هل حقاً هناك فهمٌ لما يجب عمله بخصوص الحرب السورية؟

د. محمد بكر

تستمرّ مجدّداً لغة الحديث عن توافقات واتفاقات وتقاطعات في الرؤى الأميركية ـ الروسية في ما يتعلق بتطورات الحرب السورية، إذ.. وعقب محادثات له مع نظيره الأميركي جون كيري، أكدّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه تمّ الاتفاق على ضرورة التأثير على مجموعات المعارضة السورية كافة، للالتزام بما تنص عليه قرارات مجلس الأمن وعدم وضع شروط مسبقة، مضيفاً: «ركزنا على ضرورة إرسال إشارة قوية لقسم من المعارضة، وهناك فهمٌ لما يجب عمله».

بدوره وعلى هامش اجتماع المجموعة الدولية لدعم سورية في فيينا، كاثر كيري كلماته وألفاظه التهديدية التي لن تكون في اعتقادنا إلا بمنزلة الضحك على اللحى ، وحلقة جديدة من مسلسل المرواغة، إذ أكد على تقوية نظام المراقبة لعملية وقف إطلاق النار في سورية، مهدّداً منتهكي ذلك بأنهم سيعرّضون أنفسهم لما سمّاه خطر الطرد من العملية السياسية التفاوضية، وهو الذي يعلم أيّ كيري أنّ بلاده هي المنتهك الأول لقرارات مجلس الأمن، والشاذّ الرئيس عن كلّ مسارات التهدئة وتصنيع الحلّ السياسي في سورية وغير سورية، كيف لا وواشطن المفرمل الرئيس لكلّ القرارات الدولية المُدينة لـ»إسرائيل»، وهي وحدها من يعطي الضوء الأخضر لحلفائها وائتلافها السوري لمواصلة العناد «وتيبيس» الرأس لجهة الاستمرار في وضع الشروط المسبقة، ثم عن أيّ طرد يتحدّث الوزير الأميركي إنْ كان يعرف كما يعرف الروسي أنّ أيّ طرف من الأطراف المشتبكة في الملف السوري لا يؤمن أصلاً إلا باستراتيحية الحسم العسكري، وتغذية النار والقضاء المبرم على الآخر، وهو الذي يُدرك تمام الإدراك أيضاً أنّ الساحة السورية إنما هي الساحة الأكبر للكباش «البارد» مع الخصم الروسي والميدان الرئيس للوي الأذرع.

الفهم الأميركي الوحيد لما يجب عمله في الساحة السورية، هو استمرار الكباش وتصنيع كلّ مقوّمات المستنقع في سورية، الذي هدّد به كيري نفسه منذ أيام، انتصاراً للرؤى «الإسرائيلية» التي ترى بأنّ المطلوب من «إسرائيل» اليوم بحسب ما نشره «مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» النشط كثيراً هذه الأيام في دراساته وتحليلاته، هو الاستعداد لتفكّك جزء من الدول إلى عدة دول وأحكام ذاتية وجيوب أو كيانات عرقية أو دينية متفرّقة، إذ لم يجد المركز الإسرائيلي أيّ حرج في أن يضيف إنه من الصواب أن تفتح «إسرائيل» علاقات سرية وعلنية مع تلك الكيانات، إذ يتوقع منها أن يكون لها دور بنّاء ومستقرّ في رسم معالم وجه الشرق الأوسط ، ومن هنا نفهم لماذا تبقى القرارات الدولية حبيسة الأدراج المتعلقة منها بمكافحة الإرهاب ووقف تمويل وتسليح مَن يصنفون دولياً منظمات إرهابية، إنما لتكريس الرؤية «الاسرائيلية» لجهة ديمومة تلك الكيانات والجيوب، ولذات السبب نفهم الإعلان «الاسرائيلي» المتعلق بالهدف الاستراتيجي «الاسرائيلي» في استجلاب أنظمة كنظام الرئيس السيسي الذي يفاخر بقدرات نتنياهو القيادية، وأنها كفيلة بتطوّر المنطقة والعالم بأسره بحسب ما نقله موقع صحيفة «مكور ريشون» الصهيونية اليمينية عبّر مراسلها تسفيكا كلاين الذي أكدّ أنّ السيسي نقل مشاعره تلك حيال نتنياهو، خلال لقائه في القاهرة بقادة لجنة المنظمات اليهودية في أميركا.

هذا ما نستطيع فهمه، وهذا هو فقط الفهم الأميركي «الاسرائيلي» المتلازم لما يجب عمله في هذه المنطقة الملتهبة، تطبيقاً وتنفيذاً لفكر برنارد لويس، نأمل أن نكون مخطئين وأن يكون هناك حقاً فهمٌ روسي ـ أميركي لما يجب عمله في الحرب السورية التي دخلت عامها السادس وأمل الخلاص مقتول، والفهم فيها معدوم.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى