الصراع العربيّ- الإسرائيليّ والمعادلة الجديدة: تحييد المناطق السكانية وخوض مواجهة مباشرة
حميدي العبد الله
قبل أكثر من ست سنوات حذّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله العدو «الإسرائيلي» من الاعتداء مرة أخرى على لبنان، وقال إذا غامر العدو بشنّ عدوان على لبنان لن تكتفي قيادة المقاومة بالرد الصاروخي والمدفعي بقصف العمق «الإسرائيلي»، بل ستعطي الأوامر للمقاومة لمهاجمة مستوطنات العدو داخل فلسطين المحتلة.
تحذير السيد حسن نصر الله يستمدّ اليوم صدقيّته وفاعليته وقابليته للتطبيق من عاملين أساسيين:
العامل الأول، تجربة غزة الآن، إذ تمكّن مجاهدو عز الدين القسام من اقتحام مستعمرات العدو في غلاف غزة وخاضوا مواجهات وكبّدوا العدو خسائر كبيرة.
العامل الثاني، اختلاف جغرافية شمال فلسطين وجنوب لبنان عن جغرافية قطاع غزة والنقب، إذ يشكل العامل الجغرافي على طرفي الحدود عاملاً مساعداً لمجاهدي المقاومة اللبنانية أكثر من جغرافية غزة لقرب المستوطنات الصهيونية وانتشارها بكثافة قرب الحدود اللبنانية، مقارنة بكثافة هذه المستوطنات قرب قطاع غزة، إضافة إلى نوعية الأسلحة الأكثر تطوراً وفاعلية وتدميراً وكثافة التي تملكها المقاومة اللبنانية مقارنة بالمقاومة الفلسطينية.
هذا يعني أنّ أي عدوان على لبنان مستقبلاً يتيح فرصة لتنفيذ ما حذر منه الأمين العام لحزب الله قبل أكثر من ست سنوات، بل إنّه، أهم من ذلك، يتيح فرصة لولادة معادلة جديدة، تكمن في أنه في أي مواجهة مستقبلاً يمكن للمقاومة في لبنان أن تفرض على العدو المعادلة الآتية: مقابل التزام الجيش «الإسرائيلي» عدم قصف المناطق الآهلة بالسكان، وعدم الاعتداء على المرافق العامة في لبنان، فإن المقاومة تقبل بأن تقتصر المواجهة على الصراع الميداني المباشر، أي المواجهة بين مجاهدي المقاومة اللبنانية وجنود الجيش «الإسرائيلي». لكن هذا القتال سيكون على أرض فلسطين المحتلة وليس على أرض لبنان، أي معادلة تشبه المعادلة التي سادت في تموز 1993، ونيسان 1996 عندما فرضت المقاومة معادلة تحييد المناطق الآهلة، ومواصلة القتال ضد جنود الاحتلال الذين كانوا يحتلّون جزءاً من جنوب لبنان الفرق في المعادلة الجديدة أن القتال هذه المرة سيكون على أرض فلسطين المحتلة في الجليل وليس على أرض لبنان.
أمام قدرات المقاومة اللبنانية الصاروخية التي تفوق أضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كمّاً ونوعاً، وقدرتها على تدمير مرافق العدو، وتحديداً المطارات والموانئ ومؤسسات الكهرباء والمصانع، وغياب أي عمق في دول مجاورة يمكن أن يلجأ إليه سكان الكيان الصهيوني، ليس أمام العدو الصهيوني من خيار سوى الرضوخ لهذه المعادلة الجديدة.