خليل: معركتنا ثقافية ضدّ الإرهاب… ونحن نتعلّم من أبناء الشهداء
رانيا مشوّح
«الشهادة أنبل رسالة يحملها الإنسان»، هذا ما قاله الرئيس الدكتور بشار الأسد، وهذا ما أكرمَنا به شهداء الوطن. ولأن هذه الرسالة حملت في طيّاتها وبين سطورها الأمل قبل الألم، كان لرحيق خالديها عطر يفوح على امتداد ساحات الوطن. كما أنهم تركوا براعم ندية متمثلة بأبنائهم، تلك الأمانة العابقة بالعزّ والفخر.
وانطلاقاً من دورنا في الحفاظ على هذه الأمانة، وبالتزامن مع عيد الشهداء، نظّمت وزارة الثقافة، برعاية الوزير عصام خليل وحضوره، فعالية «عطر الخالدين» في هيئة مدارس أبناء الشهداء في العاصمة السورية دمشق.
وفي تصريح أدلى به، قال خليل: عندما أتشرّف في المشاركة بنشاطات داخل مدارس أبناء الشهداء وبناتهم، فأنا أتعلّم، وأعلّم الأبناء أنّ الشهيد قيمة، وليس شخصاً. إنه حياة متواصلة لا فرداً ينتهي بزمن. نحن نتعلّم كيف تتحوّل القيم الإنسانية النبيلة من خلال مفاهيم العطاء والتضحية إلى فعل مستقرّ في الذاكرة والوجدان، يرفد معطيات الشعب النبيلة، ويرفد ثقافتنا وإنسانيتنا بكل ما هو نبيل ووجدانيّ وقيم. لذلك، أن نرتبط بالشهداء، خصوصاً أن سورية تقدّم يومياً شهداء في مواجهة هذه الحرب الإرهابية الظالمة، فهذا فعل نعتقد أنه أقل ما نقدّمه لهؤلاء العظماء. وأعتقد أننا أحياء بفضل شهادتهم.
وأضاف خليل: معركتنا الأساسية معركة ثقافية مع الإرهابيين. وهي معركة العقل ضدّ العتم والشحوب والليل. ومعركة الحياة ضدّ الموت ومعركة الخضرة والينابيع ضدّ القحط واليباس. هذه المسألة محسومة في رؤيتنا للمشهد. عندما نجند كلّ قدراتنا وعندما نجنّد كل إمكانياتنا في هذه المواجهة لترسيخ الوعي ولتعميم مفاهيم حقيقية وصحيحة تدفع الإنسان إلى اتخاذ الموقف السليم والصحيح، فنحن نؤدّي واجبنا في مواجهة هذه الهجمة الظلامية وهذا الإرهاب التكفيري. الجميع مسؤولون الآن والجميع مدعوّون الآن إلى استنفار كل طاقاتهم في مواجهة هذه الهجمة الظلامية التي تريد اقتلاع الإنسان من جذوره وهويته وكيانه وحضارته تمهيداً لتعميم ثقافة الموت والخراب. وهو أمر لم يكن مسموحاً سابقاً ولن نسمح به في سورية حالياً.
كما أشارت مديرة هيئة مدارس أبناء الشهداء شهيرة فلوح إلى أهمية الإنجازات التي قدّمها الأطفال خلال الحفل قائلة: نحن دائماً لدينا رسالة نقدّمها لأنّ عملنا ليس عملاً وظيفياً بالنسبة إلى أبناء الشهداء وبناتهم. إنما هو رسالة مقدّسة نقدّمها لهم.
ومهمتنا كبيرة وإنسانية ووطنية. نحن ننشر دائماً في عملنا قيم الشهداء، والتي هي الحقيقة والمحبة والدفاع عن الوطن والتضحية. منذ خمس سنوات، تواجه سورية حرباً ضروساً، وتحارب ضدّ أكثر من ثمانين دولة، فمن واجبنا أن نقف إلى جانب أطفالنا ونساعدهم في زيادة قدرتهم على التحمّل، وننقلهم من الحزن والألم إلى الفرح والتفاؤل. في المعرض، رأينا الألوان التي تعكس نفسية الطلاب، وكنت سعيدة لأننا خلال أسبوعين نظّمنا معرضين للأطفال.
وتابعت: أولادنا في أيدٍ أمينة، يد القيادة الحكيمة متمثلة بالرئيس الدكتور بشار الأسد، كما كانوا قبلاً مع الرئيس الراحل حافظ الأسد. أولادنا يعيشون ضمن جوّ أسَري متكامل لا ينقصهم شيء أبداً. وعندما أنظر إلى تلك اللوحات وأرى الفرح، أطمئن لأننا خطونا خطوة جيدة في مساعدة أبناء الشهداء، وجعلناهم يشعرون بالفرح والتفاؤل والأمل.
وعن الفعالية حدثنا العقيد علي عساف، مسؤول الشؤون الإدارية في هيئة مدارس أبناء الشهداء: بشكل دائم، نحاول إخراج أبناء الشهداء من حالة الحزن التي يعانون منها، إلى حالة الفرح التي تتجسد من أنشطة عدّة من أهمها الرسم والتعبير عمّا يجول داخل نفس الطفل، من خلال اللوحة التي يرسمها. وإذا رأينا اللوحات الموجودة نلمس حالة كلّ طفل حاول التعبير عنها من خلال الرسم في هذا المعرض الفني الذي ننظّمه كل سنة لهم.
كما تحدّثت مديرة ثقافة الطفل في وزارة الثقافة ملك ياسين عن آلية تنظيم الفعالية: هذه الفعالية تأتي ضمن عدد من الفعاليات السنوية التي تقوم بها وزارة الثقافة، وضمن 21 مسابقة، وهناك مسابقات حصرية لأبناء الشهداء وبناتهم. وسيتم تكريم خاص لهم ضمن عدد من الفنون الأدبية والفنية.
المشاركات كانت من كافة المحافظات السورية، ونحن سعداء بالمصداقية والشفافية التي كانت موجودة بين الوزارة وأبنائنا في كل المحافظات السورية. والأهم في هذا التكريم، أننا نعمل على طباعة الأعمال الفائزة ضمن مطبوعات وزارة الثقافة. فيُعامَل الأطفال معاملة الأدباء من خلال إخراج الكتاب وطباعته ونشره في كل الأماكن كأيّ كتاب من مطبوعات هيئة الكتاب في وزارة الثقافة.
بدوره، تحدّث الأستاذ محمود سالم مصوّر ومخرج وعضو الجنة الفنية للمسابقة السنوية لهيئة مدارس أبناء الشهداء وبناتهم عن المسابقة الفنية قائلاً: هذه المسابقة خصّصتها وزارة الثقافة منذ ثلاث سنوات لأبناء الشهداء وبناتهم. وهي مسابقة منوّعة من رسم وخطّ وتصوير ضوئيّ وشعر ومقالة. واهتمام الوزارة بهذه المسابقة دليل على مكانة الشهيد وأبناء الشهداء. كما نلاحظ أنّ هناك تنوّعاً كبيراً، وهناك رسومات تعكس التركيز على موضوع الوطنية والأرض والعمل. وبالنسبة إلى التصوير الضوئي، هناك صور من كافة أرجاء الوطن، وقد تم التركيز فيها على الأزهار والطبيعة.