الحريري زار السراي وترأس اجتماعاً لكتلة المستقبل: دورنا حماية الاعتدال وخيارنا دعم الدولة ومساعدة الجيش
بعد غياب دام ثلاث سنوات، فاجأ الرئيس سعد الحريري اللبنانيين والوسط السياسي بعودته فجر أمس، إلى بيروت، تلك العودة التي تحمل الكثير من الدلالات لا سيما في ضوء المستجدات الأمنية والوضع المتأزم في عرسال، والجمود السياسي بعد مرور حوالى ثلاثة أشهر على الشغور الرئاسي. ونقل زوار الحريري عنه أنّ «عودته هي بسبب استشعاره لخطورة الوضع في لبنان وللتعبير عن دعمه للجيش مادياً ومعنوياً من خلال تواجده في لبنان»، مؤكدين «أن ليس هناك من تسوية مسبقة أدت إلى عودته، لكن إذا كان هناك من نية إيجابية بإعادة تكوين السلطة لدى الفريق الآخر بدءاً من الانتخابات الرئاسية فهو منفتح على أي من هذه النوايا».
وكان الحريري استهل لقاءاته فور عودته في السراي الحكومية حيث التقى رئيس الحكومة تمام سلام وبحث معه في الهبة السعودية الأخيرة وآلية تنفيذها. وقال الحريري للإعلاميين لدى مغادرته السراي: «إنّ الوضع يستدعي وجودي في لبنان، وعودتي إلى لبنان جاءت بعد الهبة السعودية للجيش اللبناني التي سنعالج كيفية تنفيذها».
ورداً على سؤال عن الضمانات لأمنه الشخصي، قال: «إن شاء الله خير والله يحفظ الجميع»، من دون أن يشير إلى مدة بقائه في لبنان.
وبدأت الشخصيات السياسية بالتوافد إلى بيت الوسط لتهنئة الحريري بعودته، واستقبل الحريري كلاً من الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، كما التقى كلاً من وزراء: السياحة ميشال فرعون، الإعلام رمزي جريج، التنمية الإدارية نبيل دو فريج، والعدل أشرف ريفي، والنواب: بهية الحريري، عاطف مجدلاني، محمد قباني، عمار حوري، جان أوغاسبيان، أمين وهبي، غازي يوسف، سيرج طورسركيسيان ومحمد الحجار. ثمّ استقبل السفير السعودي علي عواض عسيري وعرض معه الأوضاع العامة.
وأعلن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري أنه «تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس النواب نبيه بري هنأه فيه بسلامة العودة، كما تلقى اتصالات تهنئة من كلّ من الرئيس أمين الجميل، الرئيس حسين الحسيني، وزير الخارجية جبران باسيل، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، قائد الجيش العماد جان قهوجي، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص والسفير جورج خوري.
مواقف مرحبة بالعودة
وتوالت ردود الفعل المرحبة بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان، وفي هذا السياق، رحب رئيس الحكومة تمام سلام بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان، ووصفها بأنها «خطوة كبيرة تنم عن حسّ وطني عالٍ في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد»، آملاً بأن تؤدي هذه البادرة إلى «خلق أجواء إيجابية مؤاتية للتقارب بين اللبنانيين بما يؤدي إلى تحصين البلاد سياسياً وأمنياً إزاء الأوضاع التي تعيشها المنطقة». واعتبر رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل «أنّ من شأن عودة الرئيس الحريري تسريع معالجة رواسب حوادث عرسال وتزخيم النشاط من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي»، واصفاً عودة الحريري بـ«الحدث المهم». وأمل السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي أن تكون عودة الحريري في إطار التوافق على ضرورة مكافحة الإرهاب، وقال: «نرجو أن تكون عودته في هذا الإطار وأن يكون توافق على جمع كلمة اللبنانيين على محاربة التطرف والإرهاب الذي يهدد لبنان وسورية».
ورأى وزير الإعلام رمزي جريج أنّ عودته «تشكل بارقة أمل بانفراج الأزمات السياسية والأمنية التي يعاني منها لبنان». أما وزير الصحة وائل أبو فاعور فقد رأى أنها «تمثل خطوة إيجابية وكبيرة». وقال: «هي أولاً تكرس وتحمي أكثر منطق الاعتدال في البلد، ومنطق الشراكة، وهي تفتح آفاقاً جديدة أمام هذه الحوارات التي يمكن أن تؤدي ليس فقط إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل هي تعطي دافعاً وحافزاً أكبر للاتصالات السياسية التي يمكن أن تقود إلى تسوية وطنية شاملة في الاستحقاق الرئاسي وفي غيره من الاستحقاقات». وأضاف: «حسناً فعل الرئيس سعد الحريري بأن عاد إلى وطنه وإلى أهله وإلى جمهوره، ليمارس دوره كزعيم سياسي وشريك أساسي مع كل القيادات والشخصيات السياسية التي يجب أن تعمل في شكل مشترك لأجل إنقاذ البلاد». وأمل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان «أن يكون المناخ قد أصبح مؤاتياً للحوار المباشر بين القوى السياسية»، مؤكداً «أنّ الرئيس الحريري قادرٌ على إضفاء مناخ إيجابي على الحياة السياسية اللبنانية من خلال رفضه للإرهاب ووقوفه إلى جانب الجيش واستعداده لملاقاة الاستحقاقات الدستورية التي تعتبر فرضاً على كلّ مسؤول سياسي». واعتبر رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب أنّ عودة الحريري «يمكن أن تساعد في تشكيل مظلة سياسية للجيش اللبناني والتي كان فقدها خلال الأيام السابقة». وأمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي «أن تشكل عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان حافزاً لتضافر كلّ الجهود الخيرة من أجل الدفع إلى الأمام بالمساعي الآيلة إلى الخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية الداخلية في لبنان». كما أمل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن «أن تكون عودته مقدمة لمزيد من الإيجابيات على الساحة الوطنية». ورحب الأمين العام لـ «التيار الاسعدي» معن الاسعد بـ«عودة الرئيس الحريري الى لبنان واستعادة موقعه الطبيعي كركن أساسي في الحياة السياسية اللبنانية».
اجتماع كتلة المستقبل
ومساء، ترأس الحريري في بيت الوسط اجتماعاً موسعاً حضره الرئيس فؤاد السنيورة وأعضاء كتلة المستقبل النيابية والمكتب السياسي لتيار المستقبل والمجلس التنفيذي في التيار، استهله بتوجيه للعاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز «على الهبة السخية التي قدمها للبنان، وكلفني الإشراف عليها وهي هبة فتحت طريق العودة إلى بلدي الحبيب، وأعطت الأمل لكل اللبنانيين بأن بلدهم ليس متروكاً من قبل أشقائه وهو محط أنظارهم وقرارهم بحمايته من كلّ تهديد». وأكد أنّ «الوظيفة الأساسية لهذه الهبة، هي دعم الجيش والقوى الأمنية والدولة، وبكلمة أشمل هي للمساهمة في استقرار لبنان ومواجهة كل محاولات تخريب العيش المشترك بين اللبنانيين». وقال: «ليس هناك شيء اليوم أهم من دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية كي تقوم بالواجبات الملقاة على عاتقها في حفظ الأمن والاستقرار في كلّ لبنان». وأضاف الحريري: «يقول كثيرون إنّ عودتي لها علاقة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والحقيقة أنني كنت أتمنى أن يحصل ذلك، وأن يكون أول تحرك لي فور العودة هو زيارة القصر الجمهوري للاجتماع برئيس الجمهورية أو النزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد»، مؤكداً «أنّ انتخاب رئيس جديد هو مسؤولية الجميع». واشار إلى أنّ «دور تيار المستقبل هو حماية الاعتدال ومنع التطرف من التمدّد والانتشار»، وقال: «ما يهمني التركيز عليه هو دور تيار المستقبل ومنع كلّ محاولة لإشعال الفتنة لا سيما أنّ تأجيج التعصب لا يؤدي إلى أي نتيجة». وتابع: «ليس لدينا خيار لتشكيل ميليشيا، أو حمل السلاح بوجه سلاح أحد. خيارنا هو دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية بمعزل عن بعض الاخطاء التي ارتُكبت من هنا أو من هناك، فإذا كان حزب الله يرتكب أخطاء بحقّ لبنان فهذا لا يعني أن نردّ عليه بأخطاء مماثلة، أو أن نلجأ إلى كسر شوكة الدولة وهيبتها». ورأى الحريري «أنّ تدخل حزب الله في سورية لم يجلب للبنان إلا الأذى، وأكبر الأذى وقع على الطائفة الشيعية من خلال موجة التفجيرات التي ضربت الضاحية والجنوب والبقاع، وكانت بمثابة رد فعل على تدخل الحزب في سورية». وقال: «إنّ حزب الله ألحق الأذى الشديد في العلاقات بين المسلمين من خلال تدخله في سورية، وعرّض الجيش والقوى الأمنية لاعتداءات من قبل المجموعات الإرهابية، وقد رأينا كيف يدفع الجيش ضريبة غالية من دماء شبابه بسبب إصرار حزب الله على فرض أمر واقع لم يوافق عليه أحد من اللبنانيين».
وأكد الحريري أنّ «خطر الإرهاب جدي ومصيري وأي تهاون في مواجهة هذا الخطر يعني فتح الباب أمام الفتنة وأمام نهاية لبنان»، مشيراً إلى أنّ ما يحصل في العراق أخطر من خطير، وعملية تهجير المسيحيين العراقيين رسالة لنا في لبنان وتهديد مباشر لصيغة العيش المشترك في بلدنا».