويتر عن الانتخابات البلدية في بيروت قائلا: «بيروت البيارتة» ليس المهمّ الانتصار فالمهمّ ماذا بعد؟ والحفل جميل، لكن كما يقولون «راحت السكرة وإجت الفكرة». الوسط. وتعليقاً على انتخابات زحلة، غرّد جنبلاط ساخراً عبر تويتر، وقال: «المازة الجديدة في زحلة البردوني متبّل مع بحص فتوش صخري مشاوي مغبّرة وفواكه مطحونة وأرغيلة مغسلة بوحل».
جنبلاط يتدخّل شخصياً في راشيا
اما انتخابات بلدية راشيا فلم تنل أية حصة من تغريدات جنبلاط فهو الذي تولى شخصياً، خوض المعركة البلدية في تلك المدينة من خلال تفرّغ يومي لكبار مسؤوليه الحكوميين والنيابيين، لا سيما الوزير وائل ابو فاعور لأسابيع متواصلة تراتفقت مع حشد آلاف الوعود بالوظائف والتهديدات بالطرد منها، واستمرّت الاتصالات حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم الانتخابي، انتهت بفوز اللائحة المدعومة من الاشتراكي برئاسة بسام دلال بفارق 136 صوتاً عن اللائحة التي رأسها رئيس البلدية الأسبق زياد العريان المدعومة من تحالف حزبي مع التيار الوطني الحر والعائلات.
.. وفوز لوائح القومي حزب الله – أمل – التيار
وباستثناء بعلبك المدينة التي لم تعلن نتائجها بعد، شهدت مختلف القرى والبلدات البقاعية لا سيما في البقاع الغربي وبعلبك والبقاع الشمالي والهرمل فوزاً كاسحاً للوائح المدعومة من حزب الله وحركة امل والحزب السوري القومي الاجتماعي. فيما فاز التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي على اللائحة المدعومة من القوات اللبنانية في صغبين.
وأعلن المسؤول الإعلامي في منطقة البقاع أحمد ريا عن إرجاء المؤتمر الصحافي الذي كان مقرّراً عقده أمس الى الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم، وذلك بسبب تأخر صدور النتائج الانتخابية، حيث يرتقب أن يتحدّث فيه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حول نتائج الانتخابات في منطقة البقاع.
نصر الله يؤكد دور الأحزاب
إلى ذلك، اضطر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى قول ما قاله حول البلديات ترشيحاً وانتخاباً، خاصة لناحية رئيس البلدية ونائب الرئيس لسبب جوهري هو احترام البنى الأساسية التي يقوم عليها حزب الله والتي تنطلق من النظرة الى الفرد ككفاءة قائمة بذاتها، بغضّ النظر عن الانتماء العائلي او المناطقي والطبيعي.
وقد أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انّ الأحزاب السياسية هي جزء من المجتمع المدني، وبالتالي دخولها في الانتخابات البلدية يقلل من الخسائر في ظل الظروف الحالية. ورأى خلال احتفال هيئة دعم المقاومة الاسلامية أن الحديث عن ترك الخيار في الانتخابات للعائلات مقاربة خاطئة. وأضاف أن البلدية هي شكل من اشكال الادارة والحكم وإذا تجاهلت الاحزاب الانتخابات البلدية فتكون قد تخلت عن جزء من مهامها كأحزاب سياسية، مشدداً على أن عمليات الترشح والمشاركة فيها مسألة اساسية ومهمة جداً.
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إنّ السيد نصرالله أثار ملف الانتخابات البلدية خلال كلمته لوجود أجواء من الاعتراض على تشكيل حزب الله وحركة أمل اللوائح الانتخابية في بعض القرى والمناطق، كما لوجود اعتراض على بعض الأشخاص الموجودين في اللوائح في أكثر من قرية، نظراً لتجربة المجالس البلدية الحالية التي لم تكن ناجحة على الصعيد الإنمائي، لكن المصادر أوضحت أنّ «هذا الأمر لا يعني أنّ هذه القرى غير مؤيدة للمقاومة وخيارات حزب الله وأمل السياسية، لذلك أكد السيد نصرالله على دور الأحزاب في هذه الانتخابات وضرورة مشاركتها في تشكيل اللوائح وخطورة تركها للعائلات كي لا تترك خلافات وعداوات بينها لعشرات السنين والسيد هنا ردّ على نقاشات موجودة في الاوساط الشعبية تعبر عن قلق وخوف من ذلك».
ولفتت المصادر الى «انّ حزب الله في مقاربته الاولى للانتخابات خلال العقدين الماضيين اضطر الى مماشاة العرف السائد بأن العائلات تنال حصة في البلديات متكافئة مع اصحابها الأمر الذي أدى ويؤدي الى ضياع الفرصة باستثمار الكفاءات في العائلات الصغيرة، الأمر الذي يناقض مبدأ الفكر السياسي الغربي الذي يقوم عليه حزب الله. ومن أجل إحداث تغيير او صدمة ما، فقد وجد السيد نصر الله أنه آن الآوان لاطلاق اول اشارة تنبيهية داخل حزب الله ولجمهوره بأن هذا العرف لن يستمر قائماً في قاموس حزب الله، واذا كان تطبيق التغيير المنهجي غير ممكن في انتخابات اليوم بشكل كامل، فإن السيد نصر الله اراد ان يصوب الانظار نحو وجوب اعتماده في المستقبل». وتشير المصادر الى أن هذا الموقف لاقى ترحيباً واسعاً امام اصحاب الكفاءات والجمهور العام لحزب الله من دون أن يفي امتعاض وجهاء العائلات الكبيرة التي ستجد نفسها عاجلاً ام اجلاً تفقد اوراق التحشيد العائلي.
وقللت المصادر من حجم الخروقات التي يمكن أن تحصل في بعض القرى التي ستشهد تنافساً وذلك لضعف اللوائح المنافسة ولنسبة التصويت المرتفعة في الجنوب والبقاع في السنوات الماضية لصالح لوائح التحالف.
وعلى صعيد آخر شدّدت المصادر على أنّ «هجوم السيد نصرالله على السعودية مجدّداً مؤشر لاستمرار تشنّج العلاقة بين حزب الله والسعودية من جهة وبين السعودية وإيران من جهة أخرى، وبالتالي وصول مساعي تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران الى طريق مسدود»، موضحة أن السعودية ذاهبة باتجاه التصعيد أكثر في سورية وستزج بثقلها في معركة حلب التي ستكون معركة فاصلة بالنسبة لها فضلاً عن أنها بذلك تعمل على إطالة أمد الحرب وعرقلة التفاهمات لوصول إدارة أميركية جديدة تظنها أنها ستسير وفقاً لأهدافها ومخططها.