قانون الإيجارات بين المجلس الدستوري الرديف والنواب الفقهاء
المحامي ريشار رياشي
أدى صدور قرار المجلس الدستوري بتاريخ 6/8/2014 والذي قضى بإبطال ثلاث مواد من قانون الإيجارات الأخير تاريخ 9/5/2014 إلى أخذ ورد بين المعنيين في هذا القانون مالكين ومستأجرين وصولاً إلى عدد من النواب الطاعنين في القانون الذين أطلقوا أخيراً نظرية تعليق تطبيق القانون وعدم سريانه لحين إعادة النظر فيه من قبل المجلس النيابي، وبالعودة إلى قرار المجلس الدستوري، فهو أبطل المواد ذات الأرقام 7 و13 والفقرة 4 من المادة /18/ التي تنص على ما يلي:
المادة 7: تنظر في تطبيق الأحكام المتعلقة بدفع الزيادات على بدلات الإيجار لجنة مؤلفة من قاضٍ عامل أو متقاعد رئيساً ومن أربعة أعضاء، يمثل أحدهم المالكين والثاني المستأجرين والثالث تنتدبه وزارة المال والرابع تنتدبه وزارة الشؤون الاجتماعية.
تعين اللجنة خلال مهلة شهرين من تاريخ نفاذ هذا القانون بموجب مرسوم بناء على اقتراح كل من وزراء العدل والمال والشؤون الاجتماعية، ويُعيَّن في المرسوم عينه قاضٍ رديف وأربعة أعضاء ردفاء يمثلون الجهات عينها المنصوص عليها أعلاه.
يمكن عند الاقتضاء تعيين أكثر من لجنة مماثلة في كل محافظة.
يلحق بكل لجنة، بقرار من وزير العدل، كاتب ومباشر.
تحدد بقرارات من الوزراء المعنيين تعويضات كل من الرئيس والأعضاء والكاتب والمباشر.
تعقد اللجنة اجتماعاتها أثناء أو خارج الدوام الرسمي في الأماكن التي يحددها وزير العدل.
تكون لهذه اللجنة الصفة القضائية.
المادة 13: في جميع الحالات يعتبر القرار الصادر عن اللجنة نهائياً ونافذاً على أصله ولا يقبل أي طريق من طرق المراجعة.
والفقرة ب – 4 – من المادة 18: إذا اختلف التقريران جاز لكل من المؤجر والمستأجر أن يلجأ إلى اللجنة في المحافظة التي يتبع لها المأجور، وذلك للفصل في النزاع الناشئ عن الاختلاف مرفقاً بطلبه نسخة عن التقريرين ومربوطاتهما بما في ذلك صور وثائق التبليغ.
تصدر اللجنة قراراً معللاً، ويكون قرارها نهائياً وغير قابل لأي طريق من طرق المراجعة.
إن النواب الوليد سكرية وقاسم هاشم وزياد أسود وأغوب بقرادونيان عقدوا مؤتمراً صحافياً في المجلس النيابي، زاعمين من خلاله أن القانون لم يعد قابلاً للتطبيق وأصبح في عهدة المجلس النيابي، منصّبين أنفسهم مكان المجلس الدستوري مجلس دستوري رديف ومطلقين الاجتهادات القانونية التي أقل ما يقال فيها إنها بعيدة كل البعد من أي منطق قانوني أو مؤسساتي بدل أن ينصبّ العمل على تأمين تشريعات موازية بهدف تسهيل تطبيق القانون .
إن الطعن في القانون هو بحد ذاته يشكل تعدياً على حق الملكية ومبادئ العدالة والإنصاف وإصراراً على حرمان المالك من حقه باستثمار أملاكه على رغم كون القانون دستورياً بامتياز، وتأكيد المجلس الدستوري في قراره على دستورية تحرير عقود الإيجار بدل أن يكون حافزاً لهؤلاء النواب لإعادة النظر بموقفهم واحترام حق الملكية عمدوا إلى تفسير قرار المجلس الدستوري وفقاً لرغبات فئة معينة، زاعمين تعليق تطبيق القانون مع أن القرار الصادر عن المجلس الدستوري والذي نص فقط على إلغاء لجنة التخمين والإستفادة من مساهمة الصندوق على رغم عدم تعارضها مع الدستور لا يمكن وصفه وللأسف بالقرار الصائب من الناحية القانونية، بل هو على شاكلة التسويات التي لا تغني ولا تثمر وأدى فقط إلى بلبلة كان الجميع بغنى عنها، إذ إن اللجنة التي أبطلها القرار ليست لجنة قضائية، بل هي لجنة تتعلق بالتخمين وبمدى إمكانية استفادة المستأجر من تعويضات الصندوق الخاص المنصوص عنه في المادة /3/ من القانون وهي مشابهة لجميع لجان التخمين والاستملاك… فاللجنة تتثبت فقط من الوقائع الواردة إليها ضمن اختصاصها وحدود صلاحياتها ولا تطبق الأحكام القانونية المتعلقة بالاستفادة من عقد الإيجار أو عدمه أو ما يتفرع عنه من نزاعات في الأساس.
بالخلاصة لا بد من التأكيد أن:
– المواد التي أبطلها المجلس الدستوري لا تشكل وحدة متكاملة مع نص قانون الإيجارات، بالتالي لا تأثير لها في تطبيقه، إذ إن قرار المجلس الدستوري أبطل اللجنة المتعلقة بالتخمين وبالاستفادة من مساهمة الصندوق وأبقى على الأحكام الأخرى كافة المتعلقة بآلية حصول التخمين وآلية الحصول على مساهمة الصندوق ولم يتطرق إلى مسألة تعليق تطبيق القانون لعدم تأثير إبطال المواد التي تم إبطالها على نفاذه.
ـ إن إبطال المواد التي تم إبطالها والمتعلقة باللجنة على رغم عدم صوابية قرار المجلس الدستوري، فإن كل ما قد تؤدي إليه هو زيادة الأعباء على القضاء، إذ إن المادة /50/ من القانون أعطت القاضي المنفرد صلاحية النظر والفصل في جميع دعاوى الإيجار وفي جميع الطلبات والدفوع التي تلازمها مهما بلغ بدل الإيجار مع التأكيد دائماً أن المادة /4/ من قانون أصول المحاكمات المدنية نصت على أن:
ـ لا يجوز للقاضي تحت طائلة اعتباره مستنكفاً عن إحقاق الحق.
ـ أن يمتنع عن الحكم بحجة غموض النص أو انتفائه.
وعند غموض النص يفسره القاضي بالمعنى الذي يحدث معه أثراً يكون متوافقاً مع الغرض منه ومؤمناً التناسق بينه وبين النصوص الأخرى.
ـ وعند انتقاء النص يعتمد القاضي المبادئ العامة والعرف والإنصاف.
إذاً على القاضي أن يصدر حكمه بالنزاع ويطبق أحكام القانون حتى عند غموض النص أو انتفائه كيف إذا كنا أمام قانون مكتمل العناصر ويتضمن طريقة تحديد بدل المثل وكيفية الاستفادة من أحكام الصندوق والأحكام الأخرى كافة المتعلقة بكل تفاصيل العلاقة بين المالك والمؤجر التي نص عليها القانون فيتوجب على القاضي في هذه الحالة أن يحل كل مكان اللجنة التي تم إلغاؤها ويطبق كافة أحكام القانون.
بالنتيجة سواء رمم المجلس النيابي القانون النافذ عبر إعادة صياغة تشكيل اللجنة أو عدمه، فإن القانون الصادر والمنشور بتاريخ 26/6/2014 يصبح نافذاً اعتباراً من 28/12/2014 بكافة مفاعيله والمحاكم ملزمة بتطبيق كافة أحكامه.