المناورات الأميركية السعودية… والطريق الحتمي نحو الفشل

جمال رابعة

في خبر لوكالة «تسنيم» الإيرانية الدولية للأنباء، عن رونالد ارنست بول عالم الفيزياء والسياسي الأميركي السابق، تأكيده أنه اطلع على اعتراف السعودية بإنشاء عصابة «داعش» الإرهابية بالتنسيق مع المخابرات الأميركية، وأنّ صحيفة «فايننشال تايمز» الأميركية الشهيرة نقلت ما دار في جلسة سرّية بين مسؤولين سعودييّن ووزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال زيارة الأخير لمملكة الإرهاب والتكفير تمهيداً لزيارة أوباما الأخيرة، وفي رسالة موجهة من آل سعود للرئيس الأميركي تقول: … هذا نحن من قمنا بدفنه سوية . وأنه في حال أصدر الكونغرس قانوناً يقضي بمتابعة «السعودية» عن أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، ستتخذ العديد من الإجراءات الإعلامية والاقتصادية.

وفي السياق ذاته أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أنّ السلطات الرسمية في السعودية حذرت الرئيس أوباما وأعضاء الكونغرس من «تداعيات اقتصادية»، في حال أقرّ الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يورّط الحكومة السعودية، لتكون مسؤولة أمام المحاكم الأميركية عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.

وبعد قول الرئيس أوباما إنه ليس من مصلحة أميركا أن يصدر الكونغرس قانوناً يسمح بمقاضاة آل سعود، بسبب أحداث نيويورك، لأنّ من شأن ذلك أن يؤثر على الاقتصاد الأميركي وقوة الدولار كعملة مرجعية في النظام الرأسمالي العالمي.

وكما كان الأردن بالتنسيق مع بريطانيا و«الكيان الصهيوني» ينفذ عمليات عسكرية سرية داخل الأراضي السورية لدعم الإرهابيين التكفيريين بما يسمّى «المعتدلين» المدعومين من قبل آل سعود، ليتسلّموا مفاتيح مدينة تدمر من «داعش»، كما حصل في سنجار العراقية، حين سلّمها تنظيم «داعش» للأكراد دون قتال يُذكَر بإشراف أميركي مباشر، هذا في الوقت الذي كانت أميركا تدعم «قوات سورية الديمقراطية» المشكلة من العشائر العربية والأكراد في الشمال، تلتقي وتتصل بالجماعات الإرهابية التي تشرف عليها أجهزة المخابرات الأردنية وآل سعود في مناطق شرق سورية تدمر ودير الزور والرقة وبالتالي يفرض أمراً واقعاً على الأرض لتحقيق أحلامهم في تقسيم سورية.

هنا تأتي الأهمية الاستراتيجية لتحرير مدينة تدمر، والذي سيكتبه التاريخ ويخط سطوره بالكرامة والإباء والعزة والشرف، ويدوّن في سجل انتصارات سورية الخالدة قيادة وجيشاً وشعباً وحلفاء، ومن خلالها توجيه رسالة إلى العالم مفادها أنّ الرئيس الأسد والجيش العربي السوري وحلفاءه المخلصين الصادقين هم الأجدر والأكفأ والأقدر على محاربة الإرهاب في المنطقة والعالم.

ووفق ما كشفه موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، فقد أكد العاهل الأردني في اجتماع مع أعضاء الكونغرس الأميركي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أنّ بلاده تدير فرقتين عسكريتين داخل الأراضي السورية بسرّيّة، واحدة منهما تتكوّن من مقاتلين من أبناء القبائل في جنوب سورية، ويقودها قائد عسكري سوري، وهي فرقة تتلقى الدعم من بريطانيا و«إسرائيل»..

