دول فيينا تبدأ بليبيا بدعم حكومة السراج… وكيري ولافروف يستعدّان لجولة سورية تركيا أمام مقايضة مكسبها الليبي للتراجع عن تغطية «النصرة»… أو حرب الشمال

كتب المحرر السياسي

في فيينا حيث انتهت جولة المحادثات الدولية الإقليمية الخاصة بليبيا بترجمة التوافق على دعم حكومة فايز السراج، تبدأ اليوم الجولة الحاسمة المخصصة للبحث في التفاهم الروسي الأميركي الخاص بإحياء مساري الهدنة ومحادثات جنيف، والقائم على تعليق الخلاقات حول تصنيف «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» على لوائح الإرهاب، وكذلك تعليق البحث بحصرية تمثيل جماعة الرياض للمعارضة ونوعية وكيفية المشاركة الكردية فيها، مقابل مشاركة تركيا والسعودية الراعيين لـ«أحرار الشام» و«جيش الإسلام» والمعترضين على الطعن بتمثيل جماعة الرياض للمعارضة وعلى المشاركة الكردية في جنيف، في توفير الغطاء ومعهما «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» وجماعة الرياض للحرب على «جبهة النصرة»، وترجمة ذلك سياسياً بموقف واضح نهائي من استثناء «النصرة» من أحكام الهدنة، وعملياتياً بالخروج من المناطق المتشابكة مع مناطق سيطرة «النصرة».

وزيرا الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف، أجريا جولة محادثات تمهيدية ليل أمس أكدا خلالها على وجود فرصة لإنعاش العملية السياسية، فيما يبدو تلاقياً على ما تعتقده واشنطن الضرر الأدنى بالتخلي عن «النصرة» مقابل الفوز بما هو متاح من مكاسب، بدلاً من الذهاب إلى مواجهة مفتوحة لن ترتضي روسيا الحياد فيها، ولن تنفع معها معادلة حياد ميداني أميركي مقابل مثيله روسياً، وما جرى قبل شهور كافٍ لتقديم الجواب، والنتيجة ستكون من المواجهة، هي التي كانت تبدو في طريق ارتسامها قبل الإعلان عن الهدنة منذ شهرين، مع فارق ما سيترتب من ضراوة وخراب ودماء بفعل تحشيد «النصرة» وأعوانها من رجال وسلاح وما قدّمه وسيقدّمه السعوديون والأتراك من دعم للجماعات المسلحة في هذه الحرب، لكن لن يكون متاحاً صناعة نصر على سورية وحلفائها ولا إقامة توازن بوجههم، بينما ستختبر اليوم الفرضية السعودية التركية القائمة على تورّط «إسرائيلي» مباشر ربما يكون اغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين مؤشراً عليه، للنجاح في إقامة توازن يمنع الحسم العسكري، مع الكلام السعودي عن توفير سلاح أشدّ فتكاً للجماعات المسلحة، وبالتالي الخروج بموقف متشدّد يدعو لتعديل التفاهم بتوسيع نطاق الحديث عن فرصة لـ«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» لتطال النصرة أيضاً، وبدلاً من جعل العداء لـ«النصرة» مقياساً، جعل العداء لـ«داعش» المقياس، وتقديم مقاربة تركية سعودية فرنسية بريطانية لاختبار استعداد «النصرة» للمشاركة في الحرب على «داعش» من ضمن شمولها بأحكام الهدنة، وهو ما سبق وطرحه كيري على لافروف وجوبه بالرفض.

تركيا تواجه إغراء مقايضة الاكتفاء بمكاسب حدّ أدنى يضمنها تعليق الدعم للأكراد، وتعليق المطالبة بتصنيف «أحرار الشام» إرهاباً، طالما المكسب التركي الأكبر قد تحقق بالدعم الذي تشاركت فيه واشنطن وموسكو لحكومة السراج الليبية التي تعتبرها تركيا فرصتها للبقاء في معادلة ليبيا.

الاحتمالات المفتوحة في فيينا ستقرّر احتمالات مفتوحة في السياسة والميدان، بين عودة جنيف أو إنهاء مسار المحادثات، وبين اندلاع مواجهة شاملة في سورية من الشمال والوسط والجنوب أو إحياء الهدنة، وحصر الحرب بـ»داعش» و«النصرة».

بانتظار التطورات السورية يعيش لبنان انتخاباته البلدية، كأداة قياس لفعالية الحرب التي تشنّها واشنطن وحلفاؤها على المقاومة في مسارات العقوبات المالية والتقييد السياسي والإعلامي وحروب التشويه والشيطنة، التي يفترض أن تصيب بيئة المقاومة بالضعف والتفكك والتعب، وتمنح العافية لبيئات يتم الرهان عليها بالعدائية للمقاومة، وتصيب بيئات حليفة للمقاومة بالارتباك، بينما حملت انتخابات جبل لبنان تعبيرات متعدّدة عن حيوية تحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله، بما هو أبعد من انتخابات حارة حريك، ففي الحدث كان الاختبار عن قرب لمدى نجاح القوات اللبنانية التي تخاصم المقاومة في اجتذاب جمهور التيار، واختبار عن قرب للعلاقة المباشرة بحزب الله في الجوار، والحساسيات التقليدية المرافقة لها، وجاءت نتيجة بلدية الحدث تقول بثبات وتماسك تحالف التيار وحزب الله، وهامشية منطق القوات وتأثيرها على بنية التيار، كذلك أظهرت الانتخابات المباشرة التي خاضها حزب الله في بلديتي الغبيري وبرج البراجنة، حيث البيئة الأشدّ محافظة وتقليدية في جمهوره، احتفاظه بالحيوية الشعبية وعدم تأثر جمهوره بالحروب المختلفة التي تشنّ عليه وضدّه.

في الجنوب تبدو الانتخابات بلا معارك بخلاف صيدا، حيث معركة تسجيل نقاط لرئيس التنظيم الشعبي الناصري وحلفائه بوجه اللائحة المدعومة من تحالف النائبة بهية الحريري والدكتور عبد الرحمن البزري، واحتمال ذهاب حاصبيا إلى مواجهة بين مناصري النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان.

انتهت الجولة الثانية من الاستحقاق البلدي والاختياري في محافظة جبل لبنان التي بقيت نتائجها في دائرة القراءة والتحليل، وتحديداً في جونية، لما تمثله من رمزية سياسية، والتي أثبتت قوة العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر الذي خاض الانتخابات ضد عائلات مسيحية تقليدية وأحزاب، حيث تأكد فوز لائحة «كرامة جونية» برئاسة جوان حبيش مع خرق من لائحة «جونية التجدد» بالأسماء الأربعة: فادي فياض، فؤاد بواري، سيلفيو شيحا ورودريغ فنيانوس. بينما تستعدّ محافظتا الجنوب والنبطية للجولة الثالثة في الثاني والعشرين من الحالي والتي ستكون أقل حماوة وحماسة مع وجود ثنائي أمل – حزب الله كحاضر أبرز بينما ستشهد صيدا وحاصبيا وجزين معارك انتخابية.

وأشارت مصادر الحزب الديمقراطي لـ«البناء» إلى أن «لائحتين ستتنافسان في حاصبيا: الأولى مدعومة من من الحزب الديمقراطي والثانية من الحزب التقدمي الاشتراكي»، مرجّحة أن «تتجه الأمور إلى التوافق لكن لا تشكيلة نهائية ائتلافية حتى الآن على أن يظهر المشهد النهائي خلال الساعات المقبلة».

وشدّدت على أنه «إذا لم ينجح التوافق، فإن حاصبيا ستكون أمام معركة حامية بين اللائحتين، كتلك التي شهدتها الشويفات، حيث وقف الحزب الاشتراكي خلف المجتمع المدني، لكنه هو من شكل اللائحة وأدار المعركة وأشرف على صدور النتائج».

ولفتت المصادر إلى أن «المعركة في حاصبيا ستتخذ الطابع السياسي، خصوصاً أن للمدنية أهميتها ورمزيتها وتظهر صورة الحزب الديمقراطي بالاتفاق مع عائلاتها ومشايخها كما الشويفات. وتوقعت أن تكون الحماسة الانتخابية في حاصبيا ونسبة الاقتراع في حال حصلت معركة كحماوة ونسبة التصويت في الشويفات».

وصيدا محسومة لصالح لائحة السعودي

وقالت مصادر صيداوية مطلعة لـ«البناء» إن «ثلاث لوائح ستتنافس في صيدا إضافة إلى شخصين منفردين. اللائحة الأولى هي لرئيس البلدية الحالي محمد السعودي والمدعوم من خلف الستار من النائبة بهية الحريري والجماعة الإسلامية الذين نالوا 3 اعضاء في اللائحة ومن الدكتور عبد الرحمان البزري، أما اللائحة الثانية فمدعومة من رئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد واللقاء الوطني في صيدا ويرأسها المهندس بلال شعبان. وهو موظف في شركة في صيدا، وهو غير معروف إعلامياً، لكنه يملك خبرة تقنية وعلمية، وتتألف هذه اللائحة من مجموعة من الشباب ومعظمهم أبناء كوادر قدامى في التنظيم الشعبي الناصري».

وأضافت المصادر أن «النتيجة محسومة بفوز كامل أعضاء لائحة السعودي، لكن التحدي هو للتيار الوطني في صيدا ليس على صعيد خرق لائحة السعودي إنما بعدد الأصوات التي سينالها، خصوصاً أن هذه الانتخابات هي الأولى بعد معركة عبرا وعليه إثبات أنه لا يزال يحافظ على حضوره».

.. والأسير حاضر سراً

أما اللائحة الثالثة، بحسب المصادر، فتتألف من 9 أعضاء يرأسها علي الشيخ عمار ومدعومة سراً من مناصري الشيخ أحمد الأسير. وعمار هو رئيس المكتب السياسي السابق للجماعة الإسلامية، لكنه استقال عام 2006 لأنه يميني ومتطرف تجاه حزب الله والشيعة وشكل جمعية كانت ناشطة وفاعلة إعلامياً لمتابعة موقوفي عبرا».

وعلمت «البناء» أن إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود أعطى وعداً للسعودي بالتصويت له فقط، لكن ليس لكامل أعضاء لائحته بل أصوات مناصريه ستذهب للسعودي وللائحة المدعومة من أسامة سعد».

لقاء بين هولاند والحريري اليوم

رئاسياً، لا جديد مع دخول الفراغ الرئاسي عامه الثالث الأسبوع المقبل، ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم والرئيس سعد الحريري المتواجد في باريس.

وفي إطار الحركة الدولية تجاه لبنان، حطّت وزيرة الخارجية الأرجنتينية سوسانا مابيل مالكورا في بيروت، وأشارت في مؤتمر صحافي، إلى أن «لبنان هو المدخل الرئيسي للمنطقة، وقد اتفقنا على العمل ببعض البرامج للسير معاً»، مرحبة «بمجموعتنا الإنسانية التي تقدم المساعدات لبعض اللاجئين في لبنان، ولا بد من الاعتراف بأن المسؤولية مشتركة، وإننا نقوم ما في وسعنا من اجل بناء البنى التحتية إلى جانب السوريين الذين نرحّب بهم في بلدنا».

القرار أكبر من الحكومة

في غضون ذلك، بقي قانون العقوبات الأميركية على حزب الله وتعاميم مصرف لبنان في دائرة الغموض، وعشية زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى الخارج لمتابعة تفاصيل القرار وآليات تطبيقه في لبنان.

وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «حاكم مصرف لبنان سيلتقي رئيس الحكومة تمام سلام فور عودته من الخارج ليضعه في أجواء اتصالاته ولقاءاته والعمل لإيجاد طريقة لعدم استهداف حزب الله وبيئته على الصعيد المالي»، لكنها شدّدت على أن «القرار ليس قرار الحكومة بل أكبر منها».

.. وجلسة حكومية الخميس ببنود عادية

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية في السراي الخميس المقبل لاستكمال بنود جدول الأعمال الجلسة الماضية. وقال مصدر وزاري لـ«البناء» إن «ملف أمن الدولة لن يطرح في أي جلسة إلا بعد نهاية الانتخابات البلديات»، وأوضح أن «حل هذا الملف هو في انتظار حتى حزيران المقبل موعد إحالة نائب المدير العام العميد محمد الطفيلي إلى التقاعد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى