الخطة الأمنية: السيّد كان يعرف ماذا يريد…
روزانا رمّال
تبدأ اليوم الخطة الأمنية مرحلتها الثانية في منطقة البقاع وتستهدف عصابات الخطف وسرقة السيارات.
من ليلة أمس اختفت الحواجز التي كان حزب الله يقيمها على أطراف مناطق القتال المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية وتسلمها الجيش اللبناني واختفت المظاهر المسلحة للحراسات الأهلية في القرى المعروفة بولائها لحزب الله، والتي انتشرت وقاية من الاستهداف بالسيارات المفخخة… قبل البقاع كان الشمال عنوان المرحلة الأولى.
رافقت خطة الشمال خطوات خجولة طعنت بصدقية الخطة بين هروب قادة المحاور واختفاء المطلوبين…
يوماً بعد يوم تتقدّم الخطة وتزداد تعابير جديتها وتتوسّع المداهمات وعمليات التوقيف.
ويرتفع منسوب هيبة الدولة والجيش، خصوصاً حيث تكتسب الخطة التي رسمت حولها علامات استفهام في البداية المزيد من المصداقية كلما تقدمت في حيّز التطبيق ويبدو أنها ستزداد قوة في مرحلتها البقاعية.
هذا التقدم والإنجاز يعيدنا إلى السؤال الذي رافق تشكيل الحكومة،
ماذا يريد حزب الله من الحكومة؟ وهل يتناسب حجم ما سُمّي بتنازلات حزب الله لتشكيل الحكومة مع حجم الهدف الذي يريده منها؟
يدلّ موقف الحزب من الشراكة في الحكومة إلى رغبة بإنهاء الفتنة وتخفيف الاحتقان في البلاد، وتمدّد القاعدة وخطة أمنية ناجحة، وهذا يعني عزل المجموعات المتطرفة عن البيئة الحاضنة لتيار المستقبل واسترداد شعور هذه البيئة بأنها قوية في الدولة وليس بالميليشيات، ولو كان زرع هذا الشعور في الجمهور المستقبلي الذي تسعى القاعدة إلى اجتذابه على حساب معنويات جمهور الحزب… فالعمل لإعادة جمهور المستقبل وقياداته إلى إغراء مشروع الدولة لاستعادتهم من الشارع والسلاح حيث يصبحون وقوداً للفتنة ومشروع القاعدة، وهذا معناه العمل لدخول وزراء مثل نهاد المشنوق وأشرف ريفي باعتباره هدفاً لتحقيق الغاية المنشودة وليس ثمناً مترتباً على السعي إليها.
ويبدو يوماً بعد يوم أنّ زهوّ ومغالاة تيار المستقبل، قيادة وجمهوراً وكوادر، بالتنفّذ والتحكّم والتصرّف في مؤسسات الدولة والذي يسبّب الغيظ لجمهور المقاومة يشكل مصدر رضا لدى قيادة هذه المقاومة كتعبير عن نجاحها بتحقيق الهدف الرئيسي الذي اشتغلت عليه وهو القول للمستقبل تعالوا لمكاسب الدولة واتركوا الشارع… فالشارع يجعلكم وقوداً ومطية لمشروع القاعدة…
لا يحتاج اكتشاف هذا الاستنتاج إلى تحليل، فعندما خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتهدئة جمهوره الغاضب من القبول بمشاركة من وصفهم يومها الغاضبون برموز الاستفزاز في الحكومة، قال السيد بعد شرح مفصّل عن الإرهاب ومخاطره بمناسبة ذكرى الشهداء القادة: «الذي يعيش هذا الجو كله الذي تحدثت عنه قبل قليل، هذه الاهتمامات وهذه الأولويات وهذه المخاطر وهذه التهديدات وهذه التحديات يستطيع مباشرة أن يفهم خلفيتنا وسلوكنا في موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة».
وتابع: «الزاوية التي تنظر منها طبعاً تؤثر على رأيك وعلى تقييمك، لأنك أنت ماذا ترى؟ من أي زاوية أنت ترى؟ من أي منظار أنت ترى المسائل والأمور؟»
وكذلك لم يبق مكان للمزيد من التحليل عندما ربط القبول بحصول رموز الرابع عشر من آذار على حقائب حساسة بقوله: «نحن ليس لدينا أي مكسب خاص، نحن حتى آخر لحظة لم نناقش في الحقائب.
هذه مرحلة نريد أن «نلمّ بها» بلدنا ونتجاوزها ونتحمّل بعضنا البعض، يجب أن نتحمّل هنا شخصية استفزازية، وهناك شخصية استفزازية، ماذا يقول هذا أو ماذا يفعل ذاك، دعوا هذا الأمر جانباً، نحن ذاهبون إلى «وضع جديد، مصلحة البلد، المصلحة الوطنية، المصلحة الأمنية، مصلحة لمّ البلد تقتضي أنه كم نستطيع تدوير الزوايا…
ويصل السيد إلى وزارات الاستفزاز فيقدمها كمهمة مطلوبة ضمناً وليس كتنازل: التصدي لكلّ أنواع الإرهاب. هذا ما نأمل أن تقوم به الحكومة، وهذا طبعاً سيحمّل من تولى مسؤوليات أساسية خصوصاً الداخلية والدفاع والعدل والاتصالات، تفضلوا، اليوم، هذه هي مسؤولياتكم.
ولا يتوقف الأمر هنا، فالسيد لم يعزل كلّ هذا عن رؤيته لما يتوقعه من آثار على مستقبل الاستحقاق الرئاسي مع تحقق الانفراجات الأمنية بقوله: هذا التشكيل الذي يوجد فيه محلات مزعجة ونافرة قد يشكل واحداً من المشجعات للكلّ أن تعالوا ننتخب رئيساً حتى يصبح لدينا حكومة جديدة في البلد وتتشكل حكومة جديدة «بعيداً عن الضغط»، وبالتالي كلّ طرف يجلس ويتحدث بما لديه ويناقش وليس تحت ضغط الظروف، ضغط الاستحقاقات، هذا يشجع أن لا يذهب أحد إلى الفراغ في الموضوع الرئاسي، وإنما نذهب إلى انتخاب رئيس.