أنا إميل لحود… و«غصب عنّن»
81 عاماً لرجل حديدي مُفعَم بالقوة والصلابة اللامحدودة، الرئيس العماد إميل لحود نبض قوة ومقاومة… مقاومة كلّ شيء، وتعصّب لمبادئه، لا ينافسه أحد على تشبّثه وعدم تنازله عن قناعاته، بغضّ النظر عن تأييدك له من عدمه تقرّ بهذه الحقيقة…
يكاد يجزم الذين عايشوا حقبته الرئاسية باستعصاء مفاوضته على كلّ ما كان يعتبر بالنسبة إليه «مسلّمات»، يقول لحود انه لم يسعَ يوماً إلى الرئاسة بل إنها هي التي جاءت اليه «هم الذين توجّهوا نحوي». وهذه نصيحته لكلّ مرشح وكلّ لبناني أو «لبناني مرشح» يعرف مَن «هم».
لا يجدي كثيراً الحديث عن دعمه المفهوم للمقاومة أو تأييده لها، والبعض اعتبره حتى تحصيلاً حاصلاً بوجود الحكم السوري آنذاك، بمثل ما يجدي الالتفات الى تجربته بالعموم التي كانت مفعَمة بالارتجال الآتي من خلفية اعتبار خطواته منسجمة مع مصلحة البلد العليا، ربما لا يصدّق احد انّ لحود لم يكن على تواصل كبير مع القيادة السورية، لا بل كان الاتصال محدوداً ويقتصر على الضرورات منذ ان كان قائداً للجيش حتى تسلّمه سدة الرئاسة. قد لا يصدّق أحد أيضاً انّ ذلك الموقف من السعودية في القمة العربية عام 2002، ضدّ ما كان مطلوباً أن يمرّر بحق اللاجئين الفلسطنيين، كان موقفاً شخصياً نابعاً من قناعته بمصلحة القضية… يتذكّر لحود كيف تغيّب بعض الرؤساء العرب عن العشاء الذي كان مخصصاً لهم بعد الاجتماع، ويقول لا تزال السعودية «هي هي»، لا شيء تغيّر فيها، كنت أدرك ذلك لكن أحداً لم يلتفت… يصحّح ما «حدا بيسمع». لم يكن في ذلك الوقت لا نفوذ إيراني معزز ولا تدخل سافر في البلاد على الطريقة الحالية التي يتحدّث عنها الخصوم…
ساعات تكفي لتستطلع منه أجواء مرحلة تحرير الجنوب في أيار 2000 الديبلوماسية والأمنية في عهده وهي المرحلة التي يتذكّرها بتفاصيلها الدقيقة…
أسماء مثل لارسن وباول وعمرو موسى واولبرايت وعرفات تخطر على بال الرئيس…
تحرير الجنوب أنتج وحده حتى الساعة سلسلة مراجعات «إسرائيلية» أكاديمية واستخبارية بجزئه المتعلق بالتفاهم السياسي والأمني حينها في لبنان، ايّ متلازمة ارتباط المقاومة بالسلطة السياسية التي كان عنوانها في ذلك الوقت الرئيس لحود.
التخلص منه كان يوماً مهمة داخلية وخارجية شرحت نيات أكبر تتمثل بضرورة كسر هذا المفهوم الذي أنتج انتصاراً عربياً أول في تعاون سياسي عسكري محلي شكل خطأ في استشراف القيادة «الاسرائيلية» واليوم يحصد العالم العربي بانهياراته مهمة تصحيح هذا الخطأ الاستراتيجي المتمثل بالانسحاب.
ومنذ ذلك الحين، ايّ منذ انتهاء عهد لحود الذي تسمّيه قوى المقاومة «بالعصر الذهبي» غاب التفاهم السياسي بين الرئيس وبين المقاومة فنجحت الخطط الدولية الى حدّ ما بنسف هذا الهامش, ولم يعد هناك ايّ تفاهم او «كيمياء» بين الرئيس وتلك البندقية.
يفتخر لحود بأنه قام بما لا يمكن ان يقوم به رئيس «لا قبله ولا بعده»… يقول بانفعال «نحن لم نقتل الرجل… لم نقتل الشهيد الحريري». ما هذا المنطق؟ هل يريدون تلبيسنا جرائمهم؟ على أيّ حال كلّ شيء بان اليوم بظهور العنصر التكفيري الذي حذّرت منه مراراً في ذلك الوقت، لكن أحداً لم يصدق. لن نعطيهم فرصة تعمية الحقائق فنحن على حق».
التخلص من إميل لحود كان «يوماً ما» هدفاً دولياً أساسياً يشبه الى حدّ كبير الرغبة اليوم بالتخلص من الرئيس السوري بشار الأسد، يقول لحود أنا أعرف كيف يفكر «الدكتور»، لن يتنازل ولن يساوم مثلما تصرّفت أنا، وسيحمي سورية، وستنتصر سورية، وكونوا واثقين أنّ تنازله غير وارد، وأنا أرى انتصار سورية بوجوده.
ربما يشعر لحود جيداً بما يعيشه الأسد من عزل وضغط ولو عاشها بشكل محدود.
لا ينسى الخصوم ماذا فعل بهم، لا ينسى الذين انتظروا… كم انتظروا، ولم يترك السلطة، لا شيء يتقدّم هنا على قناعته وحقه الدستوري، لم يكن أحد مستعداً حينها لمواجهته، قاطعوه، عزلوه، فتحوا ملفات مالية… حسناً… يقول أحد المهتمّين بتجربة لحود… لحود سرق من المال العام؟ «كم سرق لحود؟ كم سرق الذين جاؤوا بعد لحود… حسناً إنه رئيس جمهورية أين هي أمواله؟ يتهمّونه زوراً… فلا يوجد نسبة للمقارنة. هذا اذا صحّت إمكانية شمل الزعماء والرؤساء بقضايا فساد كتحصيل حاصل في هذا البلد.
نجا الرئيس لحود من تهم خصومه فلم يتراجع ولا ينوي…
لستَ مضطراً لتأييده، لكنك مضطر للحديث عنه والتوقف عند تجربته والتمعّن فيها سياسياً، في وقت كان ينعم حكمه بأفضل العلاقات السورية السعودية فيأتي ليعترض وينسف رغبات المملكة في القمة العربية، وكانت أول حادثة اعتراض من هذا النوع، من كان يجرؤ؟ هذا سؤال سياسي بامتياز؟ واضح أنه لم يملك شيئاً يخاف عليه… قناعاته قد تأخذه الى أماكن بعيدة جداً لم يتوقعها من شاركوه الحكم.
أكثر مني ما حدا عمل… ما حدا بيقدر يعمل شي، أنا بالقوة قمت «السيلولير» من «ايدن» وخارجياً دعمت المقاومة غصب عن رقبتن» وصار في عنا جيش وطني».
انتهى المقال… «أنا إميل لحود».
ر.ر.