الأهمية الاستراتيجية لخان طومان وحيثيات الدعم التركي السعودي للمسلحين في سورية

فتحي نظام

تتزامن المعارك التي تشهدها جبهة حلب شمال سورية، خصوصاً ما يجري في بلدة خان طومان مع تصريحات أطلقها كلّ من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ورئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو في الأسبوع الأخير، وقد تطرّقا خلالها إلى تزويد المسلحين في سورية بأسلحة نوعية وإرسال قوات برية إلى الداخل السوري لمساندة المجموعات المسلحة.

وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، صرّح الاثنين الفائت خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري في جنيف، «إنه في حال لم يتمّ حلّ الأزمة السورية من خلال العملية السياسية، «سيتمّ عبر السلاح» مما يشكل دليلاً على تورّط السعودية في دعم الجماعات المسلحة في سورية، بأسلحة تحاول من خلالها كسب أوراق سياسية للاستفادة منها في الجولة الثالثة المزمع عقدها في العاشر من أيار الحالي.

وتعليقاً على تصريحات الجبير، أكد الخبير العسكري حسن الحسن أنّ وزير الخارجية السعودي هدّد قبل أيام بأنه سيتمّ تزويد ما أسماه «المعارضة المعتدلة» بصواريخ فتاكة، وعندما تصدر السعودية تصريحات كهذه، فهذا يعني أنّ الأسلحة الفتاكة قد وصلت فعلاً، ما يُعتبر انتهاكاً لجميع الاتفاقات الدولية، والهدنة التي تمّت بإشراف روسيا والولايات المتحدة الأميركية».

تصريح الجبير تزامن مع كلام رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو الذي صرّح بدوره «أنّ تركيا مستعدة لإرسال قوات برية إلى سورية عند الضرورة»، مضيفاً «نحن مستعدّون لاتخاذ جميع الإجراءات التي نحتاجها سواء داخل تركيا أو خارجها لحماية أمننا»، على حدّ زعمه.

تصريح داوود أوغلو تُرجم عملياً على الأرض من خلال الإشراف التركي المباشر على غرفة عمليات «جيش الفتح» المُشكّلة من 8 فصائل مسلحة لقيادة المعارك، والتي تضمّ «جبهة النصرة أحرار الشام فيلق الشام جند الشام جند الأقصى جيش الفتح جيش النصر ولواء بدر».

خطوة أخرى، أقدمت عليها تركيا لتسهيل دعم المجموعات المسلحة بالعتاد والأفراد، وذلك بعد أن فتحت معبراً سرياً بطول 2 كيلومتر يصلح لنقل الأسلحة الثقيلة كالدبابات والمجنزرات ويمتدّ من الأراضي التركية إلى قرية «حوار كلس» شمال شرق مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي».

استغلت الجماعات المسلحة في سورية هذا الدعم الكبير الآتي من تركيا والسعودية لتشنّ هجوماً عنيفاً على ريف حلب الجنوبي، تحديداً بلدة خان طومان الاستراتيجية التي حرّرها الجيش السوري وحلفاؤه نهاية العام الفائت.

هجوم المسلحين، تزامن مع هدنة معلنة برعاية أميركية ــــ روسية، التزم بها الجيش السوري قدر المستطاع، إلا أنّ المسلحين ضربوا بالهدنة عُرض الحائط وأطلقوا أكثر من 2000 قذيفة وصاروخ خلال عشرة أيام على نقاط عدة من حلب وريفها أسفرت عن استشهاد العشرات من النساء والأطفال.

خاض الجيش السوري وحلفاؤه معركة ضخمة في خان طومان ضدّ «جيش الفتح» الذي حشد آلاف المقاتلين، وتمكن الجيش خلال المعارك من القضاء على العديد من الإرهابيين بينهم قادة ورؤوس كبيرة من مختلف التنظيمات، حيث كانت مواقع المجموعات المسلحة تعترف يومياً بعشرات القتلى والجرحى في صفوفها.

قدّم الجيش السوري وحلفاؤه في هذه المعركة العديد من الشهداء الذين بذلوا دماءهم تلبية للواجب ودفاعاً عن المقدّسات، حيث أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أسماء 13 مستشاراً عسكرياً قضوا شهداء أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي في بلدة خان طومان جنوب حلب.

تقع بلدة خان طومان في منطقة جبل سمعان على بعد 10 كيلومترات في الجنوب الغربي من مدينة حلب، وتنبع أهميتها الاستراتيجية من نقاط عدة، أبرزها أنها تعدّ المعقل الرئيسي لمسلحي ما يسمّى «جيش الفتح» الذي يضمّ فصائل عدة منها «جبهة النصرة» و«أحرار الشام»، كما أنها تُشكّل البوابة الجنوبية الغربية لمدينة حلب ونقطة عبور رئيسية نحو ريف حلب الغربي والشمالي على حدّ سواء باعتبارها النقطة الأقرب للأوتوستراد الدولي دمشق – حلب ، والسيطرة عليها تسمح للجيش السوري بقطع خطوط إمداد المسلحين وتفتح الطريق نحو مطار «أبو الظهور» العسكري الذي تسيطر عليه «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، وتُشكل سيطرة الجيش على بلدة خان طومان خطراً كبيراً على الفصائل المسلحة على أكثر من محور، إلى جانب تأمين كلّية المدفعية والتسليح في منطقة الراموسة التي تعرّضت لهجمات عدّة من قبل المسلحين في وقت سابق.

سيطرة الجيش السوري على الخط الواصل ما بين خان طومان والزربة جنوباً يسمح له بالاقتراب من الطريق الدولي حلب دمشق وربما عبوره نحو الغرب باتجاه مطار تفتناز الذي تحوّل إلى قاعدة عسكرية لجبهة النصرة عند حدود محافظة إدلب، وفي حال نجح الجيش في السيطرة على مطاري أبو الظهور وتفتناز فذلك سيؤدّي إلى حرمان «جيش الفتح» من خطوط دفاعه الأمامية في محافظة إدلب.

وكان الجيش السوري بمساعدة الحلفاء قد نجح منتصف شهر كانون الأول من العام الفائت، من السيطرة على كامل بلدة خان طومان معقل مسلحي ما يسمّى «جيش الفتح» في ريف حلف الجنوبي، بعد عملية عسكرية واسعة بدأها في الريف الجنوبي، وتمكّن على أثرها من تحرير عشرات القرى والبلدات في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى