أنطون الحاج شاهين… رمز قوميّ مضيء في تاريخ زحلة

ل.ن.

إذا تحدثنا عن تاريخ الحزب في منفذية البقاع الأوسط التي كان وضع المداميك الأولى في تأسيس ونمو العمل الحزبي فيها، الأمين يوسف الدبس 1 . لا بد من أن نقف باعتزاز أمام مجموعة من الرفقاء الذين تميّزوا بنضالهم وبحضورهم القومي الاجتماعي، وساهموا عبر نشاطهم ومناقبيتهم في انتشار التعاليم القومية الاجتماعية في منطقة زحلة. من هؤلاء الرفقاء، الرفيق القدوة أنطون الحاج شاهين الذي ترك آثاراً لا تمحى في بلدته رياق وكل زحلة والبقاع، ليس فقط عبر توليه للمسؤوليات، منها منفذ عام زحلة، إنما عبر اشعاعه المناقبي، وحسن تعاطيه مع الرفقاء والمواطنين.

يورد الرفيق خليل سماحة هذه السيرة الذاتية للرفيق أنطون الحاج شاهين، في صادرة خاصة وجهها بتاريخ 20/10/2010، وصاغها بالتعاون مع الامين شكيب معدراني:

ولد الرفيق أنطون جريس الحاج شاهين في تشرين الثاني 1932.

والدته: ندى حداد، من بتاتر بحمدون، قضاء عاليه.

تابع دراسته الابتدائية والثانوية في كل من حوش حالا رياق – الكلية البطريركية بيروت – الاباء البيض، الكلية الشرقية في زحلة، وفي مدرسة مار افرام.

توظف في البنك الجزائري منذ انتهاء الدراسة الثانوية تقريباً، من سنة 1952 حتى 31/12/1961.

انتمى في مديرية رياق / حوش حالا في فترة تولي الرفيق ميشال كعدي مسؤولية مدير المديرية وكانت تضم العديد من الرفقاء من قرى علي النهري ورياق الفوقا، بالإضافة الى رياق وحوش حالا.

تسلّم مسؤولية منفذ عام زحلة عام 1961 خلفاً للمنفذ المستقيل الامين شكيب معدراني وشكل هيئة جديدة ضمّت الرفقاء: خليل سماحة ناموساً، جوزف كعدي ناظراً للمالية، فؤاد فضول ناظراً للإذاعة، تلاه في نظارة الإذاعة الرفيق غازي براكس 2 ثم الأمين شفيق راشد 3 أما نظارة التدريب فتسلّمها المنفذ العام السابق الامين شكيب معدراني.

اعتقل على أثر الثورة الانقلابية في ثكنة أبلح العسكرية فتعرّض للتعذيب المعنوي والجسدي بشكل قاسٍ، ما أقعده وأعاقه عن السير، وتحمل خلالها المسؤوليات كافة عن الأعمال الحزبية في منطقة المنفذية وكان صموده أثناء التعذيب عنواناً مثالياً للمناضلين إذ حصر بنفسه جميع المسؤوليات.

نُقل من ثكنة أبلح الى ثكنة المير بشير في بيروت وهناك بقي مع أعضاء هيئة المنفذية قيد الاعتقال والمحاكمة الى حين فُصلت التهم بين جنحة وجناية وكانت تهمة أعضاء هيئة المنفذية في زحلة جنحة إذ عرفوا بالانقلاب بعد وقوعه، ولهذه الأسباب حكمت المحكمة بإخلاء سبيلهم من دون حكم قضائي، وكان لصموده وصمود اعضاء هيئة المنفذية وتعاونهم الدقيق الفضل الذي أنقذ عشرين قومياً اجتماعياً كانوا مشاركين في الثورة الانقلابية.

خرج من السجن في 26 تشرين الأول 1962 مع ناظر التدريب الأمين شكيب معدراني بعدما كان أعضاء هيئة المنفذية خرجوا في الفترة نيسان – أيار 1962.

حضر الرفيق أنطون الحاج شاهين وكل من الرفقاء: خليل حنا سماحة وشفيق راشد وشكيب معدراني وجوزف عبد الله كعدي ممثلين عن منفذية زحلة في مؤتمر ملكارت عام 1968 في بيروت.

تسلّم مجدداً مسؤولية منفذ عام زحلة في السنوات 1974 ،1975 و1976.

عنه هذه الإضاءة التي زوّدنا بها مشكوراً الأمين الدكتور ربيع الدبس:

نشأ الرفيق أنطون الحاج شاهين وحيداً وعاش طفولة مرفهة في بلدة رياق البقاع الأوسط.

تسلم مسؤولية منفذ عام زحلة منتصف السبعينات ونشط بشكل ممتاز، بعدما كان أيضاً منفذاً عاماً خلال الثورة الانقلابية وعاونه فريق من المناضلين بينهم الأمين شكيب معدراني.

كانت بداية نشاطه في الحزب مع الرفيق جوزف كعدي 4 الذي سبقه الى الانتماء شقيقه ميشال كعدي. وعُرفت عن الرفيق أنطون خامته النظيفة ومناقبه الواضحة في حياته اليومية.

اعتقل الرفيق أنطون بعد الثورة الانقلابية وكان سلوكه في السجن قدوة ومثالاً في الصمود والمحبة والنبل إذ كان يدرك ويمارس فضيلتي العطاء والتضحية وهما من مستلزمات القضية.

ظل معتقلاً مع أعضاء هيئة المنفذية حتى 25/10/1962 إذ أفرج عنهم بعد محاكمة، وكانت التهمة هي الانتساب الى جمعية سرية وقد أفرج عنه مع ناظر التدريب في يوم واحد بعد التأكد من أنهما لم يكونا على علم بالانقلاب، علماً أن حملات المداهمة والتفتيش بدأت قبل المحاولة بنحو شهر.

بعد السجن فقد وظيفته في البنك الذي عمل فيه في زحلة، ومرّ في ضائقة مالية صعبة وقاسية لكنه كان صبوراً وصاحب عزيمة. في إحدى المرات، بعد الخروج من السجن، التقى في مدينة زحلة الأمين شكيب معدراني وتبادلا من بعيد التحية، فاستدعيا في اليوم التالي الى مقر الشعبة الثانية في أبلح، وهذا مثل صغير عن الحالة الإرهابية التي مورست على القوميين الاجتماعيين حتى أواخر الستينات. بعدما تراجع الضغط في السبعينات أنشأ الرفيق أنطون مع شركاء مكتباً للتسليف المالي، لكنه أخذ بعد سنوات قليلة يشعر بحالة مرضية غامضة طالت معه، ثم تبين أنه مصاب بتلف في الأعصاب لم يعرف له دواء حتى اليوم، فتراجعت صحته كثيراً رغم المعالجة، وربما كان للتنكيل الذي لحق به كما لحق بمعظم أعضاء الحزب دوره في تراجع صحته، خاصة أن الضغط والتعذيب مورسا عليه بشكل متواصل، ورغم ذلك حصر المسؤولية كلها فيه خلال السجن بعدما كان اعتقل في أبلح قبل نقله الى بيروت مع الرفيقين ميشال سعاده وميشال كعدي.

كان له في منطقته منزلة في عيون الناس، وكان محترماً وموضع ثقة المتحد الذي عاش فيه، وكان ركناً من أركان النهضة القومية الاجتماعية التي خسرته باكراً، وكان له مأتم حزبي مهيب.

يـروي الأمين شكيب معدراني أن الـرفيق أنطون وبعض الرفقاء جاؤوا لزيارته في أحـد أعياد الفصح «ليقوموا بواجب المعايدة»، ففوجئوا بأمه ترتدي الحجاب. وبعد اللقاء والترحيب دعتهم أمه الى الجلوس فبدت عليهم علامات الإرباك، فشرح لهم الرفيق شكيب الموضوع وقال لهم: «لا أستغرب ألا تعرفوا مذهبي لأن عقيدتنا القومية الاجتماعية حـولت كلاً منا الى إنسان جـديد يضع نصب عينيه القضية من موقع قـومي اجتماعي لا طائفي».

وفاته

بعد معاناة مريرة وطويلة مع المرض، وافت المنية الرفيق أنطون الحاج شاهين بتاريخ 11 تشرين الأول 1983، فووري في الثرى في مدافن حوش حالا رياق بحضور جمع غفير من أهالي المنطقة ومن رفقاء منفذية زحلة والمنفذيات المجاورة انضم إليهم رهط كبير من فعاليات المنطقة، السياسية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية.

هوامش:

1 – راجع النبذة عن بدايات الحزب في منطقة البقاع الاوسط، المعممة بتاريخ 16 أيلول 2013.

2 – انتقل الى الداهشية وبات أحد القياديين فيها. مقيم في نيويورك وله عدة مؤلفات عن الداهشية. شقيقته الرفيقة حياة عقيلة الامين فؤاد غزال سيدني .

3 – من قب الياس. نشط في نطاق منفذية زحلة، ثم أصبح عضواً في مفوضية لبنان التي عملت على تنظيم العمل الحزبي بعد الثورة الانقلابية. غادر الى أوتاوا حيث تولى مسؤوليات حزبية، وفيها وافته المنية.

4 – من الرفقاء المميزين، تولى رئاسة بلدية رياق حوش حالا، وله فيها حضور متقدم، كانت تشدّه رابطة صداقة ورفقة قومية اجتماعية الى الرفيق الراحل أنطون الحاج شاهين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى