«إسرائيل» تبدأ مسار التنازل وتسلّم بـ5 مطالب وتواجه تحقيقاً دولياً بجرائمها في غزة

حسن حردان

بدأت نتائج الثبات والصمود الفلسطيني في المفاوضات بعد الميدان، تؤتي ثمارها، فالوفد «الإسرائيلي» الذي حاول الابتزاز والمقاومة لمقايضة فك الحصار ضمن قيود بنزع سلاح المقاومة، من دون جدوى، بدأ مسار التنازل فعلاً في المفاوضات عبر الموافقة على خمس نقاط من المطالب الفلسطينية، وهي:

– الاعتراف بحكومة التوافق الوطني الفلسطينية.

– الموافقة على نقل الأموال والرواتب من خزينة السلطة الفلسطينية إلى غزة.

– توسع مجال الصيد في بحر غزة.

– زيادة تأشيرات الدخول إلى غزة.

– إدخال مواد الإعمار.

– زيادة عدد الشاحنات التي تدخل يومياً إلى القطاع.

أما النقاط التي لم يجرَ التوافق عليها ولا تزال موضع تفاوض فهي:

– مسألة جثتي الجنديين «الإسرائيليين» وتوقيت مبادلتهما والشروط.

– تأمين إقامة ميناء على شاطئ غزة، وفتح المطار.

– إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى ما قبل أوسلو.

وقد اعترفت صحيفة هآرتس «الإسرائيلية» بأن «إسرائيل» تخلت عن مطلب نزع سلاح حماس، واستعاضت عنه بمنع تسليح أو منع تعاظم حماس، وأن الوفد «الإسرائيلي» أبدى الاستعداد للموافقة على النقاط المذكورة آنفاً.

ويعكس هذا التطور نجاح المفاوض الفلسطيني في دفع المفاوض «الإسرائيلي» إلى التراجع عن مواقفه والبدء عملياً في مسار تقديم التنازلات، ما يؤشر إلى أن نتنياهو يسير باتجاه التسليم بمطلب المقاومة رفع الحصار عن غزة ووقف العدوان، لأن الخيار العسكري أمامه مسدود بفعل قدرات المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني. ولهذا أدرك نتنياهو أن لا مخرج أمام «إسرائيل» من الورطة الحالية وعدم البقاء في دائرة حرب الاستنزاف التي طاولت كل مناحي الحياة في كيان العدو وكانت آخرها المقاطعة الدولية للمنتجات «الإسرائيلية»، وللألعاب الرياضية داخل الكيان، سوى الموافقة على شروط المقاومة لوقف النار، على رغم جميع المعارضة «الإسرائيلية» داخل الحكومة وخارجها.

ولذلك فإن الحديث عن تأجيل اجتماع المجلس الوزاري «الإسرائيلي» المصغر لم يكن سببه عدم حصول اختراق في المفاوضات وإنما سببه قرار نتنياهو تجنب المعارضة داخل المجلس للسير في تقديم التنازلات في القاهرة واستخدام صلاحياته كرئيس للحكومة في هذا الموضوع وإذا كان من المبكر الحديث عن تقدم نوعي كما يقول البعض، وإن ما حصل يمكن وضعه بالتقدم البطيء، إلّا أن من المهم الإشارة إلى أن مسار التنازلات له بداية، وهذه البداية بدأت، وهي ستمثّل أساساً يبني عليه الجانب الفلسطيني المفاوض الذي يشعر لأول مرة بأن يحقق تقدماً ونجاحاً بسبب انتصاره في الميدان. وتوحد في المفاوضات وارتكازه إلى موقف شعبي صلب ومقاوم يرفض التنازل عن أي مطلب من المطالب، فالمرونة «الإسرائيلية» التي حصلت أمام صلابة الموقف الفلسطيني، غير معهودة وإن جرى تقديمها «إسرائيلياً» تحت عناوين تخفيف الحصار مع قيود بهدف التقليل من التداعيات التي ستنجم عن هذه التنازلات.

هذا التطور المهم على المسار التفاوضي مرشح إلى تحقيق مزيد من المكاسب السياسية الفلسطينية في ظل ما رشح عن موقف مصري داعم بشكل كبير للموقف الفلسطيني لناحية رفع الحصار بشكل كامل ودائم عن قطاع غزة ودعم مطلب إقامة ميناء وفتح المطار وفق ما جاء في الورقة الفلسطينية، ورفض عرض أميركي طرح مقايضة نزع سلاح المقاومة مقابل فك الحصار.

وتزامن ذلك مع تطور آخر تمثل في الضربة الدولية التي وجهها مجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم التي ارتكبت في قطاع غزة، وهو ما أثار حال من العصاب والهيستيريا لدى قادة العدو «الإسرائيلي» تمثل بمسارعة الخارجية «الإسرائيلية» إلى إطلاق حملة لنزع الشرعية عن اللجنة خوفاً من النتائج التي ستترتب عليها هذه المرة لكون رئيسها شابان متخصص في قضايا الإبادة الجماعية ومعروف بمواقفه الناقدة لـ»إسرائيل» وممارستها التعسفية.

وهكذا فإن المشهد بات يؤشر إلى دخول «إسرائيل» عملياً في مسار تقديم التنازلات، ومواجهة لجنة تحقيق دولية بجرائمها الوحشية، في ظل ثقافي المقاطعة الدولية بمنتجاتها واتجاه الداخل «الإسرائيلي» نحو توسع حالة الانقسام وتبادل الاتهامات على خلفية الفشل في الحرب وتقديم التنازلات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى