سلام: الاستقرار النقدي والخبرات البشرية تجعل من لبنان مكاناً ملائماً للاستثمار سلامة: قطاعنا المصرفي يقوم بكلّ ما يلزم للمحافظة على علاقاته مع الخارج

افتتح رئيس الحكومة تمام سلام صباح أمس أعمال «منتدى الاقتصاد العربي» في دورته الـ 24 في فندق «فينيسيا» الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالتعاون مع مصرف لبنان والمؤسسة العام لتشجيع الاستثمارات في لبنان إيدال وجمعية مصارف لبنان واتحاد الغرف اللبنانية ومؤسسة التمويل الدولية IFC ، بمشاركة أكثر من 500 مستثمر ورجل أعمال من 20 بلداً، ووزراء ونواب وقيادات مصرفية ورجال أعمال وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والسلك الديبلوماسي.

بداية، تحدث الرئيس سلام، فقال: «بعد أسبوعين، ننهي للأسف عامين كاملين من الشغور الرئاسي، الذي يشكل إساءة بالغة للبنان واللبنانيين، ويعكس عجزاً مخجلاً للطبقة السياسية عن الخروج من أسر المصالح الداخلية والارتباطات الخارجية، وعن حفظ الأمانة التي أعطاها إياها الناس، لتدبير شؤونهم ورعاية مصالحهم. إنّ هذا التقصير المتمادي، هو السبب الأساس لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد كبير من القضايا المتعلقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد».

وأضاف: «إنها أيضا تعكس أسوأ صورة ممكنة عن البلد، في وقت يحتاج لبنان، كما نعرف جميعاً والاقتصاديون في مقدمتنا، إلى صورة توحي للمستثمر بالثقة التي لا وجود لها من دون استقرار سياسي. إنّ هذا الواقع، هو أحد الأسباب الرئيسية لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، بالإضافة طبعاً إلى الأسباب الخارجية الأخرى وأولها التطورات المأسوية الجارية في سورية، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد اللبناني، لعلّ أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري».

ولفت إلى «أنّ المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي جرت يوم الأحد الماضي، شكلت فسحة مضيئة وسط الأجواء الملبدة المحيطة بنا، ومتنفساً للبنانيين المحرومين منذ سنوات طويلة من ممارسة حقهم الديمقراطي». وقال: «إنّ هذه الانتخابات، التي نأمل أن تنجز بنفس السلاسة والنجاح في محطاتها الثلاث المقبلة، بثت بعض الروح في الحياة السياسية، وأعادت إلى المواطن حقه الطبيعي في اختيار من يمثله في إدارة الشأن العام، وأسقطت كلّ الذرائع عن عجز اللبنانيين عن خوض غمار الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية. والأهم من كلّ ذلك، أنّ هذه الانتخابات، التي تمثل إنجازاً لوزارة الداخلية وأجهزتها، أثبتت أنّ الدولة ومؤسساتها وقواها الأمنية، قادرة على إدارة وحماية أكثر التحديات الانتخابية صعوبة وتعقيداً، في حال توافر النية السياسية لدى الاطراف والقوى الوطنية».

أضاف: «ليس مستحيلاً البناء على هذا الإنجاز، للتقدم نحو محطات أخرى من الممارسة الديمقراطية، من أجل إحياء حياتنا السياسية وإعادة بناء هيكلنا الدستوري، وأول ركائزه رئاسة الجمهورية. ليس مستحيلاً التوصل إلى قانون انتخاب عصري، والذهاب نحو انتخابات عامة تعيد تجديد المجلس النيابي. ليس مستحيلاً تعميق الحوارات السياسية القائمة، للوصول إلى توافقات تعزّز الاستقرار الراهن، وتحصن لبنان من آثار الحرب المؤلمة الدائرة في سورية، في انتظار عودته إلى ما نريد وتريدون. وجهة مثالية للاستثمار، وواحة استثنائية للأعمال، ومنصة فريدة للتجارة والصناعة والعمل المصرفي».

وتابع: «على رغم كلّ الأوضاع الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الأصعب، فإن ما يمتلكه لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفي متقدم، واستقرار أمني كبير، وما يختزنه من خبرات بشرية، أرى الكثير منها بينكم اليوم، تجعل منه مكاناً ملائماً للنشاط الاقتصادي والاستثماري بكلّ أشكاله. وهذه السمات نفسها، هي التي تؤهل لبنان ليكون منصة انطلاق لمشاريع إعادة الإعمار في سورية العزيزة، حين تصمت المدافع، في يوم نأمله قريبا بإذن الله، وينادي المنادي أن حان وقت السلام».

سلامة

كما تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مشيراً إلى «أنّ القطاع المصرفي يقوم بكل ما يلزم للمحافظة على علاقاته مع الخارج، ولبنان بالنسبة للدول العربية حافظ على تواجده، والتحاويل من وإلى لبنان ستكون طبيعية»، وأشار إلى «أنّ هيئة الأسواق المالية تحقق تقدماً في ما يتعلق بالبنية التشريعية للحصول على أسواق مالية شفافة».

وقال: «عزّز لبنان وجوده بالشمولية المالية في الداخل والخارج، وفي الأمس أعلنت الـ oecd رسمياً أنّ لبنان أتم كلّ ما يلزم من شروط في انخراطه في مكافحة التهرب الضريبي وهذا التصريح يسقط كلّ ما كان يقال أنّ لبنان سيكون على اللائحة السوداء، كما حذف لبنان في اجتماع الـ «غافي» عن المراقبة المعززة وصار بلداً طبيعياً بمراقبة طبيعية. وبموجب هذه الأمور نؤكد أن لا عوائق أمام القطاع المصرفي في علاقاته مع الخارج».

الكباريتي

ثم تحدث رئيس مجلس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية نائل الكباريتي، مشيراً إلى أنّ «العوامل الخارجية ما زالت تحدث تقلباتها الكبيرة في العديد من الاقتصاديات العربية»، لافتاً إلى «أنّ الاقتصاد المتين المبني على قدرة اكتساب المعرفة ومواكبة التكنولوجيا وتسخير الطاقات للتنمية هو الاقتصاد المنشود، والذي يغدو مستقراً وحاسما للمستقبل ويجب ألا يكون مبني على الاستراتيجيات الاقتصادية المعتمدة على ثروات باطن الأرض كون أسعار هذه الثروات قابلة للصعود والهبوط وبالتالي تصبح السياسة الاقتصادية هشة مبنية على المجهول».

شقير

وألقى رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير كلمة دعا خلالها «الحكومات العربية إلى إطلاق ورشة اقتصادية شاملة، تستهدف تنويع اقتصادات دولنا، بحيث لا يبقى النفط موردها الأساسي، لا سيما بالنسبة إلى الدول النفطية، وهذا من شأنه خلق مجالات استثمارية هائلة ومئات آلاف فرص العمل نحن بأمس الحاجة اليها لشبابنا». وقال: «يجب أن تستهدف الرؤية فتح المجال أمام القطاع الخاص العربي للعمل بحرية ضمن النطاق العربي عبر إزالة العقبات والعراقيل من أمام التجارة والاستثمارات البينية، والأهم اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما يجب ألا ننسى أن هناك أموراً كبيرة تنتظرنا، وأبرزها الورشات الهائلة لإعادة إعمار الدول التي دمرتها الحروب من سورية إلى العراق واليمن وليبيا».

طربيه

ورأى رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه «أنّ تحصين الجهاز المصرفي ووحداته الناشطة داخلياً وخارجياً، يستلزم الالتزام التام بالمتطلبات الدولية». وقال: «هذا ما تمّ تعزيزه، قبل أشهر، بالإنجاز التشريعي المتمثل بإقرار حزمة قوانين مالية مهمة للغاية. وهذا ما دفع مجموعة غافي إلى الإعلان رسمياً أنّ لبنان يستوفي كلّ الشروط المطلوبة من حيث القانون ومن حيث الممارسة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل، ولن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخص لبنان».

أبو زكي

وألقى الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رووف أبو زكي كلمة لفت فيها إلى أنه

«في ظلّ الانكماش الاقتصادي الذي يسود المنطقة تظهر العلاقات العربية ـ الأفريقية، كمجال رحب لتوسع كبير في المبادلات التجارية والتدفقات الاستثمارية بين المنطقتين. فالقارة الأفريقية هي اليوم على مسار نمو متسارع ولديها حاجات كبيرة ومتنوعة، وتتمتع بدورها بطاقات كبيرة توفر فرصا واعدة للاستثمار والتصدير»، لافتاً إلى «أنّ لبنان يمكنه لعب دور رئيسي في تعزيز العلاقات العربية ـ الأفريقية لما للجاليات اللبنانية في أكثرية الدول الأفريقية من معرفة باقتصاداتها ومن باع طويل في التعامل التجاري والاستثماري معها، وذلك بالتعاون والشراكة مع دول شمال أفريقيا التي تشكل ممرا طبيعيا إلى القارة السمراء».

وبعد كلمات الافتتاح، تمّ تكريم وزير الصناعة والتجارة في مصر المهندس طارق قابيل، رئيس الهيئة العربية للتصنيع عبد العزيز سيف الدين، الباحث الاقتصادي ورجل الأعمال السعودي عبد الله دحلان بتقليدهم دروعاً تقديرية لجهودهم في المجالات الاقتصادية.

وقد منحت جائزة سعيد خوري للرواد والمبادرين حيث تمّ اختيار 4 مشاريع فاز كلّ من عبدالله رياض حنونة من فلسطين، إيمان حيلوز من الأردن، يسر صبرا وعماد شعبان من لبنان فادي عمروش من سورية.

ثم جال المشاركون في المعرض الذي ضمّ الشركات والمؤسسات الداعمة للمؤتمر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى