نهر الليطاني مهدّد ومخيّمات النازحين تُفاقم الكارثة البيئية

شبلي أبو عاصي

تصب مياه نهر الليطاني في بحيرة القرعون في البقاع الغربي مخترقاً عشرات البلدات والقرى من البقاع الأوسط.

لأهالي هذه المنطقة، مع مجرى هذا النهر طوال عشرات السنين وحتى اليوم، ذكريات قاسية طالت أرزاقهم وصحتهم نتيجة تلوّث مياهه بسبب تحويل مياه الصرف الصحي والمياه المبتذلة إليه والتي تحوّل القسم الأكبر منها لريّ المزروعات في السهول المحاذية لمجرى النهر.

يعيش الأهالي أياماً صعبة وقاسية وهم يعلمون علم اليقين أنهم يأكلون خضاراً ملوّثة ويشربون ويستحمّون بمياه ملوثة ويتنشقون هواءً ملوثاً، وهم لا يدرون ماذا يفعلون طالما أنّ المسؤولين غير مهتمّين بأمور الناس وحياتهم ومشاكلهم. فإلى من يلجأون، خاصةً في هذه الظروف الاقتصادية والمادية الصعبة للغاية؟

أشارت التحاليل الرسمية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى أنّ نسبة تلوث مياه الآبار الإرتوازية هي 50 في المئة والمياه ملوثة جرثومياً وتحتوي نسبة 70 في المئة منها على ملوثات كيميائية.

وأظهرت التحاليل التي تمّ أخذها على شكل عيّنات على طول مجرى النهر حتى بحيرة القرعون، تلوثاً جرثومياً وكيميائياً، إضافة إلى احتوائها على الزئبق، وهذا ما يشير إلى أمراض خطيرة ومنها السرطانية والأمراض الجلدية المعدية.

وفي هذا المجال رصدت عشرات حالات الإصابة بأمراض سرطانية بين الأهالي، ويؤكد المقيمون على ضفتي النهر أنّ هذه الأمراض أزدادت منذ 20 عاماً وبنسب مرتفعة.

وبحسب مصادر نواب المنطقة والأهالي والفاعليات، فإنّ معالجة تلوّث مياه الليطاني وبحيرة القرعون تحتاج إلى أكثر من 700 مليون دولار وقد وضعت التحاليل والدراسات كافة بتصرف وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي أكد في تصريح سابق له أنّ هذه المعطيات الخطيرة جميعها موجودة لدى وزارة الصحة، وما نشهده من نتائج مخيفة جداً، حيث النفايات الطبية والصناعية والزراعية وبقايا الأعضاء البشرية والحيوانية ترمى على طول مجرى النهر.

المطلوب من الدولة علاج جدي، وعلى الحكومة فتح هذا الملف الخطير وعدم إقفاله إلا عبر اتخاذ إجراءات حاسمة ورسمية وحقيقية، وهنا أيضاً يجب على البلديات المنتخبة حديثاً أن تقوم بدورها وتتحمّل مسؤولياتها في هذا المجال، لأنّ حياة الناس أصبحت في خطر كبير وكبير جداً.

واللافت أنّ هناك مخيمات عدة للنازحين السوريين على طول مجرى هذا النهر في البقاعين الأوسط والغربي يقطنُها أكثر من 20000 نازح وجميعهم يغتسلون ويستحمّون بمياه هذا النهر، ما يفاقم أزمة التلوث.

المأساة كبيرة والمعاناة أصبحت لا تطاق وحياة الناس أصبحت في خطر منذ سنوات طويلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى