سعر الراس… مئة دولار!
فدى دبوس
هي فضيحة من العيار الثقيل فجّرها الإعلام ليكشف حقيقة حب «البيارتة» للائحة «البيارتة»، هذا الحب المشروط والمدفوع ثمنه مسبقاً.
حب فرض على عائلات ربما كان الفقر هو السبب الرئيسي الذي دفعهم للتخلّي عن مبادئهم والجلوس أمام مكاتب الحريري أو تيار المستقبل لقبض ثمن أصوات دفعت سلفاً في مراكز الاقتراع.
مئة دولار للصوت الواحد وربّما جاء المبلغ بحجم الانتخابات فلو كانت الانتخابات نيابية لارتفع السعر وربما بلغ المئات، لكن البلدية والمخترة يكفيها مئة دولار لشراء ضمائر الناس.
نعم هذا هو الحب المشروط، فضيحة تؤكّد فشل الحريري في الانتخابات وتؤكّد رفض البيارته لسياسة الحريري. هذه الحقيقة التي ترجمتها نتائج الانتخابات والتي أبرزت نجاح لائحة «بيروت مدينتي» فعلياً على الأرض.
أحاديث كثرت عن تزوير في أقلام الاقتراع وتزوير في الفرز وضياع لبعض الصناديق، أحاديث كثيرة ربّما لم يأخذها كثر بعين الاعتبار لكن الفضيحة الأخيرة والتي ظهر خلالها المواطنون وهم يقبضون ثمن أصواتهم في الطريق الجديدة كانت الأقصى والأكبر ليظهر معها غشّ وتلاعب كبيران في الانتخابات التي أكّدت عدم نزاهتها.
«زي ما هيّ» لم تكن سوى كلمات استقطب بها الحريري الإعلام، لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً عن الواقع، فمئة دولار كانت هي السبب لتكون «زيّ ما هيّ» هي الفائزة.
بلدية بيروت اليوم لم تنتحس فحسب بل كان أجدر على غسان الرحباني أن يغيّر كلمات أغنيته لتصبح «بلدية بيروت انتحرت» بعدما ظهر أبناؤها على الطرقات والسلاح مشهورٌ بوجههم بانتظار تلك الورقة الخضراء التي لن تكفيهم قوت ثلاثة أيام.
هذه الفضيحة كان لها حصّة الأسد على مواقع التواصل الاجتماعي، فالناشطون لم يستطيعوا ان يتناسوا الموضوع أو يمرّوا عليه مرور الكرام، بل تبادلوا الصور التي يظهر فيها مسلّحون وهم يشهرون السلاح في وجه من يقبض كي لا يحدث ربّما مشاجرات على الأموال أو سرقة لهذه الأموال المشينة، علّق الناشطون على هذه الصورة قائلين: «يا هيك حب المواطنين بكون، يا بلا»، لكن هل فعلاً يعتبر هذا نوع من أنواع الحب، حب ماديّ مشروط!
ربما ليست المرّة الأولى التي يشتري بها البعض ثمن الأصوات في الانتخابات، لكن على ما يبدو انها وللمرة الأولى تظهر هذه الأمور إلى العيان، ولربّما تذمّر المواطنون القابضون من انتظارهم الطويل، لتقول إحدى المواطنات: «متل كأننا بقر»!
لكن رؤية المواطنين وهم يشحذون المئة دولار من آل الحريري تعتبر من أقسى المشاهد التي يمكن لنا أن نراها، أن نرى العوز الذي يؤدّي إلى الإذلال لهو أمر مشين، وهو ما يدفعنا فعلاً إلى التساؤل: «هل هذا هو الحب يا شيخ سعد؟ هل تحبّ أهل مدينتك بهذه الطريقة؟ أليس أحد أهمّ شروط الحب ألاّ يكون مشروطاً؟!» نأسف يا شيخ سعد ولكن البيارتة ليسوا متسوّلين!
المؤسف أنّ هذا الولاء لتيار المستقبل في بيروت اتّضح أنه ليس ولاءً حقيقياً، ليس ولاء عن اقتناع بمبادئ هذا التيار وبما يقدّمه لمواطنيه، بل هو اقتناع مقترن بالعملة الخضراء التي لطالما أذلّت أفراداً وأحبطت أفراداً آخرين. والمؤسف أنه حتى الآن ورغم تأكيد عدم نزاهة هذه الانتخابات لم يصدر أيّ بيان بإلغائها والمبدأ الذي اعتمد «اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب»…