التكامل مع الآخر
زياد حافظ
عندما دعاني الأخ الأستاذ واصف شرارة للمشاركة في هذه الندوة وتحت هذا العنوان «التكامل مع الآخر» راودتني أفكار كادت تدفعني للاعتذار عن المشاركة بسبب ما ظننت آنذاك عدم توفر الوقت الكافي لتحضير وكتابة مداخلتي. خاصة أنني منهمك في مشروع فكري واسع هو التجدّد الحضاري العربي كأحد أبعاد مشروعنا النهضوي العربي. لكن وجدت من واجبي أن أعرب عن بعض هواجسي الفكرية التي تتناول مسألة «الآخر» لأنها في رأيي أدّت إلى إلهاء المثقفين العرب بقضايا ليست بالأولوية أو الأهمية التي يعتقدون، بل أنها مستوردة إذا جاز الكلام من الغرب بسبب إما اغترابهم أو ثقافتهم الجامعية والبحثية في الغرب، وهذا أمر قد يكون طبيعياً، أيّ التأثّر بالبيئة الثقافية التي ترعرعوا فيها.
قضية «الآخر» تأخذ الطابع الملحّ بسبب الأعمال الوحشية التي قامت بها بعض المجموعات المتشدّدة. إنّ ظاهرة التعصّب والغلوّ والتوحّش التي تتصدّر الفضاء الإعلامي العربي والدولي توحي عند الكثيرين أنّ هناك مشكلة ما في تراثنا وبيئتنا وخاصة في «الإسلام»! هذا الانطباع منتشر في الغرب ولأسباب سياسية واضحة بينما هناك تسطيح وتبسيط في الفضاء السياسي العربي لتلك الظاهرة واختزالها بظاهرة ظرفية صنعها المستعمر. وإذ لا ننكر مسؤولية المستعمر الغربي القديم الجديد في تحريك تلك المجموعات المتشدّدة والمتعصّبة وصاحبة الغلوّ والتوحّش إلاّ أنّ المسألة تفتح مشكلة ثقافة القبول بالآخر على مصراعيها. فمجموعات التعصّب والغلوّ والتوحّش تشكل رمزاً لثقافة عربية إسلامية مشوّهة ترفض القبول بالآخر. غير أننا نعتقد أنّ ذلك التوصيف للمشكلة غير دقيق. فتلك الظاهرة ليست خاصة بالعرب بل موجودة أيضاً في الغرب كما سأوضحها في ما بعد.
طبعاً، هناك إشكالية في تحديد من هو «الآخر». فـ»الآخر» يختلف بين مجتمع ومجتمع في المكان والزمان. في الغرب، إضافة إلى التمايز في الأعراق والأديان، هناك أيضاً التمايز في الجنس، أيّ بين الرجل والمرأة، وفي التوجهات الجنسية كمسألة المثلية. لا يمكن تجاهل كلّ هذه الملفات كما لا نعتقد أنه من المفيد إدراجها في الأولوية ليس فقط عندنا بل أيضاً في الغرب. لدينا شعور أنّ هذه القضايا تبرز وتملأ الفضاء الإعلامي لتحويل الأنظار عن قضايا نعتبرها أكثر إلحاحاً، وذلك دون التنكّر لأهميتها. ففي الوطن العربي، هناك احتلال لفلسطين، واقتتال طائفي ومذهبي وقبلي وتجزئة وتخلّف وفقر وجهل وتجهيل، وهي أهمّ من قضايا التمايز بين الرجل والمرأة أو قضية الاعتراف أو عدم الاعتراف بحقوق المثليين. كما أنّ قضايا التنمية والعدالة الاجتماعية ومقاومة التبعية والفساد والفقر ناهيك عن الاحتلالات لأقطار عربية تأخذ الأولوية في اهتماماتنا.
مسألة «الآخر» هي الوجه السلبي لمسألة الهوية التي في نظرنا هي مسألة مفتعلة. فمصطلح «هوية» ليس مصطلحاً أصيلاً في اللسان العربي، بل هو مشتق من ضمير «هو»! في الثقافة العربية لا توجد مسألة الهوية، هناك مسألة النسب والعصب ولكن ليس هناك إشكالية في الهوية التي يجهلها اللسان العربي. والباحث سري المقدسي أشار إلى أنّ مسألة الهوية تبلورت في القرن التاسع عشر كمؤشر عن الحداثة ليس فقط في الوطن العربي بل في العالم وكتبرير للعبودية والاستعمار 1 ! والروائي أمين معلوف في روايته الشهيرة «صخرة طانيوس» أشار كيف استغلّ المستعمر الأوروبي مسألة الهوية لزرع الفتنة. لن ندخل في سجال حول أصول الهوية و«الآخر» لضيق الوقت والمساحة ولأننا أيضاً غير مقتنعين بجدوى مثل هذه المقاربات. لذلك نكتفي بتعريف مبسّط عن «الآخر»، أيّ هو الشخص الذي نعتبره يختلف عنا ونجعل من هذا الاختلاف مصدر علاقة صدامية. في المقابل لا نؤيد مقولة شائعة أنّ ثقافتنا، وخاصة ديننا، يدعو للتسامح. نعتقد أنّ المصطلح الأدقّ هو أنّ ثقافتنا وديننا في الأخصّ يدعو إلى احترام الآخر وليس التسامح معه لأنّ التسامح يحمل في طيّاته الاستعلاء. فعبر الاحترام المتبادل يمكن بناء علاقات متينة تكاملية.
في هذه المداخلة سنعالج بعض القضايا التي نعتبرها مهمة في مقاربة العلاقة مع «الآخر». سنتكلم عن موقع الموضوع في المشروع النهضوي العربي والمنظومة المعرفية كمدخل لمعالجة ظاهرة الإقصاء وأو التكفير، أي الظاهرة المتشدّدة للعلاقة مع «الآخر».
التجدّد الحضاري والعلاقة مع الآخر
السياق الفكري السياسي. من المهمّ، من وجهة نظرنا، وضع المقاربة حول «الآخر» في سياقها الفكري السياسي عبر ربط الإشكالية بالمشروع النهضوي العربي. ونشدّد على السياق السياسي لأنه في رأينا كلّ شيء يبدأ في السياسة وينتهي فيها رغم المظاهر «العلمية» و«الثقافية». والمشكلة في رأينا هي التركيز على استيراد منظومة فكرية من الغرب كشرط ضرورة للخروج من التخلّف كما أوضحه بعض روّاد النهضة العربية كفرح أنطون ومن بعده طه حسين ومؤخراً عبد الله العروي على سبيل المثال الذين نادوا بضرورة القطيعة المعرفية الموروثة.
فخلافاً لما يُشاع لدينا مشروع فكري وسياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي متكامل نابع من واقعنا، هو المشروع النهضوي العربي بأبعاده الستة: الوحدة في وجه التجزئة والتفتيت الاستقلال الوطني في وجه التبعية والاحتلال المشاركة لمكوّنات المجتمع البعض يسمّيها الديمقراطية! في مواجهة الاستبداد التنمية المستقلة في مواجهة التخلّف والفقر والجهل العدالة الاجتماعية في مواجهة ظلم اقتصاد السوق وأخيرا، التجدّد الحضاري في مواجهة تراجع الثقافة العربية. بالنسبة لنا الأولوية في هذه المرحلة هي للوحدة وللتجدّد الحضاري دون الانتقاص من أهمية الأبعاد الأخرى ويمكن مناقشة المفاضلة في مكان آخر. فالتجزئة هي السبب الرئيس لضعف المجتمعات العربية ومن هنا ضرورة بلورة ثقافة الوحدة. فالمجتمعات الضعيفة تتنامى فيها الغرائز والعصبيات الفرعية، لذلك لا بدّ من استرجاع القوة في هذه المجتمعات وهذا لن يتحقق إلاّ عبر الوحدة. أما التجدّد الحضاري فيكمن في إيجاد منظومة معرفية خاصة بنا كعرب دون الوقوع في مطبّات المفاهيم المستوردة منها في رأينا مسألة «الآخر» كما سنعالجها في ما بعد.
فالتجدّد الحضاري والوحدة هما المدخل لنهضة الأمة ومختلف المجتمعات العربية. فالوحدة نقاربها في هذه المداخلة من باب معالجة إشكالية «الآخر» التي ورثناها من مثقفّين عرب عاشوا وترعرعوا في الغرب ويقيمون بإسقاط إشكاليات الغرب على مجتمعاتنا. فالمختصر المفيد هو أنّ مشكلة «الآخر» مشكلة خاصة بالمجتمع الغربي نشأت إبان الثورة الفرنسية وفي مطلع الحقبة الثورة الصناعية التي تلازمت مع الحقبة الاستعمارية لعدد من الدول الأوروبية التي أرادت أن تنفّذ «مهمتها التمدينية» كفرنسا، أو أرادت إبراز «عبء الرجل الأبيض» كبريطانيا، أو مؤخّرا «القدر المتجلّي» أو «استثنائية» الولايات المتحدة. فعدّة الشغل لتبرير المغامرة المدمّرة للشعوب السمراء والصفراء والسوداء كانت «الآخر».
العروبة هي الحلّ!
العروبة بالنسبة لنا هي المدخل الحقيقي لمعالجة قضية «الآخر» وخاصة بعدما ينتج من خطاب الإقصاء سواء على قاعدة سياسية أو دينية. فمفهومنا للعروبة هو مفهوم ناتج عن مقاربة ومراجعة لمسارات فكرية وعملية امتدّت على خمسة عقود. فالعروبة هوية جامعة لمكوّنات مختلفة سواء كانت عرقية أو طائفية أو مذهبية. العروبة ليست عقيدة بل هوية يصرّ أعداء الأمة على نفيها واختزالها إما بالعرق أو عقائد لأحزاب وتيّارات فكرية نادت بالوحدة العربية. فلا يحق للعرب من وجهة نظر الكيان الصهيوني والغرب أن تكون لهم هوية غير الانتماء الطائفي أو المذهبي أو القبلي أو الإقليمي، بينما الهوية الجامعة لكلّ مكوّنات المجتمع العربي ممنوعة. الهجوم على العروبة هو لتبرير الهويات الفرعية المدمّرة والتي تمكّن الكيان الصهيوني والغرب من الهيمنة على مقدرّات مجتمعات متناحرة بسبب الهويات العبثية.
فالمسألة تصبح من نحن وليس من هو الآخر وكيف نتعامل معه! فالعروبة هي إنسانية أولاً وأخيراً تتحقق عبر المواطنة في الوطن العربي تدعمها المشاركة الفعلية لكلّ مكوّنات المجتمع لتحقيق الاستقلال الوطني من التبعية المباشرة أو المبطّنة، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية في بوطقة واحدة تتجسّد في وحدة الأمة. وفي الوحدة قوّة لا يريدها أعداء الأمة. أما شكل الوحدة فهناك عدّة أشكال يمكن الاختيار منها.
في مفهومنا للمواطنة التي تحلّ معضلة «الآخر» هناك حقوق وهناك موجبات. معظم الأدبيات والخطابات السياسية تركّز على «الحقوق» وتتجاهل «الموجبات». والحقوق على ما يبدو تأخذ طابع الامتيازات التي تتجاهل الموجبات. فعندما نسمع في لبنان عن ضرورة إلغاء الطائفية لتحقيق المواطنة نجد تقاعس اللبنانيين في ممارسة حقهم في التصويت كما حصل منذ بضعة أيام في بيروت! فثقافة الاتكال إما على الزعيم أو على الدولة يتنافى مع المساءلة والمحاسبة، واللبناني لم يستطع حتى الآن الخروج من تلك الحلقة المفرغة رغم كلّ الزعيق لعكس ذلك. والسبب في رأينا يعود إلى ثقافة الريع المتفشية عند الجميع، فالزعيم هو الذي يمنح ويعطي ولا داعي للمجهود! فالنسبة المتدنية في الاقتراع تشجّع الزعامات على عدم الاكتراث بالأصوات، وهم محقّون بذلك! فإذا التصويت حق وواجب في آن واحد ولا يُمارَس، فما بال الواجبات الأخرى كالحفاظ على النظافة العامة أو الالتزام بقوانين السير مثلاً؟! فعدم الالتزام بها هو تعدّ على «الآخر»!
مشروعنا النهضوي العربي يلحظ الوحدة واحترام الآخر. والوحدة كما نفهمها هي ضم «الآخر» وصهره في مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص. غير أنّ الثقافة الوحدوية تبدأ في المنزل، ثم في المدرسة والجامعة، وثم في مراكز العمل، وفي كلّ مكان يجتمع فيه الناس. الثقافة الوحدوية تختلف عن الثقافة الفئوية أو الحزبية التي تتحكّم بنا. لكن بسبب الثورة التكنولوجية في وسائل التواصل تحدث ثورة أخرى وهي التواصل المباشر مع الآلاف في آن واحد. فتنسج العلاقات الشبكية التي تجمع ولا تفرّق. وتنوّع العلاقات الشبكية في الشكل والمضمون تسمح الخروج من الأطر الضيّقة التي يفرضها التنظيم الفئوي. فالحزب هو الصيغة التنظيمية للسلوك الفئوي، وهنا علينا أن نعالج تلك المعضلة أيّ ما هو دور ومستقبل الحزب، أيّ حزب، على ضوء الثورة في التواصل الاجتماعي؟ فالحزب يميّز ويفرّق ومصلحة الحزب تتجاوز في معظم الأحيان البرنامج أو الفكرة التي من أجلها وجد. فمصلحة الحزب تصبح فوق أيّ اعتبار وإنْ كانت الوحدة الهدف الأساسي له! وحتى الحزب الديني الذي يجب أن يجمع المؤمنين فأصبح حزب التمييز المذهبي والإقصائي. لكن كيف يمكن للعلاقات الشبكية أن تفرز إطاراً تنظيمياً للعمل السياسي، فهذه مسألة ما زالت قيد البحث وتتوجب مشاركة واسعة من المثقفّين والمفكّرين والناشطين.
هنا لا بدّ من إبداء ملاحظة نعتقد أنها في غاية الأهمية وهي العلاقة بين دولة الوحدة والوحدة الوطنية في كلّ قطر. المشروع النهضوي العربي الذي نؤمن به حسم الإشكالية. فالوحدة الوطنية شرط ضرورة لإقامة دولة الوحدة. والحفاظ على الوحدة الوطنية تحقّقها دولة الوحدة وتحميها. الهويات الفرعية هي فرعية ولا تتناقض مع الهوية الجامعة. فهويتنا العروبية هوية مركّبة من روافد متعدّدة تراكمت مع التاريخ واستوعبت الهويات الفرعية. فالكرد مثلاً لهم هويتهم الكردية ولكن ثقافتهم وحضارتهم جزء من الهوية والثقافة والحضارة العربية. كذلك بالنسبة للهوية الأمازيغية والأرمنية الموجودة في العديد من الدول العربية. فثقافتهم جزء مكوّن من الثقافة العربية، كما أنّ الثقافة العربية أصبحت مكوّناً لثقافتهم ولهويتهم. حيث يرى البعض تناقضاً في الهويات نرى في مشروعنا النهضوي العربي تكاملاً بين مختلف مكوّنات المجتمع العربي في مختلف الأقطار.
مشكلة «الآخر» في الغرب
أما مشكلة «الآخر» فهي مشكلة الهوية التي نشأت في الغرب مع الحقبة الاستعمارية. لقد أشار بوضوح الصديق الدكتور جورج قرم في ثلاثيته «شرق وغرب والانشطار الأسطوري»، و«المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين» و«تاريخ أوروبا وأسطورة الغرب» إلى أنّ مسألة «الآخر» هي مسألة نتجت عن عدّة عوامل أهمّها كانت ضرورة تبرير الحقبة الاستعمارية عبر نزع «إنسانية» الشعوب المستعمرة بفتح الميم .
في الكتاب الثاني «المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين» من ثلاثيته الهامة 2 الذي يفكك فيها مفاصل الفكر الغربي يوضح الدكتور جورج قرم في مقاربته حول إشكالية «الآخر» أنها نتجت في الغرب عن فقدان «السحر» بعد القضاء على المرجعية الدينية في السياسة والثقافة. ولكنها في الأساس تُعرّف الهوية كموضوع اجتماعي مبني على قاعدة سلبية، أيّ بمعنى أنها تُعرّف كتمييز عن الغير 3 . وهناك مدرستان في تحديدها: الأولى وهي المدرسة المبنية على الذاتية essentialism وهي جامدة في تعريفاتها بينما المدرسة الثانية تعتبر أنّ الهوية شيء متحرّك وتتطوّر مع المكان والزمان وفقاً لظروف عدة منها سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية. ويشير قرم كيف تحوّلت الهوية الأوروبية المبنية على ثقافة موروثة من اليونان والرومان إلى مجموعة قيم يهودية مسيحية في السبعينات من القرن الماضي. لكن الذاتية في تحديد الهوية أنتجت ثقافات «الغير» التي تبرّر المغامرات الاستعمارية لـ«تمدين» الآخر! في هذا السياق نرى أنّ علوم الأنثروبولوجيا في الغرب نظرت إلى الشعوب الأخرى كـ»مادة» تدرس كما تُدرس الحشرات والحيوانات بحجة «العلمية» و«الموضوعية».
البعد الاقتصادي السياسي في الغرب لموضوع «الآخر»
أما اليوم نشهد في الغرب سجالات تعمّ الفضاء السياسي والإعلامي حول «الهجرة» الوافدة من الدول الناشئة سواء من إفريقيا شمالاً وجنوباً وآسيا وأميركا اللاتينية، ومؤخراً من سورية عبر تركيا. في زمن الضيق الاقتصادي الذي يشهده الغرب يأخذ السجال طابع العنصرية المعلنة. فمعظم المهاجرين حالياً من البشرة السوداء أو السمراء أو الصفراء. والإرباك الذي تشهده الحكومات الغربية يكمن في حاجتها إلى اليد العاملة الرخيصة التي تقوم بأعمال ومهامّ لا يريد القيام بها السكّان الأصليون. كما أنّ النمو السكّاني الطبيعي في دول الغرب يأخذ منحى سلبياً لا يمكن تغطيته إلاّ بالهجرة الوافدة. وهذه الهجرة المشجّعة تلقائياً من قبل الفعّاليات الاقتصادية وامتداداتها في السلطة تهدف أيضاً إلى الضغط على سوق العمل وعلى الأجور. فالبطالة هدف مطلوب وإنْ كان غير معلن لجعل الأجور منخفضة. فالهجرة الوافدة وخاصة اللاشرعية منها مطلوبة لذلك السبب. إلاّ أنها تخلق توتّرات اجتماعية وثقافية تتفاقم في عصر الانكماش الاقتصادي إنْ لم نقل في عصر التراجع البنيوي لاقتصادات الغرب الناتج عن سياسات اعتُمدت نظريات الحرّية المطلقة في الأسواق، فكان التمركز الاقتصادي وتمركز الثروة والسلطة وعلى حساب القطاعات الواسعة للمجتمعات في بلاد الغرب. كما أنّ التحوّلات في المنظومة الرأسمالية نحو اقتصاد افتراضي يرتكز إلى إنتاج ثروة افتراضية عبر التلاعب بالأسواق المالية والعقارية كشف ضرورة خلق طبقات شعبية تقوم بالأعمال التي لم تعد مقبولة كالتنظيف وقطاع البناء. فهي أعمال شاقة ولا تعود بالمردود الكافي ولكنها تساهم في ترويج ثقافة استهلاكية مبنية على الاستدانة.
فهذه الحقائق الاقتصادية الاجتماعية تنعكس على البنية السياسية والبنية الثقافية لدول الغرب حيث تنتشر مجدّداً مفاهيم كضرورة الحفاظ على الهوية الأصلية. نشير في هذا السياق إلى ما قاله صامويل هنتنغتون قبل رحيله: «أنسوا صراع الحضارات فإنّ الخطر الذي يحدّق بأميركا هو فقدانها لهويتها الانكلوساكسونية الإنجيلية البيضاء» ويحذّر هنتنغتون مواطنيه من الهجرة الوافدة من أميركا اللاتينية التي ستفرض لغتين وثقافتين في الولايات المتحدة وهذا ما يهدّد الهوية الأميركية التي أسّسها البريطانيون في مطلع القرن السابع عشر. وتقوم هذه الهوية على أساس اللغة الإنكليزية والقيم البروتستنتية والفردية واحترام القانون. والمهاجرون الذين أتوا إلى أميركا تقبّلوا هذه القيم وانخرطوا في الهوية الجديدة. لكن الهجرة الكثيفة الوافدة من أميركا اللاتينية خلقت ازدواجية في الهوية بل إلى تعدّدها وتخفيض المواطنة و«نزع الوطنية» عن النخب الحاكمة. هذا كلام عنصري بامتياز مبنيّ على مفهوم عدواني لـ«الآخر» ويتناقض مع سائر القيم التي تحاول النخب الأميركية ترويجها في العالم.
ثقافة الإقصاء
ومشكلة «الآخر» في الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص لا تنحصر في الهوية أو لون البشرة بل أيضاً في الدين والطبقة الاجتماعية. فثقافة الولايات المتحدة مبنية على ثقافة إقصاء الغير وإنْ تعدّدت الأشكال. في البداية كانت الإبادة الجماعية للشعوب الأصليين في القارة الأميركية 4 . ثم كانت ثقافة الإقصاء على قاعدة الأسس الدينية. فخلافاً لما يُشاع حول مقولة القبول بالآخر في الولايات المتحدة فإنّ تاريخها حافل بالتمييز الديني خاصة تجاه الكاثوليك واليهود واليوم العرب والمسلمين. أهل هي صدفة أنّ الرئيس الكاثوليكي الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة أيّ جون كنيدي لم يكمل ولايته بل تمّ اغتياله في ظروف ما زالت غامضة حتى الآن؟ وهل ننسى الحملة على رئيس باراك أوباما المشكّكة في أصوله الدينية وذلك رغم الاعتراف بحرّية المعتقد؟ وهناك ثقافة إقصاء على قاعدة اقتصادية: ألم يحرم الدستور الأميركي حق التصويت المرأة التي لا تنتج ولا تدفع الضريبة وكذلك أبناء الطبقات الفقيرة التي لا تدفع الضريبة؟
هناك أيضا إقصاء على أساس الطبقة الاجتماعية أو بالأحرى على أساس الثروة. فعلى ما يبدو المساواة مسألة نسبية في تطبيق العدالة. فالمتّهم الفقير لا يستطيع استخدام خدمات محام جدير بينما الثري يستطيع أن يجيّش أرتالاً من المحامين والخبراء في الدفاع عن أيّ تهمة يمكن توجيهها له، كما تجلّى الأمر في قضية اللاعب الرياضي الشهير أو. جي. سمسون المتهم بقتل زوجته في منتصف التسعينات من القرن الماضي والذي استطاع أن يفلت من يد العدالة بسبب مهارة محاميه. كما أنّ المدراء المصرفيين الكبار المسؤولين عن هدر إنْ لم تكن اختلاسات لأموال المودعين والمساهمين استطاعوا الانفلات من تهم الفساد وذلك بسبب مهارة محاميهم الأكفّاء. اللائحة طويلة لتلك الأمثال التي تؤكّد ثقافة الإقصاء للآخر في الولايات المتحدة. ولا ننسى مدى وحشية قوى الأمن تجاه المواطنين الأميركيين السود حيث تشير الإحصاءات إلى أنه في عام 2015 قُتل ما يفوق ألف مواطن أميركي من السود وعلى يد قوى الأمن!
أما في أوروبا «العلمانية» فثقافة الإقصاء مترسّخة حيث تمّ رفض عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي بسبب الدين كما أوضحه الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جسكار ديستان. فلا مكان لدولة مسلمة في الاتحاد الأوروبي المسيحي! أما في بريطانيا فهناك التمييز ضدّ الآخر عبر مصطلحات تؤكّد التمييز. فهناك مصطلح الشخص الشرقي المتغرّب westernized oriental person/wop وحتى إذا كان من النخب في بلاده فيصبح السيد الشرقي المتغرّب westernized oriental gentleman/wog . فهذه مصطلحات في غاية العنصرية للتعبير أنه مهما علا شأن «الآخر» فهو «آخر»! انتخاب عمدة لندن من أصول باكستانية ومسلمة يُعتبر ثورة في بلاد اللاثورة! ولكنها لا تنفي العنصرية. فالإعلام البريطاني الذي يطبّل لذلك يعترف ضمنياً أنّ مجتمعه مجتمع عنصري والاّ لما كانت الضرورة في إبراز أصوله! واليوم نرى في وسائل الإعلام الغربية والمواقع الإلكترونية تحريضاً واضحاً ضدّ الوافدين إلى أوروبا من القارة الأفريقية أو القارة الآسيوية وخاصة العرب والمسلمين!
إذاً، مشكلة «الآخر» مشكلة الغرب أيضاً إنْ لم تكن مشكلته في الأصل وليست مشكلتنا أو مشكلتنا لوحدنا. والحديث عن «الآخر» مهّد للمغامرة الاستعمارية في «مهمتها التمدينية» عند الفرنسيين، أو «عبء الرجل الأبيض» عند البريطانيين، أو مسألة «القدر المتجلّي» عند الأميركيين. فكلّها شعارات تبرّر السيطرة على الشعوب السمراء أو السوداء أو الصفراء! فالعنصرية المتفشّية في الغرب تتلازم مع الذاتية وكلاهما أفرزتا الاستعمار. فالثالوث الجهنمي- العنصرية، الذاتية، والاستعمار حدّد ملامح الثقافة في الغرب في القرنين السابقين أي التاسع عشر والعشرين 5 .
البعد التراثي لمشكلة «الآخر
الحضارة العربية الإسلامية تكوّنت عبر التفاعل مع الحضارات الأخرى وليس هناك من انقطاع في التاريخ بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارات التي سبقتها أو التي عاصرتها 6 . فالفتوحات العربية تلتها الترجمة ثمّ الرحلات للتعرّف على العالم. رحلات ابن بطوطة مثلاً دليل على ذلك كما كتابات البيروني عن الهند نتج عن التواصل مع الشبه القارة. وانتشار الحضارة العربية الإسلامية في القارة الأفريقية والآسيوية كان نموذجاً عن عولمة سبقت التكنولوجيا عبر الرسالة والعقل والفكر. جاء في القرآن الكريم: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» الحجرات 13 . فالإسلام رسالة إلى الناس أجمعين فمنهم من أسلم ثم آمن ومنهم من لم يدخل الإسلام ولم يؤمن. وأيضاً، «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين» الروم 22 ما يدلّ بشكل واضح أنّ «الآخر» هو من خلق الله وهو منّا. فكل واحد منّا فيه من روح الله وبالتالي التعدّي على النفس حرام. وأيضاً «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» المائدة 32 .
وإذا كانت العروبة هوية فالإسلام هو روحها وبالتالي يصعب فصل العروبة عن بعدها الكوني. فعبر الإسلام يتمّ فهم العروبة وعبر العروبة يتمّ فهم الإسلام. فالعروبة هي مفهومنا الخاص لعولمة العالم! المسيحيون في المشرق اكتشفوا الإسلام عبر عروبتهم والمسلمون من غير العرب اكتشفوا العروبة عبر الإسلام. لذلك فإنّ مشكلة «الآخر» مشكلة مستوردة تمّ تعميمها وحصرها فينا فقط والعمل بها للأسف. ومشكلة «الآخر» التي نتج عنها إشكالية «الأكثرية والأقلّية» نتجاوزها بإقرارنا لمقولة الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله إنّ المنطقة توجد فيها أكثريتان: أكثرية عربية فيها مسلمون وغير مسلمين وأكثرية إسلامية فيها عرب وغير عرب. والاستمرار في الكلام عن «الآخر» خدمة للقوى التي لا تريد مصلحة الأمة.
هذه الملاحظات تؤكد لنا ضرورة إنشاء منظومة معرفية عربية غير مبنية على مفاهيم مستوردة وخاصة في العلوم السلوكية أو الاجتماعية. فمشكلة «الآخر» كالثنائيات «الحداثة والأصالة» و«الحداثة والإسلام» ألخ… مصطلحات عمّت الفضاء الفكري العربي وهي قضايا لا تسمن ولا تغني عن جوع لأنها استبدال لقضايا جوهرية كقضية التجزئة والفقر والجهل وفقدان العدالة الاجتماعية والتبعية والاحتلال.
في الإقصاء
إنّ ما يحدث الآن في الوطن العربي من نزعات إقصائية لبعض الفرق التي تدّعي أنها تمثّل الإسلام وتكفّر من يخالفها الرأي وإنْ كان من المسلمين أو من مذاهبها فجذورها التاريخية ابتدأت مع الخوارج في صراعهم مع الإمام علي رضي الله عنه. في ما بعد كانت كتابات بعض الأئمة الذين عايشوا عصر حملات الفرنج على بلاد العرب والمسلمين وحملات المغول كردّ فعل على انهيار الدولة وفقدان هويتها. من هذه الزاوية نفهم كتابات ابن تيمية التي أسّست لفكر انغلاقي يكرّس الجهل فالخوف من الآخر فالتعصّب فالتوحّش. لكنها خمدت عندما تمّت إعادة تشكيل السلطة المركزية عبر السلطنة العثمانية.
إلاّ أنّ النزاعات الاستقصائية تمّ استحداثها بالاستيراد. فهي ثقافة مستوردة شجّعها المستعمر القديم والجديد في احتلاله للعراق والتحريض المذهبي بعد نزع العروبة من الدستور العراقي الجديد وعبر غضّه النظر عن سلوك بعض الدول العربية النفطية في ترويج ثقافة إقصاء الآخر. والاحتلال الأميركي للعراق أطلق شرارة الإقصاء والفتن المذهبية لتفتيت المجتمع بعدما تمّ تدمير الدولة ومؤسساتها! أما في اليمن فتمّ تصوير الحراك الشعبي كحراك مذهبي تدعمه الجمهورية الإسلامية في إيران في صراعها مع بلاد الحرمين وتبرّر هجوم حكومة الرياض على اليمن بحجج واهية منها «الدفاع عن العروبة»! أما في بلاد الشام وخاصة في لبنان فالصراع السياسي أخذ المنحى المذهبي للمزيد من التفتيت والتمزّق، وذلك خدمة للاستعمار القديم الجديد وديمومة الكيان الصهيوني.
هذه بعض الأمثلة وليست جردة كاملة للواقع العربي. ونكرّر أنّ الخطاب الغربي عن المشرق العربي هو خطاب فئوي وينفي أيّ صفة وطنية لمكوّنات المجتمعات العربية ويحصرها في الطائفة أو في المذهب أو في العرق. ونشدّد هنا أنّ الغرب على استعداد للاعتراف بمختلف القوميات القائمة في المشرق العربي وفي سائر الأقطار العربية إلاّ بالقومية العربية. فالعرب هم سنّة وشيعة ودروز وعلويون ومسيحيون 7 فقط لا غير!
لكن لا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ ثقافة الإقصاء ليست حكراً على بعض المجموعات المتشدّدة الإسلامية أو بعض الدول التي تحمل راية الإسلام. فثقافة التعصّب والغلوّ التوحّش موجودة حتى عند بعض القوميين العرب من السلالات التقليدية أيضاً سواء كانت ناصرية أو بعثية أو من حركة القوميين العرب. فبدلاً من الإقصاء على قاعدة دينية تمّ ويتمّ الاقصاء على قاعدة «الخيانة». فـ»الخائن» هو من يخالف رأي «القائد» أو «الحزب القائد». فثقافة «من ليس معي فهو ضدّي» موجودة منذ زمن بعيد وينتج عن العصبيات القديمة سواء كانت قبلية أو حزبية. وعقلية الفرز معادية لعقلية الوحدة وان رفع الجميع شعار الوحدة! فالسلوك المبني على قاعدة التمييز الفئوي لن يؤدّي إلى ترسيخ ثقافة التكامل والوحدة. فالحدّ الأدنى المطلوب هو التكامل وهو مستبعد من الخطاب السياسي على قاعدة «قيادة الطليعة» أو قيادة الحزب أو قيادة «الأكثرية». ففي عصر التواصل الشبكي عقلية الفرز و«الخصوصية» للهويات الفرعية تؤدّي إلى تشرذم الجهود وتحقيق الأهداف التي يطالب بها الجميع. فمع ثقافة التمييز يمكن أن نسأل مع من نتكامل ومع من نتوحّد؟ فهل المطلوب أن نصبح وحدات مستنسخة بعضها عن بعض؟ فهذه مخالفة لسنّة الطبيعة ولسنّة الفطرة وحتى لسنّة الأديان. فعلى ماذا يستند مدّعو «الأصالة» المزعومة والتي يجب أن ينطوي تحتها الجميع؟
هذه النزعة الإقصائية لم تشكّل سمة المجتمعات العربية والإسلامية عبر أكثر من أربع عشر قرن. فالوطن العربي في العديد من أقطارها سمته التنوّع وإنْ اختلف مضمون أو مكوّنات التنوّع. فالمشرق العربي كالمغرب العربي يسوده التنوّع والذي حافظت عليه الحضارة العربية الإسلامية عبر القرون الأربعة عشر الماضية. فحضارتنا لها روافد عديدة داخلية وخارجية، وبالتالي لا تستطيع أن تكون مبنية على الانغلاق. حضارتنا هي للناس جميعاً مهما اختلفت ألسنتهم وألوانهم كما جاء في القرآن الكريم.
بالمناسبة فإنّ الشعوب التي تدّعي الحضارة وخاصة في الغرب هي التي مارست أبشع أنواع الإقصاء. ففي القرون الوسطى كانت حملات الفرنج إلى المشرق العربي حملات إبادة كما دوّنها المؤرخون الفرنج. وفي بداية عهد النهضة في أوروبا كانت محاكم التفتيش تقضي على الوجود العربي والإسلامي وحتى اليهودي. في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر كانت إبادة الشعوب الأصلية في الأميركيتين على يد المستعمر الأوروبي. في القرن التاسع عشر كانت البوغرومات في أوروبا الشرقية. أما في القرن العشرين استطاعت الدول الغربية شنّ حربين عالميتين في أقلّ من خمسة وعشرين سنة ذهب ضحيتها عشرات الملايين من الناس. أما في القارة الأميركية الشمالية فبعد إبادة الشعوب الأصلية كان استعباد الأفارقة، الذي ما زلنا نرى آثاره حتى الآن في الألفية الثالثة. إضافة لكلّ ما فعلوه بشعوبهم قاموا باستعمار القارة الأفريقية والآسيوية والأميركية. فبأيّ حق يتكلّمون عن ضرورة احترام «الآخر» وهم آخر من يحترم «الآخر». ماذا عن الخطاب العنصري السائد في أوروبا وفي الولايات المتحدة؟ هل النموذج الغربي يمكن الاقتداء به؟
خاتمة
مقاربتنا لموضوع «الآخر» تشير إلى أنّ الموضوع هو في الأساس شأن غربي. على الصعيد العربي فبالرغم من وجود صراعات مزمنة أخذت الطابع المذهبي إلاّ أنها في الأساس سياسية. إما إعادة ترويجها فهي من مخرجات الغرب عامة دعماً لسياساته الاستعمارية وخاصة مؤخراً مع الاحتلال الأميركي للعراق.
أما الحلّ بالنسبة لنا لمعضلة «الآخر» فهي العروبة الجامعة في إطار مشروعنا النهضوي العربي لتحقيق مجتمع الكفاية والعدل وتكافؤ الفرص. كما أنّ الهويات الفرعية جزء من الهوية العروبية الجامعة، وبالتالي لا تتنافى معها. فكيف نفسّر استمرار المكوّنات المختلفة عبر التاريخ لو لم تكن هناك هوية جامعة وإنْ كانت في بعض الأحيان غير معلنة وصريحة؟ في المقابل في الغرب، مسألة الهوية مسألة كلّفت الغربيين الملايين من الضحايا في حروب عبثية ظاهرها صراع الهويات ومضمونها صراع السيطرة.
مداخلة في حلقة نقاشية
في جمعية التخصص والتوجيه العلمي
في بيروت في 11 أيار 2016
أمين عام المؤتمر القومي العربي
هوامش:
1 – Saree Makdissi, Romantic Imperialism: Universal Empire and the Culture of Modernity, Cambridge, Cambridge University Press, 1998.
2 – جورج قرم، شرق وغرب: الانشطار الأسطوري، بيروت، دار الفارابي، 2002، المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين، بيروت، دار الفارابي، 2007، تاريخ أوروبا وأسطورة الغرب، بيروت، دار الفارابي، 2009.
3 – قرم، المرجع المذكور، الفصل الثاني.
4 – منير العكش، اميركا والإبادات الجماعية، بيروت، رياض الريس للطباعة والنشر، 19
5 – قرم، المرجع السابق.
6 – راجع في هذا السياق مؤلفات سيد محمود القمني والشيخ خليل عبد الكريم خاصة «الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية»، ط. 2. القاهرة، دار ابن سينا، 1997 وللقمني، «اوزيريس وعقيدة الخلود»، القاهرة، دار الفكر، 1988.
7 – لاحظ هنا أنه يتكلّمون عن المسيحيين وكأنهم فرقة واحدة!