راتني: «التخلي عن اتفاق وقف إطلاق النار خطأ استراتيجي»
حميدي العبدالله
بعد تهديد الجماعات المسلحة في سورية بالتخلي عن قرار وقف العمليات القتالية، أصدر المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية مايكل راتني بياناً موجهاً إلى الفصائل السورية المسلحة، قال فيه حرفياً: «نحن ندرك أنّ اتفاق وقف الأعمال القتالية تحت ضغط جدّي، ولكننا نعتقد أنّ التخلي عنه حالياً سيكون خطأً استراتيجياً». واضح أنّ المبعوث الأميركي يتحدّث عن «خطأ استراتيجي» وهو الخروج من اتفاق وقف العمليات، ولكنه قال إنّ هذا خطأ «استراتيجي الآن» أيّ أنه قد لا يكون خطأً استراتيجياً في وقت آخر، الأمر الذي يعني أنّ التزام الولايات المتحدة باتفاق وقف العمليات ليس التزاماً نهائياً، ولا يعني أبداً قبول الولايات المتحدة، خيار الحلّ السياسي للأزمة السياسية بديلاً للخيار الذي يعتمد على التنظيمات الإرهابية. لكن لماذا قال راتني إنّ الخروج من الاتفاق الآن، وفي هذا التوقيت، هو خطأ استراتيجي؟
الولايات المتحدة غير مستعدّة الآن للتورّط في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، ولا سيما في ظلّ الالتزام الروسي والمساهمة الجوية في القتال ضدّ الإرهابيين إلى جانب الجيش السوري، إذ أنّ أيّ تدخل عسكري مباشر أميركي ضدّ الجيش السوري في هذا التوقيت بالذات يقود إلى اندلاع مواجهة مباشرة مع روسيا، وهذا خيار تتحاشاه الولايات المتحدة الأميركية الآن، أو على الأقلّ الإدارة الحالية.
لكن الخروج عن اتفاق وقف إطلاق النار، سيكون موجهاً ضدّ روسيا، الراعي الثاني للاتفاق، وهذا سيدفع موسكو للعودة إلى الإسهام العسكري بالقوة التي كان عليها قبل اتفاق وقف العمليات، وربما بمستوى أكبر مما كان عليه الوضع قبل 27 شباط تاريخ صدور قرار وقف إطلاق النار. ومن شأن ذلك أن يدفع الأوضاع في سورية إلى واحد من مسارين: الأول انهيار مواقع الجماعات المسلحة على النحو الذي سارت عليه التطورات الميدانية في شهري كانون الثاني وشباط قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. الثاني تدخل عسكري أميركي إقليمي لمواجهة الجيش السوري وحلفائه، بما في ذلك إيران وروسيا، وهذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة على الأقلّ في هذا التوقيت بالذات. إضافة إلى ذلك أنّ «وقف العمليات» حقق لحلفاء الولايات المتحدة ما لم يحققه الخروج عن الاتفاق. فلولا هذا الاتفاق، لما تراجع الإسهام الجوي الروسي في العمليات العسكرية، ولولا هذا الاتفاق لما تمكّنت الجماعات المسلحة من السيطرة على خان طومان والعيس وتلة العيس، ووقف زحف الجيش السوري وحلفائه، وإتاحة الفرصة أمام الجماعات المسلحة لترميم قوتها ورصّ صفوفها وتعويض خسائرها.
لكلّ هذه الأسباب اعتبر راتني الخروج من الاتفاق الآن خطأً استراتيجياً.