بهاء بن نوار تكتب عن «الواقع والممكن» في الرواية العربيّة المعاصرة
صدر لدى «دار فضاءات للنشر والتوزيع» في عمّان كتاب للباحثة والناقدة الجزائرية بهاء بن نوار عنوانه «الواقع والممكن: دراسة عن العجائبيّة في الرواية العربيّة المعاصرة». وهو بحث أكاديمي يحوي مدخلاً نظريّاً وأربعة فصول.
في المدخل النظري تتناول الدراسة بالبحث إشكاليّة مصطلح العجائبيّة ومفهومه في حالتي النقد العربيّ والغربيّ، وتبيّن في الفصل الأول مصادر العجائبيّة وأصولها الأولى، بالتدرّج، من المصدر الأسطوريّ إلى الدينيّ، فالشعبيّ فالنفسيّ.
في الفصل الثاني تحليل للعجائبيّة من منظار أدبيّ، أي الموضوع العجائبيّ الذي انتقل إلى حقل الآداب وأصبح واحداً من أهمّ المواضيع المتداولة قديماً وحديثاً على حدّ سواء، وإنْ بأساليب وفنّيات مختلفة اختلاف إيقاعات العصور وتغيّراتها.
الفصل الثالث يعالج موضوع العجائبيّة، بحسب ما جاء في نماذج الدراسة التي تتراوح بين العناصر الآتية: المسخ، التحوّل، الرحلة، الغيبة، الرموز الحيوانيّة.
أمّا الفصل الرابع، ففيه دراسة لوظائف العجائبيّة وغاياتها «الموضوعاتيّة» والفنيّة، من الوظيفة الترميزيّة إلى الوظيفة التفاعليّة فالوظيفة الأدبيّة، إلى الوظائف الفنيّة الأخرى. ونماذج الدراسة من الأعمال الآتية: «الغرف الأخرى» لجبرا إبراهيم جبرا، «امرأة القارورة» لسليم مطر، «يالو» لالياس خوري، «سهرة تنكرية للموتى» لغادة السمان، «امرأة الغائب» لمهدي عيسى الصقر، و«التراس ملحمة الفارس الذي اختفى» لكمال قرور.
تقول الباحثة بهاء بن نوار في مقدمة الكتاب: «من الظواهر اللافتة والمضامين المستبدّة في معظم فضاءات الرواية العربية المعاصرة، تأتي ظاهرة العجائبية لتشغل الحيز الأكبر من تلك الفضاءات، إذ لم يعد الروائي المعاصر مكتفياً بنقل حرفيّ لمرجعيات الواقع الخارجيّ، ولا بوصف دقيق لشخوص هم نسخة مطابقة لشخوص الواقع بكلّ ما يعتمل في دواخلهم من نوازع الخير والشر، أو أمكنة وأزمنة هي نفسها أمكنة الحياة وأزمنتها، بل غدا هذا الروائيّ مجنّح الخيال، جامحه، لا يكتفي بتجاوز الواقع عن طريق خلق عالم آخر مواز له -صحيح أنه متخيّل، ولكنه واقعي أيضاً وممكن الحدوث- بل ينقلب على هذا الواقع بتصوير كلّ ما لا يمكن أن يقع فيه، من حوادث عجائبية مثيرة، وفسحات زمكانية غريبة، وشخوص لا تقلّ عنها غرابة، بعضها يحضر بشكل شديد التعالي محمّل بكثير من الطاقات والقدرات السحرية الخارقة، وبعضها الآخر يتراءى مشوّهاً وممسوخاً».