بلدية عيناثا تكرّم كوكبةً من الإعلاميين والكلمات تشدّد على نبذ التطرّف
محمد أبو سالم
أقامت بلدية عيناثا مهرجاناً تكريمياً لإعلاميي البلدة، برعاية رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، ولمناسبة ذكرى انتصار تموز، وذلك في منتدى جبل عامل للثقافة والأدب، بحضور رئيس تحرير جريدة السفير طلال سلمان، مديرة أخبار الجديد مريم البسام، العقيد مصطفى زين الدين ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، الإعلاميين: جورج قرداحي، سامي كليب، زاهي وهبي، نائب مدير قناة المنار ابراهيم الموسوي، مسؤول وحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله الشيخ علي ضاهر، مسؤول إعلام حزب الله في منطقة الجنوب حيدر دقماق، رئيس بلدية عيناثا عباس خنافر، وحشد من الوجوه الإعلامية وعدد من علماء الدين من مختلف الطوائف، وفاعليات.
قدّم الحفل يوسف بسام، ثمّ كانت معزوفات وأناشيد للفرقة الهارمونية التابعة للموسيقى المركزية في جمعية كشافة الإمام المهدي.
وألقى رئيس بلدية عيناثا عباس خنافر كلمة أشار فيها إلى أن البلدة تفخر بطاقاتها وبكفاءاتها التي يأتي في طليعتها الإعلاميون المكرّمون وكل صاحب صوت حرّ وقف مع قضيتنا في الحرب وفي وجه العدو الصهيوني الذي حاول النيل من بلدنا، لكنه لم يستطع النيل من إرادة المقاومة فهزمته على تلالها. لافتاً إلى أنّ هذا التكريم احتفال بعيد النصر لهذه السنة لكن بطريقة مميزة، مقدّماً تحيات العرفان لأرواح الإعلاميين الشهداء الذين تنحني خيوط الشمس بدمائهم التي كتبت بحروف العزّة والكرامة.
وقالت البسام: «أجمع قواي لأرسم وطني الصغير بالكلمات، فمن أين أدخل في هذا الوطن، من شرفات الفقراء، كيف تسير أحوال القرى والقمح أجمع بعضي لأتكلم بِاسم إعلاميي عيناثا هكذا أسندوا لي المهمة وهكذا أتسلل إلى ضيعتي لأرشقها بدايةً بمخزون شوق عن كل العمر عن بيتي الذي رمي أول حديده ها هنا، عن والدي الذي أقسم أن يقيم على هذه الأرض فخطفه شياطين الحرب، عنه عن محمد الذي تزوج تلك البلاد وغنّت له مناديل الحداد، عن تراب لم ينضو محمد تحته وعن تربة تشتاق إلى جسده ضمّت كل الناس وأغفلت عن أغلى الناس.
ما هذه المهمة التي أسندت إليّ أو ابتليت بها، أشعر أنني كولد يهرب من درس القراءة حتى لا يفتح جروحاً ظنّ أنها نامت، طوتها سنون الحرب وراكمت المهنة كلمات فوق الكلمات، فغطّت عجز الطفولة وضياع الصبا، لكن عيناثا بلدة دبرت لي المكائد وضبطتني بالحنين المشهود كالقابض على تائه عائد».
وختمت: «بِاسمي وبِاسم إعلاميي عيناثا أعلن الولاء لهذا الوطن ولهذه الأرض لشهدائها وأبطالها منذ أول حراس القرى حتى يومنا المقاوم هذا، فمن قال أننا نكتب يومياً بلا ذخيرتهم من دون أن نستقي منهم حبر الحروف ونستمد عبرهم رونق المواقف من هنا ندخل في الوطن».
وألقى سلمان كلمة قال فيها: «في البدء كان الحجر، بورك الحجر وقاذفه الذي لا يخطئ ثم كان الزيت المغلي، بوركت أيادي الأمهات والصبايا وهنّ يقذفن به جند العدوّ فيحرق وجوههم ويطلق صرخاتهم عويلاً، وها هي البيوت المزهوّة بأنها كانت حصوناً مقاوِمة تنثر عليك من حبقها طيناً وتستقبلك نساؤها المتباهيات بأنهنّ حافظات التاريخ والجغرافيا وقد تعطّرن بسميم الشهداء.
هامات الرجال هنا أعمدة من نور وابتسامات النساء هنا التماعات فرح لا تغيب عن ظلالها لوعة الفقد، إنهن أمهات الشهداء وأخواتهن، إنهن الصامدات اللواتي توحدن مع بيوتهن فبقين فيها وانغرسن معها في الأرض لتكون مباركة، فالسلام عليكن أيتها الأمهات الطاهرات جذورنا الغافيات هنا لا يتركنا ولا يغبن عنا».
وختم: «أكتفي بالإشارة إلى أنّ شهادتي مدموغة بإرشادات راعينا هنا كما في بيروت النائب حسن فضل الله، ودواوين زاهي وهبي ومقدّمات مريم البسام التي ترسم لوحة كاريكاتورية للحياة السياسية في لبنان، وتوقيع المحرر السياسي حسين أيوب، على أن الشكر واجب وقد انتشلتنا هذه الرحلة من خمول الحياة السياسية واندثار العمل النقابي وضياع الدولة البلا رأس وقادتنا إلى حيث بكل شبر روايته البطولية، فعلى بعد أمتار من هنا خيضت في مثل هذه الأيام من صيف 2006 معركة حقول الزيتون في مربع عيناثا بنت جبيل مارون عيترون، المعركة التي منعت «الإسرائيلي» من أن يحتفل برفع علمه في المدينة التي أعلنها قائد النصر مرّة ثانية السيد حسن نصر الله عاصمةً للتحرير».
وكانت كلمة لصاحب الرعاية النائب فضل الله وقال فيها: «إن اللغة الأصيلة تنساب هنا صافية كعيون الماء، وتنمو القوافي وتبتكر في كل المواسم، لا الغيم يحجبها ولا الشمس ولا القمر، والأرض هنا ولادة في كل زمن، ولا عقم فيها ولا جذب، تتناسل جيلاً بعد جيل، ويغمرها كل جيل حباً وتعلقاً وتفانياً، فلا يلام أيّ عاشق، وأنا منهم، لترابها وتراثها وتاريخها، فحب الوطن من الإيمان، والمرء مفطور على حب بني قومه، فكيف إن كانوا من أهل الكرامة والعنفوان، وكيف إن كان منهم سادة قافلة الوجود ألا وهم الشهداء».
وأضاف: «نطلّ على اللغة الأصيلة اليوم من هذه البلدة في هذا التكريم لأبنائها الإعلاميين بين يدي هذا الحضور الكريم من أهل القلم والفكر والأدب. لنقرأ في كتابها، ونقرأ قبل تاريخها الحديث مداد أقلامها كأنه دماء شهدائها، ومذّ صارت مكوّناً أساسياً من حغرافيا الوطن، فصارت هي الحارس الأمين لسيادته وحريته وكرامته، فهي الأرض التي قاومت الغزاة يوم اجتاحوا البشر والشجر في العشرينات، ورسموا حدود دولنا الوليدة، وانتفض تبغها عام 1936، وشاركت فلسطين ولا تزال في دمها وكسرة خبزها منذ عام 1948، وهللت لثورات العرب الآتية من مصر عبد الناصر، وجزائر المليون شهيد، وغنّت تأميم القناة وحرب تشرين، وثورة إيران الإسلامية، وتبنّت كل مقاومة عربية أو حرة في وجه محتل أو غازٍ، وكانت لها ولهذه الأرض ولا تزال، في كل موقعة دم».
وأشار فضل الله إلى «أننا نعبر من أيام النصر في تموز وآب إلى أيام غزّة، وقد أنجزت بصمودها ومنع العدو من تحقيق أهدافه نصراً جديداً مضمّخاً بالدم، فما أشبه اليوم بالبارحة، كأن الزمن يعيد نفسه، بل كأننا نرى أنفسنا وقرانا وضاحيتنا في مشهد غزّة، فالعدو هو هو هنا وهناك، يحاول التعويض بالسياسة عمّا يعجز عنه بقوّة السلاح، ودائماً يجد العون الأميركي التقليدي ويضاف إليه العون من بعض العرب، ولكن دائماً الصمود في الميدان يغيّر المعادلات».
وفي الشأن السياسي رأى أن أيامنا اللبنانية تشهد على تهديد حقيقي للبنان والوطن والدولة والذي بات مصيرهما معلقاً على نتائج المواجهة مع موجة التكفير التي تغزو المنطقة وتحاول تغيير وجهها وصورتها، فما قدّمته المقاومة من تضحيات في هذا المجال حمى مشروعها وحمى لبنان بصيغته وفرادته. مؤكّداً أنّ المقاومة ستظلّ تتحمل مسؤولياتها حتى لو تخلّى الآخرون عن واجباتهم كي لا يتكرّر مشهد الموصل التي تغاير وقائع التهجير لمسيحييها ومسلميها مسار التاريخ والحضارة والقيم في هذه المنطقة والتي حملها الإسلام في شريعته السمحاء الذي هو اليوم المستهدف بصورته النقية وتعاليمه السماوية التي حافظت على التنوع الديني والثقافي والعرقي.
ودعا فضل الله إلى المحافظة على التنوع الديني والثقافي والعرقي فعلاً لا قولاً، معتبراً أنّ ما جرى من استهداف للسيادة الوطنية والتعرّض للجيش هو في سياق هذا التهديد الجدّي للبنان الذي أصبح يحتاج إلى مقاربة مختلفة لا تنفع معها لغة التبرير أو التهوين أو التهويل أو سوق الاتهامات. متسائلاً: «ما نفع الكلام كلّه إذا تقوّض الكيان بجغرافيته وبتنوّعه؟ وماذا يفيد التبرير إذا تلاشى النظام بتركيبته وصلاحياته؟».
وختاماً، قدّم فضل الله وإلى جانبه سلمان وقرداحي وكليب وخنافر الدروع التقديرية للإعلاميين المكرّمين وهُم: أحمد خنافر، أحمد وهبي، جميل جعفر، حبيب غانم، حسن إبراهيم، حسن خنافر، حسين أيوب، زاهي وهبي، زينب السيد علي، طارق إبراهيم، عباس صباغ، فوزي أيوب، قاسم خزعل، كمال فضل الله، ليلى البسام، محمد علي خنافر، محمد علي غانم، مريم البسام، مصطفى البسام، موسى ابراهيم، ندى محمد فضل الله، وهبة خنافر. كما قدّم رئيس البلدية درعاً تقديرية للنائب فضل الله.
على الهامش!
لم يكن لافتاً عدم دعوة الإعلامي نديم قطيش ابن بلدة عيناثا الجنوبية. تلك البلدة التي اشتهرت بشهدائها وعلمائها وشعرائها وإعلامييها ومثقفيها، استثنت نديم قطيش الذي يتردّد إلى عيناثا في بعض المناسبات برفقة عسكريين من قوى الأمن الداخلي للتشبيح لا أكثر. قطيش هو من اختار الابتعاد عن بلدته وأهله وناسه، بعد أن اشتهر بعدائه لنهج عيناثا، وأخذ من الشاشة الزرقاء منبراً للتحريض وبثّ سمومه. فأصبح كالابن الضال، كما وصفته عائلته في بيان سابق، ولا يستحقّ التكريم.