أفكار فرنسية بالعربي
بلال شرارة
أنا غير متفائل البتة بالحراك السياسي الدبلوماسي الفرنسي لعقد مؤتمر دولي لدفع مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين و»الإسرائيليين»، لأنّ رئيس حكومة العدو نتنياهو، ومن الآخِر، لا يريد لهذا المؤتمر أن ينعقد، ولأنه لا يريد استئناف المفاوضات فهو ماضٍ في إحكام مخططاته الاستيطانية دون أن يلتفت إلى الخلف إلى العقوبات الأوروبية بمقاطعة منتوجات المستوطنات.
وأنا كذلك غير مهتمّ بالتسريبات عن تحرّك دبلوماسي فرنسي لعقد مؤتمر دولي لإخراج لبنان من أزماته السياسية الفراغ الرئاسي والاتفاق على قانون انتخابات تشريعية وشكل ومضمون الحكومة المقبلة ، ذلك أنّ أحداً في لبنان لا يريد الرجوع خطوة إلى الخلف لإفساح المجال أمام حلحلة المشكلات اللبنانية، وإلا لكانت طاولة الحوار اللبنانية كفيلة بوضع خريطة طريق للحلّ.
صحيح أنّ رئيس الوزراء الفرنسي سيزور فلسطين المحتلة ويلتقي كلاً على حدة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وبرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ويجري محادثات تهدف لتعزيز الطرح الفرنسي بعقد المؤتمر الدولي حول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أنّ نتنياهو سبقه وحوّل الأنظار عن زيارته إلى إبعاد وزير حربه موشيه يعلون عن مهام منصبه وتعيين المتطرف افيغدور ليبرمان في مكانه الأمر الذي يوحي بتغليب الاستيطان والعدوانية على الدبلوماسية.
وسبق الحراك الدبلوماسي الفرنسي زيادة الكونغرس الأميركي للمساعدات الأمنية الاستثنائية لإسرائيل منظومة حيتس والقبة الحديدية ومقلاع داود وإمكانية تقرير مساعدة إضافية غير تلك التي تأتي من البنتاغون .
وعلى المستوى السياسي الدبلوماسي تزداد المراهنة الإسرائيلية على عرقلة واشنطن لمشروع المؤتمر الدولي الفرنسي هذا، عدا عن التعقيدات الإضافية التي تضعها «إسرائيل» بوجه مساعي الحلحلة الفرنسية لإعادة الاعتبار للمفاوضات، ومنها القوانين «الإسرائيلية» العنصرية وارتفاع عدد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحافيين.
على المستوى اللبناني تأتي التلميحات إلى دور فرنسي متزايد فيما يزيد التباعد السعودي الإيراني، وفيما لم يتمّ الاتفاق الداخلي على قانون للانتخابات، وفيما تموضعت القوى السياسية مجدداً وتجدّدت ثقة الشارع السياسي بها في أعقاب الانتخابات البلدية.
يبقى هل الدور الفرنسي الحالي يرتبط بالإنجازات العسكرية التي تتحقق ضدّ داعش في سورية والعراق، وتقدّم ملف المفاوضات اليمنية في الكويت، وإمكانية تبلور ملف المفاوضات السورية – السورية في جنيف وتفاهم المكونات العراقية على حفظ الاستقرار السياسي الداخلي وترتيب الأولويات انطلاقاً من تحقيق تحرير الفلوجة والرقة كمقدّمة لهزيمة «داعش»، وكذلك جعل «النصرة» كما «داعش» عدواً أممياً إقليمياً وطنياً لكلّ الأطراف؟
برأيي المتواضع، فإنّ خيار الحرب بالنسبة لنتنياهو على جبهات غزة وجنوب لبنان وعرقلة الملف السوري أهون عليه من القبول بالمشروع الفرنسي لتدويل المفاوضات! نتنياهو بقراره إقصاء يعلون أعطى لنفسه عملياً حق الإمرة العسكرية وجرّد قادة الجيش من حق الإدلاء بآرائهم، وهو وضع يده على تقرير مراقب الدولة يوسف شابيرا الذي عُني بالتحقيق في الإخفاقات السياسية والأمنية لحرب 2014 في غزة، وهو التقرير الذي وصف بأنه أخطر من تقرير فينوغراد الخاص بالحرب على لبنان عام 2006.
حتى الآن يملك نتنياهو حق النقض الفيتو ضدّ مشروع المؤتمر الدولي الذي تسوّقه فرنسا. وفي لبنان كلّ الرؤساء لا يريدون رئيساً ولا تشريعاً ويريدون عجزاً حكومياً لتعزيز الفيدراليات.
أليس هذا هو الواقع؟ أم انه ترجمة غير أمينة لأفكار فرنسية؟