مصطفى بدر الدين في موقع العِمّة التي على رؤوسنا

الشيخ عفيف النابلسي

لم يكن الموت في قاموسنا يوماً فناءً أو انكساراً أو هزيمةً، بل كان عبوراً وتقدّماً ونصراً. وما كانت الحياة الدنيا إلا محطةً نغادر بعدها إلى الحياة الأبدية، وما كانت الروح إلا أمانة قبل أن يستردّها صاحب الأمانة الحقيقي. لذلك نعتبر شهادة القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين جميلة وبهية ومنطقية. لأنها بكلّ بساطة وقعت في مجرى حب العبد لله، وفي طريق الدفاع عن حرمات الله، وفي مسلك حماية الأوطان والأعراض.

فأي إنسان يتخلى عن أعراض الدنيا ويذهب إلى الموت بنفسه من أجل حياة الآخرين وكرامتهم، سيكون في عروش قلوبنا وفي موقع العِمّة التي على رؤوسنا.

الشهيد البطل مصطفى بدر الدين هو من أولئك الرجال الذين أنشأوا الممرات لعبور الوطن من القيد إلى الحرية، وعبور الأمة من الخزي إلى الكرامة.

نعم، عندما يُستشهد لنا أخ مجاهد، فإننا نزداد فخاراً واتقاداً وخلوصاً لله سبحانه وتعالى، ولا نستسلم لفجيعة اليأس، ولا ندخل في مرارة الحادثة، بل نمضي قُدُماً إلى الأمام، ونخرج منتصرين على النفس وعلى الظروف وعلى التحديات القاسية.

لقد راهن الأعداء طوال مواجهتنا معهم حتى اليوم على هزيمتنا عند عتبات الخوف، وعند شدة الحصار، وعند كثرة الجراح، وعند قسوة العزلة، وعند قلة الناصر والمعين، لكن رِهانهم كان سراباً، لأننا كنا نخرج من تلك الظروف والأوضاع المأساوية والصعبة والخطيرة كلّها إلى الفرج والقوة والنصر. كنا نزداد عزيمة وتماسكاً وصلابة. كنا إذا قُتل منا مجاهد خرج من كبد الأرض آلاف المجاهدين، وكنا إذا تجمّع الأعداء علينا تذكرنا قول سيد الشهداء ع : أفبالموت تهددني يا ابن الطلقاء إنّ القتل لنا عادة. وكرامتنا من الله الشهادة». لذلك لن تنكسر إرادتنا ولن ندخل في دوامة الحيرة والإحباط بل ستمنحنا شهادة ذو الفقار قدراً لا يُوصف من التجدّد والاشتعال والمقاومة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى