موسكو تعلن بدء الغارات على «النصرة»… وواشنطن تستمهل لحسم خيارها نصرالله: انتصارات الغوطة بداية… والمقاومة ماضية في خيارها حتى النصر

كتب المحرّر السياسي

سارعت موسكو بعد لقاء فيينا إلى وضع آلية تنفيذية لمقرّراته الخاصة بفكّ التشابك بين جبهة النصرة والجماعات المشاركة في العملية السياسية، بعدما وجدت في اشتباكات الغوطة بين جبهة النصرة وجيش الإسلام أولى إشارات استشعار النصرة لنهاية الوقت المستقطع من المواجهة، وقرارها بالانقضاض على الجماعات المتداخلة مع مناطق سيطرتها والمتردّدة في حسم خياراتها بين التحالف الذي جمعها طويلاً بالنصرة، والمكانة التي حجزتها حديثاً في العملية السياسية، فقررت موسكو توجيه رسالة القوة للنصرة، منعاً لاستيعابها ما تبقى من جماعات مسلحة بقوة الذعر الذي يصيبها من درس النصرة الذي تقدّمه عبر عقابها لجيش الإسلام بمئات الإعدامات، وهذا ما تضمّنه إعلان وزير الدفاع الروسي عن جهوزية موسكو لبدء الغارات الجوية المشتركة مع الأميركيين على النصرة، في إشارة إلى الانتهاء من تحميل مواقع النصرة واستطلاعها كأهداف مشروعة للحرب، لكن واشنطن المربكة في خياراتها وجّهت رسالة ضعف للجماعات التي تعمل تحت راية السعودية وتركيا، فقالت إنها لم تقرّر بعد العمل مع موسكو بصورة مشتركة في الغارات الجوية، تاركة الجماعات التي ربطت مصيرها بالحرب الأميركية في سورية في حال ضياع بين حملات عسكرية تنتظرها للإبادة على يد النصرة، وانتظار لسراب قرار أميركي بديل بالتصعيد ضدّ سورية وحلفائها ويعيد شهر العسل مع النصرة تعيش في ظله السعودية وتدعو للتمهل بانتظاره.

لبنانياً، وليس بعيداً عن الحرب في سورية كانت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في حفل تأبين القيادي في المقاومة الشهيد مصطفى بدر الدين، ركز مداخلته فيها على توجيه ثلاث رسائل سياسية واضحة، الأولى تؤكد مضيّ المقاومة في طريقها الذي اختارته منذ بداية الحرب في سورية، وبذلت التضحيات التي توّجها استشهاد القائد بدر الدين لترجمة قناعتها بأنّ الحرب دفاعاً عن سورية بوجه مشروع الهيمنة الأميركي والعدوان الإسرائيلي والتفتيت التكفيري هي واحدة معركة دفاع عن المقاومة وعن لبنان وعن فلسطين، مؤكداً أنّ هذا الطريق واصل نحو النصر وأنّ المقاومة سترفد حضورها في ميادين القتال في سورية بالمزيد من المقاتلين والقادة، أما الرسالة الثانية فكانت لـ«الإسرائيليين» الذين أكدت المقاومة أنهم لم يكونوا هذه المرة وراء استشهاد أحد قادتها، بألا يقرأوا شهادة المقاومة للوقائع كما ظهرت من التحقيق شهادة براءة لهم أو تساهلاً معهم، فالمقاومة ستردّ وبقوة وقسوة على كلّ استهداف «إسرائيلي» للمقاومين والقادة، وهذه المرة سيكون الردّ من خارج مزارع شبعا كما جرت العادة، في إشارة واضحة إلى عزم المقاومة خرق القواعد التقليدية إذا ما تمادت «إسرائيل» وارتكبت حماقة اغتيال قادة ومقاومين. أما الرسالة الثالثة فكانت للجنوبيين دعوة لمشاركة كثيفة في الانتخابات البلدية غداً منعاً لقراءات سياسية تبني على العزوف الناجم عن عدم التنافس، بوجود لوائح موحّدة لحركة أمل وحزب الله، استنتاجات مغرضة من نوع تراجع أو ضعف الالتفاف الشعبي حول المقاومة.

السيد يتّهم السعودية

ركّز الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله في خطابه على جانب شخصية الشهيد بدر الدين واستعرض محطات عمله في المقاومة منذ معركة خلدة حتى استشهاده وإنجازاته، وأكد بأنه قائد متعدّد الكفاءات خاصة من الناحية العسكرية في الميدان والأمن والسياسة لناحية التفاوض في عمليات إطلاق الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وأراد السيد نصرالله توجيه رسالة بـأن مجاهدي حزب الله في سورية لم يمهلوا قتلة الشهيد بدر الدين فرصة التنعّم بجريمتهم من خلال قيام المجاهدين بالرد على الجريمة بعمليات تطهير مساحات واسعة من قرى ومناطق الغوطة الشرقية، حيث انطلقت الصواريخ التي استهدفت بدر الدين، كما أظهر خطاب السيد أن حزب الله لا يميز بين الفصائل الإرهابية والتكفيرية، لكن السيد اتهم السعودية بشكل غير مباشر بالاغتيال كفكر وكدعم مالي مباشر وإدارة وإشراف على عمل التنظيمات التكفيرية في سورية لا سيما وأن السعودية تشكل أحد أهم أركان العدوان على سورية.

وألمح السيد إلى أن قيادة حزب الله، كلّفت قائداً جديداً مكان القائد بدر الدين، وبالتالي أجهض أحلام المتربصين بالمقاومة بأن استشهاد «ذو الفقار» لن يؤثر على مسيرة المقاومة أو حضورها في الجبهة السورية.

لا تعامل مع المحكمة

وأعاد السيد تأكيد الرواية الأساسية لاغتيال الشهيد بدر الدين، حيث لم يثبت التحقق المباشر الذي أجراه المعنيون في الحزب تورط «إسرائيل» مباشرة حتى الآن، لكن السيد لم ينف التورط غير المباشر للأميركي و«الإسرائيلي» وبعض الدول الإقليمية وعلى رأسها السعودية. وهذا يبقى رهن التحقيق المستمر وليس لدى الحزب عقدة الاتهام حتى تتوفر الأدلة الحاسمة.

أعاد السيد من خلال هجوم العنيف على السعودية وتيرة الخطاب تجاه المملكة إلى اللحظة اليمنية ما يدلّ على أن الصراع مع السعودية أصبح ثابتاً وتحديداً باستعماله مجدداً كلمة آل سعود، كما عزز معادلة الردع مع العدو «الإسرائيلي» الذي كان قد قدمها في خطابات سابقة بأن أي استهداف لأحد عناصر أو قادة المقاومة سيرتب رداً عنيفاً على كيان الاحتلال، وأضاف إليها أمس، أن الرد لن يقتصر على مزارع شبعا، وبالتالي حرم «إسرائيل» الطمأنينة من أن الرد سيقتصر على المزارع وكسر ظنّ البعض بأن الرد سيكون روتينياً بل وسّع الميدان ليطال جبهات ومواقع تتعدّى المزارع يعرف العدو مدى جدية وقدرة المقاومة على استهدافها.

وكرّر موقفه من المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، بأن الحزب لا يعيرها أي اهتمام، قطع النقاش في إعلان المحكمة الدولية الطلب من المعنيين في الدولة اللبنانية تزويدها بالحامض النووي لبدر الدين لتتأكد من مقتله، فهو لن يتعامل مع المحكمة في أية مسألة.

حزب الله يردّ في سورية

الأهم والأخطر في خطاب السيد هو تلميحه إلى أن الرد الحقيقي على اغتيال بدر الدين سيكون في سورية التي تشكل ساحة الردّ المستمرة ما يدلّ على أن الحزب مستعدّ ليس لاغتيال بدر الدين فقط بل لاغتيال أي قائد في المقاومة، وإعلانه أن الحزب سيزيد وجوده في سورية عناصر وقادة، يعني أن المعركة الكبرى ستكون في سورية وبالتالي ساحة لهزيمة المشروع الأميركي «الإسرائيلي».

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنه لا يمكن ربط إنجاز المقاومة والجيش السوري في الغوطة الشرقية بالرد على اغتيال بدر الدين، لأن هذا الإنجاز تم التخطيط له منذ وقت طويل، لكن تزامن الإنجاز مع عملية الاغتيال وشراكة حزب الله في الحرب على الإرهابيين في سورية، وتحديداً في الغوطة الشرقية يجعل إمكانية الربط بين الحدثين جائزة.

التوطين طرحه السفير البريطاني منذ 5 أشهر

إلى ذلك، فضح تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المستور الذي تخطط له «إسرائيل» والذي يتضمن إعادة التوزيع الديمغرافي في المنطقة بشكل يعفيها من عودة اللاجئين، باتخاذ النازحين السوريين مدخلاً لتطبيق هذا القرار الذي يكون بمثابة مرحلة أولى تسبق مرحلة بقاء اللاجئين الفلسطينيين في بلاد الشتات، وإلغاء حق العودة. وتؤكد مصادر دبلوماسية لـ«البناء» أن الدول المشاركة في العدوان على سورية تريد السير قدماً في مشروع التوطين خدمة لـ«إسرائيل». وإذ اعتبرت المصادر أن «الأمم المتحدة انخرطت في هذا المشروع»، لفتت إلى ان «سورية متمسكة بمواطنيها وترفض استثمارهم من أي جهة كانت، وهذا يستدعي من الدول المستهدفة من التوطين موقفاً وطنياً حازماً يقطع الطريق على هذه المؤامرة». وشددت المصادر على «أن فكرة التوطين مطروحة منذ نحو 5 أشهر، والسفير البريطاني هيوغو شورتر نقل إلى القيادات السياسية رسالة مفادها أن الدول الاوروبية لن تدفع للبنان الأموال وتقدم له المساعدات مجاناً، على الحكومة اللبنانية أن تبادلها بتقديم التسهيلات لتبني تشريعات تمهد الطريق امام التوطين كمقدمة للتجنيس الذي يصبح وارداً في أي وقت». وأبدت المصادر ارتياحها للموقف الرسمي اللبناني الذي «عبر عنه مجلس الوزراء أول أمس الرافض للتوطين»، مشيرة إلى أن موقف الحكومة في مرحلة سابقة كان متساهلاً لا سيما في مسألة حق العمل وكان هناك نية للسير به، لكن عندما تبين للقوى السياسية ما يحضر للبنان في كواليس العواصم الغربية والإقليمية، ضغطت بعض مكونات الحكومة المكوّن الشيعي، والمكوّن المسيحي لرفض ذلك، وهذا ما تجلى بشكل واضح في جلسة مجلس الوزراء الخميس.

واستدعى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، لاستيضاحها حول ما ورد في التقرير الصادر عن الأمين العام، وأبلغها موقف الحكومة اللبنانية، وسلّمها رسالة خطية موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تضمنت رفض لبنان لما ورد في تقرير الأمين العام لناحية استيعاب النازحين في أماكن تواجدهم وضرورة اندماجهم في المجتمعات ووضع السياسات الوطنية من قبل الدول للتكيف مع بقائهم وصولاً إلى إعطائهم الجنسية. وأكد في رسالته على «موقف لبنان برفض التوطين وأي شكل من أشكال التجنيس وأي شكل من أشكال البقاء الطويل للسوريين». واعتبر ان «الحل الوحيد هو بعودتهم السريعة والآمنة إلى وطنهم سورية».

وفي هذا السياق، أكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي «أننا حريصون على عودة أبنائنا إلى وطنهم»، مشيراً إلى «أننا نستقوي بهذا الرصيد من السوريين في كل مندرجاتهم». وسأل «من قال إن السوري يريد التوطين أو التجنيس في اي مكان آخر؟»، مشيراً إلى ان «الذين يريدون الخير لسورية فليطبقوا قرارات الأمم المتحدة في ما خص مكافحة الإرهاب».

الرياض ستبقى تراوح مكانها

الى ذلك، وبعد فشل المملكة العربية السعودية في مناورة الرئاسة وعدم قدرتها على إتمام الاستحقاق الرئاسي وفق شروطها وفشلها في انتزاع رئيس تيار المرده سليمان فرنجية من محور المقاومة، ما اظهر ضعفها في لبنان وعجزها على القرار اللبناني، قررت دعوة 90 شخصية لبنانية إلى عشاء في منزل السفير السعودي في اليرزة تقول إنها تمثل كافة المكونات اللبنانية الحليفة لها أو المعترضة على سياساتها باستثناء حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي. وتحاول المملكة عبر دعوة سفيرها القيادات السياسية أن تظهر إمساكها بالقرار السني من غير معارضة، فهي وجهت الدعوات إلى كل القوى السنية، واتصل سفيرها بكافة الشرائح المسيحية لا سيما بالعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، فيما كان الحضور الشيعي غير كامل، وهذا ما تريد من خلاله الرياض تأكيد أن القطيعة هي فقط مع حزب الله.

وشددت مصادر مطلعة لـ«البناء» على أن هذه المناورة السعودية لا تعطي صاحبها ما يريد، لأن الذين حضروا بالأمس ليسوا جميعاً على استعداد لتلقي الأوامر السعودية مهما كانت الإغراءات والمصالح،». واكدت المصادر «أن الرياض ستبقى تراوح مكانها ولن يشكل هذا العشاء العابر رافعة لها من عجزها».

نائب منتخَب وحيد الاثنين في البرلمان

في غضون كل ذلك تشهد جزين غداً الأحد انتخابات نيابية فرعية لملء المقعد النيابي الماروني الذي شغر بوفاة عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال الحلو. ويتنافس أربعة مرشحين على المقعد الماروني وهم رجل الأعمال امل بو زيد المدعوم من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والمؤيَّد من حزب الكتائب، العميد المتقاعد صلاح جبران، والناشط السابق في التيار الوطنيّ الحرّ باتريك رزق الله، المحامي ابراهيم سمير عازار. وفيما تصب أصوات حزب الله يوم الأحد لصالح ابو زيد، فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم يرشح أحداً في وجه ابو زيد، لم يوعز لمناصريه انتخابه، انما ترك لهم حرية الاختيار. وعلى رغم ذلك يبدو أن ابو زيد وفقاً لآخر الإحصاءات التي تؤكد فوزه، سيدخل القبة البرلمانية يوم الاثنين المقبل كنائب وحيد منتخب أمام 127 نائباً ممدَّداً لهم مرتين.

ودعا العماد عون أهالي جزين إلى أن «لا يتركوا الحزازات بين الأفراد تؤثر على النتيجة العامة»، متمنياً بعد 48 ساعة أن يكون في مجلس النواب النائب الشرعي الوحيد.

وعلى صعيد الانتخابات البلدية، تدور المعركة بين لائحة «نحن لجزين» المدعومة من التيار والقوات والوزير السابق إدمون رزق وعائلات برئاسة خليل حرفوش القيادي في التيار ورئيس بلدية جزين واتحاد بلدياتها المنتهية ولايته، والمرشح سعيد الحلو المقرب جداً من التيار الوطني الحر، ولائحة جزين عين مجدلين، الإنماء أولاً المدعومة من النائب السابق سمير عازار وإحدى الشخصيّات الجزينية فوزي الأسمر إضافة إلى بعض العائلات.

وفي شأن الانتخابات البلدية في صيدا نشطت الماكينة الانتخابية لتيار المستقبل بشكلٍ كبير في الأيام القليلة الماضية وجالت على المواطنين تحصي الأسماء لنقل الناخبين إلى أقلام الاقتراع للتصويت للائحة رئيس البلدية الحالي محمد السعودي.

وقالت مصادر صيداوية مطلعة لـ«البناء» «فوز لائحة رئيس البلدية الحالي محمد السعودي بات شبه مؤكد، بينما التحدي هو في نسبة المشاركة وعدد الأصوات التي ستنالها اللوائح المنافسة له». وأكدت أن الرئيس فؤاد السنيورة داعم أساسي للائحة السعودي، رغم وقوفه ضد لائحة البيارتة في بيروت»، وأضافت أن «وزير العدل المستقيل أشرف ريفي يدعم بشكلٍ سري لائحة علي عمار وتربطه علاقة مميزة بأحد أعضاء اللائحة الشيخ محي الدين عنتر». ولفتت المصادر إلى أن «المرشح على لائحة علي عمار، حسن عوكل تلقى ضغوطاً من آل الحريري وهذا ما دفعه إلى الإعلان عن سحب ترشيحه أمس»، وشددت على أن «إعلان تيار المستقبل عن قدوم الرئيس سعد الحريري إلى صيدا كان يهدف إلى تحشيد المناصرين إلى أقصى حد قبل الانتخابات بعد أن استشعر المستقبل برودة لدى الشارع تجاه المشاركة في الانتخابات». وأعربت عن مخاوفها من لجوء المستقبل إلى استعمال سلاح المال والرشى قبل يوم الانتخابات وخلالها كما حصل في انتخابات بيروت». وتوقعت المصادر تراجع نسبة التصويت في صيدا نظراً لتراجع تأييد الشارع الصيداوي لتيار المستقبل، فضلاً عن أن الشارع الصيداوي ليس مسيّساً ولا يساق إلى صناديق الاقتراع كما حال الشارع الطرابلسي». ورجحت المصادر أن «تنال اللائحة المدعومة من رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد بين الـ7 والـ10 آلاف صوت، ولفتت إلى أن «ترشيح الوزير شربل نحاس المرشح وليد عاصي على لائحة مواطنون ومواطنات في دولة لم يكن خياراً ناجحاً، لأنه لا يملك الحيثية والشعبية في صيدا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى