سورية تربح معركة الليرة بوجه الدولار بعد معركة طرد علوش من جنيف تسليم مستقبلي بخسارة القيادة وتساؤلات حول توظيف الأغلبية قبل فقدانها

كتب المحرر السياسي

سجلت الدولة السورية نصراً مفاجئاً لليرتها الوطنية على العملات الأجنبية بتحسّن في سعر صرف الليرة بنسبة 20 ، بعد جملة إجراءات نقدية وأمنية أدّت إلى ضخ كتل كبيرة من العملات الصعبة في الأسواق وأنتجت هذا التحسن في سعر الصرف ما أشاع مناخات تفاؤلية في الأوساط الشعبية السورية، بينما كانت ميادين الحرب في سورية تتجه إلى المزيد من التوسّع شمالاً واختلاط الأوراق قرب الحدود التركية، بعدما صارت الأراضي التركية على موعد شبه أسبوعي مع التفجيرات الإرهابية، كانت أصداء استقالة كبير مفاوضي جماعة الرياض محمد علوش الذي ربطت الحكومة السورية قبول التفاوض المباشر بإخراجه من الوفد، تصل إلى موسكو حيث اعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن خروج علوش سيجعل المحادثات في ظروف أفضل، فيما قال الكرملين على لسان المتحدث الرسمي بعد مراجعة أشرف عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعلاقات المتأزمة مع تركيا، إن المطلوب تغيير سياسات بوقف احتضان الإرهابيين وتسهيل أمورهم وحركتهم واعتذار واضح عن إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية بدلاً من الإكثار من الحديث عن الرغبة بتحسين العلاقات، فيما يتوقع نهاية المهلة الممنوحة للجماعات المسلحة المنضوية في جماعة الرياض مع نهاية الأسبوع قبل تقييم مواقف هذه الجماعات، خصوصاً جيش الإسلام وأحرار الشام، قبل توجيه أي دعوة لعقد جولة جديدة من المحادثات في جنيف.

لبنانياً، لا تزال أصداء النتيجة الدراماتيكية التي حملتها الانتخابات البلدية في طرابلس وفوز اللائحة المدعومة من الوزير أشرف ريفي على اللائحة الائتلافية التي تضم تيار المستقبل وسائر زعامات المدينة، والتي أشارت إلى بداية مرحلة جديدة لا مكان فيها للدور القيادي لتيار المستقبل في طائفته وفي البلد. وقد سلمت قيادة تيار المستقبل بهذه الحقيقة وبحاجتها لمراجعة ووقت طويلين للالتقاط الأنفاس مجدداً، إذا كان ذلك لا يزال ممكناً، بينما تساءلت مصادر متابعة عن طبيعة التحول الذي سيفرضه ما جرى شمالاً على تيار المستقبل، فهل يذهب لخطاب مزايد بالتطرف في وهم أن هذا الخطاب هو سر خسارته، أم يدرك أن خطاب التطرف هو الذي مهد الطريق لمن يقف على يمينه في التطرف، وان ما فعله ريفي اليوم هو ما فعله الرئيس سعد الحريري بالأمس، وما سيحصده ريفي غداً هو ما يحصده الحريري اليوم، فيفاجأ أنه مهد الطريق للأشد تطرفاً حتى تنتقل الراية من يد إلى يد لتستقر بيد داعش، كما حدث في سورية مع خطاب المعارضة الفتنوي والمذهبي الذي سلم الراية للإخوان المسلمين وتالياً للنصرة لتستقر بيد داعش.

تيار المستقبل الذي سيحتاج لفترة نقاهة تتخطى ما تتيحه الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية، مضطر للقبول بحجم متواضع في الانتخابات المقبلة والسؤال عما يستطيع فعله قبل ذلك وأين يمكن أن يصرف الأغلبية النيابية التي يملك أغلبيتها وقوتها الحاسمة خلال الشهور المتبقية ما دام يضع العصي في دواليب التفاهم الذي ينتج رئيساً وقانوناً انتخابياً جديداً. وهو تفاهم يجب أن يقدم فيه الحريري التنازلات لخصومه ليضمن منهم تعاوناً وتحالفات نيابية وحكومية تعينه في ترميم وضعه واسترداد ساحته، والسؤال هل يملك الحريري الشجاعة التي يحتاجها لذلك كالتي كان يملكها والده في مثل هذه الحالات؟

يبقى قانون الانتخابات هو المفتاح، وتبدو النسبية مع متغيرات وضع المستقبل مناسبة لحجمه الجديد أكثر من النظام الأكثري، كما تبدو حاجة للنائب وليد جنبلاط بعدما تضعضعت تحالفاته المسيحية ويخشى ضمور حليفه الأبرز الذي كان يمثله تيار المستقبل، وينتظر مثله ضموراً في حجم الكتلة النيابية، ما يمنح مبادرة رئيس المجلس النيابي موضع بحث جدي وربما قبولاً، كما عبر الوزير وائل أبو فاعور بلسان جنبلاط، والمبادرة تقوم على التفاهم على قانون انتخابات نيابي وإجراء انتخابات نيابية على أساسه وانتخاب رئيس الجمهورية فوراً من المجلس الجديد، أو إجراء الانتخابات النيابية وفقاً للقانون الحالي وانتخاب الرئيس فوراً، أو التفاهم على سلة تضم الرئاسة والقانون الانتخابي والحكومة الجديدة، وهو ما يبدو الأرجح مع وضع المستقبل الجديد.

ما بعد مفاجأة طرابلس؟

بقيت مفاجأة الجولة الأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس المتمثلة باكتساح لائحة «قرار طرابلس» المدعومة من الوزير أشرف ريفي مقاعد المدينة البلدية، محط متابعة وقراءة في أبعادها وتداعياتها السياسية والأمنية على الساحة الطرابلسية ولبنان عموماً.

وقالت مصادر طرابلسية مطلعة لـ»البناء» أن «نتائج انتخابات طرابلس كانت خارج توقعات وحسابات الجميع، بمن فيهم ريفي نفسه، وجاءت النتائج لتعبر عن رفض الشارع الطرابلسي للسياسات المحلية التي انتهجها كل من تيار المستقبل والرئيس ميقاتي في مراحل متعددة، وبالتالي انتخابات طرابلس لم تكن معركة إنمائية بل سياسية بامتياز».

وأشارت المصادر إلى أن «المناطق الأكثر حرماناً وفقراً وتهميشاً وتوتراً مذهبياً والتي شهدت أحداثاً أمنية وتعتبر معقلاً للإسلاميين في طرابلس لاسيما باب التبانة، اقترعت بكل ثقلها للائحة قرار طرابلس عقاباً للحريري وخروجاً من الحالة الحريرية، وبالتالي يكون ريفي قد حارب وانتصر بسيف الإسلاميين».

واعتبرت المصادر فوز لائحة قرار طرابلس بالخطوة الخطيرة، وتساءلت: «ماذا بعد الانتخابات البلدية؟ هل يحضر شيء ما لطرابلس ضمن مشروع يكون ريفي رأس حربته؟ لا سيما أن المعلومات تتحدث عن أن السيارات المفخخة التي فجّرت في طرطوس منذ أقل من أسبوعين مرّت من طرابلس».

المشروع أكبر من مقعد نيابي

ولفتت المصادر إلى أن «المشروع الذي يُعَدّ لطرابلس أكبر من مقعد نيابي بل له علاقة بقضايا المنطقة وما يحضَّر للبنان في المرحلة المقبلة، مشيرة إلى الخطاب العالي السقف لريفي المدعوم من السعودية».

وتكمل المصادر الطرابلسية بالتساؤل: «لماذا لم يدفع ميقاتي المال للشارع الطرابلسي، كما كان يفعل في السابق عند كل استحقاق ولم يقُم بالزيارات إلى أزقة وشوارع طرابلس، كما فعل ريفي لاستمالة الشارع؟ فهل كان المقصود أن يحصل ما حصل بتوجيه من إرادة خارجية لإخلاء الساحة للإسلاميين تمهيداً لشيء ما؟ وهل انتحر المستقبل في الشمال وفي طرابلس أم نُحِر؟

وقال الوزير ريفي في مؤتمر صحافي: «أمدّ يدي للحريري وخلافي معه على نقاط سياسية أكبرها ترشيح فرنجية للرئاسة».

.. وفاضل أعلن استقالته

وفي سياق آخر، وفي خطوة لافتة، قدّم النائب روبير فاضل استقالته من مجلس النواب، مؤكداً أن «معركة الانتخابات البلدية غيّبت وهمّشت أكثر من مكون أساسي من المجلس البلدي الجديد أو على الأقل أخلّت بالأعراف وبالجوهر». وقال: «يعزّيني بدون أن يكفيني أن وعي الناخب طغى لدى الأكثرية بعدم التشطيب الطائفي، إلا أن هذا لم يكن كافياً لتجنب المحظور، وحيث إن القضايا الميثاقية تلزم بموقف واضح وصريح لإعادة النظر بقانون انتخاب البلديات كي لا يتحوّل بدون قصد إلى مصدر للفتنة أو الإلغاء».

الطعن بنتائج القبيات؟

وأظهرت النتائج النهائية في القبيات فوز لائحة «القبيات بتقرّر» برئاسة رئيس البلدية الحالي عبدو عبدو على اللائحة المدعومة من الثنائي الحزبي التيار الوطني الحر «القوات».

وأعربت مصادر التيار الوطني الحر في القبيات لـ «البناء» عن نية لدى لائحة «أهل القبيات» تقديم طعن بنتائج الانتخابات لمجلس شورى الدولة، لكنها أكدت أن «القرار بذلك سيُتخذ خلال يومين نظراً للشوائب العديدة التي حصلت خلال الانتخابات كإجبار المقترعين على عدم الدخول إلى العازل وتوزيع لوائح ملغومة، فضلاً عن التلاعب بالصناديق خلال إصابة أحد رؤساء الأقلام بوعكة صحية».

وشدّدت المصادر على أن «الفرق بين أول الخاسرين في لائحة أهل القبيات وآخر الرابحين من لائحة القبيات بتقرّر هو فقط 3 أصوات ما يعني أن 20 صوتاً في القلم الذي حصلت الحادثة داخله يقلب النتائج رأساً على عقب». ونفت المصادر ما يُقال عن انتصار العائلات على الأحزاب في القبيات، موضحة أن «الأحزاب هي من العائلات واللائحتين تضمان عائلات متنوعة، وبالتالي المعركة كانت ذات طابع سياسي لا عائلي». إلا أن مصادر لائحة «القبيات بتقرّر» قالت لـ «البناء» إن «لجنة القيد في سراي طرابلس ردّت الاعتراض الذي قدّمته لائحة أهل القبيات المدعومة من التيار والقوات، وتمّ التوقيع على النتائج النهائية من مرشحي اللائحتين بعد أن تبيّن عدم حصول تلاعب بصناديق الاقتراع»، موضحة أن «قرار مجلس شورى الدولة إن أتى لصالح لائحة أهل القبيات فلن يؤثر كثيراً على النتيجة بل تحصد ثلاثة مقاعد إضافية لتصبح خمسة مقابل 16 مقعداً للائحة القبيات بتقرّر».

حبيش لـ «البناء»: انتصر قرار القبيات

ونفى النائب هادي حبيش لـ «البناء» ما تم تداوله عن تلاعب بأحد أقلام الاقتراع، واعتبر ذلك مجرد أخبار وتشويش على النتائج، موضحاً أن «ما حصل هو أن مساعد رئيس أحد الأقلام تعرّض لوعكة صحية ما استدعى إيقاف العملية الانتخابية لعشر دقائق لإفساح المجال أمام الصيب الأحمر لنقله إلى المستشفى».

وأكد حبيش أن «الأحزاب أخطأت في الدخول إلى معترك الانتخابات البلدية وكان يجب عليها أن تترك الأمر للعائلات وأبناء القرى والبلدات التي تلعب دوراً أكثر تأثيراً من الأحزاب في اختيار مَن يمثلها على الصعيد الإنمائي والبلدي وهذا ما حصل في القبيات وأثبتت العائلات أنها لا تقبل مصادرة قرارها من الأحزاب وربح قرار القبيات في النهاية».

واعتبر حبيش أن «الانتخابات في القبيات اتخذت الطابع الإنمائي بداية، لكن دخول الأحزاب لا سيما رئيس القوات سمير جعجع والعماد ميشال عون والوزير جبران باسيل حوّل المعركة سياسية ورفضت العائلات إلغاءها في منطقتها، معتبراً أن دعمَه والوزير السابق مخايل الضاهر للائحة «أدى إلى فوزها وليس دعم أحدنا كما قيل».

المشنوق: الرئاسة قبل النيابة

وكان لافتاً إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافي أمس، تأييده إجراء الاستحقاق الرئاسي قبل الانتخابات النيابية. وأكد المشنوق فيما خصّ الانتخابات البلدية أن «نسبة الاقتراع في كل لبنان في مراحل الانتخابات البلدية كافة كادت تكون 50 في المئة»، معتبراً أنّ «النتائج فاجأت كثيرين وبعضها كان متوقعاً، مما يعني أنّ السياسة في لبنان بخير»، مضيفاً «ليس من العدل والمنطق مقارنة هذه الانتخابات بانتخابات 2010». وأكّد أن «على جميع القوى السياسية من دون استثناء أن تعيد النظر بأدائها ومفرداتها وعناوينها بما يتجاوب مع عنصر الشباب»، لافتاً إلى أنه «يترك للقوى السياسية أن تفكك الرسائل التي نتجت عن الانتخابات»، ومعتبراً أنّ «لا مانع أمنياً من إجراء الاستحقاق النيابي في موعده».

أبو فاعور: لانتخابات نيابية مبكرة

سياسياً، وبعد الانتهاء من الاستحقاق البلدي، عادت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الواجهة وتحوّلت مادة نقاش بين القيادات السياسية.

ولهذه الغاية زار وزير الصحة وائل أبو فاعور الرئيس بري، موفداً من رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عين التينة، وفي موقف لافت من طرح بري حول إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، قال أبو فاعور إثر اللقاء: «فلتكن الانتخابات النيابية مبكرة وفق قانون جديد نتفق عليه، وإذا استعصى الأمر فلتكن في موعدها وفق قانون نتفق عليه أو وفق القانون الحالي. أما الحديث مجدداً عن تأجيل الانتخابات فهذا أمر لم يعد يستوي بعدما حصل في الانتخابات البلدية التي قطعت الشك باليقين بعدم وجود أي عائق أمام إجراء الانتخابات».

.. وجلسة للجنة الاتصالات

على صعيد ملف الإنترنت غير الشرعي، تعقد لجنة الاتصالات النيابية اليوم جلسة لمتابعة آخر التحقيقات في هذا الملف، وأشار مصدر في اللجنة لـ «البناء» إلى أن «جلسة اليوم ستكون هامة وشاملة وستستمع اللجنة إلى آخر التحقيقات والمعلومات التي توصّلت إليها الأجهزة القضائية والأمنية بما خصّ الإنترنت غير الشرعي كما ستطلع على التحقيقات التي أجرتها وزارة الاتصالات، كما ستسأل اللجنة وزير الاتصالات عن حقيقة الخلاف بينه وبين آل المر وارتباطات محطة الزعرور بالإنترنت غير الشرعي».

وأوضح المصدر أن «محور جلسة اليوم سيكون محاولة الكشف عن الجهات التي تقف خلف المحطات غير الشرعية وكيف أدخلت المعدّات والأجهزة إن كان عبر المرافئ الشرعية وغير الشرعية. كما ستستمع اللجنة إلى تقرير للجمارك ووزارة المالية يوضح ما إذا كانت المعدات قد أدخلت عبر المرافئ الشرعية، أما إذا أدخلت عبر المرافئ غير الشرعية فالأجهزة الأمنية ستفصح عن ذلك».

وأكد المصدر أن «رئيس هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف لن يحضر جلسة اليوم بل سيحضر وزير الاتصالات ومن يرتئيه من موظفي الوزارة»، وشدد على أن «هناك توصيات من رئيس المجلس نبيه بري إلى رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله بالذهاب في الملف حتى النهاية، كما ستناقش اللجنة المسؤولين المعنيين عن كل المعلومات التي تداولها الإعلام لا سيما محاولات لفلفة هذا الملف».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى