السنيورة لـ«البناء»: لا مانع… ولا للمزايدة
كتب المحرر السياسي
قالت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع لـ»البناء» إنه «فيما حفلت التقارير الأميركية بالمعلومات المثيرة عن انهيار الميليشيا الكردية في العراق أمام داعش، واستشعار الخطر على أربيل، مقابل الهشاشة التي أظهرها الجيش الذي بناه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، فُتحت خطوط الاتصال الساخنة الأميركية الإيرانية، تحت توصيف مفاده، أن العراق ليس سورية، فلا جيش كالجيش السوري، ولا قوة شبه نظامية كحزب الله، للدخول في ترف النقاش حول التنافس على الأدوار، فالعراق مهدّد بالسقوط، والتقسيم ليس حلاً يلقى القبول، وليس قابلاً للتنفيذ من دون تعريض السعودية وتركيا لخطر مماثل، والتسليم بدولة داعش ضمن خريطة التقسيم سيفتح شهية الدولة على التمدّد عبر الحدود نحو تركيا والسعودية الجارتين للعراق».
حكومة عراقية جامعة قيد التشكل، فقد اتفق الجميع على أنّ مكانة القادة تصنعها درجة تماسك الجيوش وحجم الالتفاف السياسي والشعبي حولهم، ونوري المالكي ليس الرئيس بشار الأسد الشريك الحتمي في المواجهة مع داعش في سورية والمنطقة، والبيشمركة ليست حزب الله، ولذلك فالحكومة العراقية الجديدة هي تأسيس للشركة المساهمة الاختبارية بين أميركا وإيران ومعهما السعودية وتركيا.
على خلفية مناخ من الشراكة الوليدة من العراق، يتخفف الاحتقان اللبناني، وتبدأ مسيرة التقارب السياسي من بوابة التمديد للمجلس النيابي التي بدت سالكة، وقرّر الرئيس سعد الحريري أن يكون عرّاب العبور منها مستعيناً بخدمات الرئيس فؤاد السنيورة للردّ على تحدّي الرئيس نبيه بري بتأكيده «أنه لن يسير بتمديد ولاية مجلس النواب، ومن يريد التمديد فليطلبه»، فيقول السنيورة لـ»البناء» أن لا مانع بالتمديد لكنه يغمز من قناة الرئيس بري بالدعوة إلى عدم المزايدة.
التمديد للمجلس يشغل الطبقة السياسية
أما داخلياً، فقد بدا المشهد السياسي مقفلاً على كل الحلول للاستحقاقات الداهمة، من انتخاب رئيس للجمهورية إلى الانتخابات النيابية وقانونها، مروراً بتحريك التشريع في مجلس النواب وانتهاء ببت سلسلة الرتب والرواتب وما بين كل هذه الملفات من أمور أخرى حيوية مالية واجتماعية وحتى أمنية.
وعلى ضوء هذه التعقيدات، عادت إلى الواجهة مسألة التمديد لمجلس النواب التي كانت الحاضرة الوحيدة في أروقة ساحة النجمة أمس، بين النواب الذين لبوا دعوة رئيس المجلس نبيه بري لانتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن مصيرها كان كسابقاتها لناحية عدم اكتمال النصاب بسبب إصرار فريق 14 آذار على الاستمرار في ترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. ولوحظ أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لم يحضر إلى المجلس ومثله بري والنائب وليد جنبلاط.
وأرجأ بري جلسة الانتخاب إلى الثاني من أيلول المقبل، علّ الاتصالات والمشاورات تفضي خلال هذه الفترة إلى فتح «كوة» في جدار الأزمة الرئاسية.
الخيار الأول للمستقبل
وإذا كانت مصادر سياسية تدعو إلى ترقب ما يمكن أن ينتج من اللقاء المرتقب خلال الأيام المقبلة بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون وبين الحريري بخصوص الاستحقاق الرئاسي، استبعدت مصادر نيابية في 8 آذار أن يخرج هذا اللقاء بأي مقاربات محددة في هذا الملف. ولاحظت أن موقف تيار المستقبل ما زال هو نفسه الذي كان يعبر عنه رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة قبل عودة الحريري إلى بيروت. وأوضحت أن ما سرب عن اجتماعات الحريري في الأيام الأخيرة وما صدر عنه من مواقف لا يؤشران إلى حصول أي تغيير في مواقف المستقبل من موضوع الاستحقاق الرئاسي، وقالت
إن الحريري أعاد في لقاءاته المواقف نفسها التي أعلنها سابقاً وتحديداً في كلمته خلال الإفطار الذي أقامه خلال شهر رمضان الفائت. وأشارت المصادر إلى أن مقاربة الحريري للانتخابات الرئاسية محصورة بين خيارين: إما اتفاق المسيحيين على مرشح توافقي، أي رمي الكرة في ملعب الفريق المسيحي. وإما إبقاء السباق بين العماد عون وسمير جعجع.
وعلى هذا الأساس تشير المصادر إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي استدعت عودة الحريري إلى بيروت هي تسويق التمديد لمجلس النواب، وأضافت أن كل ما صدر في الساعات الماضية عن الحريري والسنيورة ونواب كتلة المستقبل يدفع نحو هذا الأمر. وأوضحت المصادر أن قادة المستقبل يدركون أن التمسك بالمواقف نفسها من موضوع الاستحقاق الرئاسي، يعني أن لا انتخابات في وقت قريب وأن التمديد هو الخيار الوحيد الذي يحول دون انسحاب الفراغ على مجلس النواب.
إلا أن المصادر تقول إن المستقبل وحلفاءه أمام عقدتين أساسيتين لتمرير التمديد، الأولى تتعلق بموقف الرئيس بري الرافض هذا الخيار، إذ يرى أن لا موانع من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، كما أن لديه ملاحظات كثيرة على إصرار فريق 14 آذار على تعطيل المجلس. ولذلك لا بد من إجراء الانتخابات ليقرر اللبنانيون ما إذا كانوا سيعطون الوكالة النيابية للنواب الحاليين أنفسهم، أم يريدون حصول تغيير جدي في المجلس، والثانية تتعلق بموافقة كتلة المستقبل على إقرار سلسلة الرتب والرواتب قبل الدخول في بحث أي مشروع قانون آخر غير السلسلة.
التتمة ص10
اقتراح فتوش
ولوحظ أن النائب نقولا فتوش تقدم إلى أمانة مجلس النواب باقتراح قانون يمدد للمجلس سنتين وسبعة أشهر. وقال فتوش لـ»البناء» «إن هذا الاقتراح تفرضه الظروف التي يمر بها لبنان»، لكنه أكد أنه في حال تحسن الوضع يمكن للمجلس أن يقصّر ولايته.
بري: التمديد يؤخر انتخاب الرئيس
وفيما توقفت المصادر أمام الكلام المتجدد أمس للحريري والسنيورة الذي يتحدث صراحة عن التمديد، جدد الرئيس بري أمام زواره مساء أمس رفضه التمديد متسائلاً: «من يضمن أن يؤدي التمديد إلى انتخاب رئيس جديد؟».
واعتبر أن «التمديد للمجلس الحالي المعطّل والذي لا يشرّع ولا يعمل، لن يساعد على الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيراً إلى أن الإحصاءات التي نشرت في هذا الخصوص تظهر أن أغلب الناس من كل الفئات والاتجاهات، هم ضد التمديد.
وأشار بري إلى أن التمديد عند الحكومة لأنها بعد مصادقة المجلس عليه، هي التي ستوقع على القانون. وبإمكان وزير واحد أن يعرقل القانون، مؤكداً أنه ضد التمديد ولو قبلت الأكثرية بذلك.
وشنّ بري حملة عنيفة على الطبقة السياسية وقال: «إن الشعب أرقى من هذه الطبقة لأنها «غرقاني بالمشاكل والنكايات».
السنيورة: لعدم المزايدة في التمديد
من جهته، قال الرئيس السنيورة لـ»البناء» إن تيار المستقبل من حيث المبدأ يرفض التمديد، لكن إذا كانت الانتخابات متعذرة في هذه الظروف، فإنه لن يمانع ذلك، داعياً إلى عدم المزايدة في هذا الموضوع.
وإذ اعتبر أن الأولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية، أكد السنيورة أن لا جديد في هذا الملف وأن الأمور على حالها.
وأشار إلى أن ما جرى في عرسال مخاض وتجربة مريرة، يجب أن نستفيد منها، ونعمل على معالجتها بقدر كبير من الحكمة والروية لمنع تكرار ما حصل، في عرسال أو في أي منطقة أخرى.
الحريري يسوّق للتمديد
بدوره، كرّر الحريري أمس إنه مع إجراء انتخابات رئاسية أولاً وإلا فلا انتخابات نيابية، مستدركاً بالقول: «لكن إذا اضطررنا للتمديد لمجلس النواب فأنا مع التمديد». وأشار إلى أنه بحث هذا الأمر بالإضافة إلى موضوع سلسلة الرتب مع بري.
وأكد الحريري خلال استقباله الهيئات الاقتصادية: «أن موضوع السلسلة مطروح بقوة… والمهم أن نجد الحلول لهذه المسألة التي أصبحت بمثابة قنبلة موقوتة، وعلينا أن نعرف كيف نسحب فتيلها». وأشار من جهة أخرى، إلى «أن التطرف هو عدو لبنان ونحن سنحاربه خصوصاً عندما يشكل خطراً على حياتنا الوطنية».
وزير التربية يتراجع عن إعطاء الإفادات
في سياق متصل، اضطر وزير التربية إلياس بو صعب إلى التراجع عن إعطاء الإفادات بدلاً من الشهادة الرسمية بعد تجاوب أعضاء اللجان الفاحصة مع دعوة هيئة التنسيق النقابية وروابط المعلمين بمقاطعة التصحيح، ولذلك قرّر بوصعب بعد اجتماعه مع الهيئة أمس تأجيل تصحيح الامتحانات والإفادات أياماً عدة يجول خلالها وفد من هيئة التنسيق على رؤساء الكتل النيابية.
واعتصم الأساتذة منذ صباح أمس أمام مقر وزارة التربية في الأونيسكو تأكيداً على قرار مقاطعة تصحيح الامتحانات، في حين تجاوب مع دعوة وزير التربية ما بين 50 و60 أستاذاً للمشاركة في التصحيح، فيما أكد رئيس هيئة التنسيق حنا غريب «أن هيئة التنسيق هي القرار الديمقراطي الذي لا يمكن أن يصادره أحد»، ودعا إلى أوسع مشاركة في الاعتصام قبل ظهر اليوم في ساحة رياض الصلح.
مصادر هيئة التنسيق
واستغربت مصادر الهيئة كيف تحول وزير التربية إلى عراب لمعرقلي إقرار السلسلة من خلال محاولاته شق صف المعلمين، لكن ما حصل بالأمس أكد أن الهيئة عصيّة على الانكسار، كما استطاعت الهيئة إسقاط مقولة الإفادات بدلاً من الشهادات. وأضافت المصادر أنه في ضوء الاجتماع مع وزير التربية بقيت الأبواب مفتوحة للحوار على رغم أن النقطة الأساسية العالقة لا تزال السلسلة، لأنها المدخل لتصحيح الامتحانات. وأوضحت أنه جرى الاتفاق خلال الاجتماع على أن يقوم بوصعب بالاتصال مع الكتل النيابية وكذلك هيئة التنسيق للتسريع في إقرار السلسلة لأن ذلك هو المدخل الوحيد لحل أزمة الشهادة الرسمية.
وأكد الرئيس بري أمس «أن معالجة ملف تصحيح الامتحانات والتوصل إلى حل لمطالب هيئة التنسيق لا تتم إلا بالعودة إلى مجلس النواب وأي كلام خلافاً لذلك لا أساس له».
قهوجي: الجيش لن يساوم
أمنياً استمر الجيش اللبناني بفرض سيطرته على بلدة عرسال ومحيطها وتفقد مناطق الاشتباكات مع المجموعات الإرهابية، حيث سحب 7 جثث عائدة لإرهابيين من محيط كسارة العويش عند المدخل الغربي لبلدة عرسال.
واستقبل قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة، وفداً من عائلات العسكريين المفقودين. وأكد «أن الجيش لن يساوم إطلاقاً على دماء شهدائه وجرحاه وحرية عسكرييه المفقودين، وهو مستعد للاحتمالات كافة بغية الحفاظ على سلامة العسكريين المفقودين وتحريرهم».