عودة الحريري تأتي بعدما طوت السعودية ثلاث سنوات من الرهان الفاشل على سقوط سورية… أميركا لا تملك استراتيجية واضحة في العراق وهي تدفع ثمن مغادرته وتركه في حالة من «فراغ القوة»
مقدمةلا يزال الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة ثابتاً في موقفه في المفاوضات بالإصرار على مطلبه الأساسي وهو فك الحصار الشامل عن قطاع غزة، ورفض الوقوع في خديعة القبول بوقف دائم لإطلاق النار قبل التوصل إلى اتفاق يستجيب فيه العدو الصهيوني للمطالب الفلسطينية. ولهذا فإن الوفد الفلسطيني وافق على تمديد الهدنة مدة 72 ساعة إضافية شرط أن تؤدي إلى استجابة فعلية من الجانب الصهيوني للمطالب الفسلطينية، وإلا فإنه ـ أي الوفد الفلسطيني ـ سيغادر القاهرة وتعود المقاومة إلى استئناف القتال ومواصلة حرب الاستنزاف، خصوصاً أن المقاومة باتت موحدة وتملك غرفة عمليات مشتركة وقراراً سياسياً وعسكرياً وميدانياً واحداً مستنداً إلى إرادة الشعب الفلسطيني بالصمود على رغم الألم والمعاناة لأنه أخذ قراراً نهائياً بأنه لا بد من أن يحصل على حريته وأن يرفع الحصار وإلّا فإنه سيستمر في المقامة الأسطورية.
على أن «إسرائيل» التي أعطيت فرصة لإعادة إنتاج قوتها الردعية، انطلاقاً من الرهان على أن غزة معزولة ويمكن دعشنة المقاومة فشلت في ذلك، وخرجت من غزة وقوتها الردعية مكسورة وقبتها الحديدية مثقوبة، ولواء غولاني خارج المعركة وجبتها الداخلية مفككة.
أما بالنسبة إلى الوضع المحلي اللبناني، فإن عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، تأتي بعدما طوت السعودية زمناً عمره ثلاث سنوات عنوانه الرهان الفاشل على سقوط سورية وسقوط العنوان الرئيسي والرمزية التي يمثلها الرئيس بشار الأسد، غير أنه ليست صدفة عودة الحريري ولا التفاوض حول غزة واجتماع البرلمان العراقي وانتخابه رئيساً وطي الحديث عن انفصال كردستان.
على أن نجاح حزب الله في معادلة الصمود السوري بمشاركته إلى جانب الجيش السوري سيؤدي إلى تحسين حظوظ العماد ميشال عون بالرئاسة، وبالتالي عندما تكون إيران ذاهبة باتجاه تفاهم هي والولايات المتحدة الأميركية لا يمكن لأميركا أن تتحول إلى شريك لإيران في تفاهمات تطبق في المنطقة وهي رأس حربي بمشاركة مفتوحة مع سورية.
ولهذا يبدو المشهد اللبناني يتأرجح في الحديث عن استئناف لجهود التوصل إلى تفاهم حول انتخاب رئيس للجمهورية، وبين الحديث عن التمديد للمجلس النيابي في حال لم يتم ذلك، وسط تأكيد من أوساط الرئيس نبيه بري بأنه لم يبحث التمديد مع أحد من الكتل النيابية. ويأتي ذلك على رغم أن نواب كتلة «المستقبل» يؤكدون أن عودة الحريري ستدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.
أما لجهة ما يحصل في العراق من تطورات، فإن أميركا تواجه مأزقاً، فهي لا تملك استراتيجية واضحة بعدما غادرت قواتها العراق وتركت حالة من «فراغ القوة» الذي تدفع ثمنه الآن.
هناك خطر بات يهدد أميركا بعد تمدد تنظيم «داعش»، فقول الرئيس باراك أوباما بأن ما يجري مسألة عراقية ليس صحيحاً، إنها مسألة تهم الأمن القومي الأميركي بتوافق المسؤولين الأميركيين كافة بحسب قول السيناتور جون ماكين.
ولهذا فإن تنفيذ ثلاث غارات في منطقة وقعت فيها جرائم فظيعة بينما يواصل «داعش» انتصاراته هو أمر غير فعال وغير كافٍ، ولهذا فإن المطلوب إرسال معدات عسكرية على وجه السرعة إلى أربيل وتنفيذ ضربات ضد «داعش» في العراق وسورية.