المقاومة تحشر حكومة نتنياهو إما العودة إلى دائرة الاستنزاف أو الاستجابة للمطالب الفلسطينية
حسن حردان
فوجئت حكومة رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو مجدداً بصلابة موقف المفاوض الفلسطيني وتمسكه بمطالبه تماماً كما فوجئت بشدة المقاومة في الميدان وبالمفاجآت التي كشفت عنها في قتال حرب العصابات والذي أدى إلى إيقاع خسائر جسيمة بصفوف جيش العدو ومستوطنيه لم يكشف عنها إلا بعد إعلان الهدنة الموقتة وهي بلغت 64 قتيلاً بين ضابط وجندي و1620 جريحاً من الجنود. فيما أصيب نحو 700 مستوطن، هذا عدا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة نتيجة شلل الحركة وتوقف المصانع وضرب الموسم السياحي في كيان العدو.
وقد أدى ثبات المقاومة على موقفها برفض تمديد الهدنة إلى وضع حكومة نتنياهو في مأزق الاختيار بين واحد من خيارين:
الأول: العودة إلى حرب الاستنزاف التي تعني استمرار شلل الاقتصاد «الإسرائيلي» وتعطل حركة الطائرات في مطار بن غوريون، أو الإقدام على العودة إلى احتلال قطاع غزة مع ما يعنيه ذلك من التورط أكثر في حرب استنزاف أكبر وأكثر فداحة من جميع النواحي البشرية والاقتصادية والمالية.
وهو ما دفع الحكومة «الإسرائيلية» أصلاً إلى تجنبه وطلب العودة إلى التهدئة لعدم البقاء في دائرة حرب الاستنزاف بعد فشل الجيش «الإسرائيلي» في تحقيق أهدافه.
الثاني: الاستجابة لمطالب المقاومة بفك الحصار الكامل وإطلاق الأسرى الذي كانوا قد أطلق سراحهم في صفقة شاليط من دون ربط ذلك بجثتي الجنديين اللذين أسرتهما المقاومة خلال العدوان والموافقة على إقامة ميناء على شاطئ غزة وفتح المطار.
على أن موافقة «إسرائيل» على مطالب المقاومة المذكورة كشرط للتوصل إلى اتفاق لوقف نار دائم يعني هزيمة سياسية وانتصار كبير للمقاومة.
ولهذا فإن حكومة نتنياهو سارعت إلى رفض الموافقة على هذه المطالب لكن المقاومة سارعت بدورها إلى الرد باستئناف إطلاق الصواريخ على المستوطنات وقام الاحتلال بقصف غزة.
هذا التطور يؤشر إلى أن المواجهة لا تزال مستمرة بين الاحتلال والمقاومة وأن الأمور تتجه إلى جولة جديدة من عض الأصابع إلا إذا عدلت حكومة نتنياهو عن رفضها وقبلت بالاستجابة لمطالب المقاومة مع بعض التعديلات الطفيفة لحفظ ماء الوجه. لأنه من الواضح أن المقاومة هذه المرة ليست مستعدة للتراجع عن سقف موقفها، لأنها عندئذ سوف تدفع ثمن ذلك بفقدان صدقيتها على الصعيد الشعب الفلسطيني الذي طالبها بعدم المساومة والتمسك بالحقوق على رغم ما تعرض له من مجازر وتدمير لمنازله.
وعليه فإن الكرة باتت في ملعب حكومة نتنياهو فإما تستجيب للمطالب الفلسطينية أو تذهب إلى التعقيد استجابة لضغوط اليمين والرأي العام الذي أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة عن ميوله نحو التشدد ومواصلة العدوان. لكن ذلك سيقود مجدداً إلى مأزق الخيارات العسكرية المسدودة الأفق.
يأتي ذلك في وقت أقرت فيه الصحافة «الإسرائيلية» بأن الكلمة الأخيرة في جولة الـ29 يومياً من العدوان كانت للمقاومة الفلسطينية التي أطلقت وابلاً من الصواريخ قبيل دخول هدنة وقف النار للمرة السابعة حيز التنفيذ، في المقابل كشف النقاب عن مزيد من الاختلافات داخل الائتلاف الحكومي «الإسرائيلي» حيث تصادم وزير المال يائير لابيد مع نتنياهو على خلفية انتقاد الأخير لمساعي وزير الخارجية الأميركي جون كيري وأن موقف لابيد قد حظي أيضاً بتأييد بعض الوزراء.