أما الفرقة الثانية، فتتكوّن من قوات خاصة، قال إنها نفذت مهمتها على نقطة الوليد الحدودية بين العراق وسورية على بُعد 240 كلم من مدينة تدمر السورية، وذلك في منتصف يناير/ كانون الثاني، بذريعة التصدّي لـ«داعش» ومنع مقاتليه من التوسع داخل الأراضي العراقية، والمقاتلين الذين يتحدّث عنهم العاهل الأردني هم التكفيريون الذين تدرّبهم الأردن بإشراف المخابرات الأميركية والبريطانية و«الإسرائيلية» في معسكرات خاصة بالمملكة، يتجاوز عديدهم 10 آلاف مقاتل، نصفهم من الإرهابيين الأردنيين، ويتمّ تمرير السلاح إليهم داخل الأراضي السورية عبر الحدود، هذا بالإضافة إلى أنّ المخابرات الأردنية التي تتكفل بتأطيرهم ومدّهم بالمعلومات الاستخبارية اللازمة.

كذلك الأمر، فقد خرج أمير قطر الصغير ليقول للإعلام بكلّ صفاقة، إنّ «ما طبخناه في سورية كان بعلم المخابرات الأميركية».

وهذا يعني ويؤكد أنّ من اتهمهم جو بايدن بدعم الإرهاب ليسوا سوى أدوات تنفيذية، وأنّ المخابرات الأميركية والأطلسية والصهيونية هي العقل المدبّر والمخطط للمؤامرة..

من خلال ما تقدّم يمكن القول إنّ واشنطن غير جادّة في ردع من ينتهكون الهدنة من قبل عصابات آل سعود الإرهابية الوهابية المتطرفة، وترفض الاستجابة لنداءات التعاون الروسية المتكرّرة، وهو ما دفع بالكرملين للقول »إنه من غير الممكن تشكيل تحالف ضدّ الإرهاب مع الولايات المتحدة والغرب».

وهذا يعني، أنّ استراتيجية أميركا في سورية قد سقطت، وعرّت زيف الحقائق ليظهر المستور، وهذا ما جاء على ألسنتهم بالانتقادات التي أصبحت توجّه للرئيس أوباما وتتهمه بأنه هو من شجّع هذا الإرهاب على التمدّد والانتشار، وهذا ما جاء على لسان مرشح الرئاسة الأميركية دونالد ترامب.

أما الكيان الصهيوني فيعتبر «استقرار سورية أكثر خطراً عليه من الفوضى» وفق خبيره العسكري رون بن يشاي.

وما تقوم به الإدارة الأميركية في شمال سورية بتقديم كلّ الدعم لجناح صالح مسلّم يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في أنّ السياسات العدوانية تجاه الشعب والدولة السورية التي تنتهجها هذه الإدارة كان آخرها إرسال 250 جندياً من القوات الأميركية لقاعدة الرميلان شمالي سورية في انتهاك صارخ للسيادة الوطنية السورية تمهيداً لانتشار أكبر لهذه القوات بعتادها وعديدها لدعم المشروع التآمري الذي يستهدف الجغرافيا السورية تحت مسمّيات مختلفة لمشروع كردي يخدم الكيان الصهيوني مدعوم من المحور الصهيوأميركي الخليجي التركي.

ختاماً أقول إنّ استهداف سورية قلب العروبة النابض بمشاريعهم العدوانية من محور العدوان ليس بجديد، كما يدّعون اليوم وفق المبرّرات والأسباب والمسوّغات الزائفة، وأنها استراتيجية قديمة جديدة فحواها السيطرة على سورية عبر أدوات تمثلهم وتأتمر من قبلهم في سدّة القرار السياسي والاقتصادي السوري، مما يوفر الفضاء والجغرافيا السياسية والسياسات التوسعية لكيانهم المزروع في قلب الأمة العربية والإسلامية، وما لم يستطيعوا أن يحققوه بعد حرب ظالمة تدخل سنتها السادسة لن ينالوه بعد تشكيلهم واجهة سياسية في الرياض كعنوان لاستمرار الحرب على سورية، في حين أنّ الحلّ الحقيقي لا يكون إلا من خلال تطهير الأرض عسكرياً من الإرهاب، ومن العصابات التكفيرية، عند ذلك يمكن الحديث عن حلّ سياسي حقيقي بين السوريين أنفسهم من دون تدخل خارجي.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى