خان طومان وبوابة تغيّر المعادلات
حسين مرتضى
بالرغم من التوافق الدولي على الهدنة في حلب التي نزفت كثيراً جراء ممارسات المجموعات الإرهابية، لم تنعم المدينة بالهدنة، حيث لم يشفع لها جرحها النازف، فالإرهاب على أنواعه ما زال صاحب المبادرة في خرق أيّ هدنة أو قتلها في حلب، فبعد كلّ اتفاق يلوح فوق المدينة، تلجأ الدول الداعمة للمسلحين بزجّ مقاتلين جدد وأسلحة متطورة عبر الأراضي التركية.
هذه المرة كان الجرم موصوفاً وواضحاً حيث هاجم جيش الفتح بهيكليته الجديدة منطقة خان طومان في ريف حلب الجنوبي. هذه التطورات تجعل الأيام المقبلة تبدو أكثر سخونة بالرغم من الهدوء النسبي في هذه الأيام، وكأنّ الريف الجنوبي أصبح محوراً للصراع الدولي، بعد التقدّم الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه، وهدّد مصالح الدول الداعمة للمجموعات المسلحة، وهذا ما لاحظناه من تلعثم الإدارة الأميركية بعد خرق المسلحين للهدنة والهجوم في خان طومان، بعد تعهدها بالهدنة امام الجانب الروسي.
مدينة حلب، والتي عانت من الصواريخ، فالنار أتت على الاطفال والمدنيين، قتلت من قتلت وأدمت قلوب الأهالي على اولادهم تحت الأنقاض، لم يشفع لها كلّ ذلك، لتشكل خان طومان الحجر الذي كُسرت عليه الهدنة، وأطلق هذا الخرق رسائل عديدة في كلّ اتجاه، ان لا احد يستطيع ان يؤثر على قرار مجموعات إرهابية تحت مسمّيات فيلق الشام وحركة الزنكي والجبهة الشامية وجند الأقصى والحزب التركستاني، والذي تشكل جيش الفتح الذي تُعَدّ جبهة النصرة ركنه الأساسي. هذه الرسائل تحوّلت إلى صفعة قوية للولايات المتحدة والاتفاق الروسي، الذي كان يعمل في اتجاه، والدول الداعمة للمسلحين وبالذات السعودية وتركيا في اتجاه آخر. خيبة وصلت الى حدّ الردّ الخجول من قبل الإدارة الأميركية فأثناء التحضير للاتفاق والمفاوضات لأجله، كانت تركيا تجتمع مع قادة الحزب التركستاني وتنظيم جند الأقصى، وتخطط للهجوم على خان طومان والوصول الى قرى الحاضر والبنجيرة وبرنة، والهدف قطع الطريق على القوات للوصول الى اوتستراد دمشق ـــ حلب. المخطط وصل الى استهداف قريتي الفوعة وكفريا المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي والهجوم عليهما.
ما كان يدور في المفاوضات حول الهدنة في حلب، كان يُعمل على عكسه في الخفاء، حيث تشير المعلومات انّ السعودية وتركيا، قامتا بإدخال مجموعات إرهابية كانت قادمة من تركمانستان وصل عددهم 1300 مقاتل، حيث دخلوا الى الأراضي التركية بتاريخ 4-5-2016، بالطبع تحت إشراف وتنسيق المخابرات التركية. هذه المجموعات هي بقيادة الإرهابي المطلوب دولياً، ويدعى ظاهر حسنوف، الذي له باع طويل في التخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية في الشيشان وسواها، حيث تمّ نقله هو ومجموعته عبر الطائرات السعودية الى تركيا، مزوّدين بدفعة اسلحة جديدة بالإضافة الى مليوني دولار، وتؤكد المصادر ان تلك المجموعات دخلت الى سورية عبر بوابة مخيم اللاجئين السوريين الواقع بين ريف إدلب والحدود التركية، وذلك بتاريخ 6-5-2016. ويمتاز هؤلاء الإرهابيون بالتدريب العالي الذي تلقوه على يد المخابرات الاميركية قبل وصولهم الى تركيا، والهدف الواضح هو إعادة خلط الاوراق العسكرية في محيط حلب وريفها.
المحسيني بعد وصول تلك المجموعات، كلف احد قادته ويدعى معاوية الانصاري بالتنسيق مع المجموعات الجديدة وإيصالها الى نقاط التحشيد في التحضير للهجوم.
ومع الترقب المحيط بالحرب الفاصلة المنتظرة في حلب شمال سورية والتي تشكل تركيا محرّكها الأول والسعودية مموّلها الرئيسي، يبقى الكلام الفصل والصوت الأعلى لضربات الجيش السوري وحلفائه بعد إفشال مخطط هذا الهجوم وحشر «جبهة النصرة» واعوانها تحت مرمى نيران الجيش في خان طومان ومحيطها.